
شبكة النبأ: يلف الغموض حادث اغتيال
رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو خصوصا بعد تناقض التقارير الواردة
من مختلف الاطراف وظهور صور تكشف عن قتلها بالرصاص مع نفي حكومة مشرف
لذلك مما يثير تساؤلات كثيرة تؤدي الى ضياع ملف اغتيالها في غياهب
التاريخ.
فقد أكدت مصادر مطلعة أن الحكومة الباكستانية منعت تقريراً طبياً
يكشف الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وفاة رئيسة الوزراء السابقة بينظير
بوتو، التي قضت الخميس مع عشرات من أنصارها، في هجوم انتحاري قرب
العاصمة إسلام أباد. بحسب الـ (CNN).
وقال المصدر وهو محام عضو بمجلس إدارة مستشفى "روالبندي" العام،
والذي لفظت فيه بوتو أنفاسها الأخيرة بعد تعرضها للهجوم الانتحاري، إن
السلطات حظرت على الأطباء تقديم أية معلومات حول أسباب وفاة زعيمة
المعارضة الراحلة، والتي تثير جدلاً متزايداً بين الحكومة وأنصارها.
وأعلنت الحكومة الباكستانية في وقت سابق الجمعة، وعلى لسان المتحدث
باسم وزارة الداخلية، جاويد إقبال شيما، أن بوتو قضت بتحطم جمجمتها إثر
اصطدام رأسها بسقف سياراتها، وهى تحاول الاحتماء داخلها عند وقوع
الانفجار.
إلا أن العديد من مشاهد الفيديو أظهرت مهاجماً وهو يطلق الرصاص على
زعيمة حزب "الشعب" المعارض، قبل الانفجار، كما ناقضت مساعدة بارزة
لرئيسة الوزراء الراحلة تلك الرواية الحكومية، مشددة على أن بوتو أصيبت
بطلق ناري في الرأس.
ووصفت السكرتيرة الصحفية لحزب الشعب الباكستاني، شيري رحمن، مزاعم
الحكومة بأن بوتو قضت بتحطم جمجمتها إثر اصطدام رأسها بسقف سياراتها،
بأنه "الأكثر غرابة، وهراء خطير"، مضيفة قولها: "من الواضح أنهم يريدون
التملص من كافة المسؤوليات".
وأظهر شريط فيديو جديد بُث الأحد، تهاوي بوتو، التي ظهر نصفها
العلوي من سقف سيارتها لتحية حشود أنصارها، بعد دوي طلقات نارية تبعها
انفجار، مما قد يدعم مزاعم أنصارها بأنها قضت بأعيرة نارية، على نقيض
مزاعم حكومة إسلام أباد.
وكان فيديو سابق قد أظهر شخصاً يشهر مسدساً ويطلق ثلاثة أعيرة نارية
بإتجاه بوتو، فيما صرح الطبيب الذي فحص جثمانها فور الاغتيال أنها قضت
بطلق ناري.
وقدمت حكومة إسلام أباد بإفادات متضاربة: منها مصرعها بشظايا من
الانفجار، وأخرى بتحطم في جمجمة جراء اصطدام رأسها بشدة بسقف السيارة
بفعل قوة التفجير الانتحاري، رغم سلامة كافة الركاب المرافقين لها.
كما تناقضت تصريحات شيما مع ما نقلته وكالة الأنباء الباكستانية
الرسمية عن الوزارة في وقت سابق، بأن شظية من انفجار قنبلة أودت بحياة
بوتو، إلى جانب أكثر من 20 آخرين، فضلاً عن إصابة 100 على الأقل بجراح.
وأعلنت وزارة الداخلية الباكستانية في وقت سابق أيضاً، أن رصاصة
أصابت بوتو في عنقها أدت إلى وفاتها، مشيرة إلى الزعيم القبلي في مناطق
جنوبي البلاد والمرتبط بتنظيم القاعدة، بيت الله محسود، كمشتبه رئيسي
في اغتيال بوتو.
إلا أن الملا محمد عمر المتحدث باسم محسود نفى، في تصريحات نقلتها
وكالة أسوشيتد برس، مزاعم إسلام أباد بتورط الأخير في اغتيال بوتو،
واصفاً إياها بـ"الدعاية الحكومية."
كما أعلنت الحكومة الباكستانية السبت رفضها لمشاركة أي أطراف خارجية
في التحقيقات الجارية حول اغتيال رئيسة الوزراء السابقة، معربة في
الوقت نفسه عن استعدادها لتشريح جثة زعيمة المعارضة الباكستانية، في
حالة إذا ما طلب حزب "الشعب" ذلك.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية الباكستانية: "هذه ليست قضية تتعلق
بجريمة عادية"، مضيفاً إنها "قضية تتعلق بجريمة إرهابية"، مضيفاً قوله
إن خيوط الجريمة توجد في منطقة "وزيرستان" الواقعة جنوبي باكستان، قرب
الحدود مع أفغانستان، والتي ينشط بها مسلحون موالون لحركة "طالبان"
الأفغانية وتنظيم "القاعدة"، في إشارة إلى تورطهما في اغتيال بوتو.
من جهته أوضح الناطق باسم مقر الحكومة البريطانية أن براون ومشرف
اتفقا على النظر في "دعم دولي محتمل للتحقيق الباكستاني حول الوفاة
المأساوية لبنظير بوتو."
كما نفت الخارجية الأمريكية الاثنين تجاهل المخاطر الأمنية التي
أحاطت بعودة رئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة بنظير بوتو ودحض الناطق
باسم الوزارة، توم كيسي، التقارير التي نشرتها "واشنطن بوست" وصحف أخرى
عن رفض الخارجية مناشدات بوتو العاجلة بتوفير تدابير أمنية أفضل. وقال
كيسي إن الولايات المتحدة أبدت مخاوفها المتعلقة بأمن بوتو قبل وعقب
عودتها من المنفى في أكتوبر/تشرين الأول.
وكان صحفي "واشنطن بوست"، روبرت نوفاك، قد اتهم في مقالة الخارجية
بتجاهل مناشدات بوتو قائلاً: "اغتيال بنظير بوتو أعقب شهرين من نداءات
ممثليها العاجلة إلى الخارجية بتوفير حماية أفضل.. إلا أن الرد
الأمريكي كان، بأنه لا أساس لمخاوفها، وأعربوا عن تأكيدهم بأن الرئيس
الباكستاني برويز مشرف لن يدع مكروهاً يصيبها"، على حد زعمه.
ونفى الناطق باسم الخارجية تلك المزاعم قائلاً: "ناقشنا تلك
المخاوف بانتظام مع بوتو والمسؤولين في الحزب، كما مع الرئيس مشرف
وحكومته.. نحن نأخذ تلك المخاوف على محمل الجد."
تحقيق دولي قد يبقى حبرا على ورق
يرى المحللون ان دعوة حزب رئيسة الوزراء الباكستانية سابقا بنازير
بوتو الامم المتحدة الى التحقيق في اغتيال زعيمة المعارضة قد يبقى حبرا
على ورق حيث ان الدول الغربية تتلكأ في التخلص من برويز مشرف حليف
الولايات المتحدة الاساسي في "حربها على الارهاب".
وتعاظم الجدل في باكستان حول ظروف مقتل بنازير بوتو في اعتداء اودى
الخميس بحياة عشرين شخصا اخر بين السلطات وانصار زعيمة المعارضة
الباكستانية. بحسب الـ فرانس برس.
اما قيادات حزب بوتو فانهم يتهمون بدون توريط الرئيس برويز مشرف
مباشرة مقربين منه بانهم "قتلوا" زعيمتهم واذا لم يفعلوا فانهم على
الاقل اهملوا التدابير الامنية او دبروا اغتيالها في حين لم يتردد
انصارها في الشوارع في وصف رئيس الدولة بانه "مجرم".
لكن حسن عسكري العميد السابق في كلية العلوم السياسية في جامعة
لاهور اشار الى ان تشكيل لجنة دولية يقتضي قرارا من مجلس الامن الدولي
حيث بامكان الولايات المتحدة ان تستخدم حقها في النقض.
واكد انه فيما يخص رئيس الورزاء اللبناني السابق "كانت الدول
الغربية الكبيرة تريد تحقيقا لاحراج سوريا لكن الولايات المتحدة لن
تحرج مشرف".
الا ان المحلل شفقت محمود اعتبر ان "اغتيال بوتو يكتسي بعدا عالميا
وليس هناك مبررا لعدم تدخل الامم المتحدة فيه" مذكرا بان بوتو كانت
تعتبر موالية للغرب وعدوة الاسلاميين الباكستانيين اللدودة.
واعرب محمود عن اسفه لانه رغم ذلك قد تطغى الحسابات "السياسية" على
"العدالة" لان مشرف ما زال "يحظى بدعم" الغربيين.
وترى الولايات المتحدة التي فقدت مع اغتيال بوتو ورقة هامة في
باكستان خياراتها تتقلص في باكستان حيث ستضطر الى مواصلة المراهنة على
الرئيس مشرف.
وجعلت الولايات المتحدة منذ اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر
2001 الدولة الباكستانية حليفتها الاساسية في مكافحة طالبان والقاعدة
وترى انهما استعادا قواهما في المناطق القبلية الباكستانية الحدودية مع
افغانستان.
وتعرضت باكستان خلال 2007 تقريبا الى معدل اعتداء انتحاري اسبوعيا
ما اسفر عن سقوط 800 قتيل في عمليات نسبت او تبناها التيار الاسلامي
المتطرف. واعلن الرئيس مشرف في منتصف الشهر الجاري عندما قرر رفع حالة
الطوارئ ان تمرد المتطرفين الاسلاميين "بات تحت السيطرة" لا سيما بفضل
دور اجهزة الاستخبارات النافذة.
واوضح مسؤول كبير رفض كشف هويته ان "الحكومة قد توافق على مساعدة
تقنية لكنها لن تقبل بتحقيق دولي قد يشكل دليلا على عدم الثقة في اجهزة
استخباراتها".
وخلص الى القول "ليس هناك سابقة في باكستان" في هذا المجال. |