2008 حبلى بالمفاجآت فى مصر

سيد يوسف

 ما يشهده المجتمع المصرى الآن من حراك  سواء من غير النخبة أو بعض النخب( عمال ومدرسين وأطباء وقضاة وأساتذة جامعات وطلاب...) هو نتاج السياسة الفاشلة التى انتهجها مبارك قديما ونجله حديثا حتى بتنا نشهد للبلاد رئيسين ونظامين : نظام قديم يتدخل بحكم خبرته بالناس - إذ بدأ معظمهم حياته من الطبقة المتوسطة حتى انتقل منها إلى شلة النظام- وذلك حين تشتد الأمور.

 وقد شهدنا ذلك فى مثالين صارخين أولهما فى المرحلة الثالثة فى انتخابات 2005 حين اشتد التزوير والبطش والاعتقالات، والثانى منهما قريبا حين تدخل مبارك الأب لإلغاء اللغط حول مسألة الدعم النقدى وهو ما جاء على غير هوى النظام الجديد وهو من يمثله زوجة مبارك تحديدا ومعها نجل مبارك ويتصرف هذا النظام الجديد بعقد أراده مكتوبا عبر حزمة تعديلات دستورية لا تهدف سوى لبسط الهيمنة الأمنية وقبضتها على المصريين عبر قانون الإرهاب المزمع مناقشته قريبا، وعبر إلغاء الإشراف القضائى المباشر على الانتخابات، وعبر غير ذلك من تعديلات مشوهة ومشبوهة.

هاقد وجدنا نظامين يتصارعان تصارعا ناعما: نظاما قديما يفهم قليلا فى سياسة ترويض الشعب لكنه فاشل اقتصاديا، ونظاما جديدا يفهم قليلا فى الاقتصاد لكنه يجهل فقه السياسة لا سيما سياسة ترويض الفقراء!!

ولذا كان ما شهده المصريون من اعتصامات وإضرابات وشكوى من ضيق الحال امتد للجميع بسبب غلاء الأسعار وخنق الحريات والسبب الأهم – عندى-  أن الناس لم يعد لديها أمل فى تحسن الأحوال فقد فقدوا الثقة تماما فى النظام وأصبحوا على قناعة بكذبه وتزويره للأرقام والوعود التى يذكرونها فى صحف باتت هى الأخرى فاقدة للمصداقية فهرب منها الناس إلى بعض الصحف المستقلة ومواقع الانترنت.

وبناء عليه فكثير من المحللين يتنبأون وفق مقدمات السنوات الماضية بأن عام 2008 يحمل معه غموضا يكتنف مستقبل مصر لا سيما وأن النظام فى مصر قد بلغ من الضعف أن انتزعت منه الاعتصامات بعض حقوق العمال والموظفين كما حدث مع عمال المحلة ومدرسى الأزهر وموظفى الضرائب العقارية مما خلق نوعا من الثقافة المرجو سيادتها وأقصد بها ثقافة لى الذراع.

ويتوقع كثير من المراقبين استمرار تلك الاحتجاجات للمطالبة ببعض حقوقها ولقد ذكر كاتب هذه السطور من قبل أن نظام الحكم فى مصر أرسى أن سياسة لى ذراع النظام ناجعة لمن يملكون خمس مفردات على الأقل: الصبر وطول النفس، عدم الانضغاط لتهديد أمن الدولة، الثبات لأطول فترة ممكنة فالنظام لا يمكنه الثبات لعدة أسابيع أمام إضرابات ما، عقلانية المطالب وإمكانيتها ومشروعيتها،  جماهيرية ( زيادة أعداد) المعتصمين...وهو ما يرشح وبقوة زيادة عدد الاعتصامات والاضرابات فى ظل ازدواجية نظام الحكم عندنا بين ساسة فاشلين اقتصاديا وبين اقتصاديين فاشلين سياسيا...وفى ظل إفاقة المصريين وإدراكهم أن النظام لن يلبى مطالب الحياة المعيشية للمواطنين إلا بالضغط.

ولو أن القوم كفوا عن الفساد ورعايته، وأسندوا الأمر لأهل الكفاءة لكان خيرا لمصر وأقوم ولكنه الغباء...نعم هو الغباء الذى جعل بعضهم لا يدركون كم الغضب الذى عليه الناس لا سيما بسبب غلاء الأسعار وهو ما حدا ببعض المتفائلين أن قالوا ربما كان عام 2008 هو عام ذهاب ذلك النظام بلا رجعة...وربما أفرط بعضهم فى التشاؤم متنبئا بزيادة الكوارث وشدة البطش الأمنى واستمرار تلك السياسة الضبابية التى ينتهجها نظام غريب لا تعرف من يحكم فيه.

وإذا أردنا إيجاز بعض مفاجآت 2008 كما ذكرت فى عدة تحليلات فهى لا تخرج عن ما يلى

·  ضبابية المستقبل وغموضه فيما يتعلق باستقرار النظام.

· استمرار العنف الأمنى والاعتقالات.

  زيادة الاعتصامات والاضرابات والتى – قد- تتحول لثورة لا تحمد عقباها(ومقدمات ذلك مستبعدة).

·انتهاج سياسة لى الذراع ونجاحها( والقضاة وأساتذة الجامعات والمدرسون الذين ينتظرون تطبيق المرحلة الثانية من الكادر الخاص بهم على موعد مع تلك الاعتصامات).

وهى مفاجآت لا تخرج عما هو متوقع وإن كانت دوافع الإحباط والتشاؤم ههنا متزايدة...فهل يفيق النظام قبل فوات الآون أم أن الغفلة تكتنفه والجهل يحاصره والغباء سيد الموقف؟!!

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 5 كانون الثاني/2008 - 25/ذو الحجة/1428