تنظيم القاعدة وهم مختلق لصناعة الحروب الأمريكية

إعداد:علي الطالقاني*

شبكة النبأ: على خلفية علاقات المساندة والتآزر بين مراكز الدراسات الأمريكية والإعلام الأمريكي ومن ورائه الإعلام العربي، تتكشف حقيقة القاعدة التي يتم استخدامها عن قصد وبتخطيط إعلامي دقيق، من أجل صناعة العقول وذلك عن طريق البدء بـ"قصف العقول" بأخبار ومعلومات الخوف من القاعدة، ثم المباشرة بعد ذلك في قصف الشعوب. ويظهر من خلال القدرة على صناعة الخوف والتحكم بحركة الاحداث في العراق والباكستان نموذجا.

وتعكس التطورات الامنية الاخيرة في العراق القدرة على التحكم بوهم القاعدة وحركة الحرب الامريكية، فقد قدم الجنرال ديفيد بيتريوس، قائد القوات الأمريكية في العراق تقييما ايجابيا حذرا بصدد التقدم في العراق في العام 2007، مشيرا إلى انخفاض العنف في النصف الأخير من العام إلا انه حذر من أن تنظيم القاعدة في العراق يظل التهديد الأكبر..

كما قال"بتريوس" إن  عدد الهجمات أسبوعيا في العراق ـ من قبيل قنابل الطريق، وقذائف الهاون، ونيران القنص ـ قد انخفض إلى حوالي 60% منذ حزيران يونيو الماضي فيما تراجع عدد القتلى من المدنيين العراقيين في كانون أول ديسمبر الحالى ليصل إلى 600 قتيل مقابل ثلاثة ألاف قتيل في نفس الشهر من العام الماضي.

وأضاف ، وفقا للصحيفة ، أن هذا النجاح سيظهر بنحو بطيء ومتقطع، مع تراجعات وتقدم، وستمضي الأيام السيئة شيئا فشيئا فاسحة المجال لأيام جيدة ومن المحتمل أن نشهد قتلا شنيعا.

وعلقت الصحيفة قائلة ان " الانخفاض في مستويات العنف يعزى عموما إلى ثلاثة عوامل ظهرت في عام 2007، تمثلت بزيادة 30.000 جندي على القوات الأمريكية العاملة في العراق، وبروز عشرات الآلاف من المقاتلين السنة الذين انضموا إلى القوات الأمريكية في مقاتلة القاعدة في العراق، وقرار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في إيقاف إطلاق النار لستة شهور.

كما أشار بيتريوس أيضا إلى انخفاض أعداد المقاتلين القادمين من سوريا والسعودية، والانخفاض الذي شهدته الشهور الأخيرة في استخدام أسلحة يُعتقد أنها تصنع في إيران.

وقالت الصحيفة  من جهتها أشارت وزارة الداخلية العراقية في موجز صحفي منفصل، إلى بروز الجماعات السنية، التي تعرف باسم الصحوة، بوصفها سببا رئيسيا للتحسن الأمني الذي شهده العام 2007، الأمر الذي يعد دعما نادرا من جانب الحكومة التي يقودها شيعة، التي نأت بنفسها، وأحيانا عارضت عمل جماعات الصحوة.

أما اللواء ايدن خالد قادر، وكيل وزارة الداخلية للشؤون الأمنية، قال لصحيفة واشنطن بوست الامريكية ان " هناك خططا لضم 12.641 عنصرا من تلك الجماعات إلى قوات الشرطة في بغداد في نهاية نيسان ابريل المقبل.

وذكرت الصحيفة أن الحكومة العراقية كانت بطيئة في ذلك الإجراء بسبب خشيتها من أن يكون الكثير من عناصر تلك الجماعات متمردين سابقين يحملون مواقف طائفية معادية للشيعة."

وقال بيتريوس، حسب الصحيفة، مشيرا إلى تنظيم القاعدة، إننا ندعوهم أحيانا الذئب المتربص خلف الباب (أي الخطر الداهم) فهذا التنظيم هو العدو الأكبر الذي يواجه العراق تحديدا لأنه العدو الذي ينفذ اشد الهجمات دموية، ويتسبب بأكبر الأضرار للبنية التحتية، وهو الذي يسعى مندفعا لإثارة العنف الاثني والطائفي.

و تبدو الساحة العراقية مستنقع نزاع ، وذلك بسبب تعدد بؤر الصراع، على النحو الذي أربك كل التوازنات الدولية والإقليمية.

 الطبيعة الاستثنائية لأمريكا في العراق:

يعتبر معهد «المسعى الأمريكي» المطبخ الرئيسي للسياسة الأمريكية في العراق، وعلى وجه الخصوص شبكة الخبراء التي يتزعمها فريدريك كاغان والتي تمثل فريق "العمل" الرئيسي لإ إنتاج وتوليد مبررات استدامة عملية احتلال العراق.

تقدم فرضية فريق معهد المسعى الأمريكي ومعهد دراسات حرب العراق التابع لمجلة ويكلي ستاندرد على أساس اعتبارات أن إستراتيجية زيادة القوات الأمريكية في العراق يمضي تنفيذها على قدم وساق وحققت النجاح وما هو مطلوب من الأمريكيين هو المزيد من الصبر وإتاحة الفرصة لإدارة بوش لكي تحقق النصر النهائي في العراق.

وتأسيساً على هذه الفرضية تتبنى جماعة المحافظين الجدد توصيفاً تاريخياً لتطورات وقائع الأحداث في المسرح العراقي خلال عام 2007م على النحو الآتي:

* التطور الأول (أول آذار): إفساح المجال أمام القيادة العسكرية الجديدة بقدوم الجنرال بتراوس.

* التطور الثاني (منتصف آذار): إنفاذ قوة القانون عن طريق البدء في خطة تأمين بغداد.

* التطور الثالث (أول نيسان): بروز «صحوة الأنبار» وإخراج تنظيم «القاعدة» من منطقة شمال غرب العراق.

* التطور الرابع (نهاية نيسان): انتهاء معركة ديالا.

* التطور الخامس (أول تموز): الزيادة الحقيقية لعدد قوات الاحتلال الأمريكي وتحضيرات عملية «الرعد الخاطف».

* التطور السادس (نهاية آب): حرب الوكالة الإيرانية ضد الولايات المتحدة الأمريكية في العراق.

* التطور السابع (أول كانون الأول): عملية تأمين ديالا.

القراءة الفاحصة في التحليلات والمقالات التي نشرتها عناصر جماعة المحافظين الجدد في الصحافة ومراكز الدراسات الأمريكية تشير إلى أن هذه الكتابات من الممكن تصنيفها ضمن هذه التطورات "المفترضة" السبعة، وذلك لأن المضمون والمحتوى الذي تم طرحه ينسجم مع تسلسل الهيكلية التاريخية لأوضاع المسرح الحربي العراقي كما ينظر إليه الأمريكيون.

 صناعة الوهم: ثنائية الافتراض وإعادة إنتاج الافتراض:

صنعت جماعة المحافظين الجدد افتراض وجود أسلحة الدمار الشامل التي أدخلت الجماعة وزعماءها في مأزق حقيقي أمام الرأي العام الأمريكي والعالمي. وتفادياً لذلك، تقوم جماعة المحافظين الجدد هذه المرة باستخدام فرضية جديدة تتميز بقابليتها للتوظيف والاستغلال المستمر لأنها كلما تآكلت وبلي جسدها فمن الممكن بكل سهولة ترميمها وتبديل جلدها واستنساخها ليعاد إنتاجها مرة أخرى.

تركز المزاعم على فرضية أن العراق أصبح مركزاً لتنظيم «القاعدة» وبالتالي فإن أمام الإدارة الأمريكية إما البقاء والاستمرار حتى يتم القضاء على تنظيم «القاعدة» أو الانهزام والانسحاب وترك العراق بموارده ونفطه تحت سيطرة تنظيم «القاعدة».

على خلفية علاقات التآزر والمساندة، بين مراكز الدراسات الأمريكية الداعمة للاحتلال الأمريكي للعراق فإن مزاعم معهد المسعى الأمريكي ومعهد دراسات الحرب جاءت هذه المرة محمولة على صفحات تقرير مؤسسة جيمس تاون بـ"رصد الإرهاب" وذلك ضمن التحليل الأخير الذي أصدرته المؤسسة.

ماذا يقول تقرير مؤسسة جيمس تاون:

حمل التقرير عنوان «القاعدة تكيّف أساليبها في العراق كجزء من إستراتيجيتها العالمية»، ويشير على النقاط الآتية:

* انخفضت بشكل ملحوظ خلال الأشهر القليلة الماضية عمليات التمرد والإرهاب في العراق.

* الاستقرار الذي شهده العراق مؤخراً قد حدث بسبب الهزائم الكبيرة التي تعرض لها تنظيم القاعدة.

* يقوم تنظيم القاعدة حالياً بعملية تكييف نفسه بما ينسجم مع الواقع الميداني الجديد الذي تعيشه الساحة العراقية.

* تطبيق تنظيم القاعدة لقواعد اشتباك ميدانية جديدة تركز على تفادي الدخول في مواجهات مباشرة مع قوات التحالف.

* ماذا يقول الإعلام:

من حين إلى آخر، وعلى شكل موجات منتظمة حيناً ومتقطعة حيناً آخر، تتدافع أجهزة الإعلام الأمريكية والعالمية ومن ورائها العربية في الترويج لتصريحات زعماء القاعدة حول العراق، وعن طريق التركيز المنهجي المدروس الذي يشدد على إبراز أن ما تتعرض له قوات الاحتلال الأمريكي في العراق هو حصراً من صنع تنظيم القاعدة، وعلى الجانب الآخر تحاول القوات الأمريكية بمساعدة قوات التحالف مساعدة العراقيين في القضاء عليه والسيطرة على استقلال وسيادة العراق من الوقوع في يد تنظيم القاعدة.

وعلى الصعيد السياسي تحميل تنظيم القاعدة المسؤولية عن عرقلة حركة "الصحوة" التي تتكون من العناصر القبلية والعشائرية التي استطاعت سلطات القوات الأمنية تحقيق هذا المشروع خلال الأشهر الماضية.

 إنتاج النسخة الدولية لإستراتيجية القاعدة:

بعد أن استنفذت الصيغة الإقليمية لتنظيم القاعدة وبدأت في التآكل فقد قرر خبراء الحرب النفسية الأمريكية الشروع في مخطط جديد يقوم هذه المرة على أسلوب الهروب إلى الأمام. بكلمات أخرى، فقد نشر تقرير مؤسسة جيمس تاون ما أطلق عليه تسمية إستراتيجية تنظيم القاعدة العالمية، وتتضمن هذه الإستراتيجية النقاط "المفترضة" التالية:

* إن معركة القاعدة في العراق هي فقط جزء من معركتها الكبرى.

* إن الحرب ضد الصليبيين والصهيونية هي مطلب القاعدة الرئيسي.

* يجب اللجوء إلى استخدام العديد من الجبهات في القتال والصراع.

تطبيق خطة جهادية من سبعة مراحل:

* المرحلة الأولى (2000 – 2001م):انتهت بغزو واحتلال العراق وتأكد فيها فشل القدرات الإسلامية الماضية وبالتالي يجب الاعتماد على شن الحرب المتعددة الجبهات في المناطق البعيدة والمتطرفة.

* المرحلة الثانية (2003م – 2006م): وتمثل الصحوة الإسلامية لمواجهة الخطر الصهيوني.

* المرحلة الثالثة (2007م – 2010م): وهي المرحلة الحالية وتتضمن القيام بتعبئة وحشد الموارد والقدرات الجهادية.

* المرحلة الرابعة (2010م – 2013م): وتتضمن الدخول في مواجهات ضد الحكومات الموجودة حالياً في المناطق الإسلامية، بحيث يتم ليس القضاء عليها وحسب بل وإنهاك قدرات الولايات المتحدة وحلفائها.

* المرحلة الخامسة (2013م – 2016م): إعلان قيام الدولة الإسلامية التي سوف تسيطر على المناطق الإسلامية.

* المرحلة السادسة (2016م): شن الحرب الشاملة بين قوى الخير وقوى الشر.

* المرحلة السابعة: ولم يتحدد تاريخها بعد ولكنها تتضمن إحراز النصر المزدوج، والذي يتمثل في القضاء على قوى الشر وتعزيز قوة قوى الخير.

فالجزء الأخير من إستراتيجية تنظيم القاعدة العالمية أشار إلى صراع قوى الخير مع قوى الشر وانتصار قوى الخير في النهاية، ولكن بطريقة تمثل "مقلوب" نموذج صراع قوى الخير والشر الذي تتحدث عنه أطروحات جماعة المحافظين الجدد وروجت له إدارة بوش. والآن، وبكل وضوح فإن المطلوب من إستراتيجية القاعدة "المفترضة" أن تعمل الـ"معاكس" لإستراتيجية الزعماء الأمريكيين ، على النحو الذي يعطي المصداقية أكثر فأكثر لنموذج الحرب الأمريكية ضد الإرهاب القائم لا على فرضية صراع قوى الخير وقوى الشر، بل وحدد قوى الشر هذه ووصفها بـ"الفاشية الإسلامية" كما ورد على لسان جورج بوش.

وهكذا، وعلى خلفية علاقات المساندة والتآزر بين مراكز الدراسات الأمريكية والإعلام الأمريكي ومن ورائه الإعلام العربي، تتكشف حقيقة القاعدة التي يتم استخدامها عن قصد وبتخطيط إعلامي دقيق، من أجل صناعة العقول وذلك عن طريق البدء بـ"قصف العقول" بأخبار ومعلومات الخوف من القاعدة، ثم المباشرة بعد ذلك في قصف الشعوب.

*المركز الوثائقي والمعلوماتي

مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام

www.annabaa.org

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 2 كانون الثاني/2008 - 22/ذو الحجة/1428