الحصاد الثقافي الشهري- ك أول 2007

الجزء(2-4) 

معرض بيروت للكتاب يتأثر سلبا بالوضع الأمني والسياسي  

شبكة النبأ: شهد معرض بيروت العربي والدولي للكتاب حركة إقبال ضعيفة نسبيا مقارنة مع السنوات السابقة "بسبب الوضع الأمني والأزمة السياسية التي تعيشها البلاد".

ويقول القسم الإعلامي للمعرض إن إقبال الزوار على معرض الكتاب تأثر سلبا بالتوتر الأمني والأزمة السياسية الحادة والوضع الاقتصادي المتردي في البلاد.

واستمر المعرض في دورته الـ51 حتى 27 من الشهر الماضي بمشاركة 156 دار نشر ومكتبة ومؤسسة لبنانية و23 عربية.

وتحيط بمركز بيال للمعارض في وسط بيروت حيث يقام معرض الكتاب، تدابير أمنية مشددة ويمنع وقوف السيارات في مكان قريب.

وتقول المسؤولة الإعلامية عن المعرض آية الزول إن منظميْ المعرض وهما النادي الثقافي العربي ونقابة اتحاد الناشرين في لبنان، يتمسكون بإقامة هذا التقليد السنوي الذي "ينتظره العديد من الناس والمثقفون في لبنان والعالم العربي".

وتضيف أن "مجرد إقامة المعرض في ظل الوضع الأمني والسياسي الهش، تحد كبير ونجاح في حد ذاته".

وتقول آية الزول إن المنظمين حرصوا هذا العام على أن يكون المعرض ثقافيا مائة في المائة وأصروا على تحييد المواضيع السياسية في المحاضرات واللقاءات كي لا يحصل انقسام في معرض وطني وعربي.

ورغم ذلك فإن حفل افتتاح المعرض تم بحضور رموز سياسية ودينية وثقافية وتحدث خلاله رئيس الوزراء فؤاد السنيورة عبر شاشة "الفيديو كونفيرنس" عن الأوضاع اللبنانية. 

 150أديبا عربيا يدلون بآرائهم في قضايا ساخنة 

يواصل الكاتب الصحفي صالح خيري حواراته مع الأدباء والكتاب والمثقفين العرب، عبر كتابه الجديد "آراء في قضايا ساخنة"، هو الثالث من نوعه في هذا الميدان الأدبي والصحفي، حيث أصدر من قبل: حواراتي مع الأدباء السعوديين، وحواراتي مع أدباء الطفل.

وفي كتابه الجديد يطرح الكاتب أسئلته حول ست قضايا أدبية لا تزال تشغل بال الوسط الأدبي والثقافي العربي على الرغم من أن صالح خيري أثارها خلال السنوات 1985 ـ 1995، وهي: الجوائز الأدبية، والأدب النسائي، وأزمة الثقافة والمثقفين، والحداثة في الشعر، والبنيوية، وحقوق المؤلف.

ويشارك في الإجابة عن تلك القضايا عدد كبير من الأدباء والنقاد العرب بلغ عددهم أكثر من 150 أديبا وكاتبا، مع ملاحظة تكرار أسماء الكثيرين في أكثر من قضية.

قضية الجوائز الأدبية على سبيل المثال والتي دخل حلبتها أكثر من جهة بعد إجراء الحوار حولها، نذكر منها: جائزة الشيخ زايد للكتاب بالإمارات، وجائزة الدولة لأدب الأطفال في قطر، وجوائز مسابقة "أمير الشعراء"، و"شاعر المليون" في أبوظبي، وجائزة الرواية العربية التي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة في مصر، وجائزة الكاتب العربي التي يمنحها اتحاد كتاب مصر، وغيرها من الجوائز الجديدة.

الجوائز الأدبية ما لها وما عليها

حول هذه الجوائز يأتي السؤال المحوري عن مردود تلك الجوائز، ما لها وما عليها، حيث يستضيف المحاور 26 أديبا ومثقفا منهم د. حمد الدخيل (السعودية) الذي يرى أن أهمية الجوائز الثقافية والعلمية والأدبية تكمن في قيمتها المعنوية أكثر من قيمتها المادية؛ لأنها تنطوي على الإشادة بالعمل الإبداعي الذي فاز بالجائزة، والنظر بعين التقدير والإعجاب لصاحب العمل الفائز، وتتسامى قيمة الجائزة إذا كانت صادرة من جهة ترعاها الدولة، أو من مؤسسة أكاديمية عريقة رفيعة المستوى، لأنها بحكم التخصص تكون أكثر دقة وموضوعية في ترشيح الأعمال المتميزة التي ترى أنها جديرة بنيل جائزتها، وتسلك عادة عدة طرق من المراجعة والفحص والموازنة والتمحيص للوصول إلى من يستحق الجائزة عن جدارة.

الشاعر المصري فاروق جويدة يضع أغلب الجوائز الأدبية تحت منظار النقد فيقول إن هناك جوائز وصلت إلى درجة العالمية، وأصبحت تمثل رصيدا كبيرا للثقافة، ومنها جائزة الملك فيصل، وهي جائزة تمثل دولة، وأنا أحترم وأقدر هذه الجائزة.

ولكن المشكلة ـ يضيف جويدة ـ أن هناك جوائز كثيرة تحمل أسماء أشخاص، وأصبح هناك سباق محموم لإقامة هذه الجوائز، وأخشى ما أخشاه أن تتحول إلى نوع من المظهرية التي ترضي غرور بعض من يملكون المال في العالم العربي.

ويعلن جويدة أنه ضد الجوائز السياسية التي تحمل في ظاهرها التقدير الأدبي، وتخفي الأهداف السياسية التي تحاول شراء المثقفين أو التأثير على مواقفهم، ولقد رأينا كثيرا من هذه الجوائز المشبوهة.

الشاعرة الموريتانية مباركة بنت البراء تقول إن المثقف هو سفير العصر، ومن يشتغل بالكتابة لا يجد الوقت الكافي ليجمع ما يؤمِّن به حياته، وأن إعطاء هذه الجوائز مسألة بالغة الأهمية، خاصة وأنها تشكل على الأقل تشجيعا لهذا الشخص أو ذاك، وهو مازال على قيد الحياة.

وتضيف بنت البراء أن كثيرا من المبدعين البارزين لم يكرموا إلا بعد مرور زمن على وفاتهم، وعاشوا في حياتهم عيشة المديونين. وهي ترى أن مثل هذا الجوائز مفيدة في عالم التكنولوجيا المتطور وغزو الفضاء.

الكاتبة المصرية هالة البدري تعلن أن كثيرا من الأدباء لا يزالون متخوفين من هذه الجوائز، وترجع ذلك إلى أن كثيرا منهم يخشون الشبهة، وتقول أنا لا أبيع فكري وإبداعي لجهة ما مقابل جائزة، وأرفض أن تشتريني أي جهة أو دولة بجائزة، ولكن إذا كانت هذه الجائزة بعيدة عن الشراء، وخالصة للفن نفسه، فأنا أقبلها، وإذا لم تكن خاصة بذلك، فمع السلامة هي وصاحبها.

إقبال بركة توافق على الأدب النسائي وأمينة السعيد ترفضه

القضية الساخنة الثانية التي يثيرها هذا الكتاب هي قضية "الأدب النسائي" حيث تعددت الآراء واختلفت وتشعبت بين مؤيد ومعارض، فهناك من أيَّد وجود أدب نسائي قائم بذاته، وهناك من ينشق على هذا القول ويرى أن الأدب أدب لا يتجزأ سواء كتبه رجل أو امرأة. وقد شارك في هذه القضية أكثر من خمسين كاتبا منهم من رحل عن دنيانا، ومنهم الموجود بيننا لا يزال يعاين تأثير ذلك المصطلح في حياتنا الثقافية.

نجيب محفوظ وافق على مصطلح الأدب النسائي إذا كان القصد به الأدب الذي تكتبه نساء، إنما من حيث التقييم والتقدير والتذوق، فإن كل عوامله مشتركة مع الأدب الرجالي، وقد يكون لهذا الأدب (النسائي) طابع خاص، لأن أي فنان يعكس ذاته ولا عيب أن يكون له ذاتية خاصة، بل بالعكس هذا يشهد بالأصالة.

أما الروائي إدوار الخراط فيقول إن المصطلح بطبيعته يصبح مصطلحا عندما تتداوله الأقلام والألسنة بغض النظر عن صحته، وأصبح الآن من المسلمات الشائعة أن هناك أدبا جيدا، وأدبا غير جيد، وليس هناك بالضرورة أدب نسائي، ولكن أيا كان ما يدل عليه هذا المصطلح فهو قائم بالفعل متداول بالفعل، وأتصور أن للمرأة أسلوبا معينا بشكل عام وحساسية خاصة بشكل عام.

الكاتب السعودي يوسف المحيميد لا يعرف لماذا يجعلون المرأة دائما وكأنها كائن خرافي قادم من أحد الكواكب البعيدة، أو منبعث من أقصى أعماق التاريخ القديم، ويقول بكل صدق لا أعرف كل هذه الخصائص، وكل ما أعرفه أن المرأة جزء حميم جدا من هذا الواقع الاجتماعي، لا يمكن بأي حال فصلها عنه أو تهميش تأثيرها أو تأثرها به.

وبالتالي فإن الأدب الذي تنتجه المرأة في نظر المحيميد لا يمكن فصله أبدا عن نتاج الأدب العام لسبب بسيط، هو أن الكاتبة الحقيقية لا تسخر إبداعها للوظائف الفسيولوجية والبيولوجية، وبالتالي فإنها فيما عدا ذلك مساوية للكاتب تماما، وستحكي بالطبع عن الهموم ذاتها التي تواجه واقعها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

الكاتبة المصرية إقبال بركة وافقت على مصطلح الأدب النسائي، وقالت أعتقد أن هناك أدبا نسائيا موجودا ليس فقط في مصر ، بل في العالم كله، وهذا نتيجة للصحوة النسائية التي حدثت في أواخر الستينيات وصاحبها بالطبع يقظة وعي المرأة، أو عودة الوعي إليها مرة أخرى، انفرد أثناءها الرجل بالإبداع شعرا وأدبا وفكرا، وقد آن الأون لأن يكون للمرأة صوتها المنفرد، أو عزفها المنفرد بمعنى آخر، وأن تقدم للعالم من خلال عينيها وبمشاعرها الصادقة، ومن خلال تجربتها الذاتية التي تختلف بالقطع عن تجربة أي رجل.

بينما قالت الكاتبة المصرية الراحلة أمينة السعيد إنه منذ حوالي 20 أو 30 سنة أحاول أن أُفهم الناس أنه لا يوجد شئ اسمه أدب نسائي وأدب رجالي، هذا كله أدب واحد، مثل الرسم، هناك ريشة ترسم سيدة ما، وتمسك بالريشة فنانة ترسم هذه الصورة في مقابل ريشة رجل يرسم بها نفس السيدة، وهي كلها لسيدة واحدة، فالأدب هو أدب لا يفرق بين نسائي وأدب رجالي، ولا أوافق على كلمة أو مصطلح "الأدب النسائي" وهذا كله عدم معرفة وتخلف.

أما الشاعرة القطرية زكية مال الله، فتعتقد أن هناك ما يمكن أن نطلق عليه في حصيلة الدواوين والقصص والروايات المنشورة بالأدب النسائي، كمصطلح فقط، من منطلق أن المرأة قد تصطدم في واقعها بتجارب وأحداث تختلف عن الرجل، فهي في أعماقها الأيقونة المتأججة بالمشاعر والمتأرجحة في الأحاسيس، أو ربما الأقحوانة الفواحة بالأريج، كما أنها تلك القضية والكيان.

وخلاصة رأي مال الله أن المرأة قد تعبر في كتاباتها عن قضايا تتعلق بها، ولا تمس الرجل في شئ، أما عن الإبداع فلا يوجد فرق في هذا المسمى بين الرجل والمرأة، فكلاهما يستطيع أن يحققه ويناله من خلال ما يكتبه أو ينظمه.

الغذامي: الثقافة يجب أن تكون في أزمة

وعن أزمة الثقافة والمثقفين تأتي القضية الثالثة في هذا الكتاب الحيوي التي شارك فيها 40 كاتبا وأديبا ومثقفا عربيا، حيث تعددت الآراء وتشعبت في الحديث عن تلك الأزمة التي شغلت كثيرا من الأوساط الأدبية ورجال الفكر والإعلام، فمنهم من يقول إن هناك أزمة، ومنه من لا يؤيد وجود أزمة ثقافة، بل تكدس في المواهب لا تسمح الإمكانات الحالية باستيعابها، ومن ثم فهي أزمة توزيع وليست أزمة ثقافة ومثقفين.

الناقد السعودي د. عبدالله الغذامي يقول إن الثقافة من شأنها أن تكون أزمة، الثقافة هي حالة تأزم، لو دخلنا في حالة سكون وركود فلن يكون هناك ثقافة، الثقافة توتر وبحث وأسئلة، وفي كلمة واحدة مختصرة هي "تأزم"، إذن يجب أن تكون في أزمة، فالثقافة هي حالة تأزم، ولا تزعجني هذه الأمور، لكن الذي يزعجني أن تأتي أسئلة لماذا ثقافتنا في أزمة؟ وأعتقد أن السؤال الذي يجب أن يكون هو: إن لم يكن هناك أزمة فما شأن ثقافتنا بلا أزمة.

ويستطرد الغذامي قائلا إن ثقافة بلا أزمات هي حينئذ ثقافة معيبة.

الكاتبة المصرية سكينة فؤاد قالت إن الواقع أثبت أن المأساة الحقيقية لم تكن أزمة ثقافة ومثقفين، بل واقعا شلَّ الثقافة والمثقفين الذين استسلموا له، وشاركوا فيه بقدر يقل ويزيد بحجم العقل والقيمة والدراسة والثقافة وحجم المثقف.

إذن الأزمة في أساسها أزمة واقع كان يجب أن يلعب فيه المثقف دورا أكبر وأكبر ليكون له على خريطة الوجود مساحة لا تقاس بالحجم بقدر ما يقاس بالعمق.

وترى سكينة فؤاد أنه إذا كان ثمة انفراج، أو إذا كنا نتصور أن ثمة انفراجا بالنسبة للمستقبل، فهو أن الأزمة كشفت محنة الثقافة، وكيف أنها لم تستطع أن تؤدي دورا يذكر لتصحيح مسار العقل العربي، بحيث تتقدم الثقافة لتسبق السياسة أو تقودها وتصححها إذا أخطأت، ولا تكون هي تابعة للسياسة وهي المنقادة والمتأثرة، وليست مؤثرة على الإطلاق.

الكاتب السعودي خليل الفزيع يرى أنه ما أكثر الأزمات التي نفتعلها لتكون مادة لكتاباتنا، وكلما أردنا الحديث عن موضوع أدبي أو غير أدبي، توجناه بكلمة أزمة، مع أن هذه الكلمة لا تحتمل كل هذه الاستهانة بها، فأصبحت الأزمة صفة تسبق الكثير من المسميات المتداولة في حياتنا العامة، بل أصبحت لدينا أزمة.

البازعي: سيبقى في الشعر شئ من الموسيقى

الحداثة في الشعر وحول صمود الشعر العمودي في وجه التحديات والموجات الحديثة التي أحدثت ضجة في الشعر العربي الأصيل، وأضافت إليه أشكالا لم يألفها من قبل على مر العصور، كانت القضية الرابعة التي يثيرها الكاتب الصحفي صالح خيري مع 25 شاعرا وناقدا عربيا.

الشاعر أحمد سويلم قال إنه ليست هناك معركة حتى يكون هناك اندثار أو هزيمة، ومنطق الحياة ومنطق الفن ومنطق الأدب، يؤكد أن هناك مدارس تتعايش معا دائما منذ وجود المدارس الفنية حتى اليوم، وإن قلَّ وهجها في زمن معين وزاد في زمن آخر، لكنها لا تندثر.

الشاعر فاروق شوشة يرى أن الشعر العمودي عبر كل تجارب التجديد السابقة لم ينته، خرجت القصيدة من الصحراء والبادية، وكتبت القصيدة العباسية، وظل الشعر العمودي قائما، كتب الموشح والدوبيت والمواليا والقصائد ذات القافية الرباعية والثنائية والمشطورة، وظلت القصيدة العمودية قائمة.

ويوضح فاروق شوشة أن هذه القصيدة العمودية رهن بأن يجئ شاعر يستطيع أن يكتبها بروح جديدة، ويسكب عليها ماء شعريا جديدا، ولا يكون مقلدا للقدماء، لا يكون نسخة أو تكرارا لشعراء عرب كبار عاشوا من قبل ذات يوم.

إذن القضية عند شوشة ليست قضية شكل، وهي رهن بأن يوجد الشاعر الذي يخضع القوالب لجوهره الشعري.

الناقد السعودي د. سعد البازعي يرى أنه سيبقى في الشعر شئ من الموسيقى، وبالتالي سيكون هناك قصيدة مقفاة وموزونة بشكل آو بآخر، إنما ليس بالضرورة على الطريقة الخليلية أو الأوزان التي اكتشفها الخليل، وإنما سيكون هناك شعر مقفى وموزون في تصوره.

ومسألة الانقراض التام لأشكال شعرية يرى البازعي أنه من الصعب حدوثها، ولكن قد يضمحل نوع معين، ويتضاءل حجمه حتى يصبح قليل الأهمية.

الناقد السوري د. بكري شيخ أمين قال نحن لا نستطيع أن نحكم على الغيب، لأن الغيب بيد الله، هل سيندثر في يوم من الأيام الشعر العمودي أو غير العمودي؟ وهذا ما لا نستطيع أن نتنبأ به، ولكن يمكن أن نتخيل أن هذه التيارات بأجمعها ستبقى مستمرة، وقد تأتي الأيام بتيارات لا أتخيلها الآن، لا أنا ولا أنت، فالأيام حبالى يلدن العجائب.

النقاش: البنيوية أسخف نظريات النقد

قضية "البنيوية" شارك فيها 15 ناقدا عربيا، بعد أن أثارت العديد من التساؤلات حولها، وحظيت باهتمام كبير بعد أن بدأت الاندثار في بلادها التي انطلقت منها.

الناقد رجاء النقاش قال إنها أسخف نظريات النقد، وأتبع بأنه لا يتكلم عن البنيوية كما ظهرت في أوروبا حيث تأخذ حجمها المحدد، ولكنه أوضح أنه يتكلم عن البنيوية التي تظهر ويمارسها الآن ويعبر عنها الكثيرون في شتى أنحاء الوطن العربي.

ويرى النقاش أن البنيوية العربية ثمرة فراغ الساحة النقدية من النقاد الأصلاء أصحاب وجهة النظر والرؤية والفهم الصحيح للأدب والحياة.

الناقد الراحل د. عبدالقادر القط قال حول هذه القضية إن هناك فرقا بين الترويج لبعض المذاهب التي انقضى عهدها في الخارج والربط بينها وبين النقد الأكاديمي، لأن النقد الأكاديمي كلمة عامة لا ينحصر تحتها البنيوي مثلا، لكن النقد الأكاديمي هو النقد الذي يمارسه الأساتذة في الجامعات، ويمارسه طلاب الدراسات العليا في الجامعات، وهذا النقد يتسم بالمنهجية والموضوعية والعكوف على البحث في صورة علمية لا تهدف إلى النشر الإعلامي، بقدر ما تهدف إلى البحث العلمي الشامل العميق.

الناقد الراحل د. علي شلش قال إن النقاد الذين يقلدون البنيويين الأوروبيين يميلون عندنا إلى الوقوف عند النصوص التي ينقلونها دون فهم في كثير من الأحيان، وفي عمليات تعميمية وعمليات تجريبية تبعدها عن الواقع الأدبي نفسه.

أما الناقد الراحل د. شكري عياد فقد قال خلاصة رأيه في البنيوية إنها تطور لاتجاهات نقدية سابقة للآداب الغربية، وليست شيئا مبتكرا كل الابتكار.

الناقد السعودي د. مرزوق بن تنباك يرى أنه لا حجر على الفكر والرأي ، فلينقل الأكاديميون من أي مكان شاؤوا، وليستوردوا من كل العلوم والفنون، والمقياس هنا هو البيئة الثقافية التي ينقل إليها من العلم، فهي قادرة على قبول ما يمكن قبوله ورفض ما لا يصلح لها من الأفكار.

ويضيف أن البنيوية مرحلة مرت في الغرب، وأخذت طريقها إلى الشرق، وستنتهي كنهايتها في الغرب، بعد أن تستنفد مرحلة المرور المفروض.

حول حماية حقوق المؤلف

أخيرا يحاور الكاتب الصحفي صالح خيرى خمسة من الأدباء والنقاد السعوديين حول اتفاقيات حماية حقوق المؤلف بعد أن انضمت المملكة العربية السعودية إلى الاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف والتي تعتبر خطوة على الطريق لمكافحة السرقات الأدبية والعلمية والفكرية، والخمسة هم: د. محمد السليماني القويفلي، ومحمد عبدالله الحميد، وإبراهيم الناصر الحميدان، ومحمد المنصور الشقحاء، ود. حمد بن ناصر الدخيل.

بذلك يتضح مدى الحيوية الفكرية التي يثيرها فينا كتاب "آراء في قضايا ساخنة"، وهي بطبيعة الحال قضايا أدبية وثقافية تمس حياتنا وإبداعنا وفكرنا الذي يجب أن يصان من خلال حماية حقوق المؤلف وحماية إبداعه وفكره.

وكان المؤلف ذكيا في إنهاء قضاياه الساخنة عبر 132 صفحة، بإثارة موضوع حماية حقوق المؤلف، وإن كان قصرها على السعودية فقط، باعتبارها كانت أحدث الدول المنضمة إلى الاتفاقية العالمية "وايبو"، ولكن تظل كل الجهود المبذولة من فكر وإبداع ونقد مرتبطة بطريقة أو بأخرى، بحماية حقوق الكتاب والمؤلفين، فمهما بذلنا من كتابة نسائية أو غير نسائية، وحصلنا على جوائز مادية أو عينية، وكتبنا عن أزمة الثقافة والمثقفين، وتحدثنا عن حداثة الشعر أو قدمه، واختلفنا حول البنيوية أو اتفقنا، يكون هدرا لطاقاتنا إذا لم يجد مظلة تحميه من السرقة والسارقين، وأدعياء الأدب والنقد.

  ترجمة مختارات من شعر نزار قباني إلى الروسية  

  بعدما نقلت قصائده إلى عدد من اللغات الحية حول العالم، قام المستشرق الروسي يفغيني دياكونوف المعجب بقصائد الشاعر السوري الراحل نزار قباني ( 1923- 1998 ) بترجمة مجموعة من عيون شعره إلى اللغة الروسية، منقباً في مختلف دواوين قباني لتعطي صورة شاملة ودقيقة لإبداعاته، وركز في ترجمته على نقل روح القصيدة القبانية من دون أن يتقيد بحرفية النص، حيث صاغ دياكونوف ترجمته كي تتناسب مع المتلقي الروسي مع حفاظه في نفس الوقت على روح القصيدة.  

وقد اشتمل الكتاب الصادر عن دار نشر بيبلوس كونسالتينج بموسكو(138 صفحة) على مقدمة و17 قصيدة، منها: «جسمك خارطتي، وبيروت حبيبتي، ومدرسة الحب، ورسالة من تحت الماء، وقارئة الفنجان، وقولي احبك، ونهر الأحزان، وايظن، وخبز وحشيش وقمر، واشهد إلا امرأة ألا أنت، واختاري وحارقة روما، وقصائد حب قصيرة جدا». ويعمل يفغيني دياكونوف مدرساً في قسم اللغة العربية بالجامعة العسكرية ومعهد الاستشراق، وهو شاعر ومنظر في ميدان ترجمة الشعر ونظرية الشعر المقارن.  

وقد عرف دياكونوف شعر نزار قباني منذ وقت بعيد، وحسب قوله لوكالة نوفوستي الروسية فقد كان في السادسة والعشرين من عمره حين استمع الى تسجيل لقصيدته التي يرد فيها «اني خيرتك.. فاختاري ما بين الموت على صدري او فوق دفاتر اشعاري» بصوت الشاعر نفسه ومنذ ذلك الحين تولدت لديه رغبة عارمة في ايصال جمال ورونق هذه الابيات الى القارئ الروسي، وكذلك اطلاعه بقدر ما على الشعر العربي الحديث.  

وكانت أبرز الترجمات لشعر نزار قباني الى لغات العالم تلك التي قام بها الشاعر والمستعرب الاسباني بيدرو مارتينيث مونتافيث الذي ترجم عام 1965 مجموعة من الأشعار في كتاب حمل اسم «قصائد حب عربية لنزار»، اضافة الى ترجمات طائلة بالفرنسية والانجليزية والايطالية والرومانية والالمانية والبولونية وغيرها.  

الريشة يترجم 'لماذا همسَ العشبُ ثانيةً؟' لميريل 

 ضمن الاندفاع الشعري الجديد لـ "بيت الشعر" في فلسطين، والذي بدأه بإصدار سلاسل شعرية متنوعة مثل: "ديوان الشعر الفلسطيني"، و"ديوان الشعر الشعبي الفلسطيني"، و"الأعمال الكاملة لبعض الشعراء الفلسطينيين"، و"أصوات جديدة"، فقد استحدث بيت الشعر الفلسطيني سلسلة جديدة أخرى بعنوان "شعريات مترجمة"، تهتم بترجمة شعريات أجنبية بهدف التعريف بها، في إطار مدِّ جسور التثاقف والتواصل مع العمق الإنساني، والانفتاح على المشهد الشعري العالمي، انحيازًا للشعر ومجترحيه.

وصدر حديثًا كتاب شعري مترجمٌ بعنوان "لماذا همسَ العشب ثانيةً؟"، هو عبارة عن مختارات شعرية من أعمال الشاعر الأميركي "كريستوفر ميريل"، والتي صدرت بلغتها الأصل بعنوان "مشاهدة النار" عام 1994، وقد قام الشاعر محمد حلمي الريشة بترجمة مختارات شعرية منه إلى اللغة العربية، إضافة إلى المقدمة التي وضعها ديفيد سانت جون، وهذه هي المرة الأولى التي يقدَّم بها الشاعر كريستوفر ميريل، عربيًّا.

اشتملت المختارات المترجمة على واحد وثلاثين نصًّا شعريًّا، من ضمنها ما كان ميريل قد ترجمه من نصوص شعرية إلى اللغة الإنجليزية، حيث أعاد الشاعر الريشة ترجمتها إلى اللغة العربية، لكل من الشعراء: جيمي سابينس، وأندريه بريتون، ورينيه شار.

كريستوفر ميريل

هُوَ شَاعِرٌ وَكَاتِبٌ وَمُحَرِّرٌ وَمُتَرْجِمٌ. ظَهَرَتْ مَقَالاَتُهُ وَمُرَاجَعَاتُهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الصُّحُفِ وَالْمَجَلاَّتِ. عَمِلَ مُحَرِّرًا لـِ: "بُرُوز: جون مكفي فِي الْغَرْبِ". وَضَعَ مُخْتَارَاتٍ شِعْرِيَّةً بِعُنْوَانِ: "اللُّغَةُ الْمَنْسِيَّةُ: الشُّعَرَاءُ الْمُعَاصِرُونَ وَالطَّبِيعَةُ".

تَرْجَمَ، مُشَارِكًا، "أَبْرَاج" لـِ"أنْدْرِيه بْرِيتُون"، وَ"رينيه شار" لـِ"بْرِيتُون"، وَ"تَبَاطُؤ الْبِنَاءِ" لـِ "بول إلوار"، كَذلِكَ قَامَ بِالتَّعَاوُنِ مَعَ الْشَّاعرِ "أليس ديبلجاك" بِتَرْجَمَةِ مَجْمُوعَةٍ مِنَ قَصَائِدِ الأَخِيرِ النَّثْرِيَّةِ بِعُنْوَان: "لَحْظَاتٌ قَلِقَةٌ".

كَتَبَ أَهَمِّ كِتَابٍ عَنْ عَالَمِ كُرَةِ الْقَدَمِ فِي الْعَالَمِ بِعُنْوَان: "الْعُشْبُ مِنْ بَلَدٍ آخَر". لَهُ حَدِيثًا كِتَابُ "فَقَط الْمَسَامِيرُ تَبْقَى - ثَلاَثُ رِحْلاَتٍ لِلْبلْقَانِ". صَدَرَ لَهُ فِي الشِّعْرِ: "كُرَّاسَة". "حُمَّى وَمَدّ". "مُشَاهَدَةُ النَّار".

يقول "ديفيد سانت جون" في مقدمته "حَتَّى الآنَ فَإِنَّ شِعْرُ كرِيستُوفَر ميريل، يُلْفِتُ نَظَرَنَا نَحْنُ كَقُرَّاءَ، بِهذَا الْحَجْمِ الرَّائِعِ مِنْ عَمَلِهِ الرَّصِينِ. يَفْتَرِضُ شِعْرُهُ مَادَّةَ الْعَالَمِ الطَّبِيعِيِّ كَخَلْفِيَّةٍ قَوِيَّةٍ، لِهذِهِ التَّيَّارَاتِ الانْتِقَالِيَّةِ لِرَغَبَاتِنَا، وَإِحْبَاطَاتِنَا وَذِكْرَيَاتِنَا الْهَشَّةِ وَآمَالِنَا الْيَائِسَةِ.

فِي هذِهِ الأَشْعَارِ نُلاَحِظُ أَنَّ الْعَالَمَ الْحَقِيقِيَّ يُسْتَوْقَفُ بِاسْتِمْرَارٍ، مِنْ قِبَلِ الرُّؤْيَا اللَّحْظِيَّةِ، وَبِخِفَّةِ الْيَدِ الإِلْهَامِيَّةِ نَجِدُ وَعْيًا فِي "حُمَّى وَمَدّ". هُنَا أَعْمَالُ بَلاَغَةٍ وَدِقَّةٍ، كَمَا صَنَّفَهَا جالوي كينّل فِي "كِتَابِ الْكَوَابِيسِ"، عَظِيمَةَ "الْحَنَانِ تِجَاهَ الْوُجُودِ."

ويضيف "إِلَى جَانِبِ ذلِكَ، وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَحْدَاثِ الْحَيَاةِ الْعَشْوَائِيَّةِ، وَلكِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ يَبْدُو عَشْوَائِيًّا، فَالشَّاعِرُ يَعْرِفُ أَنَّ "الْحَوَادِثَ، مِثْلَ قَتْلِ الْفَنِّ/، لَهُ أَنْمَاطٌ رَسْمِيَّةٌ، تَصْمِيمَاتٌ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ.

هِيَ الْكَشْفُ عَنْ هذِهِ الثُّنَائِيَّاتِ وَالْمُخَطَّطَاتِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا ميريل عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ؛ فَهُوَ يَجْعَلُنَا نَسْتَمْتِعُ بِدَوَّامَاتِ الْمُصَادَفَةِ الَّتِي تُحَرِّكُ حَيَاتَنَا مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَر، مِنْ سَنَةٍ إِلَى أُخْرَى. وَبِالطَّبْعِ، هِيَ الدَّوَّامَاتُ الَّتِي تَتَحَرَّكُ كَذلِكَ، لِتَقْتَرِبَ مِنْ حَافَّةِ السُّقُوطِ الَّتِي بِلاَ قَعْرٍ."

ويختتم جون مقدمته قائلاً "أَنَا أَحْسِدُ الْقَارِئَ الَّذِي جَاءَ لِيَقْرَأَ هذَا الْعَمَلَ لأَوَّلِ مَرَّةٍ، إِنَّهُ مَصْدَرُ غِنًى وَمُفَاجَآتٍ كَثِيرَةٍ. إِلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْكُم، مِثْلِي أَنَا، يَرْجِعُونَ إِلَى هذِهِ الْقَصَائِدِ بِسَعَادَةٍ، كَالَّذِي يَتَجَوَّلُ فِي أَرْضِ حَبِيبَةٍ. دَعُونَا جَمِيعًا نَتَمَنَّى لأَنْفُسِنَا خُطًى آمِنَةً، وَبَعْضًا مِنَ الْحَظِّ الدَّمَوِيِّ."

من أجواء المختارات نقتطف:

طُفولَة

الصُّحفُ جَرَّحَتِ اليَنبُوعَ؛

والكَلمَاتُ التَفَّتْ في الدَّوَّامَاتِ؛

بأَشكَالٍ رَماديَّةٍ - لِصٌّ مَيتٌ، والرَّئيسُ وزَوجَتهُ،

وسِبَاقَانِ للخُيولِ - عَامُوا في المَاضِي

ثمَّ غَرِقُوا…

أَو عَرْقَلُوا الصُّخُور

يُمَوِّجون الماءَ البَطيءَ حتَّى الشَّمس، مِثلَ رَجُلٍ

بِسكِّينٍ، يُقطِّعُهُم إِرَبًا

لذلكَ يُمكِنُهم الإِبحَارَ بَعيدًا.

. . .

لَيلةَ الأَمس، خَارجَ خَيمَتي، شَخصٌ مَا

بَاغَتَ الأَخشَابَ الصَّغيرةَ: هَاجَ ضَوءٌ مُتقطِّعٌ، وغُصَيناتٌ،

مِثل حَيوانَاتٍ صَغَيرةٍ، خَشخَشتْ تَحتَ الأَقدَام؛

بَعُوضٌ طَنَّ في الصَّفاءِ. أَمسَكتُ تَنفُّسِي

كَي أَسمعَ الأَصواتَ الهَادئَةَ، ثَمَّةَ سُعَالٌ مُلَفَّعٌ،

كَصفَّارَةِ إنذَارٍ يَهبِطُ الطَّرِيقَ…

أُشعِلُ عُودَ ثِقَابٍ.

زَحفتُ إِلى الخَارجِ: أُمِّي وأَبي،

في المَلابسِ البَيضَاء، وَقَفا إِلى جَانبِ السّمَّاقِ،

يُلوِّحَان ِبأَيْديهِمِ النَّارِيَّة. لَمَسا الشَّجَرَ، ولَعَقا

رَاحَاتِ أَيْديهِم، وتَوَرَّدَا فَوقَ الأَخَشابِ الّتي تَحْتَرق.

حِكايةٌ خُرافيَّة

كيفَ ابتَسَمتْ شَواهدُ القُبور!

والغُيومُ، مِثلَ أَزهَارٍ،

استَقرَّتْ فَوقَ الأَشجَارِ

بِتَرتيَباتٍ رَماديَّةٍ،

عِندَما اختَبأْتُ فَوقَ التَّلَّةِ

كَي أُشاهدَ جَنازَتي.

أُمِّي، بِلباسٍ من وَبَرِ الإِبلِ

الرَّماديِّ وعَلى انتِبَاهةِ

(أَوامرِ الوَزيرِ)، تَبكي

إِلى أَن رَفعَ وَالدِي

تَابُوتي عَاليًا نَحْوَ فَتحةٍ

في الغُيومِ، حَيثُ طَفَا هُناك.

وَسطَ دوَّامةٍ من الأَوراقِ

والظِّلالِ، مِثلَ غِمدِ

لحاءٍ أُطلِقَ فَوقَ جَدوَلٍ -

ضَحكتْ بَعدَ ذلكَ،

ورمَتِ الأزهار فوق الرَّأس،

ورَقصَتِ الدَّبكةَ حول قَبري…

وعِندَما أَعطَى تَابُوتي

دَفعةً، وأَبحرَ نَحوَ الشَّمسِ،

وتَدحرَجتُ أَنا عن التَّلَّةِ

كي أَلحقَ الذي اختَرتُهُ،

انضمَّتْ إلى الحَشدِ في صَمتٍ،

وقد تَصلَّبتِ الدُّموعُ فَوقَ شَفتَيها.

صَلاة

هُنا في أَرْضِ المِلْحِ والحِجَارَةِ،

حَيْثُ رَائحةُ الطَّحالبِ المُتعفِّنةِ والمِياهُ المالِحَةُ لِلقريديس تَغتَسِلُ فَوقي،

وتَشطفُ عُيوني وخَياشِيمي مِثلَ البَرْدِ؛

الذي يَحكُّ نَزْفَ البَلُّوطِ في التِّلالِ قَبلَ ضَمادَاتِ الثَّلجِ

ويَحِلُّ في أَسفَلِ المُنحَدراتِ، حَيثُ تَنساقُ النَّحلاتُ الأَخيرةُ مَع الأَورَاقِ

نَحوَ يَنابيعِ الوَادِي كي تُضيءَ مَع النُّجُومِ؛

وحَيثُ الَجرادُ في دَمِ القِدِّيسينَ، والنَّوارسُ تَملأُ

المُربَّعَ المُقدَّسَ، وأَبراجُ الكَنائسِ تَرفعُ قُبَّعاتِهم الدُّخَانيَّةَ والسَّديمَ

للتَّرحيبِ بالرِّجَالِ العُمْيِ الّذينَ يُغنُّونَ في الشَّارعِ؛ -

أَسمعُ السَّاعَات المُغطَّاةَ تَضرِبُ الطُّبولَ ثَانيةً،

وَلذلكَ أُكرِّرُ صَلاتي:

أَثِقُ بالرِّيحِ تَلثغُ بأُغنِيتهَا المُقدَّسةِ خِلالَ ثُقبِ المِفتَاحِ؛

في صَوتِ دَوَرانِ المِزلاجِ عِندَما مِنضدَتي تُنفَخُ مَفتُوحةً؛

وفي الكَلمَاتِ، كأَحضَانِ البِسَاطِ على الحَائطِ، الّتي تُرشِدُني

خِلالَ قَناةِ الصَّفحةِ الفَارغَةِ

خَارِجًا باتِّجاهِ البَحرِ المَفتُوح.

البَحر

الأَوراقُ أَسرعَتْ عبْرَ السَّقفِ،

لأَنّهُ كَانَ الخَريفُ؛ ذلكَ أَنَّ بَيتَنا

يَتمدَّدُ في الظِّلِّ العَميقِ لِشَجرِ القَيقَبِ والبلُّوط؛

ولأَنّني اختَرتُ كَلمةَ َأسرَعْتُ من خِلالِ الأَقفَاصِ

ومَمرَّاتِ الحلُمِ لَيلةَ أَمس، ومن استيقَاظِي

في الفَجرِ - وَحِيدًا…

ولأَنّكِ غَادَرتِ،

الأَوراقُ تُسرِعُ نَحوَ السَّقفِ،

والبَيتُ الفَارغُ يَهمِسُ، سُقوط، سُقوط،

وأَنا أَشمُّ هواءً مالحًا - وكذلكَ البَحر.

رحلة عبر الورق

مفكر مصري يقدم حلولا سحرية لأزمات الأمة الإسلامية 

من المؤكد أن القيام برحلة الحج هو الهدف الأكبر لكل مسلم أيا كان موطنه، ولكن هناك مسلمين قاموا بهذه الرحلة بأسلوبهم الخاص، فامتطوا خلالها أسنة أقلامهم وسافروا عبر الورق ليحققوا في النهاية الهدف المنشود، وهو الوصول لأرض الحرم والطواف والسعي مصطحبين معهم قلوب القراء التي تنبض بالرغبة الجارفة للقيام بهذه الرحلة الروحانية المباركة.

ومن هؤلاء الذين قاموا بالرحلة عبر الورق الناقد المصري د. مصطفى عبدالغني في كتابه "جسر الجمرات"، وهذا الكتاب يمزج بين السيرة الذاتية للمؤلف ووصف للأماكن المقدسة في مكة والمدينة وشرح للشعائر الدينية في منى وعرفات، وقد زخر الكتاب بالكثير من المصطلحات الفلسفية والدينية، إلى جانب الآيات القرآنية التي تدعو إلى الحج وكذلك الأحاديث النبوية، وفي أقسام الكتاب الثلاثة يتحاور المؤلف مع نفسه في مونولوج صاف شفاف يتلمس حياة الإنسان ومشاغله، منذ بدء الرحلة حتى يصل في النهاية إلى جسر الجمرات.

والكتاب عبارة عن تجربة روحية خالصة يعترف الكاتب بأنه أراد أن ينظر خلالها لرحلة الحج التي قام بها في العام الأخير من القرن العشرين بوعي لم يسلمه إليه الذوب الروحي الخالص، فالكاتب لم يتمكن من التخلص من عبء العصر وثقله العنيف على وجدانه حتى مع ذوبانه في التجربة الروحية، لهذا فإن كتابه ملئ بالرموز الخاصة برحلة الحج، والتي يسقطها بوعي كامل وبراعة على واقع الأمة والمخاطر التي تتعرض لها، قائلا:

"إن الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي الذي يعيش فيه عالمنا العربي/الإسلامي اليوم يعكس عديدا من البواعث التي أيقظتها هذه الجموع في هذا الموسم، فإن الجهاد ضد العدو يظل هو الجهاد الأكبر، والجهاد ضد النفس الأمارة بالسوء والاستكانة والضعف والهوان، هذا كله يظل هو الجهاد الأكبر كما جاء في الحديث الشريف."

فالدكتور مصطفى عبدالغني لم يستطع أن يتخلص من همه الدائم بالقومية العربية حتى وهو يؤدي مناسك الحج، أما وهو يكتبها فقد كان مشهد المسلمين وهم يطوفون أفواجا بالكعبة المشرفة دليلا عنده على أنهم يمكن أن يتحدوا ليكونوا قوة تطيح بكل أعدائها.

ومن تلك المصطلحات التي أثارت حفيظة المؤلف فأخذ على عاتقه مشقة البحث وراء دلالاتها مصطلح "رجم الشيطان" يقول المؤلف "كان السؤال الذي ألح عليّ هو: من هو الشيطان الذي جاءت الملايين من شتى أنحاء العالم لرجمه هنا؟"

ويواصل المؤلف جهده الجهيد وراء المصطلح يتتبع دلالاته فيقول "لابد أن نتمهل أكثر عند بعض معاني القرآن الكريم للشيطان، فهي معان ترتبط بالعقيدة في المقام الأول - وهي بالتبعية ترتبط بمعنى مجازي أبعد من المعنى العام. أبعد من أن تقذف بعدة حصوات على نُصب حجري مقام هناك لمرات عديدة وحسب . . وأورد المؤلف الكثير من الآيات القرآنية حول الشيطان.

وهكذا فإن كل شئ في الحج له إسقاط على نفس الكاتب، فالإحرام يشير إلى الموت، الطواف يسلم المرء إلى الله، والسعى إرهاق وتعب في سبيل الله، وزمزم هي الحياة والكينونة، ويوم عرفة يجعلنا نتوقع يوم القيامة، والمزدلفة تمثل الظلام الذي يسبق اليوم الجديد، ومنى تمثل الوفاء من خلال نحر الأضحية، وخلع ملابس الإحرام بمنى يعني حياة جديدة، ورمي الجمرات يرمز لكفاح مدى الحياة ضد كل ما هو شر، وفي النهاية يتضح أن طاعة الله سبحانه تعالي هى محور الحياة.

وهكذا فلا ينفصل الكاتب عن واقعنا في رحلة الحج، فهو يؤدى المناسك لله سبحانه تعالي، لكنه لا ينسى أننا يجب أن نستفيد من رحلة الحج استفادة كاملة في علاج حاضرنا، فهو في مكة مثلا لا يمكن إلا أن يتذكر القدس فالمسجد الحرام يوحي إليه دائما بأن القبلة الأولى للمسلمين لا تزال أسيرة، وكان التجمع الجغرافي يشير على القصد نفسه، إذ كانت الأمة تتجه إلى مكان واحد لإنقاذ الأمة مما حاق بها من التخلف والتمزق والضياع في هذا الزمن الغربي، وكان الهدف واحدا وهو ضرورة تكاتف أصحاب هذه العقيدة للوصول إلى الخلاص من هذا الواقع الرديء.

ولاحظ مصطفى عبدالغنى أن أناسا من كل بقاع العالم جاءوا لتأدية الفريضة والأدعية تتصاعد بصوت عال ودموع وصيحات تقترب من (التعديد) وهو لون من الإنشاد ينتشر في الريف المصري على الموتى، أدعية لم يستطع أن يصل إلى معناها وإن فهم أنها تعبّر عن نوبات عنيفة من الحزن والبكاء على حال الأمة.

وهكذا فالكتاب التزم الجدية الكاملة في وصف الرحلة وأفاض الكاتب في شرح مشاعره القلبية، لكنه أطلق في الوقت نفسه العنان لمشاعره العقلية كمفكر لا يمكن أن ينسى محنة الوطن، وهو ما يجعله كتابا فريدا من نوعه، فهو يعد الإصدار الأول الذي يعالج رحلة الحج بهذه الطريقة رابطا بين روحانياتها والحلول الربانية السحرية لمشكلات الأمة الإسلامية وأزماتها، فهو يوجه رسالة واضحة مفادها أن في رحلة الحج واتحاد المسلمين وتجمعهم حول الكعبة أو على صعيد عرفات ذلك الحل السحري الذي نبحث عنه دائما دون أن نجده.  

سينما ومسرح 

ظلال الصمت تحكي واقع المثقف العربي بالبحرين    

على هامش فعاليات مؤتمر الفكر العربي السادس الذي اقيم في العاصمة البحرينية المنامة عرض الفيلم الروائي "ظلال الصمت" للمخرج السعودي عبد الله المحيسن.

وتدور أحداث الفيلم ومدته 95 دقيقة حول واقع المثقف والكاتب في العالم العربي وصراعه مع السلطة من خلال عدد من القضايا السياسية والاجتماعية.

أحداث الفيلم

ويتعرض الفيلم إلى مراقبة السلطة الحاكمة للمثقفين والزعماء الشعبيين لكل تحركاتهم وكتاباتهم عبر أجهزة تنصت وتضييق الخناق عليهم وزجهم في السجون والزنزانات وإجبارهم على توقيع تعهدات.

ويصور الفيلم عبر قصته الدرامية معهدا في الدول العربية يقوم بعملية غسل مخ لعدد من السجناء المثقفين والمفكرين في المجتمع العربي للتخلي عن أفكارهم التي لا تتمشى مع سياسات السلطة.

ويبرز الفيلم الذي لحن مقدمته زياد الرحباني علاقة المواطن العربي بهويته الأصيلة وارتباطه بالأرض من خلال مساعدة أحد شيوخ القبائل في الصحراء للضحايا للتخلص من المعهد.

واستعان المخرج بممثلين من عدد من الدول العربية من بينهم الممثل الكويتي محمد المنصور والسوري غسان مسعود والسعودي عبدالمحسن النمر.  

قضايا الانسان

مخرج الفيلم عبدالله المحيسن قال  إن العمل لم يحظ بالعرض في دور السينما بالدول العربية بسبب اعتقادهم أنه نخبوي.

وأضاف أن الفيلم يبحث عن من يملك القوة والقيادة والتغيير في الوطن العربي، مشيرا أن الدافع وراء إنتاجه هذا الفيلم هو قضايا الإنسان العربي.

وذكر المحيسن أن العمل الذي استغرق تصويره 12 أسبوعا في سوريا شارك فيه أكثر من 1500 شخص من مختلف الدول العربية.

وتعتبر هذه التجربة الرابعة للمخرج بعد ما أخرج أول فيلم له عام 1976 وهو "اغتيال المدينة" ناقش فيه صراع القوة على المدينة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة.

وفي العام 1981 أنتج فيلم "الإسلام جسر المستقبل" تناول القضايا الإسلامية والحرب الإيرانية العراقية.

أما التجربة الثالثة فكانت "الصدمة" عام 1991 الذي ناقش حرب الخليج الثانية ودكتاتورية الرأي الواحد.

يشار إلى أن فيلم "ظلال الصمت" الذي عرض في مدينتي روما الإيطالية وكان الفرنسية حصل على الجائزة الفضية في مهرجان القاهرة السينمائي للأفلام التسجيلية. 

 فعاليات المهرجان الاسباني الاول للمسرح والموسيقى بالمغرب  

 انطلقت ت فعاليات المهرجان الاسباني الاول للمسرح والموسيقى الاندلسية بمشاركة عدد من الفرق المسرحية المتميزة وامهر فناني الفلامينغو.

وقال رئيس المعهد الدولي للمسرح المتوسطي خوسيه موليون  ان "المهرجان الذي اطلق عليه اسم (مهرجان الضفتين) سيساهم بشكل كبير في اثراء الممارسة الفنية بين المملكتين وكذلك في المنطقة المتوسطية".

واضاف رئيس المعهد الذي نظم المهرجان على مدى 10 ايام بالتعاون مع عدد من المؤسسات المغربية والاسبانية ان هذه التظاهرة الفنية الكبرى ستشمل بالاضافة الى العاصمة الرباط مدن الدار البيضاء ومراكش وتطواتن وطنجة في الشمال.

واعتبر موليون فعاليات هذا المهرجان ثمرة تعاون ثقافي وفني كبير بين اسبانيا والمغرب وصلة وصل بينهما وذلك من خلال الانشطة الخصبة التي تشرف عليها معاهد (سرفاتنس) بالمغرب.

وشدد على اهمية هذا المهرجان الذي يسعى الى احياء التراث المسرحي والموسيقى في المنطقة فضلا عن رده الاعتبار للموسيقى الاندلسية التي توجد لها امتدادات وقواسم مشتركة في التراث الفني والحضاري المغربي والاسباني.

من جانبه قال منسق المهرجان الاكاديمي المغربي العربي الحارثي ان "المهرجان يشكل نقطة مضيئة في التعاون بين البلدين ولا سيما في المجالين الفني والثقافي".

واعتبر مهرجان الضفتين فرصة لتعزيز الشراكة الثقافية ليس فقط بين المغرب واسبانيا ولكن ايضا بين مختلف بلدان ضفتي المتوسطي وجعل الثقافة والفنون وسيلة للتنمية المستدامة.

ونوه الحارثي بمشاركة الفرق المسرحية المغربية في المهرجان وخاصة انها تستلهم نصوصها الدرامية من ابداعات كتاب وشعراء اسبان كبار من بينهم فديريكوغارسيا لوركا وسرفانتس وغيرهما.

وقال ان "المهرجان يشهد الى جانب عروض المسرح والسهرات الموسيقية اوراشا للتكون المسرحي وندوات ولقاءات ستتمحور حول ثقافة التلاقي فضلا عن تقديم انطولوجيا المسرح الاسباني المعاصر".

وشدد على قيمة هذا المهرجان الذي سيعمل على تشجيع الحوار بين الثقافات والحضارات في المنطقة بالاضافة الى مساهمته في ترسيخ قيم التعايش والتسامح بين مختلف شعوب ضفتي المتوسطي.

وكشف عن تخصيص جزء من فعاليات المهرجان لاوراش مسرحية كثيرة لاطفال المغرب ونظرائهم الاسبان وذلك بهدف خلق نوع من الحميمية والتعايش بين مختلف اجيال الغد في المملكتين.

فعاليات الدورة السابعة لمهرجان مراكش الدولي للفيلم   

نطلقن فعاليات الدورة السابعة لمهرجان مراكش الدولي للفيلم بمشاركة مشاهير الفن السابع من نجوم هوليود والسينما العربية ومخرجين وممثلين من دول العالم.

وتم خلال المهرجان تكريم الممثل الأمريكي الشهير ليوناردو دي كابريو والسينمائي المغربي مصطفى الدرقاوي والمخرج الياباني شنجي أوياما أحد الذين ورثوا مجد السينمائيين الكبار في اليابان والمخرج الأمريكي أبيل فيرارا وهو من أبرز الذين عملوا على تجديد السينما الأمريكية المستقلة.

ورأس المخرج التشيكي ميلوس فورمان لجنة تحكيم هذه الدورة التي ضمت أيضا المخرج المغربي حميد بناني والممثل جون هورت والمخرج والممثل سيخار كابور والمخرج والسيناريست بافيل لونغين والممثلة أيسا مايغا ووالمخرج السيناريست كلود ميلير والممثلتين باركير بوزي وأيتانا سانشيز جيجون.

وتبارى في المسابقة الرسمية للمهرجان للفوز بالنجمة الذهبية (الجائزة الكبرى) وجوائز لجنة التحكيم وجائزة أحسن دور نسائي وجائزة أحسن دور رجالي و14 فيلما يمثلون 14 دولة.

كما تم في هذه الدورة التي تحظى برعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس عرض 110 شريطا من 23 بلدا وتكريم السينما المصرية التي تعتبر واحدة من بين أهم الصناعات السينمائية في العالم التي تحتفل هذه السنة بالذكرى المئوية لظهورها.

وتتميز دورة مهرجان مراكش بعدد من الأنشطة الموازية عبارة عن دروس في السينما وندوة حول التحولات الرقمية في الفن السابع وبانوراما السينما المغربية.

تونس تشارك بفيلمين فى مهرجان دبى السينمائى الدولي

 شاركت تونس بفيلمين سينمائيين فى الدورة الرابعة لمهرجان دبى السينمائى الدولى ..

وقالت مصادر مقربة من وزارة الثقافة التونسية الأربعاء إن الفيلمين اللذين شاركا فى هذه التظاهرة السينمائية هما"آخر فيلم" للمخرج النورى بوزيد،و" أسرار الكسكسي" للمخرج عبد اللطيف كشيش.

وسبق أن فاز فيلم "آخر فيلم" بالتانيت الذهبى لأحسن شريط طويل فى أيام قرطاج السينمائية لعام 2006، كما فاز بجائزتى أفضل ممثل "لطفى العبدلي" وأفضل تأليف أثناء مهرجان السينما والتلفزيون الإفريقى بواغادوغو فى دورته العشرين.

ويعالج هذا الفيلم موضوع ظاهرة الإرهاب، أما فيلم "أسرار الكسكسي"،فهو الفيلم الثانى للمخرج التونسى عبد اللطيف كشيش الذى يقيم حاليا فى فرنسا،وقد حصل على 3 جوائز خلال مهرجان البندقية السينمائي.

ومن المقرر أن يعرض خلال الدورة الجديدة لمهرجان دبى السينمائى الدولي، 140 فيلما من بينها 16 فيلما تعرض لأول مرة ضمن مختلف فئات الأفلام القصيرة والوثائقية والروائية الطويلة من مختلف أنحاء العالم، بما فى ذلك العالم العربى والهند وأفريقيا.

وتم خلال هذه الدورة التى شارك فى فعاليتها عدد من النجوم العرب والأجانب مثل جورج كلونى وشارون ستون،تكريم المخرج المصرى يوسف شاهين والممثل الأمريكى دانى غلوفر.

يشار إلى أن مهرجان دبى السينمائى الدولى أطلق عام 2004 تحت شعار "ملتقى الثقافات والإبداعات"،وهو يمنح سنويا عدة جوائز مالية تقدر بنحو 300 ألف دولار.

عمل مسرحي ينتقد المعارضين والموالين معا

خمسون: جرأة مسرحية تدافع عن قيم الحداثة في تونس

يأمل المخرج التونسي الفاضل الجعايبي الذي يسلط الضوء في مسرحية "خمسون" على تنامي ظاهرة التطرف الاسلامي الى خلق جدل متوازن بعيد عن التشنج بين التيارات الفكرية والسياسية المختلفة في البلاد يسعى الى ألا ينحاز الى اي اتجاه. لذلك ينهال بسهام نقده على الحكومة وعلى مؤيديها ومعارضيها ايضا.

وعرضت مسرحية "خمسون" للمخرج الجعايبي  في اطار الدورة 13 من مهرجان قرطاج المسرحي وسط اقبال جماهيري كبير على المسرح البلدي.

وتنبش المسرحية في عدة حقب تاريخية منذ استقلال تونس عن فرنسا عام 1956 لكن الجزء الاكبر خصص للتركيز على تنامي ظاهرة التشدد الاسلامي ورفض ارتداء الحجاب الاسلامي لدوافع سياسية.

ويتزامن عرض المسرحية في تونس مع تزايد الجدل حول الطريقة الانسب للتصدي لزحف ما يعرف بالتطرف الاسلامي في تونس بعد اندلاع مواجهات مسلحة نادرة بين الامن التونسي وجماعة سلفية في ضواحي العاصمة مطلع العام الحالي قتل فيها 14 مسلحا بحسب مصادر رسمية.

وتثير المسرحية فضول العديد من المتفرجين من ضمنهم نشطاء حقوقين بسبب جرأتها التي لا سابق لها في الاعمال الفنية في البلاد ولتعرضها الى وصف التنكيل بمعارضي الحكومة وخصوصا الاسلاميين منهم داخل مخافر التحقيق.

وتقوم مؤلفة المسرحية جليلة بكار بدور البطولة مع جمال المداني وفاطمة سعيدان.

يبدأ العرض الذي يدوم ساعتين واربعين دقيقة بمشهد لاستاذة محجبة تفجر نفسها وسط ساحة معهد لتنطلق بعدها التحقيقات التي تستعمل كل وسائل التعذيب الممكنة لاستنطاق المتهمين.

وخلال مراحل التحقيق تظهر عدة شخصيات ترمز للعلمانية والحركة النقابية والحقوقية وكذلك البلطجية.

ويوظف المخرج تقنية السخرية والكوميديا السوداء لانتقاد يساريين زاغوا عن مواقفهم ومناضلين حقوقيين تراجعوا عن نضالاتهم وبلطجية يفعلون ما يؤمرون به بمقابل قد يتمثل في احتساء كمية من الخمر.

وقال الجعايبي الذي اخرج نحو 20 مسرحية وثلاثة افلام "انا والمؤلفة جليلة بكار نعرف جيدا خطورة ما أقدمنا عليه لكن اردنا ان نضع مشاهد التنكيل مراة امام السلطة والمعارضة والمواطن ليتحمل الجميع مسؤولياته وتطرح مواقف بديلة يكون الحوار الحقيقي أساسها".

وتجلى في المسرحية موقف منتقد ايضا لواقع الاعلام في البلاد من خلال مشهد كاريكاتيري في المسرحية تظهر فيه مقدمة اخبار في التلفزيون الحكومي التونسي لتنبئ بتفجير ارهابي بعد ثلاثة ايام كاملة من وقوعه وتقول "التحقيقات لا تزال جارية في كنف القانون".

وقال الجعايبي متحدثا عن مسرحيته "أنجزت المسرحية دفاعا عن قيم الحداثة في المجتمع التونسي ولكي لا تضطر ابنتي لارتداء الحجاب".

'الغابة' فيلم مؤلم يسجل حياة أطفال الشوارع في مصر 

صور الفيلم المصري "الغابة" لاحمد عاطف المشارك في مسابقة الافلام العربية للدورة 31 لمهرجان القاهرة السينمائي حياة اطفال الشوارع في مصر بالسلوب مزج الرواية والرؤية التوثيقية.

والفيلم يصور مشاهده الدرامية والروائية على ايقاعات حياة مجموعة من الاطفال والشباب المشردين في الشوارع بسبب سوء الاوضاع الاقتصادية التي ينتج عنها حالات كثيرة من تفكك الاسر.

و"الغابة" الفيلم الثالث للمخرج احمد عاطف بعد فيلمه "عمر 2000" و"ازاي البنات تحبك".

وتم اختياره الى جانب ثلاثة افلام اخرى هي "الوان السما السبعة" لسعد هنداوي "وعلى الهوا" لايهاب لمعي و"بلد البنات" لعمرو بيومي لتمثيل مصر في المسابقة العربية التي يشارك فيها 13 فيلما عربيا.

ويشارك في بطولة الفيلم الذي قام بكتابة السيناريو له ناصر عبد الرحمن بالتعاون مع المخرج عدد من اطفال الشوارع بينهم شخصية مميزة هو رمضان الوحيد الذي يساهم بدور هام في الفيلم الى جانب ابطاله المحترفين من الفنانين احمد عزمي وباسم سمرة وريهام عبد الغفور ورحاب مطاوع.

وراى الناقد السينمائي طارق الشناوي ان الفيلم "يناصب فن السينما العداء وكانه يحاول ان يعيد صياغة الفيلم التسجيلي المليء بالصدق 'البنات دول' لتهاني راشد بفيلم روائي خيالي تسيطر عليه الاكاذيب".

واضاف "هذا الفيلم ليس الاول من نوعه عن اطفال الشوراع فهناك في التراث السينمائي المصري افلام اخرى مثل 'اربع بنات وضابط' كذلك هناك افلام عربية عالجت هذه المشكلة خصوصا المغرب الذي تظهر فيه ايضا مشكلة اطفال الشوارع في فيلم 'علي زاوا والاخرون' الذي حصد العديد من الجوائز الدولية".

من جانبه اعاد مدير مركز الابداع في دار الاوبرا المصرية السابق المخرج احمد محفوظ الجانب التوثيقي في الفيلم الى ان المخرج "قام قبل تصويره هذا الفيلم بتصوير فيلم تسجيلي بعنوان 'سبارس' عن اطفال الشوارع وهذا ما عكس نفسه عليه في هذا الفيلم خصوصا وانه تاثر كثيرا بالفيلم الاول".

واشار الى انه "يقدر كثيرا قيام احمد عاطف باخراج هذه الرؤية التوثيقية التي تم نسجها ضمن فيلم روائي ولانه اخذ هذه المبادرة بانتاج هذا الفيلم الصادم على حسابه الخاص بتكلفة قليلة لم تتجاوز 3 ملايين جنيه مصري منها منح اوروبية وقرض من الفرنكفونية والمدخرات الشخصية الى جانب تاجيل دفع مستحققات بعض العاملين في فريق الفيلم".

واوضح ان الفيلم "فيه مشاكل من ناحية السيناريو اذا جاء مفكك لان المخرج المؤلف وزميله كاتب السيناريو ناصر عبد الرحمن حشدا قدرا كبيرا من الافكار لتقديمها في هذا الفيلم جعلتهما يبتعدان عن بناء سيناريو متماسك مما ابرز الكثير من الثغرات الدارمية فيه".

وتابع "كذلك كان هناك مشكلة في الجانب التقني لدى مركب الفيلم اذ كان يمكن له من خلال عملية المونتاج ان يغير ايقاع الفيلم الى الافضل كذلك كان يمكن له ان يتلافى بعض الثغرات التي حملها السيناريو".

واعتبر ان "استخدام عاطف لاطفال الشوارع في الفيلم كان له سلبياته من حيث التمثيل لكن كان له ايضا ايجابياته في تقديمهم على الشاشة وفي كل الحالات اقدر وقوف عاطف في مناقشة موضوع جدي يقف في مواجهة التيار السائد في السينما المصرية".

ورد المخرج احمد عاطف على الانتقادات قائلا ان "الفيلم يتمتع باحداث الفيلم الروائي المستمد من اماكن واقعية واطفال شوراع حقيقيين والكاميرا المهتزة ولقطات الكاميرا توحي بانه اقرب للفيلم التسجيلي".

وتابع "الفيلم الى جانب ذلك فيه اسلوب وعمل روائي ينسجم مع موضوع الفيلم الى جانب الغنائية السينمائية التي تربط بين النيل والقاهرة واطفال شوراعها واستخدام هذه العناصر كلها تؤدي الى الغنائية السينمائية".

واما حول كثرة الافكار فقال "انا لا اعتقد انني اخذت الكثير من الافكار فموضوع اطفال الشوراع موضوع متشابك له الكثير من الاسباب التي اضطررنا للمعالجتها".

ويقود في الفيلم الفنان احمد عزمي عصابة من الاطفال ويشرف على توزيع المخدرات وتقوم رحاب مطاوع بدور فتاة شوراع تبيع جسدها.

اما باسم سمرة فيلعب دور زعيم شاذ جنسيا يمارس قوته ورهبته في الاعتداء على الاطفال الى جانب اقامته علاقة مع ريهام عبد الغفور.

كما يصور الفيلم العنف الاجتماعي من خلال مشاهد للتعذيب في احد اقسام الشرطة واحد الضباط يعذب احد اطفال الشوارع ويطلب منه ان يصوره بالهاتف المحمول في نوع من التذكير بافلام التعذيب التي تم تصويرها بالهواتف النقالة في مصر مؤخرا.

حلم في بغداد: خيط أمل من قلب الخراب 

عرض مسرحي صامت لا حوار فيه ويضج بالكلام جاعلا من جسد الممثل بوقا عاليا ضد الظلام والعزلة والفوضى.

رغم الدمار الذي خلفته الصواريخ والطائرات والمدافع.. رغم الدماء وأشلاء الجثث المتناثرة في كل نواحي العراق يبقى للعراقيين وسط هذا الخراب بصيص أمل يتمثل في حلمهم ببلد آمن. تلك هي الرسالة التي يبعث بها المخرج العراقي انس عبد الصمد في مسرحيته "حلم في بغداد".

ووسط حضور جماهيري غفير عرضت مسرحية "حلم في بغداد"  بصالة الحمراء لاول مرة ضمن مهرجان قرطاج المسرحي.

العرض المسرحي الذي دام 50 دقيقة كان صامتا ولم يعتمد الحوار التقليدي ليطلق المخرج بذلك اشارة احتجاجية على ما يحصل في بلاده جاعلا من جسد الممثل بوقا عاليا ضد الظلام والعزلة والتهميش والفوضى.

اعتمد عرض "حلم في بغداد" على لغة الجسد بصفة كلية وفق نظام حركي محسوب.

اما الاصوات فكانت تجسم منطق القوة والفوضى والحرب من خلال صوت سيارات الاسعاف ودوي الصواريخ والطائرات احيانا وتعبر عن السكينة احيانا من خلال الهدوء.

وتميز الديكور بفوضى تشبه حالة الفوضى التي يعيشها العراق وبدت الاضاءة خافتة.

المشهد كان في اغلب الاحيان قاتما وحضرت فيه الدماء والجثث والاشلاء والمسعفون لكن تلك الفوضى كانت تختفي ليكنس الممثلون بقايا الخراب وليؤكدوا بوضوح ان العراقيين قادرون على كنس خلافاتهم وايقاف نزيف الدم.

وقال انس عبد الصمد مؤلف ومخرج وبطل المسرحية عقب العرض "الحلم هو حلم نحو الاستقرار والامان والديمقراطية بالعراق.. الحلم ان يتحول هذا الدمار الى اعمار."

وفي احد المشاهد تظهر كتب التاريخ العراقية باختلافها وهي تتلاشى وتتمزق بين يدي احد الممثلين.

والى جانب عبد الصمد يؤدي ادوار المسرحية فرح طه وياسر عبد الرزاق ومحمد ايوب.

وقال عبد الصمد ان المسرح الصامت قد يكون اشد بلاغة وتأثيرا على المتلقي للاحساس بمأساة العراقيين مضيفا "هنا اعتقد ان الصمت ابلغ بكثير من الكلام.. فالاجساد تتكلم وتعبر عن كل الحقائق."

واضاف ان هذا العمل "رسالة انسانية هدفها بناء عراق جديد مفعم بالمحبة والامل والثقافة لانه بلد حضارات قدره ان يستعيد مجده مهما طغت لغة الدمار."

ولاقى العرض اعجاب مئات الحاضرين الذين غص بهم مسرح الحمراء بالعاصمة ووقفوا لتحية ابطال المسرحية على ادائهم المتقن.

وعرض خلال المهرجان 63 عملا مسرحيا من 16 بلدا عربيا وأجنبيا.

"العدو الحميم" يحصد ذهبية مهرجان القاهرة السينمائي    

فاز الفيلم الفرنسي "العدو الحميم" للمخرج فلوران إيميلو سيري بجائزة الهرم الذهبي للدورة الـ31 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي .

وقد أعلن المخرج والكاتب البريطاني نيكولس روج رئيس لجنة التحكيم الدولية لمهرجان القاهرة  في ختام ذلك الملتقى السينمائي عن اختيار "العدو الحميم" كأفضل فيلم في المهرجان.

وإلى جانب الهرم الذهبي انتزع فيلم "العدو الحميم" جائزة أفضل مخرج وجائزة أفضل ممثل للفنان ألبرت دوبنتل عن دوره في الفيلم.

وقال رئيس لجنة التحكيم إن اللجنة قررت منح الفيلم هذه الجائزة لأنه "تحذير واضح وهام من العواقب المريرة للصراعات الدولية والحروب" في حين منحت الجائزة للمخرج تقديرا "لرؤيته الإبداعية والفنية التي قدمت عملا فنيا متميزا".

ويكشف "العدو الحميم" سلوك الجيش الفرنسي المتسم بالعنصرية إزاء الجزائريين عام 1959 قبيل نهاية ثورة أدت لاستقلال البلاد عام 1962. 

جوائز أخرى

ومنحت جائزة الهرم الفضي لمخرج الفيلم الباكستاني "بسم الله" شهيب منصور المخرج التلفزيوني الذي يخوض للمرة الأولى تجربة الإخراج السينمائي.

وفازت بجائزة أفضل ممثلة مناصفة الروسية تتيانا لتوفا عن دورها في فيلم "رؤية كاملة" لفاليري بندكوفسكي والمكسيكية مارينا ماجرو سوتو عن دورها في فيلم "أوبرا".

وقد فاز مخرج "أوبرا" خوان باتريشيو ريفرول بجائزة نجيب محفوظ لأفضل عمل أول إضافة إلى جائزة الاتحاد الدولي للنقاد.

وفاز بجائزة أفضل سيناريو الفيلم الهولندي "ضربات" للمؤلف ألبرت تير هيردت وهو مخرج الفيلم أيضا فيما فاز الفيلم التركي "في انتظار الجنة" لدرويش زايم بجائزة أفضل إبداع فني، كما منحت اللجنة شهادة تقدير خاصة للممثل الأميركي ماثيو بيرد عن دوره في فيلم "متى رأيت والدك آخر مرة".

وقد عرض خلال المهرجان 151 فيلما من 55 دولة ضمن 12 قسما، وكان التنافس الرسمي على الهرم الذهبي منحصرا على 19 فيلما من 16 دولة.

وكانت الدورة الحالية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي التي انطلقت في الـ27 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مهداة للمثل المصري الراحل نجيب الريحاني بينما كانت السينما البريطانية ضيف شرف الدورة وعرض لها أكثر من عشرين فيلما. 

    سينما ضد الايدز ومع الموسيقى في مهرجان دبي 

الدورة الرابعة لمهرجان دبي السينمائي تحفل بعروض من 52 دولة ومشاركة نخبة من مشاهير الفن في العالم.

انطلقت الدورة الرابعة لمهرجان دبي السينمائي الدولي  ببرنامج غني شمل عرض 141 فيلما من 52 دولة، كما احتفى بالموسيقى عبر ثلاثة عروض ضخمة اضافة الى حفل ومزاد خيريين تديرهما شارون ستون لصالح مرضى الايدز.

وشهدت السجادة الحمراء في الامارة التي باتت تستقطب انظار العالم، مرور عدد وفير من النجوم العالميين والعرب، لاسيما جورج كلوني وشارون ستون وداني غلوفر من هوليوود، ومن النجوم العرب فاروق الفيشاوي وليلى علوي وهالة صدقي وكارمن لبس.

وشارك في المهرجان مشاهير اخرون كالكاتب البرازيلي باولو كويلو و"ملكة موسيقى القارة اللاتينية" غلوريا استيفان.

الا ان الدورة الرابعة تأتي بعد اطلاق امارة ابوظبي المجاورة مهرجانها السينمائي الخاص للمرة الاولى مع امكانيات كبيرة ما اطلق عجلة منافسة سينمائية بين اكبر امارتين في الامارات العربية المتحدة.

وللسنة الثانية على التوالي، نظم مهرجان دبي الذي لا يخفي منظموه طموحهم لجعله نسخة اقليمية عن مهرجان كان او البندقية، مسابقة "جوائز المهر" للسينما العربية بفئاتها الثلاث: الافلام الروائية الطويلة، والافلام الوثائقية والافلام العربية، مع مجموع جوائز يصل الى 270 الف دولار للفئات الثلاث.

وشارك 12 فيلما عربيا عن كل فئة بينها "في شقة مصر الجديدة" للمصري محمد خان و"القلوب المحترقة" للمغربي احمد المعوني و"انا فلسطيني" لاسامة قشوع اضافة الى فيلم "مغارة ماريا" لبثينة خوري الذي يتناول موضوع جرائم الشرف في المجتمع الفلسطيني.

واستحدث المهرجان ست جوائز جديدة بينها جائزة افضل ممثل عربي وافضل ممثلة عربية.

وكالعادة، خصص المهرجان فئة خاصة بالاطفال تضمنت هذه السنة عرض فيلم "بي موفي" (فيلم النحلة) اضافة الى فئة خاصة لسينما بوليوود الهندية واخرى لافلام القارة الاسيوية عامة مع تركيز خاص على الصين التي تتمثل بخمسة افلام، وفئة اخرى للافلام الافريقية.

وتماشيا مع شعاره الدائم "ملتقى الثقافات والابداعات"، نظم المهرجان فعاليات سينمائية خاصة تعكس التنوع والحوار الثقافي العالمي هي "الجسر الثقافي" و"سينما العالم" و"الليالي العربية" التي تتضمن افلاما عربية واخرى عالمية تتعلق مواضيعها بالعالم العربي.

وفي السياق نفسه، نظم المهرجان ندوة حوارية حول التواصل الحضاري يشارك فيها الكاتب باولو كويلو والكاتبة الجنوب افريقية رايدا جايكوبز اضافة الى الممثل والناشط الاميركي داني غلوفر.

وكرم مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الرابعة كل من داني غلوفر والمخرج المصري يوسف شاهين والكوري الجنوبي ايم كوون تاك، وذلك لمسيرتهم السينمائية الطويلة.

ومن ابرز عروض الـ"غالا" التي نظمت في مسرح "ارينا" بمدينة جميرا، المجمع الفاخر على ساحل دبي، فيلم الافتتاح "مايكل كليتون" بطولة جورج كلوني اضافة الى "فيلم النحلة" والفيلم الفرنسي "لولا" اخراج المغربي نبيل عيوش وبطولة الممثلة الاميركية لورا رامزي.

كما نظم المهرجان برنامجا خاصا تحت عنوان "السينما ضد الايدز - دبي" شمل خصوصا عشاء خيريا ومزادا لجمع التبرعات لصالح الابحاث في مجال مكافحة مرض نقص المناعة المتكسبة برعاية الاميرة هيا الحسين زوجة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم، وبرئاسة النجمة العالمية شارون ستون التي ستعرض بعض مقتنياتها في المزاد.

الى ذلك، اعلن منظمو المهرجان ان الدورة الرابعة شهتد برنامج "ايقاع وافلام" امتد على ثلاث ليال ونظم في الهواء الطلق، و تضمنت كل امسية عرض فيلم رافقه حفل موسيقي يتناغم مع سياقه.

وفي الليلة الاولى احيت غلوريا استيفان المؤلفة والمغنية المعروفة عالميا الحائزة على جائزة ايمي اول حفل لها في الشرق الاوسط، وذلك بعد عرض الفيلم الوثائقي "90 مايلز" (تسعون ميلا) الذي اخرجه زوجها ومنتج اعمالها ايميليو استيفان.

ويروي الفيلم الذي يشير عنوانه الى المسافة التي تفصل بين الولايات المتحدة وكوبا والذي يعرض للمرة الاولى عالميا، قصص موسيقيين كوبيين يعيشون في المنفى الاميركي القريب جدا جغرافيا من بلدهم الام لكن البعيد جدا اجتماعيا وسياسيا.

اما الليلة الثانية فشهدت عرض فيلم "الخيط الابيض" للمخرج المغربي خليل بن كيران الذي يوثق فيه رحلة الـ"دي جي" الشهير شاب صباح من سان فرانسيسكو الى المغرب حيث يقوم بتسجيل اغان قديمة يؤديها ريفيون من المغرب يمزجها مع الايقاعات الحديثة.

وتبع الفيلم عرض موسيقي قدمه الـ"دي جي" المغربي زيان فريمان مع فرقة "بنات مراكش"، وهي فرقة من الغجريات اللواتي يؤدين اغاني باللونين البربري والعربي.

والليلة الاخيرة خصصت لفيلم "اكروس ذي يونيفرس" (عبر الكون) للمخرجة جولي تيمور الذي يعود الى حقبة الستينات بكثير من الرومانسية بتناوله قضايا تمزج بين الثقافات والصراع بين الفن والتجارة والاحتجاج على الثقافة السائدة وصراع الطبقات.

اما العرض الموسيقي المرافق فهو بعنوان "ذي بست اوف ذي بريتيش انفيجنز" (افضل الغزوات البريطانية) الذي يستعيد نجاحات بريطانية كبرى تركت بصمات هامة في عالم الموسيقى مع فرق واسماء اسطورية مثل البيتلز والرولينغ ستونز والتون جون وديفيد بوي.

 فيلم بريطاني أميركي عن صدام حسين يثير استياء النقاد    

أنهى المخرج البريطاني أليكس هولمز تصوير فيلم تلفزيوني بريطاني أميركي من جزأين يتطرق إلى حياة الرئيس العراقي السابق صدام حسين وعلاقته بأسرته والقياديين في الدولة المقربين منه. 

فيلم "بين نهرين" (Between Two Rivers) هو عمل بريطاني أميركي مشترك بكلفة ثلاثة ملايين دولار, بالتعاون بين هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) وبين محطة (HBO) التلفزيونية الأميركية بالاشتراك مع شركة سندباد للإنتاج الفني للتونسي معز كمون. 

ويعتبر النقاد الطريقة التي يتناول فيها الفيلم حياة صدام حسين مسيئة للعرب, خاصة وأن الممثل الإسرائيلي إيغال ناؤور هو الذي يجسد دور الرئيس العراقي الراحل. 

ويتجول الفيلم في أحداثه بين ماضي صدام حسين والحاضر. وتنطلق أحداثه بمشهد تسليم نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز للقوات الأميركية في العراق. 

ويؤدي الممثل والمخرج الفلسطيني مكرم خوري دور طارق عزيز, وهو يجسد في الفيلم حالات الغضب والفرح والحيرة التي انتابت عزيز ومواقفه من مسائل كثيرة طيلة ملازمته لصدام حسين. 

وقال إنه كان متخوفا من الدور، لأن طارق عزيز لا يزال حيا ويمكن مقارنة الممثل بالشخصية الحقيقية بسهولة, "غير أنني وبعد بحث طويل في يوميات طارق عزيز منحت روحي للشخصية لأبتعد عن التقليد الذي يشكل نوعا من التزييف، تصبح معه الشخصية كاريكاتورية". 

الشخصيات الأخرى

"

الفيلم لا يحمل أية ضغينة أو تشف, فهو مجرد محاولة لفهم شخصية صدام حسين من خلال ما هو إيجابي وما هو سلبي في حياته وعلاقاته والحروب التي خاضها منذ عام 1979 وحتى إعدامه

"

مكرم خوري

وتجسد الممثلة الأميركية الإيرانية شهيرة أغداسلو دور ساجدة خير الله زوجة صدام, بينما يؤدي المصري عمرو واكد دور حسين كامل زوج ابنة صدام الكبرى رغد. أما المغربي سعيد دعمائي فيؤدي دور برزان التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام. 

ويشارك في الفيلم الذي صورت مشاهد منه في تونس مطلع يونيو/حزيران الماضي خمسة ممثلين تونسيين بينهم هشام رستم ومحمد علي نهدي. وأثار عمل ممثلين عربا إلى جانب ممثل إسرائيلي جدلا واسعا في الأوساط الثقافية.

 واعتبر الممثل التونسي علي بنور هذه المشاركة بأنها "هرولة نحو أعمال تسيء للعرب". وقال إنه رفض المشاركة في الفيلم لأنه يسيء لصدام حسين وللعرب ويشوه صورتهم. 

أما صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية المعارض في تونس فاعتبرت "تهافت العرب على هذه الأعمال ابتعاد عن الدور الحقيقي للفنان كمدافع عن موقفه وكمعبر عن هوية مجتمع بأسره". وشددت على أن المشاركة فيه "شكل من أشكال التطبيع الثقافي" مع إسرائيل. 

وفي مصر أحالت نقابة المهن التمثيلية الممثل عمرو واكد إلى التحقيق بسبب مشاركته في الفيلم. 

غير أن مكرم خوري قال إن الفيلم "لا يحمل أية ضغينة أو تشف, فهو مجرد محاولة لفهم شخصية صدام حسين من خلال ما هو إيجابي وما هو سلبي في حياته منذ عام 1979 وحتى إعدامه" في ديسمبر/كانون الأول 2006.

ولفت إلى أن اختيار الممثل الإسرائيلي لأداء دور صدام كان بسبب الشبه القوي بينه وبين الرئيس الراحل, "كما أنه أظهر براعة في التمثيل لا يمكن أن ننكرها". 

وشارك في العمل الفني للفيلم طاقم ضخم يضم سبعين تونسيا وثمانين بريطانيا وأميركيا, وليس بين هذا العدد الضخم أي فني عراقي. 

واستخدم الطاقم التقني ديكورات ضخمة حولت أحياء تونسية بأكملها إلى مدن عراقية.  

أوروبا الشرقية تستعيد أمجادها في مهرجان القاهرة الدولي    

بدت سينما أوروبا الشرقية الأقوى والأكثر قيمة وإشراقا في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ31, رغم أن جائزته الكبرى ذهبت إلى فيلم فرنسي. 

ففي حفل ختام المهرجان , بدا الفيلم البولندي "الياسمين" للمخرج يان جاكوب كولسكي -الذي عرض في اليوم الأخير من المهرجان- محكم الصنع يسبر أغوار الحب وقلوب البشر عبر قصة امراة تغوص في كنه العطر وترمم أيقونات أحد الأديرة المنعزلة. 

السيناريو المستند إلى نبوءة وردت في إنجيل برنابا المحظور أعاد للسينما البولندية شيئا من بريق افتقدته طويلا، ويحوّل العطر إلى مرادف للحياة ويبحر في عالم الأنفس الناسكة. 

أما الفيلم الروماني "ملاك أحبني" لكاتبه جورجي بريدا فأثبت حيوية السينما الرومانية التي حققت في السنوات الثلاث الماضية انطلاقة وحضورا مشرفا في المهرجانات الدولية، وتمكنت من انتزاع جوائز عدة. 

يحكي الفيلم قصة شابة مصابة بمرض الربو اسمها آنا يحرمها المرض من الاختلاط بالناس, فتعيش منعزلة تؤلف موسيقى تكسبها شهرة من دون أن تخرجها من عزلتها التي تدفعها إلى الغوص في ذكريات طفولتها الغامضة والمعذبة. وبينما هي على هذه الحال يدخل عالمها رجل غامض يقدم لها هدايا ثمينة دون أن يكشف عن هويته.

وخرجت مصر منظمة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي خالية الوفاض من الجوائز, رغم مشاركتها بأربعة أفلام. 

وذهبت جائزة الهرم الذهبي للفيلم الفرنسي "العدو الحميم" الذي يعود بالمشاهد إلى أيام الاحتلال الفرنسي للجزائر. وإضافة إلى الجائزة الكبرى حصل مخرج الفيلم فلوران أميليو سيري على جائزة أفضل مخرج، ونال بطله ألبير دوبونتل جائزة أفضل ممثل. 

وتعود أحداث الفيلم بالذاكرة لعام 1959 عندما ارتكب أفراد من الجيش الفرنسي عددا من الجرائم بحق المقاومين الجزائريين. كما يكشف الفيلم عددا من الانحرافات والخيانة داخل جبهة التحرير الجزائرية, ويربط بين معاملة الفرنسيين للجزائريين والقسوة التي عاملهم بها النازيون عندما دخلت فرنسا الحرب العالمية الثانية. 

الهرم الفضي ذهب إلى الفيلم الباكستاني "بسم الله" الذي يتناول صراع الأيدلوجيات بين الغرب والشرق. وتدور أحداثه ما بين أربع دول هي الولايات المتحدة وبريطانيا وباكستان وأفغانستان. وتنتقل الأحداث من مرحلة ما قبل إلى ما بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001. كما حصل الفيلم ذاته على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وأخذها مخرجه شهيب منصور.

 ومنحت جائزة أفضل سيناريو للمخرج الهولندي ألبرت تير هيردت عن فيلمه "ضربات" وموضوعه الجيل الجديد من أبناء المسلمين المقيمين في هولندا، حيث يناقش مواقفهم من الاندماج في المجتمع وخاصة الالتحاق بالجيش والشرطة. 

"

منحت جائزة أفضل إبداع فني للمخرج التركي درويش زايم عن فيلم "في انتظار الجنة" كما منحت لجنة التحكيم شهادة تقدير للممثل ماثيو بيرد عن دوره في الفيلم البريطاني "متى رأيت والدك آخر مرة"

"

جوائز أخرى

وكانت جائزة نجيب محفوظ التي تمنح لأفضل عمل, من نصيب المخرج المكسيكي خوان باتريشيو ريفيرول عن فيلم "أوبرا" الذي نال أيضا جائزة لجنة الاتحاد الدولي للنقاد. كما نالت بطلته مارينا ماغرو سوتو جائزة أفضل ممثلة مناصفة مع تاتيانا لوتايفا بطلة الفيلم الروسي "رؤية كاملة". 

ومنحت جائزة أفضل إبداع فني للمخرج التركي درويش زايم عن فيلم "في انتظار الجنة". كما منحت لجنة التحكيم شهادة تقدير للممثل ماثيو بيرد عن دوره في الفيلم البريطاني "متى رأيت والدك آخر مرة". 

وفي مسابقة الديجيتال التي ضمت 12 فيلما, فاز الفيلم الصيني "الفراشة الصغيرة" بالجائزة الأولى وقدرها عشرة آلاف دولار. وحصل الفيلم البريطاني "الرجل الإنجليزي" على الجائزة الثانية وقدرها ستة آلاف دولار. 

وفي المسابقة العربية فاز الفيلم المغربي "في انتظار بازوليني" لداود أولاد سياد بالجائزة الأولى التي تنافس عليها 13 فيلما، بينها الأفلام المصرية الأربعة المشاركة في المهرجان. ومنحت لجنة التحكيم شهادتي تقدير لفليمي "سكر بنات" للمخرجة اللبنانية نادين لبكي و"ألوان السما السبعة" للمخرج المصري سعد هنداوي.

  «رمال عربية» هدية سينمائية لضيوف مهرجان الفجيرة

  قدمت فرقة مسرح دبا الفجيرة عرضها المسرحي الوحيد في مهرجان المونودراما الدولي في الفجيرة بعنوان «فانوس» عن نص كتبه محمد سعيد الظنحاني رئيس المهرجان وأخرجه حسن المؤذن وأدى بطولة العرض عبد الله مسعود.  

وللمرة الثانية في هذا المهرجان، يتم خرق المبدأ العام لعرض المونودراما بإدخال ممثلين في اللعبة المسرحية التي يقدمها الممثل الواحد، وهذا ما قام به المخرج حسن المؤذن، بعد أن فعلها العرض الانجليزي أولا الليلة قبل الماضية، حينما قدم في شاشة عرض سينمائية مشاهد دعمت موقفه المسرحي من القصة التي طرحها.  

ولكن يبدو أن خرق المونودراما كان واضحاً أكثر لجهة إدخال شخصيات عدة على جسد العرض المسرحي، وبهذا تأكد كسر هوية المونودراما بشكل مباشر، ويبدو أن المخرج رأى أن الممثلين الذين قدمهم عبر الأقنعة التي لبسوها على وجوههم، لم يدخلوا في لعبة الحوار فاعتبرها خرقاً غير كامل وغير مؤكد للعبة الشخصية الجديدة في العمل المسرحي.  

وفي هذا يرى الكاتب الراحل ممدوح عدوان وهو من أشهر كتاب جنس المونودراما المسرحي في دراسة مطولة له حول فن المونودراما: «أن أي خرق لمبدأ الممثل الواحد على الخشبة بالصوت أو بالصورة هو كسر للشكل العام وبالتالي يتحول العرض إلى عرض مسرحي عادي».  

النص في مسرحية «فانوس» مكتوب بطريقة شاعرية، وثمة صور شعرية متلاحقة تتوالى عن طريق سرد البطل مسعود للمكان ولعلاقته مع عائلته، والتي يبدأ بالحديث عنها تباعاً، ويبدو أن المؤلف دخل في لعبة توصيف المكان، وعلاقة الممثل بهذا المكان، والألفة التي نشأت بين الممثل والفانوس مثلا وهو يرى فيه العين التي ستقدمه للمكان وتفاصيله، وينقله بالذاكرة المشتهاة التي يحس بها إلى عوالم في الماضي وقد يكون الأمل الوحيد بالمستقبل له.. ورويدا رويدا تتعمق علاقة الإنسان بالمكان، حينما يكون في عزلة عن البشر.  

وحسب المفكر باشلار الذي كتب ذاكرة المكان، فإن للمكان دوراً حيوياً بتفاصيله في تحقيق أفضل العلاقات الإنسانية مع الفرد المعزول عن المحيط البشري حتى إنه يتحول إلى قطعة منه.  

لم يستطع المخرج تأكيد علاقة الإنسان مع المكان، وبالتالي فإن اختيار المكان تم نسفه، وهنا يجب أن نعود مرة ثانية إلى النص كوثيقة نصية وفكرية، لنجد أن الخرق الأول درامياً ما عاد يستطيع تحقيق تواصل مع الممثل، وظل السؤال ما علاقة الممثل بالمكان، وحينما طالعنا الملحق الموزع عن عروض المهرجان، شاهدنا صورة سينمائية للممثل في العرض، أين التقطت هذه الصورة وهل هي للعرض الذي شاهدناه؟ لم يتأكد ذلك.  

للمخرج الحق في القول إن النص لم يترك له خيار الحركة والغوص في تفاصيل اللعبة الفنية، ولكن للمؤلف الحق أيضا القول إنه قدم له نصاً مسرحياً، ولم يقدم تصوراً إخراجياً، وبالتالي من حق المؤلف أن ينتظر قراءة أخرى لنصه تقوم على المعادل الفني والموضوعي، ولعل سوء التفاهم الذي أدى إلى هذه القراءة لهذا النص المسرحي ولدت إيقاعاً رتيباً وبارداً لجهة حركة الممثل المتعثرة.  

ولجهة الخلل في تقديم عرض يقوم على الممثل الوحيد، ولجهة انفلات الزمن كلعبة مسرحية، وهو الزمن الخاص بالعرض، كل هذا لم يكن لمصلحة العرض الذي لم يكن بسوية العرض الذي قدم للكاتب نفسه في الدورة الماضية. 

المؤلف قدم العمل في «البروشور» على أنه» بلا مكان.. لو بكل مكان..تطفئ الأنوار إلا بقايا فانوس قديم .. يحاول أن يجد له موضعاً بين أكوام اليأس المتكدسة، فانوس ما زال يحمل نوره الخافت ليفرض نفسه في صراع الوجود..ضد عبثية المكان».  

مقوله فلسفية جميلة سنتذكرها وسنتذكر ما قدمه الضنحاني على خشبة المسرح العام الماضي، ولكن حتما لن يكون لهذا العرض علاقة بهذه الجملة؟  

ندوة مختصرة  

ندوة النقاش كانت مختصرة، لأن الدعوة على العشاء كانت تنتظر الضيوف والسؤال هنا لماذا تقام الندوات إذا كانت ستحدد في نصف ساعة فقط..على كل كان الظنحاني يعلم أن هناك مجاملات، ما سيؤدي إلى عكس ما شاهده الجمهور لذا طالب بالتحدث دون حرج، باعتباره رئيساً للمهرجان ، ..وهنا بدأ معشر النقاد والفنانين بالحديث بين البينين: لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم..  

المفكرة  

قدمت الندوة الفكرية للمهرجان في فندق «ميريديان» عن دور المهرجانات العربية في الحركة المسرحية ألقاها كل من بدر الرفاعي من الكويت وسامح الصريطي من مصر والمنجي بن إبراهيم من تونس وأدار الندوة علي المهدي من السودان، وعلق بعض الضيوف على مجريات هذه الندوة حيث تحدثوا عن علاقة المهرجانات العربية بتطور الحركة المسرحية عربيا.  

وختمت الفنانة الإماراتية سميرة أحمد بطلب لإدارة المهرجان أن يقوم المهرجان في دورته المقبلة بتقديم عروض إماراتية أكثر في دورته، بقصد إطلاع ضيوف المهرجان على هوية المسرح الإماراتي أكثر.  

وقدم  العرض الأوكراني «ريتشارد بعد ريتشارد» والعرض المصري «المرآة» في حين «جرصة» للفنان اللبناني رفيق علي احمد و«سر الحب» للإيراني فرح مقصودي.  

مهرجان «نيويوركر» يلقي نظرة سياسية وأدبية على العراق

تنطفئ الأنوار. سكوت... يبدأ العرض... تظهر سيدة أميركية ذات شعر قصير على الشاشة، لتلقي نظرةً خجولة بين الحين والآخر، لتبتسم تارةً وتتحدث طوراً، قبل أن تغلق عينيها. تأتيها الذكريات من كلّ حدبٍ وصوب، لم تنسَ ما حصل في ليلة الرابع والخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) 2003 داخل سجن أبو غريب في العراق. في تلك الليلة، تعرّفت على مندل الجمادي جثةًً هامدة، تائهةً بين قطع الثلج، ملفوفةً بكيسٍ أسود اللون... عذبوه حتى الموت... فتحت الكيس، اكتشفت الجثة، سارعت إلى جلب الكاميرا لالتقاط الصورة وتخليد الحدث. لم تردعها حرمة الموت، هي التي رأيناها على تلك الصور الشهيرة، ترفع إبهاميها والابتسامة تعلو شفتيْها. إنها الجندية سبرينا هارمان نفسها. كم بدت راضية عمّا رأته عيناها، تنحني على جثّة الجمادي وكأنها لا تصدق ما تراه من فرحتها العارمة.

ما ان انتهى العرض حتى تساءل فيليب غورفيتش، الكاتب والمراسل الكبير في مجلة New Yorker: «شاهدنا جندياً صغيراً قاسياً منحرفاً، فقد صوابه خلال دوريته، أم انّ الأمر أفظع واكبر من ذلك بكثير؟». 

في 5 تشرين الأول (أكتوبر)، شهدت منهاتن افتتاح الدورة الثامنة لمهرجان مجلة New Yorker السنوي، هذه المجلة الفريدة من نوعها باتت اليوم الضمير الحي لنخبة مفكري اليسار في منطقة ما بعد حدود الأطلسي. وهي تستقطب نخبة من النقاد والروائيين وكتاب المقالات وأشهر الشعراء ورسامي الكاريكاتير ليضفوا رونقهم الخاص عليها من خلال التعليق على الثقافة الأميركية والسياسة العالمية في آنٍ. منذ العام 1999، تقوم المجلة بتنظيم مهرجانٍ سنوي يقوم على إجراء مقابلات مع مفكرين وكتاب وفنانين من أرجاء العالم، وذلك رغبةً منها في إضفاء طابعٍ شعبي على الحدث.

دار مهرجان هذه السنة ، حول الهوية الأميركية ومكانتها في العالم، مستضيفاً الروائييْن سلمان رشدي وارهان باموك في حوار حول نظرة المجنسين الأميركيين إلى مسقط رأسهم، إضافة الى طاولة مستديرة حول العراق وأسرار الديناميكيات الديبلوماسية، ولقاء خاص بين فيليب غورفيتش والسينمائي ايرول مورسي، الذي كان فاز بجائزة اوسكار عن الفيلم الروائي The Fog of the War، والذي يضفي لمساته الأخيرة على فيلم يروي مآسي أبو غريب بعنوان Standard Operating Procedure وهو خلاصة 200 ساعة من المقابلات مع القوات الأميركية. وفي هذا العمل فيليب غورفيتش، صاحب كتاب عن الإبادة الجماعية التي عاشتها رواندا، وقد روى الأحداث نفسها، إنما بعينيه هو. والهدف من ذلك شق طريقيْن – طريق القلم وطريق العدسة – انطلاقاً من الوثائق نفسها.

رائحة الاحتلال

«إهانة أخصامنا هي عصب هذه الحرب»، هكذا وصف السينمائي ما يجري في بلاد الرافديْن. إنما، بحسب الكاتب، كان من المفترض أن تُستخدم تلك الصور الفظيعة والرمزية عن «أبو غريب» لفهم تلك الإجراءات الاعتقالية وترسيخها شيئاً فشيئاً في النظام السائد. بدلاً من ذلك، استخدمتها الإدارة الأميركية لنسف مبدأ حقيقة ثابتة لأنها أتت كبرهانٍ واضحٍ على تضلّع النظام الأميركي في هذه الجريمة. ومن هنا تتبلور المشكلة الحقيقية، ألا وهي: حجم الدعم الإعلامي للجيش الأميركي، الذي يفوق التعذيب أهميةً.

أمّا عن دور الجندية سبرينا هارمان، فإليكم القصة... عرض فيليب غورفيتش نسخةً عن رسالةٍ كانت الجندية قد بعثتها إلى صديقتها، تخبرها فيها عن رغبتها في استخدم الصور التي التقطتها بغية تعرية ممارسات القوات الأميركية بحق الشعب العراقي. يا لسخرية القدر: فالصور حثت العالم بأسره على الاعتقاد بأنّ يديْ سابرينا هارمان ملوثة بدماء الجمادي. لا شك في انّ الوضعيات النافرة والابتسامات الغريبة تخون صاحبتها، بل انها تظهر مشاركتها الإباحية في الجريمة المروعة. غير أنّ المهم لا يكمن هنا بحسب ايرول موريس. فرائحة الاحتلال الكريهة تفوح من تلك الصور التي تكشف الاعتقالات غير الشرعية وحالات التعذيب والإرباك الفريدة السائد. «للمرة الأولى في تاريخ البشرية، يتضح أنّ المصوِّر هو المصوَّر: فهو شارك طوعاً في حدثٍ يحمل كل هذه الرمزية في طياته، في حدثٍ يحمل كل هذا الإجرام في طياته»، بهذه الكلمات اختار فيليب غورفيتش أن يسدل الستار على المهرجان...

"أس أو بي" حول فضيحة سجن أبو غريب فى مهرجان برلين

 يعرض فى مهرجان برلين السينمائى الدولى المقبل فيلم "ستكون هناك دماء" والفيلم الوثائقى حول فضيحة سجن أبو غريب فى بغداد "أس أو بي".

وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية، بى بى سي، أن المهرجان سيشهد العرض الأول للفيلم الوثائقى "أس أو بي" الذى أخرجه الحائز على جائزة الأوسكار المخرج الوثائقى الشهير أيرول موريس.

وكان فيلم "ستكون هناك دماء" من بطولة دانيال داى لويس وبول دانو وسياران هيندس يحصد الجوائز والترشيحات فى معظم المهرجانات السينمائية خلال العام الماضي.

وكان مخرج الفيلم بول توماس أندرسون حصد جائزة مهرجان برلين السينمائى الدولى فى العام 2004 عن فيلم "ماغنوليا".

ومن العروض المقررة خلال مهرجان برلين السينمائى المقبل الفيلم الدرامى للمخرج الشهير جون مالكوفيتش "حدائق الليل" والذى يدور حول طفلين خطفا وقضيا أكثر من عقد من الزمن فى الأسر لدى الخاطفين، وفيلم "كاتين" للمخرج الحائز على جائزة الأوسكار أندريه واجدا ويتناول قصة آلاف السجناء البولونيين الذين قتلوا على يد الأجهزة السوفياتية السرية فى عام 1940.

"إعادة خلق" فيلم يطرح الهجرة حلا أخيرا    

شخص يطارده شبح الماضي في أفغانستان ويحاصره واقع مرير في مدينة الزرقاء الأردنية, يضطر في مواجهة ذلك للهجرة إلى أميركا بحثا عن المصالحة بين الماضي والحاضر.

تلك هي النهاية التي يصل إليها أبو عمار بطل فيلم "إعادة خلق" الذي انفرد مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الرابعة بعرضه لأول مرة في العالم مع مجموعة أخرى من الأفلام.

يحكي الفيلم قصة أبو عمار المجاهد السابق في أفغانستان الذي يعود إلى بلدته الزرقاء بالأردن حيث يبدأ حياة جديدة مع عائلته المكونة من زوجتين وثمانية أولاد فيصدم بالواقع الاجتماعي الذي دفعه إلى جمع الكرتون وبيعه لمصانع إعادة التدوير بأجر زهيد.

من دون جدوى يحاول أبو عمار نشر كتابه الذي ضمنه تجربة عشرين سنة من القتال والبحث, ولكن لا يسعفه لا الوقت الذي أصبح ملكا بالكامل لتوفير لقمة العيش ولا الإمكانيات المادية التي تمكنه من عملية الطبع بالإضافة إلى وقوف ماضيه عائقا أمام قبول دور النشر تبني نشر الكتاب.

يتضمن الفيلم الذي أخرجه المخرج الأردني محمود المساد إشارات بسيطة إلى بعض التفاصيل من حياة أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين, وهو من بلدة الزرقاء التي أيضا هي بلدة المخرج.

يشير الفيلم أيضا بشكل عابر إلى أحداث العراق حيث سافر أبو عمار إلى العراق للتجارة ولكن الأحداث هناك حالت دون نجاحه فعاد أدراجه إلى الزرقاء بالأردن. 

لماذا أبو عمار؟

عن سبب اختيار هذا الموضوع وشخصية أبو عمار قال محمود المساد  إن الاختيار جاء مصادفة لأن الهدف كما يوضح من الرجوع إلى الزرقاء بعد غياب يقارب عشر سنوات عاشها في هولندا كان بنية تصوير فيلم عن الإسلام بعدما تشوهت صورته في الغرب.

وفي هذا الصدد يقول المساد إنه وجد هذه المهمة صعبة فعرض عليه صديقه قصة أبو عمار ليجد فيها محمود عناصر مكتملة لإنتاج فيلم سينمائي وهي أفغانستان والزرقاء والإسلام.

وحول مسألة الرقابة وسماح السلطات الأردنية بتصوير فيلم في منطقة الزرقاء تحديدا قال المساد إن شكل التصوير كان بسيطا وبكاميرا رقمية صغيرة مع اختيار أوقات معينة للتصوير بالإضافة إلى أن التصريح الذي طلبه للتصوير لم يتضمن تفاصيل عن مضمون الفيلم الحقيقي ورغم ذلك واجه صعوبات كبيرة, على حد قوله.

أما عن النهاية التي اختارها لبطل فيلمه وهي قرار الهجرة إلى أميركا بعد أن ضاقت به سبل العيش في الزرقاء بالإضافة إلى ملاحقة الأمن له وسجنه بعد أحداث تفجيرات الأردن، فأشار المخرج إلى أنه لم يختر النهاية وإنما بطل القصة هو الذي اختار هذه النهاية.

ويعتبر المساد أن تلك هي النهاية الطبيعية لهذا البطل وأمثاله ممن يطاردهم شبح الماضي ويحاصرهم الواقع المرير.    

ليبيون يعوّضون غياب صناعة السينما بالأقراص المدمجة    

نظرا لغياب مؤسسات إنتاج الأفلام السينمائية في ليبيا انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة سينما الأقراص المدمجة، لكن ثمة صعوبات تواجه القائمين على تلك الصناعة تتعلق بعزوف النجوم الكبار عن المشاركة فيها نظرا لضعف الأجور، وكذلك لا يوجد ما يمنع عملية النسخ غير القانوني لتلك الأقراص. 

يقول فرج عبد الكريم صاحب الشركة التي أنتجت شريط (قعدة راكحة) أول شريط سينمائي ليبي يتم توزيعه على الأقراص المدمجة، إن العمل تم تنفيذه بإمكانيات بسيطة للغاية، وإنه دفع كافة أجور العاملين من أمواله الخاصة.

ويضيف عبد الكريم أن الشريط عبارة عن سهرة فنية لمدة ساعة ونصف أجازته لجنة المصنفات الفنية. 

جرى تنفيذ العمل بآلات التصوير العادية الخاصة بالإذاعة المرئية وليس كاميرات السينما، لكن التشابه يكمن في كتابة السيناريو، حيث كتب للسينما و"تم الاتفاق على عرضه على الشاشة الكبيرة عبر الداتاشو".

عزوف الكبار

ويؤكد فرج عبد الكريم أن هذه التجربة قد تشغل فراغا ناتجا عن غياب السينما، "ولكنّا فشلنا في تعاون مخرجين كبار في السينما معنا لاشتراطهم أجورا كبيرة وأطقما فنية ذات خبرة كبيرة أيضا، إضافة إلى أنه لا يوجد لدى المخرجين حس المغامرة" حسب قوله. 

وحول الصعوبات الأخرى التي تواجه مثل هذا العمل يقول عبد الكريم إن عدم وجود قانون يحمي المنتج من السرقة يعد أبرز تلك الصعوبات، مشيرا إلى عمليات نسخ وتوزيع للأشرطة بأقل من سعرها الأصلي تتم دون علم الشركة، وعدم حماية الموزع الذي يحتكر العمل. 

 وحقق هذا العمل مبيعات تجاوزت 20 ألف نسخة غير النسخ التي يتم نسخها في كافة أنحاء البلاد دون علمهم. 

أما السيناريست أحمد التهامي فيقول عن العمل إنه مستوحى من قصة واقعية، ويوضح أن بطل الفيلم ويدعى بو ذراع شخصية شعبية تجسد الفتوة. وقد فوجئ بتهمة ارتكابه جريمة قتل فتعرض للتعذيب، لكنه لم يعترف بالجريمة. وأثناء تعذيبه في التحقيق يحضر القتيل، ثم يطلق سراحه، ثم يبدأ البطل في رحلة البحث عن طريق تعويض الألم النفسي والبدني الذي لحق به، ولم يجد حلا سوى ضرب الشرطي الذي قام بالتعذيب حين يرتدي ملابسه المدنية. 

صعوبات مالية وقانونية تواجه النشاط الجديد

ويكشف التهامي أن قصة الفيلم مستوحاة من حادثة بنفس التفاصيل في أحد مراكز الشرطة، ونمط الشخصية يشبه أحد الفتوات في بنغازي نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات.  

ويتحدث السيناريست عن الصعوبات التي واجهت الورشة الفنية التي كتبت السيناريو ويقول "واجهتنا صعوبة  بسبب غياب حرفة السينما، وحتى التلفزيون ولا توجد مصادر عن كتابة السيناريو، ولم نحصل على مصادر إلا عن طريق العلاقات الشخصية." 

وحول الجمهور المستهدف يقول التهامي "نحن نستهدف جمهورا محددا في الفئة العمرية التي ترغب في مشاهدة هذا النوع من الأشرطة، ونحن في النهاية نعمل ضمن اعتبارات السوق". 

أما سعد الأوجلي صاحب محل بيع أقراص مدمجة فيرى أن مثل هذا الفيلم لا يحقق شهرة إلا بعد العرض في السينما، ولا يعوّض غياب السينما في البلاد، ويرى أن هذه الأشرطة والمسرحيات الأخيرة ساهمت في إثراء الحركة الفنية.  

ويؤكد الأوجلي أن لا أحد في السابق يعلم وجود سينما ليبية، ولكن الناس صاروا يسألون عن الأفلام الليبية التي تناقش أوضاعهم. 

ويقلل الأوجلي من حجم الأرقام التي تتداول حول التوزيع، ويؤكد أنها لا ترقى إلى ما يتردد عن نسخ مئات الآلاف.

تحت القصف أفضل فيلم في مهرجان دبي السينمائي    

فاز الفيلم اللبناني "تحت القصف" للمخرج فيليب عرقتنجي بجائزة المهر الذهبي لأفضل فيلم روائي عربي لهذا العام في مهرجان دبي السينمائي الدولي الرابع.  

وأهدى عرقتنجي الجائزة لشهداء حرب تموز التي شنتها إسرائيل على لبنان صيف 2006. واعتبر في كلمة له أثناء حفل توزيع الجوائز مساء أمس أن فيلمه "صرخة ضد الكراهية". 

كما فازت بطلة الفيلم ندى أبو فرحات بجائزة أفضل ممثلة عن دور المرأة اللبنانية الشيعية التي اندفعت وسط الحرب لإنقاذ ولدها. 

ويروي الفيلم الذي تدور أحداثه أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان صيف 2006 قصة حب بين رجل مسيحي وامرأة شيعية. 

ويمزج الفيلم -وهو إنتاج لبناني فرنسي بريطاني- بين الواقعي عبر يوميات الحرب، والروائي عن طريق شخصيات من الحياة العامة وممثلين أدوا أدوارهم مباشرة في الأيام الأولى التي أعقبت الحرب. 

وكان الفيلم قدم أولا في مهرجان البندقية قبل أن يخرج إلى الصالات في باريس وبيروت.

 جائزتان لتونس 

أما جائزتا المهر الفضي والبرونزي للأفلام الروائية فكانت من نصيب تونس، إذ فاز بالمهر الفضي "آخر فيلم" للمخرج التونسي نوري بو زيد  الذي سبق أن نال 21 جائزة في عدد من المهرجانات الدولية أولها قرطاج. 

ويعالج الفيلم قصة انجراف شاب نحو الضياع والعنف في عالم انقسم إلى عالمين. 

ومنح المهر البرونزي لفيلم المخرج التونسي الفرنسي عبد اللطيف كشيش "أسرار الكسكس" الذي سبق وحاز جائزة السيناريو في مهرجان البندقية الأخير. 

وتنافس 12 فيلما على جوائز المهر في فئة الأفلام الروائية الطويلة، ووزعت الجوائز في حفل لم يحظ بتنظيم جيد، لكن حضره العشرات من صناع السينما من العالم، إضافة الى الممثل والناشط الأميركي الشهير داني غلوفر. 

وحصل غلوفر على تكريم خاص من المهرجان شأنه شأن المخرج المصري يوسف شاهين والكوري الجنوبي إيم كوون تيك، وذلك لمسيرتهم السينمائية. 

وكانت أجواء كواليس المهرجان أشارت قبيل إعلان النتائج إلى خلاف بين أعضاء لجنة التحكيم بشأن الجائزة الكبرى، مع توجه القسم الأكبر منهم إلى تغليب العامل السياسي على الفني. 

الأفلام الوثائقية 

وفي فئة الأفلام الوثائقية التي تضم 12 فيلما كذلك، فاز بالمهر الذهبي "صنع في مصر" للمصري الفرنسي كريم جوري، وهو يروي قصة شاب فرنسي يعود إلى مصر بحثا عن  جذوره. 

وفاز فيلم "مغارة ماريا" للفلسطينية بثينة كنعان خوري بالمهر الفضي وهو فيلم يعرض لظاهرة جرائم الشرف في المجتمعات العربية والتي غالبا ما تبقى طي الكتمان. 

أما جائزة المهر البرونزي فكانت من نصيب "ظل الغياب" للفلسطيني نصري حجاج، وهو فيلم يعرض لهواجس فلسطينيي الشتات بشأن مسألة مكان دفنهم بعد موتهم. 

وفي فئة الأفلام القصيرة، فازت المخرجة البلجيكية خديجة لوكلير بالمهر الذهبي عن فيلم "سارا"، بينما فاز الإماراتي وليد الشحي بالجائزة الفضية عن  "حارسة الماء"، كما فاز التونسي لطفي عاشور بالبرونزية عن "العز". 

وحصل الممثل الأردني المقيم في لندن نديم صوالحة على جائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم الأردني "كابتن أبو رائد"، حيث قام بأداء شخصية عامل تنظيف في أحد المطارات، يتصادق مع مجموعة من الأطفال في الحي الفقير الذي يقطن فيه.  

الفيلم الاستوني (خريف بال) يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان مراكش الدولي للفيلم   

أعلنت لجنة تحكيم الدورة السابعة لمهرجان مراكش الدولي للفيلم  عن فوز الفيلم الاستوني (خريف بال) للمخرج فيكو أنبو بالنجمة الذهبية وهي الجائزة الكبرى للمهرجان.

كما أعلنت في حفل اختتام المهرجان الذي احتضنه قصر المؤتمرات بالمدينة الحمراء عن فوز الممثل تومي كوربيلا من فنلندا بجائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم (عمل الرجال) للمخرج أليكسي سالمينبيرا.

وحصلت الممثلة الكورية الجنوبية يو يون مي على جائزة أحسن دور نسائي عن دورها في فيلم (فتاة الأرض السوداء) للمخرج جيون سو ايل.

وتناصف فيلما (قسوة الأحاسيس) للمخرج الروسي ألكسي ميزخيريف و (سلينكشوت - تيرادور) للمخرج الفلبيني بريونتي ميندوزا جائزة لجنة تحكيم الدورة السابعة لمهرجان مراكش الدولي للفيلم التي رأسها المخرج التشيكي ميلوس فورمان.

وتتكون لجنة تحكيم مهرجان مراكش الدولي للفيلم هذه السنة من المخرج التشيكي ميلوس فورمان رئيسا والمخرج المغربي حميد بناني والممثل جون هورت والمخرج والممثل سيخار كابور والمخرج والسيناريست بافيل لونغين والممثلة أيسا مايغا ووالمخرج السيناريست كلود ميلير والممثلتين باركير بوزي وأيتانا سانشيز جيجون.

وتسلم المتوجون بالجوائز النجمة الذهبية للمهرجان في حفل كبير حضره نجوم السينما العالمية وجمهور فاق عدده ألف مدعو من كبار شخصيات الفن السابع ورجال الاعلام والثقافة والأدب وأعضاء الحكومة المغربية اضافة الى مواكبة 600 صحفي يمثلون مختلف وسائل الإعلام الدولية.

يذكر أن أربعة عشرة فيلما من 14 دولة تنافست على جوائز مهرجان مراكش الدولي للفيلم الذي انطلقت فعالياته في السابع من الشهر الجاري وأسدل الستار عن دورتها السابعة اليوم.

ويأتي المهرجان في اطار تكريم السينما المصرية في ذكراها المئوية وقام بعرض 41 فيلما مصريا يلخص 100 سنة من السينما المصرية انطلاقا من شريط (نشيد الأمل) 1937 لأحمد بدر خان وصولا الى (عمارة يعقوبيان) 2006 لمروان حامد و(هي فوضى) 2007 ليوسف شاهين.

وشهد المهرجان تكريم الممثل الأمريكي الشهير ليوناردو ديكا بريو والسينمائي المغربي مصطفى الدرقاوي والمخرج الياباني شنجي أوياما أحد الذين ورثوا مجد السينمائيين الكبار في اليابان والمخرج الأمريكي أبيل فيرارا واحد من أبرز الذين عملوا على تجديد السينما الأمريكية المستقلة.

وعرض المهرجان خلال تسعة أيام 110 فيلما من 23 بلدا تابعها 100 ألف من الجمهور في عدد من قاعات العرض السينمائية في مراكش وأمام الشاشة العملاقة المنصوبة بساحة جامع الفنا أشهر الساحات العالمية التي تصنفها اليونسكو تراثا شفهيا انسانيا.

نحن جميعا أصدقاء» .. لرسم البسمة على شفاه الأطفال العراقيين

 ممثلون صغار يرسمون البسمة على الشفاه وجمهور يصفق والرسالة فى مهرجان مسرح الطفل الذى اقيم فى المسرح القومى العراقى جادة بقدر ما كانت مسلية.

أخذ الطفل أبا ذر فاضل البالغ من العمر 11 عاما يردد عبارة " انا سريع.. انا سريع... ها ها " وهو يقفز على خشبة المسرح مرتديا حلة أرنب من الفرو فى رواية قديمة عن السلحفاة والارنب الوحشي.

وأخذ الارنب يضايق السلحفاة التى تقوم بدورها فتاة صغيرة ترتدى تنورة قصيرة خضراء وصدفة من الورق المقوى وهو يقول لها "هل تريدين ان تصبحى صديقتى .. لكنك بطيئة للغاية لا يمكنك ان تصبحى صديقة."

وبالنسبة إلى الذين لا يعرفون القصة ينتهى الامر بأن يصاب الارنب ويعتمد على السلحفاة البطية فى مساعدته.

ويصرخ الارنب بينما يشعر الجمهور بالسعادة "ساعدينى ياصديقتى " وترد مجموعة من الاطفال قائلة "ماذا قلت .." "ساعدينى ياصديقتى "

عنوان المسرحية "ما أحلى الصداقة" وعندما تعرض فى بلد قتل فيه عشرات الالاف من المدنيين فى أعمال عنف طائفى تصبح الرسالة واضحة.

وقالت المخرجة سهيلة عبد الحسين عن الممثلين "انهم مسيحيون واكراد وسنة وشيعة. جميعهم أصدقاء ويمكنك ان تشعر بذلك رغم خلافاتهم."

وقالت "من فكرة الصداقة بين الاطفال والناس قدم كاتب المسرحية لنا نصا لطيفا عن الصداقة. والحمد لله وجدنا ان الاطفال متجاوبون."

وشهد هذا المسرح عروضا رائعة للاوركسترا وفرق الرقص والآن نادرا ما يستخدم وتراجعت أعمال العنف فى العراق فى الاشهر الاخيرة حيث انخفض عدد الهجمات بنسبة 60 فى المئة منذ شهر يونيو حزيران.

وكان المهرجان مؤشرا اخر على ان المدينة تعود ببطء الى الحياة العادية.

ويتألف جمهور المسرح بصفة اساسية من اسر الاطفال الذين شاركوا فى العرض لكن وجهت الدعوة الى ممثلين عراقيين من الكبار وطلبة وبعض الاطفال لحضور العرض.

وعبر الطفل أبو ذر وهو يتصبب عرقا بعد الدور الذى أداه على المسرح عن سعادته وقال "اننى سعيد للغاية بالاداء الذى قدمته اليوم."

وأضاف "شاركت فى مسرحيتين من قبل. وهذه هى المسرحية الثالثة."

وأضاف "لقد علمتنى الصداقة وكيف تكون صديقا للاخرين وكيف أبنى بلدى فى المستقبل."

وأحب الجمهور المسرحية أيضا.

وقالت ميسيم مهدى وهى طالبة بالجامعة جاءت لتشاهد العرض " المسرحية عظيمة وبأمانة كانت رائعة جدا."

وقالت "اذا كان لدى الاطفال العراقيين مثل هذه المواهب فانه يتعين علينا الا نخفيها. دعونا نعمل من اجل خلق المواهب وتطويرها أكثر وأكثر."

لطفي عاشور يفضح عباقرة فرنسا المعادين للعرب في مسرحية غاضبة

خطابات عنصرية متواصلة زادها خطاب ساركوزي قوة وراهنية 

يبدو ان الكيل قد طفح بالمخرج والممثل التونسي المقيم في فرنسا لطفي عاشور. ففي مسرحيته التي قدمها أخيراً في باريس وغرونوبل لم يكتف بصرخات غضب حمّلها نصه الجريء، لكنه جمع الأقوال الكولونيالية البغيضة، والجمل العنصرية البشعة من كتابات كبار الكتاب الفرنسيين الذين يعتز بهم مواطنوهم، ليواجه جمهوره في عقر داره، بما يفترض انه معيب ويدعو للخجل. والنتيجة ان المسرحية حصدت جمهوراً، وأثارت ضجيجاً. فماذا قال لطفي عاشور في نصه، وكيف واجه به الفرنسيين؟

منذ فترة غير بعيدة ألقى الرئيس الفرنسي ساركوزي، الذي انتخب حديثا، خطابا في السنغال، تفوح منه رائحة عنصرية مقيتة. وهو ما دفع الكاتب برنار هنري ليفيBernard Henri levy إلى اتهام هنري غيينو Henri Guaino، كاتب الخطاب (وللغرابة فإن اللغة الفرنسية تطلق على من يقوم بكتابة خطابات أو كتب بشكل سريّ اسم زنجي nègre) بالعنصرية المقيتة، بعْد أن سلّ ساركوزي من الأمر كما تسلّ المرأة الشَّعْرة من العجين...

عاب ليفي على كاتب خطاب داكار أنه لا يزال وفيا للكتابات الاستعمارية الاستشراقية، التي تحقر الرجل الأفريقي، وتعتبره دون مستوى الإنسان الغربي.

لم ينتظر الممثل والمخرج، والكاتب التونسي الجاد لطفي عاشور مثل هذا الموقف من ليفي، وهو المنخرط منذ سنوات كثيرة في دراسة تمثيلات الآخر، راصدا تطور مواقف الغربي من الآخر المختلف. ولكن الكثيرين من العرب لم ينتبهوا للعمل الهام الذي اشتغل عليه لطفي عاشور، من خلال مسرحيته «كوميديا أندجين». هذا التونسي أبحر إلى فرنسا (البلد المستَعْمِر) وهو في سنّ العشرين، وقام بمجهودات كبيرة من أجل الكتابة باللغة الفرنسية. هذه اللغة الأجنبية الفاتنة التي قادته إلى سؤال مركزي لتمثيلات الآخر، الذي أراد أن يراه عن كثب... ولم يكن العمل سهلا، بطبيعة الأمر، لأنه اضطر للبحث والتنقيب في أرشيفات الاستعمار...

مسرحية «كوميديا أندجين» التي عرضت في باريس وغرونوبل، تكشف عن فظائع وسخافات كُتِبَت عبر قرون عديدة من الاستعمار، عن الآخر البربري (المتوحش) والغريب الذي تمّ عرضه (كبضاعة) الذي يتعرض للتحقير، كما حدث في المعرض الكولونيالي سنة 1931 في منطقة فانسان (القريبة من باريس).

وقد استولت ثورات من الغضب على لطفي عاشور من خلال احتكاكه بكليشيهات عنصرية ومثيرة للغثيان، ظهرت في مسرحيته، عبر سرد أقوال العديد من المفكرين والكتاب الغربيين، من بينهم مونتيسكيو وتوكفيل ولامارتين وموباسان وفلوبير وأندريه جيد وكونراد وسيمنون وأيضا من خلال أقوال وتصريحات حديثة، متيحا المجال لأربعة ممثلين (أسود وعربي وأبيض وفيتنامية) القيام بمسرحتها... لا يخفي عاشور أن فكرة الحديث عن الحقبة الاستعمارية الكريهة كانت تراوده، لكنها كانت سرعان ما تختفي وتذبل «كان ثمة شيءٌ يتجاوز الأمر بسبب حركة الاندماج والتهجين واختلاط الأجناس المتسارعة. كان ثمة شيءٌ يتجاوز مثل هذه القضايا، بسبب الصمت والسير دائماً إلى الأمام». ولكن القانون البغيض الذي صَوَّت عليه البرلمان الفرنسي في فبراير من سنة 2005، بوحي من حزب اليمين الحاكم، الذي يتحدّث عن «منافع الاستعمار»، جعل الكاتب التونسي يقرر أخيرا المضي في مشروعه، لكن بشكل أعمق من خلال استنطاق كتابات وأفعال وتصرفات وشهادات، كبار يفخر بهم الفرنسيون.

المشروع الكولونيالي، كما يصر عاشور على القول، هو اتحادٌ حقيقي لكل العبقرية الفرنسية ولكل المواهب (عدا بعض الاستثناءات ومن بينها الحركة السوريالية التي نظمت معرضا مضادا للمعرض الكولونيالي سنة 1931) ساهمت متضافرة، في بناء وصناعة الحركة الاستعمارية. العلماء الفرنسيون والغربيون برروا الأمر من خلال إرساء تفوق «العرق» الأبيض على باقي الأعراق، ووصم الآخر بالحيوانية، نازعين عنه كل إنسانية. الكتاب الشهيرون وغير الشهيرين تداعوا لكتابة نصوص ومحكيات تمجد الاستعمار، وتدعو الفرنسيين إلى التوجه للإقامة في المستعمرات... وبعد هؤلاء جاء دور كُتّاب الأغاني ثم الرسامون ثم بعدهم المصورون الفوتوغرافيون، ثم السينما ثم الإعلان...

لا يخاطب المبدع لطفي عاشور، من خلال هذه المسرحية، العرب والسود، فقط، وإنما أيضا الفرنسيين الأصليين. ولأنه يخاطب الجميع، فإنه استطاع الولوج بسرعة إلى قلوب الكثيرين من الغربيين، الذين اكتشفوا، انه حتى الانتلجنسيا المتنورة لم تنج من السقوط في هذه البشاعات والفظاعات. ولأن هذا الموقف من المبدع عاشور، وهو موقف سياسي بامتياز، اتخذ صورة فنية إبداعية، فإن قوته في الوصول للغرض المقصود أكبرُ وأعمق من كل التصريحات والتنظيمات السياسية المباشرة، ونقصد من ضمنها جمعية «أندجين الجمهورية» التي قُوبلتْ بحذر الكثيرين، حتى من الإنسانويين واليساريين...

*«كوميديا أندجين»: عرضت في باريس وتجول حالياً في المدن الفرنسية حتى 24 فبراير 2008.

* مقتطفات من النصوص الممسرحة تحقّر العربي والأسود

* يتحدث أندريه جيد عن الأفارقة فيقول:

- «إنّ الزنوج الطيعين السلسين، بشكل مدهش، هم في كثير من الأحيان ما نتصوره عنهم، أو ما نتمناه. مع ذلك لا أتصور أنهم قادرون على تطور صغير جدا، بسبب الطبيعة التي وهبتهم دماغا متخدِّرا وجامدا...».

- «الرجل الأسودُ لا يفهم كلمة واحدة عن نظام حكمنا. الحكومة الفرنسية هي، بالنسبة له زوج الجمهورية، وهي امرأة ثريةٌ تدير ملكيّتها في فرنسا».

- «من وجهة نظر أخلاقية، نرتكب خطأ فظيعا حين نريد أن نُدْخل في دماغ زنجي أفكارنا الأوروبية والمتحضرة».

- «العربي المُختَّن بطيء مقارنة بالأوروبي؛ أما الزنجي فهو ينضاف إلى نظام عصبي لا يمكن أن يتزحزح...».

نيكولا ساركوزي في جامعة داكار في يوليو 2007:

- «مأساة أفريقيا، هي أن الرجل الأفريقي لم يَدْخُل بما يكفي في التاريخ. الفلاح الأفريقي الذي ينحصر مثاله في الحياة في أن يكون على وئام مع الطبيعة، لا يعرف سوى البداية الأبدية المتكررة للزمن الذي يسير على وتيرة تكرار لا نهاية له، لنفس الحركات ونفس الكلام. في هذا المخيال، حيث كل شيء يواصل بدايته بشكل دائم، لا مكان للمغامرة البشرية ولا لفكرة التقدم. في هذا العالم حيث تتحكم الطبيعةُ في كل شيء، يظل (الانسان الأفريقي) جامداً وسط نظام لا يتزحزح، حيث كل شيء يبدو كما لو أنه تقرر بصفة مُسْبَقَة. لا يندفع الإنسان (الأفريقي) أبدا نحو المستقبل. ولا تراوده، أبدا، فكرةُ الخروج من التكرار كي يخلق لنفسه مصيرا. لقد فتح الاستعمارُ القلوبَ والذهنيات الأفريقية على ما هو كونيّ وعلى التاريخ».

توكفيل عن العرب:

«بسبب دراستي المعمقة للقرآن (الكريم) بسبب تواجهنا مع ساكنات إسلامية في الجزائر، أؤكّدُ أنه توجد ديانات قليلة مُضرّة بالرجل مثلما هي عليه ديانة محمد. إنها، في نظري، السبب المركزي للانحطاط الذي نراه اليوم في العالَم الإسلامي. إنَّ العرَبَ قتلةٌ ومغتصبون ومزيّفون، وكلهم يركنون للشذوذ».

غي موباسان عن العرب:

- «كل سجين يقع بين أيديهم يصبح، على الفور، موضع متعهم، وإذا كان السكان الأصليون (الأندجين) كثيرين عدديا فإنّ منكود الحظّ يمكن أن يموت بعد هذا العذاب المُتَعي».

- «في الشوارع، في الساحات، في كل خطوة، رائحة عفونة تصلكم: تبحثون حولكم، لا جبن قديما ولا لحم فاسدا، لا شيء سوى العرب».

  برنار سوبل يعالج تقلبات أهواء الكتّاب الشباب على خشبة مسرحه  

  عرضت مسرحية الشحاذ أو موت زاند على خشبة مسرح الكوللين ضمن فعاليات مهرجان الخريف في باريس من إخراج المخرج الفرنسي برنار سوبل ونص الكاتب الروسي يوري أوليكا الذي كتبه عام 1972 وعرض في مسرح الفن في موسكو.  

تروي المسرحية قصة كاتب شاب يدعى زاند الذي أنهى كتابة مسرحية في يوم عيد ميلاده الثاني والثلاثين بعد أن قضى أعواما طويلة وهو يتمرس على الكتابة المسرحية والأدبية متأثرا بالروائي الفرنسي أونوريه بلزاك. تعالج مسرحيته حياة شاب يدعى زاند وشخص آخر اسمه فيدور يقضي وقته بالتسول والتسكع على أرصفة موسكو.  

يدعي هذا الشحاذ أنه الأخ الشرعي لزاند ويبرز ورقة تثبت ذلك أملا بالحصول على نصيبه من الميراث. وبهذه الأحداث التي في المشهد الأول يتكلم الكاتب الشاب زاند عن مسرحيته لأبيه وأمه، ثم نرى الشخصيات تؤدي أدوارها على الخشبة. وهكذا فإن زاند يؤدي الدور الذي كتبه لنفسه وينتقل المتفرجون من الصيغة السردية للمسرحية إلى متابعة الأحداث نفسها على الخشبة.  

للوهلة الأولى تبدو القصة بسيطة لكن إخراجها المميز يضفي عليها طابعا ديناميكيا حيث إن المشاهد تجري على خشبة دائرية يتوضع عليها ديكور لبيت تلك العائلة البرجوازية. تدور هذه الخشبة الدائرية في أغلب مشاهد العرض بحيث يدور الممثلون حتى يحافظوا على مكانهم في مقدمة الخشبة خصوصا في المشاهد الثنائية بينما يتعذر عليها فعل ذلك في المشاهد التي تحتاج لأربعة أو خمسة منهم.  

يتخلل عملية الدوران تلك إسقاطات ضوئية تسلط على الممثلين من وقت لآخر بحيث تسمح مثلا بالإيحاء لفصل الخريف أو الشتاء. يراعي المخرج برنار سوبل في هذه المسرحية التقلبات التي يعيشها الكاتب الشاب زاند ويبدو أن حركة دوران الخشبة تعبر عن فوضى الأفكار التي تموج في داخله في مرحلة يعتقد أنها حاسمة في حياته ومسيرته الأدبية.  

عبر هذه المسرحية يقوم المخرج بالتركيز على الأفكار الداخلية التي يفيض بها صدر الشباب الذين يجدون أنفسهم في منعطف حاسم من حياتهم وهنا فإن المتفرج يتابع مشاهد المسرحية وحواراتها كي يصل إلى ذروة الحبكة في نهاية المسرحية عندما يكتشف زاند أن امرأته كانت تخونه مع صديق حميم له.  

وهكذا فإننا نتابع تطور الأفكار التي يبوح بها زاند طيلة العرض سواء فيما يتعلق بمشروعه الكتابي أو بغيرته نحو زوجته أو بالظهور المفاجئ للشحاذ الذي يدعي أنه أخوه. وبهذه التفاصيل المتعاقبة نشعر بأننا نتابع أحداثا متشابكة تتجانس مع بعضها البعض عبر شخصية زاند الذي يجمع يقيم علاقات مع باقي الشخصيات كأمه وأبيه والشحاذ وزوجته وعشيقها السابق فيدور.  

يبدو أن الديكور هو أهم الشخصيات الرئيسية في المسرحية حيث إن دوران الخشبة يساهم في هندسة خروج ودخول الشخصيات للخشبة وتوزعهم في فضاءات ذلك البيت. هناك بعض اللوحات التي تتدلى من سقف الخشبة والتي يرسم عليها مشهد من الحياة اليومية في روسيا بحيث ترمز للحياة الراكدة التي سادت الفترة الستالينية.  

وهنا نشير إلى أن تفكيك هذا الديكور في نهاية المسرحية ينسجم مع تفكك شخصية زاند عبر معرفة حقيقة ما يفكر به إضافة إلى اكتمال عناصر أخرى في المسرحية مثل ظهور شخصية الشحاذ. هذا التفكك يترافق مع لعبة الإضاءة والمقاطع السينمائية التي يعتمدها المخرج والتي تذكرنا بالسينما التعبيرية الألمانية التي تجتمع فيها عناصر كثيرة مثل الأشكال المجردة والفروقات اللونية البسيطة بين الإسقاطات والألوان الحية التي تسهم في إعطاء حركة خاصة ودفع إضافي لحركة الممثلين على الخشبة.  

العلاقة مع الآخر انتصرت لحق التعايش والاختلاف

«بساط أحمدي» على مسرح القباني في دمشق

  جوليان (عروة كلثوم) أو جلال الدين كما يلّقب نفسه، شاب فرنسي، تعلّم العربية، واعتنق الإسلام حين قدم إلى دمشق قبل ستة أشهر من أجل إصلاح سجادة دمشقية عتيقة عند محلّ التاجر الشامي يعقوب، أبو يوسف (عروة العربي) في أحد أسواق المدينة القديمة.  

وعلى إثر ذلك نشأت بين الاثنين علاقة ملتبسة وغامضة يسودها فضول جوليان واستهتار يعقوب إلى أن تنكشف الحقيقة حول سر هذه السجادة وتاريخها المليء بالمفاجآت الذي كان قد بدأ منذ زمن طويل، حين زارت أم جوليان المستشرقة الفرنسية وعاشقة السجاد الشرقي دمشق في شبابها.

وتعرّفت إلى والد يعقوب صاحب محل السجاد، وعاشت معه قصة حب أثمرت عن جوليان الأخ غير الشرعي ليعقوب والوريث الحالي للأب المتوفى، الشقيق الذي وُلد وترعرع في فرنسا كأي مواطن آخر دون أن يعلم هو أو أي كان بأمره، إلى أن صارحته أمه بحقيقته قبيل وفاتها بالحقيقة، فغادر موطنه مدفوعا برغبة البحث عن أصوله، وانتهى به الأمر إلى الارتماء في أحضان إحدى الجماعات التكفيرية وتفجير نفسه.  

هذه هي باختصار تفاصيل الحكاية التي قامت عليها مسرحية «بساط أحمدي» وهي المسرحية السابعة في قائمة أعمال فرقة الرصيف، وقد عُرضت مؤخرا على مسرح القباني بدمشق من تأليف وإخراج مدير الفرقة حكيم مرزوقي، وقد لا يكون المرزوقي هو الأول الذي تناول موضوع التطرف الديني والتفجيرات الانتحارية.  

فقد قامت الدراما العربية والعالمية على اختلاف أجناسها بالتطرق إلى هذا الموضوع الشائك والساخن عبر العديد من الأعمال الأدبية والمتلفزة والسينمائية، لكن الجديد في هذه التجربة هو معاينة الظاهرة من منظور نموذج أوروبي اعتنق الإسلام عبر قصة متخيلة تربط أشخاصاً ينتمون إلى جيلين مختلفين وثقافتين متباينتين.  

وابتداء من العنوان يوحي لنا المخرج بمكاشفة صريحة سوف ينسجها العرض، ثم لا تلبث الأحداث أن تؤكد خطوط هذه المكاشفة بعد سلسلة من الحوارات يتجاذبها الشقيقان وتجلي ملابسات العلاقة بينهما التي بدت غامضة في البداية، لكن المكاشفة الأخطر تحدث في نهاية العرض حين يكتشف يعقوب أن شقيقه يضع حزاما ناسفا ليفجّر به مجموعة السياح الأجانب التي سوف تزور المحل عما قريب.  

وفي السجال المتوتر بين طرفي المواجهة يحاول جوليان أن يقنع شقيقه بمشاركته بنيل شرف الشهادة والجنة، فيطلق العرض مقولته الأخيرة على لسان يعقوب حين يتساءل: لماذا علينا أن نموت في سبيل الله، بدل أن نحيا جميعا في سبيله؟.  

تحيلنا الملامح الخارجية والتركيب النفسي للشخصيتين إلى ذهنيتين مختلفتين.. ذهنية التاجر التي يمثّلها يعقوب، وهي ذهنية منفتحة على الجميع في حدود مصالحها، فهو يرتدي زيا عصريا، ويجيد المجاملات، ويرتبط بعلاقات تجارية مع الأجانب.  

ومع ذلك فهو لا يكترث بداية بذلك الغريب الذي يبدو فقيرا، وحين يخبره بأنه شقيقه، يستنكر الأمر جملة وتفصيلا، لأن ذلك يعني أنه سوف يكون شريكه في ميراث الأب، لكن ما إن يعلم أن شقيقه ثري ولديه أخت جميلة حتى يرحّب به، ويشركه في أعمال المحلّ، ويحضّر الأوراق القانونية لإثبات الأخوة، أما جوليان الذي يمثّل الذهنية التكفيرية فهو يرتدي العباءة والقلنسوة.  

ويرى في كل مسلم أخاً يجب هدايته إلى الطريق القويم بما في ذلك شقيقه، ويرى في كل إنسان خارج عن سياقاته الفكرية كافرا يجب إبادته، لذلك فهو لا يكترث أبدا لخبر وفاة أمه الذي نقلته له شقيقته عبر الهاتف، ونجده لا يتحدث إلا في شؤون الدعوة عبر مختلف علاقاته التي نطلّ عليها من خلال اتصالاته الهاتفية واستخدامه للإنترنت.  

وفي هذا السياق ركز المرزوقي جلّ اهتمامه على بناء الشخصيات وتماسك الحوارات التي تخللتها جملة من المونولوجات كانت غايتها تشعيب الحكاية، وسهولة الحركة في الزمن ذهابا وإيابا، إلى جانب الإفصاح عن الحالات الجوانية التي خبرتها شخوصه.  

أيضا اعتنى المرزوقي بلغة النص فجعل يعقوب يتحدث باللهجة الشامية المحكية، بينما جعل جوليان ينطق بلغة وسطية ما بين العامية والفصحى لا تخلو من العثرات، تخللتها العديد من العبارات والجمل الفرنسية، وكعادته أخرج العرض بأسلوب المسرح الفقير.  

حيث كان الفضاء خال إلا من طاولة في الزاوية وستارة بيضاء انعكست عليها بشكل ضوئي سجادة المرزوقي أو السجادة الدمشقية العتيقة التي ما لبثت على وقع التفاصيل أن تحوّلت من عرض مسرحي إلى شخصية محورية تمرأت من خلال سيرتها صورة من صور العلاقة ما بين الذات والآخر على المستويين الإنساني والحضاري، صورة انتصرت لحق التعايش والاختلاف وحق الحياة في مقابل لغة الإلغاء والموت.  

 معارض فنية

  معرض الخريف يستعيد مخضرمي التشكيل السوريين  

  أكثر من مئتي فنان سوري في مجالات التصوير الزيتي والنحت والحفر والخزف شكلوا جوقة «معرض الخريف» في متحف دمشق التاريخي. المعرض هذا العام قسم إلى مجموعتين، القسم الأول يقام في الخريف ويسمى معرض الخريف للفنانين الذين تجاوزوا سن الأربعين والثاني يقام في الربيع ويسمى معرض الربيع للفنانين تحت سن الأربعين.  

حيث وزعت الأعمال المشاركة في قاعات المتحف والفسحة الداخلية لهذا البناء الأثري الذي يحمل كل سمات وملامح وعراقة البيوت الدمشقية المفتوحة إلى الداخل والمليئة بالتفاصيل المعمارية والزخرفية الكثيرة التي جاءت على يد مهندس فطري بارع وعفوي.  

تناولت أعمال «معرض الخريف» موضوعات مختلفة كالإنسان والخيول والطبيعة الصامتة والحارات القديمة والريف والمدينة، وقد تم تناولها بأساليب وتقنيات عديدة تعود معظمها إلى التعبيرية والانطباعية والواقعية مع بعض الحضور للسوريالية والتجريدية مما يؤكد على أن معظم الأعمال تنتمي بصرياً و فكرياً إلى المدارس الفنية المعروفة.  

ولعل أهمية المعرض لم تأت من عملية تقسيم الأجيال فقط، إذ أن وجود صالة عرض ثابتة وواسعة تحقق شروط العرض الجيدة وتكون على مستوى دولي لإقامة المعرض السنوي للفن التشكيلي كانت دافعاً لعودة بعض الفنانين المنقطعين عن المعرض السنوي إلى المشاركة فيه.  

وهذا كان تصريح النحات المخضرم مصطفى علي «وهو صاحب صالة عرض بدمشق لوكالة الأنباء السورية «سانا»: إننا بحاجة إلى صالة على مستوى دولي يقام فيها المعرض السنوي معرباً عن أسفه لعدم وجود مثل هذه الصالة وكذلك لعدم وجود متحف للفن المعاصر.  

وقد دعمت شركة شل السورية لتنمية النفط المعرض بإصدار كتاب يضم صوراً لجميع الأعمال وأسماء الفنانين المشاركين، والذي أنجز بالتعاون مع نقابة الفنون التشكيلية ووزارة الثقافة السورية. ويقام على هامش المعرض ندوة تثقيفية فكرية بالتعاون مع مديرية حماية حقوق المؤلف يومي الأربعاء والخميس 28-29/11 الساعة السادسة مساء. وفي ختام الندوة سيقام حفل تكريم للفنانين التشكيليين المشاركين في المعرض.  

  لوحات ياسر صافي.. رؤيوية مؤلفة من الشعر ودهشة الكائنات  

  عرض الفنان التشكيلي السوري ياسر صافي في «رواق الشارقة للفنون» 27 لوحة، أكثر من ثلثيها تنتمي إلى فن الغرافيك ـ الحفر، الذي أوغل فيه صافي منذ أكثر من عشرة أعوام. تتميز لوحة ياسر صافي بشعرية ليست استعراضية وليست المادة الوحيدة التي يقيم عليها الفنان مشروعه.  

أي أنها ليست لوحة تعمل على الشعر بمفهوم القصيدة، وكذلك ليس الشعر مادة استعمالية فقط بقدر ما هو جزء من بنية اللوحة المتضمنة لعناصر متنوعة، وتشكل معاً النص البصري البانورامي وموحياته البادية تلقائية وغرائزية من حيث التأليف، المتجول في أنحاء ذاكرة بصرية تجمع بين المادة الخام البكر وبين حال تخيلي مجازي متصاعد في حوارات درامية شفيفة، تبعثر الأشكال  

وتوقد كل عناصر الصورة الغرائبية والسحرية والشيطانية الجامعة لدهشة الإنسان المدمجة مع دهشة كائنات أخرى كالقطط والطيور وغيرها، في لحظة عاطفية بمعناها الأثيري الذي يبرز الممكن على انه استحالة قدرية. إذ أن فضاء اللوحة يكاد يكون غائباً في مساحة اللوحة، وهو غياب متعمد وجزء من بنية التأليف ذاته. أحياناً يكون موظفاً أدائياً في لوحة الحفر، وعلى العكس في اللوحة التشكيلية، حيث الفضاء يتعدى الحال الاستخدامي إلى ان يكون من العناصر المكونة الرئيسية.  

اللون الأسود في لوحة الغرافيك عموماً يساهم في خصوصية نمطية للنوع الفني المذكور. لكن ياسر صافي يتجاوز المعتاد المستكين، إلى ما يمكن تسميته مستوى استنباطي خاص. فيستفيد من مرونة اللون الأسود في حركية الخطوط ويستثمر السماكة اللونية ويحولها إلى عاجيات في الخطوط أو في النتوءات على سطح اللوحة أو في جوهرها العميق.  

وهذا ما يمنح لوحة صافي صفة اللوحة الطفولية البريئة، المحاذية لجنون وإفساد وتخريب للروح والجسد، وبالطبع للمعاني المستكينة. وهي لوحة بهذا المعنى لا تدعي «الثورية» أو «الانقلابية» على سائد ومعتاد، بقدر ما هي لوحة مستقلة.  

وتقيم مفاهيمها الخاصة، لأنها رؤيوية ولا تعنى بثرثرة الانقلابيين، ولا بوعظ التقليديين. لوحة ياسر صافي افتراضية بالكامل وتستلهم من الواقع والحلم والهواجس والكوابيس مادتها الأولى التي لا يمكن أن تكون نهائية.

  24 منحوتة للنجار في «العويس»

  نظمت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية معرضا فنيا للنحات المصري حمدي النجار في قاعة المعارض بمبنى المؤسسة، حيث عرضت 24 قطعة نحتية منفذة بأسلوب شخصي معاصر بمادة البرونز.  

تخرج حمدي النجار من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة قسم النحت، وعمل مدرساً في الكليات والمعاهد المتخصصة والمدارس الثانوية، وهو عضو نقابة الفنانين التشكيليين ومقرر لجنة النحت بالقاهرة.  

شارك في مجموعة من المعارض الجماعية، منها معرض البلديات البيضاء في ليبيا، ومعرض في نقابة الفنانيين التشكيليين في دار الأوبرا عام 1994. ومعرض مشترك مع الفنانة اليونانية فيليبيس جاباني عام 1988، كما أقام العديد من المعارض الشخصية.

جدارية قاهرية تعيد الروح للكلاسيكيات التشكيلية 

قدم التشكيلي طه القرني لوحة زيتية ضخمة تلخص "سوق الجمعة" الشهير بالقاهرة حيث يجتمع بشر من طبقات وخلفيات اجتماعية وثقافية تنسجم معاً في الجدارية التي يبلغ طولها 23 متراً وتتخذ من قلعة صلاح الدين الاثرية وجبل المقطم وبعض المساجد خلفية بعيدة.

وعرضت الجدارية في قاعة الفنون التشكيلية بدار الاوبرا بالقاهرة مصحوبة بجدارية أخرى طولها تسعة أمتار مرسومة بالفحم وعدد من وجوه بسطاء المصريين.

وتنطق وجوه الناس الذين اختارهم القرني بصدق واقعي طبيعي غير زائف ينطلق من عين حانية لتشكيلي ولد في حي امبابة الشعبي بالقاهرة ولا يبهره "سحر الشرق" الذي سيطر على عدد كبير من الرسامين والرحالة الاوروبيين في العصور الوسطى وأثمر أعمالا يراها كثيرون جزءاً من النظرة الاستشراقية لشرق لا وجود له الا في خيال الغرب.

لكن لوحة القرني تثبت لحظة من يوم الجمعة في السوق وتجمع أشتاتاً من البشر منهم نساء يحملن أطفالاً وباعة الملابس والدجاج والعصائر والكعك والاطعمة السريعة ولحوم منها رؤوس الحيوانات المذبوحة.

ووسط هذا الحشد لمشاة أو من يركبون الحمير لا يتشابه وجهان في الجدارية التي تضم مئات البشر واستغرق انجازها ثلاث سنوات سبقتها فترة من الاعداد والبحث في تاريخ ذلك السوق الذي يمتد الى نحو 800 عام.

وكان المستشرقون يركزون على مشاهد محدودة مثل جانب من سوق أو مشهد متخيل مستمد من قصص "ألف ليلة وليلة" لملك وجوار وما يلزم المشهد من مفردات يمنحها خيال الرحالة لتغذية فضول الغرب الى معرفة الشرق كما يتصورونه.

ووصف الناقد كمال الجويلي في دليل للمعرض جدارية القرني بأنها عمل نادر ومثير حيث اختار صاحبها الطريق الصعب ليعيد الى الأذهان "مفهوم الكلاسيكية الجديدة التي تستوعب الحاضر ولا تتخلى عن جوهر التراث ومعطيات كنوز التاريخ" في لوحة عن سوق يباع فيها كل شيء وكأنها مهرجان أو "كأنك تجلس في مسرح مستدير والوجوه تطل عليك وسط الصخب".

واعتبر الناقد عز الدين نجيب جدارية القرني بانوراما بصرية وعملاً ملحمياً لم تر مصر مثله منذ نحو 40 سنة حين كانت الجداريات تزين مؤسسات وبنايات منها محطة السكك الحديدية بالقاهرة وبعض الحدائق العامة "خلال مناخ كان يرى الفن ضرورة حياة للجماهير".

وأضاف أن الرسَّام استطاع بلوحة واحدة أن يلمس نبض حياة الجماهير البسيطة وهي تلهث للحصول على ضرورات حياتها "وأن يسمعنا صوتها الصاخب الذي تاه طويلا في زحام اتجاهات الفن الوافدة الينا من عند الاخر دون حتى جهد ملموس من الفنانين لتمصيرها وتعشيقها بروح واقعنا فصار الفن غريباً عن الشعب وصار الشعب غريباً عن الفن".

وقال القرني انه يسعى الى توظيف الفن التشكيلي جماهيرياً بعيداً عن الدائرة الضيقة والرؤية النخبوية للمثقفين وانه اختار هذه السوق للجدارية لانها تقع في مكان تصب فيه معظم الطرق بالقاهرة مضيفاً أن عبد العظيم وزير محافظ القاهرة أبلغه بعد افتتاح المعرض أنه رصد سبعة ملايين جنيه مصري (نحو مليون و266 ألف دولار) لتطوير سوق الجمعة والمنطقة المحيطة بها.

معرض عن الجدار العازل يثير جدلا فوق سور برلين  

أثار إعلان مصور فوتوغرافي ألماني عالمي عزمه إقامة معرض عن جدار العزل الإسرائيلي فوق بقايا سور برلين، جدلا سياسيا وثقافيا حول احتمال تحول المعرض لبؤرة جذب للمعادين لإسرائيل من جميع أنحاء ألمانيا. 

ويرغب الفنان البرليني كاي فيدنهوفير في عرض ثلاثين صورة من مجموعته "الجدار" الحائزة جوائز دولية عدة لمدة ثلاثة أسابيع في معرض الجانب الشرقي الموجود على أطول وأشهر جزء متبق من سور برلين الشهير. 

وأجري فيدنهوفير تكبيرا لصوره ليصل ارتفاع الواحدة منها إلى2.80 متر وهو نفس ارتفاع سور برلين، وكلف وزيرة الثقافة السابقة في الحكومة المحلية لولاية برلين أدرياني جويهلر بالإشراف على معرضه المقرر افتتاحه في الربيع القادم قبل إعادة تجديد هذا الجزء الباقي من السور. 

ويعمل المصور الألماني فيدنهوفير حاليا في سوريا وسبقت له الإقامة في قطاع غزة فترة طويلة أتاحت له معايشة معاناة الشعب الفلسطيني عن قرب، وحصلت مجموعة صوره عن الجدار على جائزة التصوير الصحفي العالمية من الولايات المتحدة قبل ثلاث سنوات. 

وتفضح صور فيدنهوفير دور الجدار الإسرائيلي العازل المقام منذ عام 2002 في زيادة معاناة الفلسطينيين، وتدميره لعشرات البيوت، وتبويره للأراضي الزراعية، وتقطيعه للقرى الفلسطينية المقامة على جانبيه وعزلها عن العالم.

نقاشات حادة

وأثار كشف الفنان الألماني عن رغبته في إقامة معرض صور الجدار العازل جدلا حادا في برلين بين المتخوفين من المعرض ومؤيدي إقامته. 

وعبرت بلدية حي فريدريشهاين البرليني الشرقي التي يتبعها معرض الجانب الشرقي إداريا عن تخوفها من تحول صور الجدار الإسرائيلي المدان من محكمة العدل الدولية إلى محج للنازيين الجدد وأعداء السامية. 

ولم يتخذ موظفو البلدية قرارا نهائيا  بشأن إقامة المعرض وتدور بينهم نقاشات قوية حول ملاءمة معرض الجانب الشرقي لإقامة معرض عن الجدار العازل، وقال دانييال فيسينر عضو لجنة الثقافة بالبلدية إن أعضاء اللجنة من جميع الأحزاب السياسية أبدوا تخوفا شديدا من احتمال مقارنة المواطنين الألمان بين السور الإسرائيلي وسور برلين الذي شيده نظام جمهورية ألمانيا الشرقية السابقة. 

واعتبرت أدرياني جويهلر التي كلفها الفنان فيدنهوفير بالإشراف على معرضه أن إقامة معرض الجدار العازل فوق بقايا سور برلين فكرة جيدة وتدعو للتأمل، ورأت أن هذا المعرض يطرح سؤالا حول قدرة الألمان على رؤية الواقع والاعتراف به. 

وأشارت جويهلر إلى أن 80% من جدار العزل الإسرائيلي يقع داخل الأراضي الفلسطينية ولا يفصل إسرائيل عن الفلسطينيين إلا بنسبة 20% فقط، ولفتت إلى إقامة مؤسسة يهودية في الولايات المتحدة معرضا مشابها لمعرض فيدنهوفير. 

وأوضحت أن معرض صور الجدار العازل ستصاحبه خلال فترة إقامته ندوات وحلقات نقاشية حول الأسوار بصفة عامة وهل تمثل وسيلة للحماية أم باعثا للكراهية والعداء. 

من جانبه أيد الفنان كاني ألافي مدير معرض الجانب الشرقي إقامة معرض صور فيدنهوفير فوق الأجزاء المتبقية من سور برلين، وتمنى بقاء هذه الأجزاء بعد إعادة ترميمها مكانا يؤرخ لسور برلين ومركزا للحوار والنقاش. 

تحت السماء

ويصل طول معرض الجانب الشرقي –حيث تُنتظر إقامة معرض صور الجدار العازل- إلى 1316 مترا مما يجعله أكبر معرض مفتوح تحت السماء في العالم. 

وتأسس المعرض عام 1990 بعد توحيد الألمانيتين باستخدام 118 فنانا من 21 دولة للجهة الشرقية من سور برلين في رسم 106 لوحات تعبر عن انطباعاتهم الفنية حول التغيرات السياسية الألمانية في الفترة بين عامي 1989 و1990. 

وحمل معرض الجانب الشرقي هذا الاسم رسميا منذ عام 1991 بسبب وجوده فوق الجانب الشرقي من سور برلين وبالقرب من محطة قطارات شرق برلين الرئيسية. 

وبمرور الوقت أتلفت الأمطار معظم اللوحات المرسومة علي هذا الجزء من السور الذي تعرض أيضا للتآكل نتيجة حرص المواطنين الألمان والسائحين الزائرين على أخذ أجزاء منه كقطع تذكارية. 

وأدى هذا لاعتبار الهيئة الألمانية للحفاظ على الآثار والأنصبة التذكارية الجزء المتبقي من السور والمعرض المقام عليه، محمية أثرية.

الفنان رضا دوست يعرض الطبيعة والانسان بصورة تجريدية ذات تناسق لوني متقن 

 ضم معرض للفنان التشكيلي الايراني رضا دوست 40 لوحة عبرت عن الانسان والطبيعة وعلاقتهما ببعضهما وجسدت اعماله الفن التجريدي الذي يجرد كل ما هو محيط بنا عن واقعه باعادة صياغته برؤية فنية جديدة فيها يتجلى حس الفنان باللون والحركة والخيال.

وقال الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب بدر الرفاعي لدى افتتاحه المعرض ان " العلاقات الثقافية والفنية بين الكويت وايران شهدت خلال السنوات القليلة الماضية حركة متنامية نشطة في اطار اللقاءات المشتركة منها تنظيم معارض تشكيلية للفنانين الايرانيين المعاصرين" .

وذكر الرفاعي ان الفنان دوست اختار لمعرضه عنوانا رومانسيا هو (الحنين الى الوطن) قدم من خلاله لوحته المعاصرة التي عكست خبرته الفنية وقدرته الابتكارية .

وقال ان الفنان شق لنفسه طريقا في الحركة التشكيلية الايرانية المعاصرة التي تحمل بين طياتها تراث الثقافة الفارسية وفي الوقت ذاته تواكب الحركة التشكيلية العالمية .

واشار الى ان اللقاءات الفنية التشكيلية تتوالى لتؤكد ان للثقافة والفنون دور بارزا في التواصل والتعارف وتعزيز الروابط بين المجتمعات والشعوب .

من جانبه قال الفنان رضا دوست لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان اعماله لا تخضع ضمن تقليد معين او حدود جغرافية لكنه يرسم ليعكس المحيط الدولي المعاصر من حوله ونتيجة لذلك فانه يتمتع بحرية تامة في توليف الخامات بجميع اشكالها او باستخدام الفرشاة .

وبين انه يستخدم يديه بالدهان او القشط بالسكين او حتى الخشب لاستخدام الزيوت على اللوحة ويستخدم كذلك الفحم والغرافيت والورق ومواد اخرى لاضفاء كثافة ومعنى لسطح اللوحة .

واعتبر ان الفنان الحقيقي دائما يعود من خلال لوحاته التي يقدمها الى بيئته وماضيه العريق مبينا ان مواضيع لوحاته تعني له شيء معين وربما تعني للمشاهد شيء اخر اذ يحق للمشاهد ان يفسر هذه الاعمال بالطريقة التي يختارها .

والفنان رضا دوست مقيم حاليا في كندا وهو من مواليد منطقة اصفهان والتحق منذ طفولته بمدرسة الفن التشكيلي في اصفهان عام 1974 واختيرت رسوماته كافضل الاعمال الايرانية والامريكية في اصفهان وللفنان معارض فردية عدة اخرها كان في صالة الفنار بالكويت سنة 2005.

يذكر ان المعرض يقام ضمن مهرجان القرين الثقافي ال14 الذي بدأت فعالياته في ال25 من نوفمبر الماضي ويختتم انشطته غدا مساء الاربعاء بحفل ختامي وتكريم للمطرب مصطفى احمد بمصاحبة الفرقة الوطنية الكويتية للموسيقى بمسرح متحف الكويت الوطني.

اليهود بعيون الكاريكاتير البولندي

في مغازلة واضحة لإسرائيل قرر معهد ميسكيفيتش البولندي، احتفالا بمرور ستين عاما علي قيام الدولة العبرية، جعل عام 2008 عاما للفن الإسرائيلي البولندي. وفي هذا الإطار زارت مجموعة من الفنانين البولنديين إسرائيل، من بهدف التعاون مع فنانين إسرائيليين في دراسة الرسوم الكاريكاتورية المنشورة منذ 1917 في بولندا والتي تحوي شبهة معاداة السامية، وسيتم رد الزيارة بالمقابل من فنانين إسرائيليين يزورون بولندا في يناير القادم. زار الفنانون البولنديون عدة مواقع مثل مدينة يافا القديمة، وزاروا أيضا الجدار العازل في شرق القدس، والتقوا بممثل جماعة فوضويين ضد الجدار. ونشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية تقريرا عن الورشة وعن الندوة التي أعقبتها والتي تحدث فيها كل من الفنانين البولنديين والإسرائيليين سويا.

ثار الجدل في الندوة عدة مرات، مرة عندما تم الحديث عن قصاصة ورق هي صفحة من أسبوعية يهودية كانت تصدر في وارسو عام 1929، تحوي رسمة كاريكاتيرية تصور الصراع بين داود وجوليات، حيث جوليات مسلح يرتدي كوفية ومكتوب تحته بالييدش عربي. ويقف أمامه شخص ضئيل الجسد مكتوب تحته حالوتس أي طليعي يهودي، هنا قال واحد من الفنانين البولنديين: ¢بالأمس أرونا صورة شهيرة لطفل فلسطيني يلوح بالحجر أمام دبابة إسرائيلية. إنها في الحقيقية التناسخ الحالي لهذه الرسمة.

كما ثار جدل حول أنف اليهودي. حيث أشار شخص ما من الحضور إلي أنه في الرسوم الكاريكاتيرية التي رسمها اليهود في تلك الفترة كان لليهود أنف طويل جدا. رد عليه الفنان البولندي شتسني: حسنا. عليكم تذكر أنهم كانوا يحييون وقتها في الجيتو.¢ مما دفع الآخر لأن يرد بعصبية: هل تزعم أن كل من كان يحيا في الجيتو كان له أنف كبير؟ ورد شتسني: لا. أقصد أن الجيتو هو مجتمع مغلق، مجتمع لا يدخله في الغالب أناس من الخارج.

كما أخرج الفنان الإسرائيلي أميتي ساندي قصاصة ورق عليها رسم كاريكاتيري ينتمي ل 1917 وقال :  انظروا. إنه شيوعي يضرب يهوديا. ويظهر في الرسمة رجل عجوز يلبس كاسكيت يضرب شخصا علي هيئة كرة أرضية، والمقصود هو أن اليهود يدمرون الكرة الأرضية. 

معرض ودليل لمجلدات إسلامية ومخطوطات قرآنية في لندن 

تتأهب مؤسسة بيرنارد كواريتش البريطانية في لندن لإقامة معرض واصدار دليل موسع لمحتوياتها من مجلدات المخطوطات الاسلامية، والمخطوطات القرآنية الصغيرة التي خطت على الجلود (الرق).

وقالت الدكتورة ميس شاكر القيسي الاختصاصية في النصوص والمخطوطات الاسلامية، ان الدليل سيصدر بداية العام المقبل، وسيكون مزودا بنسخة منفصلة من اسعار المخطوطات للراغبين في اقتنائها.

واضافت الدكتورة ميس، التي تشرف على قسم المخطوطات الاسلامية في المؤسسة منذ الصيف الماضي، انها بصدد إعداد معرض في مبنى المؤسسة في شهر ابريل (نيسان) من العام المقبل لعرض أروع المخطوطات الاسلامية، اضافة الى عروض لصور من الشرق الاوسط. وتضم المؤسسة عددا من الاقسام الاختصاصية هي: السفر، الفن والآثار، التصوير، العلوم، علوم الانسان، الأدب الانجليزي، الأدب الاجنبي، المخطوطات والكتب الاوروبية الاولى، المخطوطات والاسلاميات.

وتشتهر مؤسسة بيرنارد كواريتش باقتنائها للتحف والمخطوطات النادرة، وهي تحمل اسم مؤسسها الذي اصدر اول دليل لها عام 1847. وقد اصدرت على مدى 160 عاما نحو 1400 دليل في مختلف الاختصاصات، وقد حصلت على جائزة افضل دليل في الكتب النادرة لعام 2007.

وتعاملت المؤسسة مع عدد من كبار المشاهير في العالم منهم شقيق الامبراطور الفرنسي نابليون، وجي بي مورغان مؤسس مكتبة مورغان في نيويورك. وهي تتعامل مع عدد كبير من المتاحف والمكتبات والمزادات حول العالم، كما تقدم مشورتها في هذا الميدان للجمعيات والأفراد. 

 معرض "حروف لا تحترق" للفنان العراقى قيس السندي

 اقام الفنان التشكيلى العراقى الكبير قيس السندى معرضا لاعماله بعنوان "حروف لا تحترق" فى العاصمة الاردنية عمان يصور فيه سقوط الحضارة ودمار المكتبات فى العراق بعد الغزو الذى قادته الولايات المتحدة عام 2003.

وتمزج ابداعات السندى بين أشكال مختلفة من فن الفيديو والتكوينات الفنية واللوحات المرسومة. ويربط السندى فى اعماله بين حرق الكتب خلال عمليات النهب فى بغداد بعد الغزو عام 2003 وبين دخول جيوش هولاكو قائد المغول لتلقى بالكتب فى نهر دجلة حتى اسودت مياه النهر عام 1258.

وقال السنديأن الفكرة ظهرت بعد تداعيات الحرب الاخيرة فى عام 2003 عندما وجد أن جميع مكتبات العراق او اغلب مكتبات العراق قد حرقت عن بكرة أبيها. لم يبق هنالك الا حرق وحرق. لم تبق هنالك كتب. كانت هناك عملية فوضى منظمة من أجل حرق هذه الكتب والمكتبات حصرا. فبدأت الفكرة تتبادر الى مخيلتي. كيف استطيع ان اعمل عملا فنيا ليصور هذه المأساة".

ويعيش السندى ويعمل بين الاردن والعراق. وحصل على درجة البكالوريوس فى الفنون الجميلة من جامعة بغداد ثم واصل دراسته للحصول على درجة الماجستير من نفس الجامعة. وعندما عاد الى الجامعة بعد عام 2003 وجد مكتبتها قد نهبت واحرقت معظم كتبها.

ورغم الخسارة الكبيرة الناجمة عن حرق تلك الكتب يرى السندى انه يجب على العراقيين الان العمل من اجل إعادة بناء حضارتهم.

* النهوض من جديد

وقال الفنان العراقي: ".. هنالك استعداد آخر لكتابة. هنالك استعداد للنهوض من جديد. لا يجب ان نبقى نبكى على الاطلال ونقول حدث هذا. يجب ان نبدأ من جديد دائما. يجب ان نبدأ ببناء حضارة جديدة".

وذكر الناقد الفنى محمد العامرى الذى شاهد اعمال السندى الفنية فى المعرض ان الفنان استطاع رصد الاحداث والامساك بالخيط الذى يربط بين عامى 2003 و1258.

وقال العامري: "المعرض يحمل قوة تعبيرية هائلة كما لو انه اقتطع جزء مما حصل فى بغداد. بدءا بما فعله هولاكو حين ألقى بالكتب جميعها فى نهرى دجلة والفرات وتحولت هذه المياه الى احبار لمدة اكثر من اربعين يوما. ربط ما فعله هولاكو بما فعله الامريكان فى عام 2003 حيث انتجوا هولاكو جديدا.. هولاكو العصر الجديد".

وشارك السندى فى عدد من المعارض الفنية فى انحاء العالم وألقى محاضرات فى جامعات مختلفة عن الفن العراقى الحديث.

* "سمعة" البترول تتغلب على الثقافة

وقال السندى مخاطبا أحد الزائرين للمعرض: "جميع الافكار الموجودة فى المعرض تنتمى إلى فن الفيديو "انستوليشن" او هذا تكوين "ستراكتشر" أو اللوحات كلها تشتغل على نفس القضية... لقد تم إحراق الكتب ورميها فى نهر دجلة فأصبح لون المياه ازرقا.. اليوم أصبحت للبترول سمعة غلبت الثقافة.

تجربة إبداعية جديدة تجمع تقنيات الرسم والمنجز الشعري الثري  

  أعلن القائمون على المعرض المشترك، الذي استضافته العاصمة الأردنية مؤخراً، للشاعر السوري أدونيس والفنان العراقي حيدر أنهم سيجوبون العالم العربي ودول الاتحاد الأوروبي بتجربتهم التي تعتبر الأولى في عمان.

وقدم كلٌّ من الشاعر والفنان في المعرض الذي احتضنته مؤسسة خالد شومان ـ دارة الفنون، ونظم بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي في عمّان، ثلاثين عملاً، أُنجز معظمها خلال هذه السنة 2007، وبعضها خلال سنتي 2005 و2006.أغلب قطع كولاجات أدونيس بمساحة 32 x 41 سم، وهو يستخدم فيها مواد مختلفة من القماش والورق والألياف والحصى. أما حيدر العراقي فتوزعت أعماله على مساحات مختلفة، استخدم فيها الأكريليك والزيت والإسمنت والرمل، كما اُدخل فيها القطع المعدنية كالكولاج. وتقدم هذه التجربة المشتركة مزيجاً من التشكيلات بالكولاج التي تستدعي كل ما تختزنه المخيلة الفردية والجمعية في ضفتي المتوسط وضفاف ما بين النهرين. ويقترح أدونيس هنا إبداعاً جديداً في التشكيل، بموازاة منجزه الشعري الثري، حيث يفتح باباً واسعاً يفضي إلى جماليات المكان الذي غادره منذ عقدين ونيف من دون أن يتركه فعلاً، فهو لا يزال على حاله؛ دائم التنقل بين دمشق وبيروت، وباريس حيث يقيم.  

ويحاكي كولاج أدونيس، من خلال القصائد التي كتبت بخط اليد من وحي الشعر العربي الكلاسيكي، تقنيات متعددة مثل القماش والليف وقطع الورق، فيما يخلط حيدر في أعماله مواد تنطوي على فسحة من ألوان مشعة.  

ويقترح أدونيس في أعماله إبداعاً جديداً في التشكيل بموازاة منجزه الشعري الثري والمتجدد، مانحاً لوحاته مساحات بصرية يستثمر فيها قصائد كُتبت بخط اليد تستحضر إبداع الشعر العربي الكلاسيكي ورموزه من مختلف الأزمنة والحضارات: المعري وأبو تمام ووضاح اليمن وهم الشعراء الذين يربطهم التمرد والرفض والنظر إلى العالم بعين ثالثة. يتبع الاتجاه الجرافيكي للخط نموذجاً فضائياً تنتظم فيه الاتجاهات لتشير إلى اللغات كلها.  

وسواء كانت هذه الكتابة مقروءة أو مستعصية على القراءة، فهي تؤشر على رغبة أدونيس بالتحرر من قواعد اللغة ليجد لغته الحسية في التشكيل. كولاج أدونيس ضَرْبٌ من ضروب النحت البارز بما يخلق فضاءً متضاداً ومتعاكساً مع الكتابة الملساء الصقيلة، وهما تتكاملان معاً رغم تناقضهما.  

أما الفنان حيدر فيتعامل مع المادة واللون بحساسية، خالقاً مساحات شبيهة بالأبواب والنوافذ تحمل دلالات متعددة تشير غالباً إلى الكآبة والخوف رغم ألوانها المشعة (خصوصاً حين تكون موصدة). في محيط هذه الأبواب والنوافذ تدور حكاية الإنسان وتاريخه. وهو يحاول في أعماله إيجاد علاقة جديدة بين الشكل الهندسي للّوحة ومضمونها.  

وكان أدونيس قد ولد سنة 1930 في قرية قصابين ـ محافظة اللاذقية، سوريا، وعاش في بيروت بين 1956 و1986، ويعيش حالياً في باريس ويمضي أوقاتاً كثيرة متنقلاً بين باريس وبيروت ودمشق.  

له مجموعات شعرية كثيرة ترجم معظمها إلى الفرنسية والإيطالية والإسبانية والألمانية والسويدية، وله أيضاً كتب في النظرية الشعرية العربية، وقد تُرجمت أيضاً إلى اللغات الأجنبية. مارس التعليم في عدد من الجامعات الأوروبية كان آخرها في مدينة جنيف.  

أما حيدر فقد ولد سنة 1954 في مدينة الشطرة بالقرب من أور عاصمة بلاد الرافدين بغداد، وأقام معرضه الشخصي الأول في بغداد سنة 1973، وشارك في عدد من المعارض الجماعية بين سنتي 1973 و1976، غادر العراق، وأقام في فرنسا سنة 1976، درس التقنية والرسم المعماري في مدينة تور سنة 1984، ودرس التقنيات الحديثة للفنون الرقمية في المدرسة الأوروبية للصور في بواتييه سنة 1999.  

له مساهمات في التجمعات والمبادرات الفنية في أوروبا وفي فرنسا بشكل خاص. أسس مشاغل للرسم والصور الرقمية والفيديو في مؤسسات خاصة في فرنسا، ويعمل مدرساً فيها. أقام زهاء 70 معرضاً شخصياً وجماعياً في فرنسا، وبلجيكا، وسويسرا، وألمانيا، وغيرها، وتتوزع مقتنيات من أعماله في مجاميع خاصة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.  

إبراهيم عبدالملاك يبدع على خلفية من ذهب

  افتتح أخيراً في العاصمة المصرية القاهرة، معرض «الكون امرأة» للفنان التشكيلي إبراهيم عبدالملاك، الذي ضم حوالي أكثر من 40 عملاً تصويريًا و30 عملاً نحتيًا، تطغى عليها روح المرأة ووجوهها.  

وحول الاختلاف بين المعرض الحالي للفنان ومعارضه السابقة يقول: «إن هذا المعرض يزداد اقتراباً من التراث، بالإضافة إلى ما يتضمنه المعرض من أعمال نحت». وحول سر اختياره «سنوات من الحب» عنواناً رئيسياً لكل معارضه يقول: «إن هذه العناوين تأتي للتأكيد على العلاقة بين الحب والإبداع»، أما عن سر ولعه بالمرأة كعنصر إلهام لأعماله فيقول: «إن المرأة هي سر الحياة للكون بأكمله، ولا يمكن أن نتخيل الحياة من دون امرأة، فمثلاً لو تخيلنا فترة الخمسينات من دون الرائعة ليلى مراد والمبدعة شادية، أو خمسين عاماً تمر دون أم كلثوم، أو بداية القرن والتنوير من دون وجود لهدى شعراوي. والبعد الروحي للقديسات والطاهرات في الوجدان الإنساني، فهذه الأشياء تعتبر الكون في وجهة نظري امرأة، فمن منكم لا يحب والدته، من لا يود أخته، من لا يصون زوجته، وفي النهاية هي رمز وطني يضمنا فلذلك «الكون امرأة».  

وحول تجربته الإبداعية في التصوير يقول: «قمت بتجربة وضع اللوحة على خلفية ذهبية، فتاريخنا مليء بالتراث الذهبي كلون وكمعنى، مثل الشمس وخطوطها الذهبية، وكذلك كمجموعة توت عنخ آمون، وأيضًا أغلفة المصاحف الرائعة المذهبة». ويؤكد عبد الملاك في الوقت ذاته أن عشقه للحرية ومخزونه من الصور الأصيلة هي التي ساعدته على أن يستمر في العملية الإبداعية على هذا النحو، وحول رؤيته للحركة الفنية بوجه عام يقول: «إنه على الرغم من زيارته أغلب دول العالم، وتعرفه على فنانين من كافة الجنسيات والاتجاهات إلا أنه يثق في قدرات الفنانين المصريين الشبان، ويتوقع لعدد منهم أن يصل إلى مستوى العالمية».  

بطاقة  

تخرج إبراهيم عبدالملاك حاصل على دراسات عليا بكلية الفنون الجميلة القاهرة عام 1974 بتقدير «امتياز»، كما حصل على دراسات عليا بأكاديمية الفنون الإيطالية في روما 76 /1977، وشغل منصب وكيل لنقابة الفنانين التشكيليين، وعبد الملاك صحافي وناقد في مجلتي صباح الخير و روزاليوسف، وهو عضو في نقابة الصحافيين، وحاصل على الميدالية الذهبية من قاعات فرانكلين منت لأعلى مبيع منتج فني بالولايات المتحدة الأميركية 1986/ 1987 عن تصميم مجوهرات فرعونية وإسلامية.  

نشرت أعماله وكتاباته في العديد من المجلات العربية والعالمية، كما تعرض إبداعاته بانتظام في قاعات غاليري فرانكلين منت بالولايات المتحدة الأميركية، وله مقتنيات في متحف الفن الحديث والهيئات والمؤسسات الرسمية ولدى بعض الأفراد في مصر والوطن العربي والعالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7 كانون الثاني/2008 - 27/ذو الحجة/1428