بمحاصرة "طريق الجرذان": القاعدة توشك على انهيارها في العراق

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: رغم تحفظات الحكومة العراقية تحاول القوات الأمريكية التمسك باستراتيجية التعاون مع العشائر التي اتبعتها في اواخر العام الماضي لإحلال الأمن في المناطق الساخنة في العراق كمفتاح حل رئيسي لوقف نزيف الدم والخلاف بين العراقيين وتوحيد جهودهم ضد تنظيم القاعدة الذي انهار في غرب العراق وبغداد ولم يبق له سوى بؤر متفرقة في شمال غرب البلد وكذلك في ديالى. 

وقال القائد الاعلى لقوات التحالف في العراق الجنرال الاميركي ديفيد بترايوس وهو يتأمل خريطة في احدى القواعد على ضفاف الفرات ان، اهتمامنا الاول هو اكتشاف الطرق التي تسلكها الجرذان. في اشارة الى المسلحين من تنظيم القاعدة.

وشرح القائد العسكري الاميركي معنى "طرق الجرذان" قائلا، انها مسالك يتبعها عناصر تنظيم القاعدة لنقل الاشخاص والمال والاسلحة والذخيرة من الغرب عبر الفرات الى بغداد ومناطقها المجاورة.. وبايجادها ضيقنا الخناق عليهم. بحسب فرانس برس.

وكان بترايوس يتحدث من احدى قرى العرب السنة على ضفاف الفرات حيث تزرع اشجار النخيل بكثافة الى الجنوب من اليوسفية (35 كلم جنوب بغداد). وكانت قرية الاوسط حتى تشرين الثاني/نوفمبر تقع في وسط طريق "الجرذان" تماما.

وقال بترايوس خلال جولة داخل احياء القرية الاسبوع الحالي، كانت (القرية) ملاذا صغيرا للقاعدة يوفر لها فرصة للانتقال يمينا عبر النهر للوصول الى بغداد. مضيفا، لكن خط الجرذان هذا شبه مغلق الان.

وكانت قوة اميركية من الكتيبة الثالثة التابعة لفوج المشاة 187 استولت في تشرين الثاني/نوفمبر على مناطق تقع عند محطة توليد الطاقة الكهربائية الكبيرة التي بنتها شركة روسية عبر النهر، ونصبت جسرا عائما فوق الفرات.

وقال السرجنت دينيس ديفريس متذكرا، استغرق الأمر من ثماني الى عشر ساعات لبنائه. واضاف، ان القوات الاميركية والعراقية عبرت النهر وطاردت عناصر تنظيم القاعدة خارج حقول الاويسط فاسحة المجال لسكان القرية لاستئناف زراعة حقولهم واعادة فتح المدارس بحيث اصبح بامكان الذين فروا منها العودة اليها.

وشارك سكان القرية بمجموعات "المواطنين المحليين المعنيين" التسمية التي يطلقها القادة العسكريون الاميركيون على "مجالس الصحوة" التي يدعموها في محاربة تنظيم القاعدة والتي تتولى المسؤوليات الامنية.

وما يدعو للقلق الان بحسب اللفتنانت كولونيل اندرو روهلينغ آمر الكتيبة هو ضمان امن منطقة الجنابات القريبة المعروفة باطلالها التاريخية والتي لا يزال المسلحون يثيرون الاضطراب فيها.

وقال روهلينغ لبترايوس، قبل مدة قليلة قتل شيخ هناك (...) والان لا احد يريد الزعامة ونحن نبذل جهودا لايجاد من يتولاها. واضاف، ان عملية عسكرية في المنطقة قبل بضعة ايام ارغمت المسلحين على الهروب الى منطقة كثيفة مزروعة بالقصب.

واضاف، لدى هؤلاء العزم. فهم يستطيعون الاختفاء لمدة طويلة وبامكان ثلاثة او اربعة ملثمين نسف كل ما انجزناه خلال اربعة اسابيع.

وحض بترايوس روهلينغ على الاستمرار في تطهير "جيوب القاعدة" ليكون الطريق الى بغداد آمنا.

وقال قبل ان يبدأ رحلته على الطرق الترابية وعبر الجسور للقاء بعض القرويين ان المزارعين يحتاجون الى نقل محاصيلهم الى السوق.

وسأل الجنرال المزارع نجم جاسم (37 عاما) بينما كانت زوجاته الثلاث و15 من اولاده يسترقون النظر من وراء البوابة، ما ابرز مشكلاتك؟ كيف تنقل بضائعك الى السوق؟.

واجاب جاسم مرتديا بدلة تدريب رياضية بينما وافق اطفاله بحياء على اخذ كرة من بترايوس وذهبوا يلعبون بها، مشكلتنا الكبيرة اننا بحاجة الى مستوصف طبي هنا. واضاف، كذلك احتاج الى نقل محاصيلي الى بغداد. الى ذلك قال الجنرال ان الوقت مناسب لأن تنهي جميع عشائر المنطقة نزاعاتها.

وكانت احدى العشائر في الشمال تعادي سكان الاوسط منذ عقود ان لم يكن لقرون فرفضت السماح لهم بالوصول الى طرق بغداد عبر اراضيها ما يعني ان عليهم سلوك طريق اطول واكثر خطرا يمر قرب الفلوجة.

وقال بترايوس لجاسم، نريدك ان تتصالح مع العشائر (...) يد واحدة لا تصفق واذا مددت يدك فربما ستجد من يمد يده.

وبعد محادثة استغرقت 15 دقيقة تخللها تسجيل الملاحظات توجه بترايوس مارا ببساتين نخيل الى شبان يقفون فوق احد الجسور برفقة احد مساعدي وزير الداخلية العراقي.

وبادر الجنرال الشبان بالسؤال، هل تذهبون الى المدرسة؟ فاجابوا انها تقع على بعد كيلومترين من منازلهم وانهم يذهبون اليها خمسة ايام في الاسبوع.

ويحتفظ بترايوس (55 عاما) برشاقته وقد اصبحت بشرته داكنة من كثرة الرحلات الميدانية.

وبعد نحو ساعة بدا الظلام يخيم فيما هبت نسمات باردة من الفرات فتوجه الجنرال الى قاعدة كيمبل التي اقامها الاميركيون قرب الاويسط على جانب النهر.

وفي طريقه تكلم الجنرال مع بعض عناصر مجالس الصحوة الذين يرتدون قمصانا برتقالية واكدوا حاجتهم الى مياه صالحة للشرب والكهرباء.

لكن الجنرال اكد ان السلام بين عشائر المنطقة مهم لتحقيق التقدم الاقتصادي. ولاحقا قال بترايوس لمجموعة صغيرة من الصحافيين ترافقه ان هذه الجولة مهمة لاكتساب مزيد من الفهم للاوضاع على الارض.

واضاف، ستكتسب معرفة من المستحيل نيلها بدون زيارات ميدانية (...) استفدنا من هذه المحاورات القليلة التي اجريناها في الساعات القليلة (...) للاتصال بالناس اهمية كبيرة. واضاف، ان الناس سيصبحون مع مرور الوقت جزءا من الحل لا المشكلة. ثم ذهب الى قاعة الطعام في القاعدة ليجلس في مأدبة مع الزعماء العشائريين ثم يجري نقاشات اخرى مع قادة الكتيبة.

ويعتبر الجنرال هؤلاء عناصر اساسيين لم يكن من الممكن احراز تقدم في 2007 من دونهم.

وبعد ذلك اقلعت مروحيته وسط الظلام من دون اضواء عائدة الى بغداد حيث تنتهي معظم طرق "الجرذان".

هل لا تزال القاعدة مصدر تهديد عالمي؟

اختلط الاخفاق بالنجاح بالنسبة للقاعدة في العام المنصرم، ففي حين واجه هذا التنظيم المزيد من العزلة في العراق، وراح بعض المراقبين الامريكيين يتحدثون علناً عن الحاق الهزيمة به، تلجأ هذه المجموعة الارهابية إلى اعادة تنظيم نفسها وتهديد العالم مرة أخرى.

قال الجنرال الامريكي المتقاعد باري ماكفري، الذي عاد مطلع الشهر من زيارة إلى العراق والكويت استغرقت يومين إن القادة العسكريين الميدانيين أبلغوه ان قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين قد هزمت على المستويين التكتيكي والميداني في بغداد ومحافظة الانبار، وهي تحاول الآن تجميع قواتها في الشمال على طول الحدود مع سورية. بحسب يو بي أي.

وجاء في المذكرة التي وجهها ماكفري إلى الاكاديمية العسكرية الامريكية في »وست بوينت« في نيويورك، واستند فيها إلى أكثر من 40 زيارة وايجاز، ان الشعب العراقي وقف في وجه القاعدة بسبب محاولتها فرض ممارسات اسلامية غريبة وخشنة لا تتماشى مع الممارسات الاكثر اعتدالاً للاقلية السنية، التي تشكل %16 من عدد السكان في العراق.

وأضاف ماكفري، ان العناصر الجهادية الاجنبية في المجموعة التي تكنّ عداءً هائلاًً للمرتدين الشيعة (بنظرها) وجدت أن توجهاتها تتعارض مع المشاعر الوطنية لمعظم العراقيين.

ووصف القادة البارزين في »قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين بـ الرجال الذين يسيرون وهم موتى بسبب كمية المعلومات الاستخبارية التي يتم الحصول عليها عنهم من العراقيين والتي تذهب مباشرة إلى القوات الامريكية.

استنتاجات

والاستنتاجات التي توصل إليها ماكفري تعكسها عناوين مذكرات من بينها »المناطق الشمالية.. مناطق لجوء القاعدة الاخيرة«.

وتشير ملاحظات أخرى لوزير الدفاع الامريكي روبرت غايتس الاسبوع الماضي إلى »التراجع الكبير للعنف« في العراق منذ زيادة عدد القوات الامريكية مطلع العام الجاري هناك.

لكن منتقدين يعزون التراجع في أعمال العنف إلى ما يصفه الصحفي دافيد إندرز بـ»التنظيف« الفعال للمناطق المجاورة من المجموعات العرقية المتنافسة.

وقال أندرز، مؤلف كتاب »نشرة بغداد« والذي أمضى حوالي نصف العام الماضي في العراق: أي تقدم عسكري ُُيزعم بأنه تم احرازه في العراق يجب النظر إليه من خلال الصورة كاملة. وأضاف، ان عدد نزلاء السجون أكثر من أي وقت مضى، وهناك أيضاً مشكلة ملايين اللاجئين، والكثير من هؤلاء أخذت منهم منازلهم، متسائلاً ما الذي سوف يحدث لهم؟.

وحذر من أن سقوط عدد أقل من القتلى الامريكيين لا يعني أن الولايات المتحدة تحرز تقدماً في هذا البلد، كما اتهم صناع القرار الامريكيين بخلق المشاكل لانفسهم بلعب الورقة الاثنية. وأضاف، منذ بداية الاحتلال كان التركيز على الحصص المذهبية وتأليب مجموعة على أخرى.

نقاشات مهمة

لا توجد أجوبة على النقاش الدائر حول العزلة المتزايدة للقاعدة، خصوصاً بعد الرسائل الاخيرة التي وجهها أسامة بن لادن والرجل الثاني في القاعدة أيمن الظواهري إلى اتباعهما وفيها تأنيب خفيف للمتمردين بسبب ارتكابهم أخطاء لم تحدد طبيعتها وتحذيرهم بشكل قاس ضد مخاطر التفتت أو التشرذم.

علاوة على ذلك، لم تنفذ أي تهديدات مصدرها العراق أو مؤامرات في أوروبا أو أمريكا من جانب المحاربين القدامى للمتمردين كما حذر الكثير من الخبراء في مواجهة الارهاب.

إن الخطة الوحيدة التي نفذها الارهابيون الذين لهم علاقة بالعراق في الغرب كانت محاولة التفجير الفاشلة لملهى ليلي أواخر يونيو الماضي في لندن، لكن لم يعرف حتى الآن مدى علاقة هؤلاء المجرمين بالمتمردين.

لكن يبقى السؤال المطروح: هل تم إلحاق الهزيمة بـ»قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين« أو تعطيل نشاطها، وما إذا بالامكان تفسير أي هزيمة على انها نصر كبير للولايات المتحدة في العراق. الجواب يعتمد على العملية السياسية التي لم تحزر سوى تقدم بسيط خلال العام الفائت.

أمريكي من اعضاء تنظيم القاعدة يدعو لشن هجمات على بوش

من جهة اخرى حث آدم جادان المتشدد الامريكي بتنظيم القاعدة المتشددين الاسلاميين في شريط فيديو ظهر على الانترنت على الاستعداد لاستقبال الرئيس الامريكي جورج بوش بقنابل عندما يزور الشرق الاوسط الاسبوع الحالي. ومزق جادان جواز سفره الامريكي أمام الكاميرا. بحسب رويترز.

وقال في شريط الفيديو الذي تجاوزت مدته الخمسين دقيقة وظهر على مواقع على الانترنت تستخدمها جماعات على صلة بتنظيم القاعدة ان الترحيب ببوش يجب ألا يكون بالزهور والتصفيق وانما بالقنابل والشراك.

وأضاف جادان المعروف أيضا بعزام الامريكي ان الجهاد ضد الولايات المتحدة سيستمر حتى الافراج عن المسلمين من السجون الامريكية. واشتكى من المعاملة التي يلقاها الاسلامي الامريكي المتشدد ووكر ليند وغيره.

وفي حركة درامية تناول جواز سفره الامريكي من جيبه الموجود على صدره وعرض صفحاته على الكاميرا قبل أن يمزقه احتجاجا على معاملة المحتجزين المسلمين.

وقال جادان، ان الجهاد ضدكم سيظل واجبنا ما دام هناك مسلم واحد في الأسر الامريكي.. ولهذا فان من الواجب عليكم (أيها الشعب الامريكي) أن تتخذ الخطوات اللازمة لاجبار النظام في واشنطن على تحرير كل واحد منهم أينما كانوا وأيا كانت جريمتهم المفترضة.

وكرس جادان معظم التسجيل الذي كان عنوانه "دعوة للتدبر والتوبة" كي يشرح بالتفصيل مساوئ السياسة الخارجية الامريكية والحضارة الغربية المسيحية وهزيمتها على يد الاسلام والمسلمين.

وقال جادان الذي بدا ملتحيا ومرتديا نظارات وغطاء رأس عربيا، أول سؤال قد يسأله الامريكان هو.. هل هزمت أمريكا بالفعل.. الاجابة هي نعم وعلى جميع الجبهات... ان المسؤولين الامريكيين ومسؤولي التحالف قالوا مرارا انهم غير قادرين وغير راغبين في مواجهة المجاهدين في أفغانستان والعراق عسكريا.. ولكننا ما زلنا نحاول الانتصار في المعركة القائمة على العقول والقلوب.. وهي معركة خسروها أيضا بصورة رهيبة على الرغم من المبالغ الهائلة التي أنفقوها على الدعاية.

وذكر جادان أيضا باكستان والشيشان وشمال أفريقيا والصومال بوصفها مناطق تخسر فيها الولايات المتحدة معركتها ضد الجماعات الاسلامية.

وولد جادان في كاليفورنيا واعتنق الاسلام وهو أول أمريكي يتهم بالخيانة منذ الحرب العالمية الثانية. ومن المعتقد أنه موجود في باكستان.

وتصل عقوبة الخيانة التي اتهم بها جادان الى الاعدام. وقدمت الحكومة الامريكية مكافأة تصل الى مليون دولار أمريكي نقدا لمن يملك معلومات تقود الى القبض عليه.

واعتنق جادان الاسلام وهو ابن لعائلة مسيحية يهودية. وكان في السابعة عشر من عمره. وبعدها ببضعة أعوام انتقل الى باكستان. وكان يعرف في السابق باسم ادم بيرلمان وتربى في مزرعة للماعز خارج لوس أنجليس.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 9 كانون الثاني/2008 - 29/ذو الحجة/1428