إرهابيون... قتلة !!!

منشد مطلق المنشداوي

 لقد كان لمسلسل التفجيرات الدامية التي شهدتها مدن العراق، وأهدافهم من وراء هذه التفجيرات والموجهة بالأساس ضد المدنيين والبنية التحتية العراقية، أما بالسيارات المفخخة، أو الأحزمة الناسفة والتي تستهدف المدنيين الأبرياء، وهي من ثقافة التكفير و البعث الصدامي المبنية على الحقد والكراهية والتعصب لدى هؤلاء، فمن يكره لن يعدم سببا لتبرير كراهيته، فهم يقومون بشن هجمات انتحارية أو زرع عبوات ناسفة في شوارع العراق، ليمارسوا شهوة القتل بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة التي لا تطال إلا العراقيين، يراهنون على تحويل معاركهم ومنازلاتهم الكبرى إلى مشاهد استعراضية للقتل الجماعي بغاية إلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى بالخصم آلا وهو الشعب العراقي - وهذا ليس بغريب عن أفكار التكفير والصنم ( البعث ) المبنية على القتل والتدمير والمقابر الجماعية طيلة فترات حكمهم -، بغض النظر عما كانت هذه الأهداف مدنية أو عسكرية، وبغض النظر عن نوعية الضحية وموقعه من المسؤولية في سياسات وخيارات العراق التي ينتسب إليها، فكلما وجد أزلام الصنم ورجال التكفير الفرصة للتسلل إلا وضربت عشوائيا و بشراسة ودموية بالغتين.

 وبذلك يتجه أزلام البعث البائد ومعهم التكفيريون إلى تغييب الخطوط الفاصلة بين عالم السياسة وعالم الجريمة المنظمة، بحيث لا تنفصل عندها الأهداف والمطالب السياسية عن « أساليب إجرامية » تتوخى القتل وإهراق الدماء. فلا يترددوا في استخدام كل الوسائل المتاح لقتل الآخر!!، جاءت جميع الهجمات البعثية الإرهابية التكفيرية لتؤكد أن سياسات التكفيريين ومعهم الصداميين تصب في اتجاه واحد وهو تدمير الإنسان العراقي وزرع الخوف في النفوس لإعادة العراق إلى عصور البعث المظلمة.

 ومنهم أيضا الأحزاب المشاركة في الحكم أو الموجودة خارجه والتي تحاول الوصول إلى السلطة بتصفية حساباتها مع الآخرين عبر استخدام العنف والجريمة، وبث الرعب والبلبلة وعدم الاستقرار في العراق. كما شهدنا أخيراً العثور على بعض السيارات المفخخة كانت مرتبطة رجال مشاركين في العملية السياسية !! ؟؟... فأي جهاد يدعي هؤلاء القتلة من وراء هذه التفجيرات وبالأمس كانوا يتباكون على المقبور عندما طالته يد العدالة الإلهية مدعين أن الوقت غير ملائم.. واليوم ينفذ تنظيم الكفر بزعامة القاعدة ومعهم رجال البحث القابعة كالخفافيش وهي تتحين الفرص للنيل من العراقيين في هذا العيد المبارك لضرب العراقيين..!!

فيأيتها الأيام الطاهرة المغلفة بالروحانية في موسم العيد بين طوائف متعددة المذاهب والأديان... أيتها الأيام الجليلة المباركة، المتألقة بأنوار الحياة.. الشغوفة بالسلام.. المتشحة بأقمار الوئام سأسألك سؤالاً عسيراً مضرجاً بالحزن.. متدثراً بالدهشة المريرة والاستنكار لكل ما يجري على ضفاف الوجود من انتهاكات بشرية علنية ( غير مشروعة ولا أخلاقية ) وقد تبنّاها التكفيريون و الصداميون ثم راحوا في انتشاء وهناء فرحون بهذا الإنجاز الكبير الذي أوقع أفدح الخسائر بالعراقيين ويتطيبون ببخور الأحقاد وهم يتبادلون كذباً ورياءً عبارات التباريك والتهاني على إيقاعات التفجيرات الدّامية وبين شموع الموت الأحمر وهي تشعل الخوف والدّمار في عروق العراقيين الذين يعيشون لحظات العيد في اختطاف بعض السعادة والفرح من الذين يمزقون شغاف القلوب ويسرقون نقاء الوجدان..  ممن يشوهون الآيات، ممن يحرقون الأعياد ويتطاولون بأقدام الشيطان على العراق.. على بهاء وكبرياء بغداد و ديالى وميسان وكربلاء والنجف..... ‏

والسؤال يقول:..... أيعقل يا أيها الإنسان الذي خلقك ربك فسواك وعدلك.... أيعقل أنْ نفتح مداركنا الإنسانية وشهياتنا النفسية على بهجة العيد المجيد، وهناك شيطان الجرائم اللامعقولة يسرح غير هائب ولا وجل على حنايا الآدميين.... على دروب الساعين إلى التقاط رشفة أمل في أنْ يعيشوا العيد بسلام مع الأحباب والأولاد؟؟!!. ‏

مآسي شنيعة لا يحتويها تعريف مهما كان.. مآسي منحرفة وجامحة عن العدالة والإيمان.. معتدية وآثمة على الإنسان تفرش خيام الموت على أناس أبرياء فيهم الأب والأخ..  الزوج والصديق..  الجد والعم...  الزوجة والأم..  الولد والوليد...  فيهم الضابط والعامل..  المؤمن والمتعبد، وفي كل منهم روح الله ساكنة تخفق في صدور آمنة تهفو إلى لحظات العيد..، إلى وجبة حُب يتناولها أفراد الأسرة معاً بعيداً عن هموم المفخخات والقتل... عن أشباح الفقر والجوع وعن كل ما أفرزه رجال الصنم والتكفير من آليات دنسة تساعد الحاقدين على قتل الأعياد..  على حرق الأسواق التي تحاول زرع الفرح في معروضات العيد.. على استباحة فرحة الأطفال المضاءة بأنوار البراءة وذلك لخنق إشراقات العيد حتى فقد بهاءه... وماتت نفحاته الرحمانية وضاعت معانيه الإنسانية في المقابر..  في دوي الانفجارات.. وفي أنين مياه دجلة والفرات.... ‏

إنّ التفجيرات الأخيرة.... في العراق، خلعت عن الأعياد عباءات القداسة ولوثتْ أفراحه بمكائد أهل البغي والعدوان، وهنا سأسأل من جديد.. لمَ لا يتوقفوا حيال انتهاكات شعائرنا وأدياننا..  مواسمنا وامتداداتنا.. لمَ لا يتوقفوا في المحطات الإنسانية قليلاً ويغترفوا من مناهل الوعي والإدراك ما ينعش انتماءاتنا كثيراً..  لم لا نطلق فعلياً من أجل كل (ضحايانا في العراق ) حملة - صادقة - (منّا) ساعات قليلة من صمت حزين أو اعتصام نمتنع فيها عن معايشة مباهج الأعياد تضامناً مع هؤلاء الذين دُفعتْ أجسا دهم إلى مستنقعات الدّماء فسقطوا ضحية من ضحايا البعث والتكفير.. وقرابين انشقاقات وخلافات لم يتورع تجّّار « الأنا » معها عن اختراق حُرمات المناسبات الدّينية والحقوق المدنية والإنسانية... ‏

وأقول: إني لستُ تشاؤمياً إذ أكتب هذا..  ولا أريد خدش مباهج العيد،.. لكني حزين غير يائس، وأرى أنّه لو احتجَّ كل فرد عربي (مسيحياً كان أم مسلماً) على تلك الهمجية الرهيبة التي يُقتل بها أبناء العراق أمام عيون التاريخ لكان العيد أكثر شفافية و أروع بهجة وأطيب مودة ورحمانية...  أمّا أنْ نجلس ونرى بالعيون نفسها التي سيؤطرها العيد بالفرح والابتهاج.. نرى براكين الغدر تثور في عراقنا الحبيب وتسيل حممها مستعرة بدماء أحبتنا، لتغرق الدّروب والأرصفة وتهتك الآمال والقلوب فهذا أمر محزن وقاتم.. بشع وقاتل ينساح بسمومه الفتاكة على الوجدان غير هائب بما يدمّر ويبيد ولا بما يمزق ويسفك..، وحيث الابتسامات المضللة تصول وتجول على وجوه الحاقدين..  أجل.. حين يحدث هذا سيقف العيد محرجاً وحزيناً... مستاء وواجماً وذلك لأنّه ذُبح كثيراً..  ذُبح يوم لم يشعر الأوغاد بأحقية الإنسان العراقي في العيد فاغتالوه قهراً وقسراً..، ويوم لم نرصد إزاء هذه المواقف الشائنة من أعياد عراقنا ولا أية « كلمة حق » نطلقها في وجه التكفير وأزلام الصنم والتي تمزق بالعنف كل خلايا انتماءتنا المذهبية وتفتت مصائرنا الواحدة..  أسرة واحدة مهما تعددتْ مذاهبنا وطوائفنا الدينية.. أسرة جمعنا العراق فيها...  بل وتعديات استبدادية ومحاولات « تكفيرية – صدامية » من أجل هدم أسوار عزائمنا وحفر أنفاق الموت والتفريق في كياننا..

‏من هنا أرى.. أنَّ العيد لنْ يكون عيداً حقيقياً وهناك شهيد قد ثكلته أمه..  وشجرة اغتالها الطغاة..  ‏

لا.. لن يكون هناك عيد حقيقي ومساحاته الرحمانية بعيدة كل البعد عن هؤلاء القتلة الذين جمعتهم لغة واحدة هي تدمير الإنسان العراقي.. لن يكون أبداً ونحن نجلس القرفصاء على أكوام التخاذل والغياب غير مدركين لخطورة أنياب الشيطان وهي تنغرس في أجسادنا.. في لحاء أشجارنا.. في منابر مساجدنا وأجراس كنائسنا.. في دفئنا وآمالنا.. في أفراحنا وتباريك أعيادنا.. لا لن يكون..

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 31 كانون الاول/2007 - 20/ذو الحجة/1428