هل بات العالم على حافة التعايش مع إيران

بعد التقرير الإستخباراتي الأميركي الجديد  النووية؟!

د. أحلام فؤاد السـيد

 مع عودة الدفء الى العلاقات بين إيران من جهة وكل من مصر والسعودية من جهة أخرى، ومع حضور الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في اجتماع مجلس التعاون الخليجي الأخير، وبعد التحسن الهش للوضع الأمني في العراق، والتراجع الأمني في افغانستان، والإنسداد الرئاسي غير الخطير في لبنان، وبعد النجاح في عقد مؤتمر أنابوليس بحضور 52 دولة، ومنظمة دولية، منها 16 دولة عربية، وقبل الجولة التمهيدية للإنتخابات الأميركية، وبعيد تسريب خبر إستعداد الديمقراطيين للتفاوض مع إيران دون شروط مسبقة إذا كُتِبَ لهم دخول البيت الأبيض، جاء التقرير الإستخباراتي الأميركي الجديد في الثالث من ديسمبر الجاري لـ (16) وكالة إستخباراتية على رأسها الـ (  CIA) ليتحدث عن ماضي وحاضر ومستقبل المشروع النووي الإيراني بتقديرات وتخمينات مشروطة متأرجحة بين الثبوت والإثبات، وذلك:

لتجرد إيران ومبكراً مما يـُسمى بالغموض النووي البنـَّاء من ناحية، وتوحي من ناحية ثانية بإستعباد الضربة العسكرية الرمزية الخاطفة على المدى القصير، وتثبت من ناحية  ثالثة إستقلالية الوكالات الإستخباراتية الأميركية، وتستعيد من ناحية رابعة مصداقيتها لدى الرأي العام الأميركي والعالمي والتي تزعزعت الى حد كبير بعد فشل العثور على أسلحة الدمار الشامل في العراق.

 وليس هذا فحسب بل التقرير الإستخباراتي يهدف أيضاً المقاربة النسبية لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومواقف وتوجهات الكبار (5+1) فالصغار لتعبئة اكبر عدد من الدول في القرار الدولي الثالث المتعثر، والذي يرمي محاصرة إيران أكثر وإستنزافها، مع سحب ذرائع التخصيب منها كالموافقة الأخيرة على تسليم روسيا للدفعة الأولى من الوقود النووي المطلوب لمحطة بوشهر، لأن التقرير بقوالبه المعقدة في مفهومه يؤكد ان المشروع كان سرياً وتسليحياً لفترة غير قصيرة، ولم يتوقف الجزء التسليحي منه إلا في أواخر عهد الرئيس السابق السيد محمد خاتمي، وبعد إسقاط نظام طالبان في كابول، وعشية الإستعداد لإسقاط نظام صدام في بغداد، وما كان ليستمر ذلك التوقف لولا القرارين الدوليين لمجلس الأمن ليخلص الى ان الإلتزام بهما يجب ان يستمر، وأن يُتبع بثالث ورابع لتبقى في المستقبل جميع الخيارات مفتوحة، وذلك خلافاً لإيران التي تقول أن التجميد كان لبناء الثقة، وبناء الثقة طريق ذو اتجاهين، وطرح الشروط والشروط المسبقه أمر غير منطقي.

وعليه فإيران أمام تحديات مستقبلية داخلية خارجية أكثر خطورة من الضربة العسكرية الرمزية الخاطفة ولابد لها من سحب الذرائع والتصرف ببراغماتية مبدئية أكبر لتحويل التحديات الجديدة الى فرصة دبلوماسية حاسمة مباشرة تضمن الأمن والسلام والحرية والرفاه لإيران وجيرانها والمنطقة والعالم، وتهيأ مستلزمات قبول العالم للتعايش مع إيران النووية مدنياً كاليابان وألمانيا والبرازيل وغيرها.

* معهد الإمام الشيرازي الدولي للدراسات- واشنطن

www.siironline.org

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 2 كانون الثاني/2008 - 22/ذو الحجة/1428