بيت لحم تحاول ان تستعيد حريتها وازهارها بألق أعياد الميلاد

شبكة النبأ: ودّعت احتفالات أعياد الميلاد في بيت لحم الكآبة هذا العام، للمرة الأولى منذ سنوات، بعد أن شهدت توافد الآلاف من السائحين الأجانب عليها، الاثنين مستفيدين من استعادة الهدوء إليها. بحسب الـ (CNN).

وبعد أن نشب القتال بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 2000، اقتصر الاحتفال في المدينة بأعياد الميلاد على الفلسطينيين المقيمين فيها وفي المدن المجاورة لها.

غير أنّ هذا العام اختلف الأمر، وفقا لأسوشيتد برس، مع انضمام عدّة آلاف من الأجانب إليهم ومن ضمنهم تياغو مارتنز، 28 عاما، والذي قدم إلى المدينة خصيصا من البرازيل والذي قال إنّه أراد الاستفادة من محادثات السلام الجديدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وقال إنّ تلك المحادثات طمأنته بشأن سلامته قبل أن يعبر من القدس إلى مهد ميلاد المسيح عليه السلام.

وسبق لعمدة بيت لحم فيكتور بطارسه أن توقع قدوم 65 ألف سائح أجنبي هذا العام بسبب عودة الهدوء، أي أربعة أضعاف من شهدوا الاحتفالات قبل عامين.

غير أنّ آثار السنوات السابقة التي شهدت مصرع أكثر من 1400 فلسطيني و1100 إسرائيلي، مازالت تشهد على أنّ السلام لم يحن بعد.

فالجدران الإسمنتية الرمادية التي يصل ارتفاعها إلى 25 قدما تطوّق بيت لحم من ثلاثة جوانب يشملها الحاجز الذي بنته إسرائيل.

ولم يكن بإمكان البطريرق اللاتيني ميشيل صباح، أرفع مسؤول في كنيسة الروم الكاثوليك في المنطقة أن يبلغ المدينة سوى بعد مروره عبر باب حديدي مسلّح ضخم في الجدار، فيما كان يرافقه حراس أمن إسرائيليون قبل أن يغلق أحد حراس المعبر الباب من خلفه.

وسبق لصباح أن انضم الأسبوع الماضي، إلى الجدل بشأن "يهودية الدولة الإسرائيلية" معتبرا ذلك بأنه تمييز ديني ضدّ غير اليهود، وذلك في مؤتمره الصحفي السنوي الذي يعقده قبل البدء باحتفالات أعياد الميلاد.

وأثارت تصريحات صباح انتقادات الحكومة الإسرائيلية التي رفضتها نافية أن يكون مواطنوها من الديانات الأخرى لا يتمتعون بنفس الحقوق.

ووفقا لمركز القدس للعلاقات اليهودية- المسيحية فإنّ نحو 170 ألف مسيحي يعيشون في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة الذي يعيش فيه نحو 3000 مسيحي والذي بدت فيه الاحتفالات أقلّ ألقا مما هي عليه في بيت لحم.

ومنذ ساعات الاثنين الأولى، اصطف المئات من مسيحيي غزة أمام المعبر مع إسرائيل على أمل الانضمام إلى المحتفلين في بيت لحم.

وعبّر الكثير منهم عن نيّته في عدم العودة إلى غزة التي هزّها مؤخرؤا حادث مقتل شخصية مسيحية معروفة هو الناشط رامي عياض.

ونفت حركة حماس التي تسيطر على غزة أي ضلوع لها في مصرع عياض متعهدة بالعثور على الجناة.

النشاط التجاري لم يصل الى حد الازدهار لكن المبيعات نشطة في بيت لحم وهو خبر جيد للكثيرين الذين اضطروا الى اغلاق متاجرهم تماما طوال عامين عندما تدهورت السياحة اثناء السنوات الاولى من الانتفاضة التي اندلعت في عام 2000 .

وقال بائع وهو يلف هدية لزبون "المزيد من السلام يعني مزيدا من السياح."

وأضاف وهو يشير الى الشارع الرئيسي الذي يمتد عبر المدينة الجبلية التي تقع في الضفة الغربية المحتلة "أثناء الانتفاضة لم يكن هناك سياح. كانوا سيشاهدون هنا دبابات وجنودا."

معدلات السياح عند أفضل مستوياتها في سبع سنوات حيث زار أكثر من 60 الف سائح المدينة في الشهر الماضي مقارنة مع نحو 20 الف سائح قبل عام. وكثير من الفنادق محجوزة بالكامل لعطلة عيد الميلاد.

ويتوخى الزعماء المحليون الحرص ويقولون ان عددا صغيرا من الحجاج هم الذين يقضون الليل في المدينة وان عدد السياح يتراوح بين 60 الى 70 في المئة من المعدلات السابقة على الانتفاضة وان الكثير من الحكومات الغربية مازالت تحذر مواطنيها من السفر دون ان تكون هناك ضرورة. لكنهم رصدوا بصيصا من الامل.

وقال رئيس بلدية بيت لحم فيكتور بطارسة لرويترز في مكتبه بساحة كنيسة المهد " يوجد سياح اجانب أكثر هذا العام. الكل يشعر بذلك."

وخاض نشطون فلسطينيون وجنود اسرائيليون معارك في شوارع بيت لحم اثناء الانتفاضة لكن اعمال العنف تراجعت بدرجة ملحوظة على مدى العامين الاخيرين ومع اطلاق مبادرة سلام تؤيدها الولايات المتحدة الشهر الماضي شعر السياح بقدر أكبر من الطمأنينة.

ويحاول مبعوث السلام توني بلير تحسين امكانات وصول السياح الى بيت لحم وتحسين منشاتها. وأمضى بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق ليلة الاسبوع الماضي في أحد الفنادق الراقية ليبعث برسالة بأن المدينة امنة.

ويحاول زعماء الكنائس الذين يشعرون بالقلق من تراجع عدد السكان المسيحيين في الاراضي المقدسة تنشيط التجارة من خلال اقناع الحجاج بزيارة المدينة. وبدأت جهودهم تؤتي ثمارها.

وقال اندرو دوبوفوي وهو اوكراني ينتمي الى الكنيسة المعمدانية ويبلغ من العمر 21 عاما "أردت ان أرى أين ولد السيد المسيح وأعتقد انه شيء يجب ان يفعله كل مسيحي."

وقال "سألت شركة السياحة مرات عدة بشأن سلامة الزوار والان وانا في المدينة أشعر بأنني على ما يرام."

غير ان البعض يقولون ان الابتهاج سابق لاوانه.

ويصل الحجاج وكثيرون منهم من الروس في رحلات تستمر يوما واحدا قادمين من المنتجعات الساحلية المصرية في حافلات سياحية ويبقون بالمدينة وقتا يكفي بالكاد للقيام بزيارة سريعة لكنيسة المهد ومتجر للهدايا التذكارية قبل ان يعودوا عبر نقطة التفتيش الاسرائيلية.

وقال بطارسة "ما نحتاج اليه هو قدوم مزيد من السياح للبقاء في فنادقنا وتناول الطعام في مطاعمنا وان يطوفوا في مدينتنا القديمة."

وتخفي هذه الروح الاحتفالية التي تسبق عيد الميلاد المحنة اليومية لسكان بيت لحم. فعلى عكس الصورة الرومانسية التي تصورها بطاقات وترانيم عيد الميلاد فان المدينة محاصرة بنقاط التفتيش العسكرية الاسرائيلية وبالجدران الخرسانية العالية للجدار العازل الذي اقامته اسرائيل في عمق أراضي الضفة الغربية.

وتقول اسرائيل ان الجدار العازل يمنع المهاجمين الانتحاريين لكن الفلسطينيين يقولون انه يرهب السياح ويخنق الاقتصاد ويلتهم اراض من الدولة التي يطالبون بها.

ويبيع صليبة سلامة الفلافل في موقع رئيسي في قلب بيت لحم.

لكن حركة البيع بطيئة رغم نشاط السياحة لان القيود التي تفرضها اسرائيل تبعد السكان المحليين الذين كانوا يأتون من القدس والضفة الغربية لتناول طعام الغداء في عطلة نهاية الاسبوع.

أما السياح فنادرا ما يتوقفون لشراء الفلافل.

وقال "ليس لديهم وقت للتوقف وتناول أي شيء.

"انهم يهرولون الى الكنيسة ثم يعودون الى الحافلة السياحية."

واعلن فيكتور بطارسة رئيس بلدية بيت لحم مهد السيد المسيح ان نسبة السياحة الوافدة الى هذه المدينة قد ارتفعت الى حوالى 60% خلال الاشهر الثلاثة الماضية بالرغم من "الجدار الفاصل" الذي حولها الى "سجن كبير".

وقال بطارسة انه "خلال الاشهر الثلاثة الماضية ارتفعت نسبة السياحة الوافدة في بيت لحم الى حوالى 60%" لكنه ندد في المقابل ب"الجدار الفاصل" الذي اقام "غيتوهات" في الضفة الغربية. 

واضاف "في شهر كانون الثاني/يناير 2007 زار مدينة بيت لحم 18509 سياحا ومع بداية ايلول/سبتمبر اخذ عدد السياح الوافدين في الازدياد بشكل ملحوظ" موضحا انه يتوقع "لهذا العدد ان يتزايد" خلال فترة الاعياد.

وقال انه يأمل في ان يأتي مؤتمر السلام الذي عقد في انابوليس (الولايات المتحدة) ثماره. واوضح ان كل شخص يأمل في ان يساهم مؤتمر انابوليس في ارساء السلام لكن تجاربنا السابقة كانت سلبية.

وانتقد "الجدار الفاصل" الذي تبنيه اسرائيل والذي يفصل بيت لحم عن القدس ويزيد من البطالة لعدم تمكن سكانها من التوجه الى المدينة المقدسة للعمل.

واضاف "على مدار السنوات الماضية عانت مدينتنا المقدسة كثيرا تحت الاعتداءات الاسرائيلية وما زالت تعاني حتى هذه اللحظة. ان ضم اكثر من سبعة الاف دونم من الاراضي الزراعية من المدخل الشمالي لبيت لحم بالاضافة الى القيود المفروضة على مواطنينا وسجننا في اماكن معزولة يجعل حياة الفلسطينيين شبه مستحيلة".

ومضى يقول ان "البلدية تعيش اليوم ازمة مادية حادة لم تستطع في ظلها من دفع رواتب موظفيها عن الشهرين الاخيرين".

واوضح ان فرنسا ساهمت هذه السنة ب400 الف يورو لاضاءة المدينة خلال اعياد الميلاد.

وغالبية سكان بيت لحم اليوم من المسلمين بسبب هجرة المسيحيين الى الغرب خصوصا الى دول اميركا اللاتينية والتي تفاقمت في السنوات الماضية.

والجدار الذي تعتبره اسرائيل "سياجا لمكافحة الارهاب" يمنع تسلل انتحاريين الى اراضيها يتوغل في اراضي الضفة الغربية ويفترض ان يمتد عند انتهائه على اكثر من 650 كلم ويعتبره الفلسطينيون "جدار فصل عنصري".

وكانت محكمة العدل الدولية اعتبرت في قرار صادر في 9 تموز/يوليو 2004 بناء هذا الجدار غير شرعي وطالبت بتفكيكه على غرار ما فعلت لاحقا الجمعية العامة للامم المتحدة. لكن اسرائيل لم تستجب لهذه الدعوات غير الملزمة وتواصل اشغال بناء الجدار.

معرض في الاراضي المقدسة يسعى لاظهار الانسجام بين الديانات

في مظهر نادر للانسجام بين الديانات الثلاث في الاراضي المقدسة سلط معرض بمتحف في القدس الضوء على الرموز المشتركة بين اليهودية والمسيحية والاسلام. بحسب (رويترز)

ومع حلول عيد المنارة اليهودي وعيد الميلاد المسيحي وعيد الاضحى الاسلامي في فترة زمنية قريبة افتتح متحف أراضي التوراة في القدس معرض "الاوجه الثلاثة للتوحيد" الذي يركز على مدى التشابه بين ديانات التوحيد الثلاث.

وقال المتحف ان التركيز على التشابه مسألة مهمة في أرض مزقها التناحر الديني. 

وقال فيليب فوكوسافوفيتش مساعد أمين المتحف عن المعرض "من المهم أن نتذكر أن أصولنا مشتركة." واستطرد قائلا "للاسف لم نبدأ في الفصل بين كل شيء الا في وقت متأخر."

ويتضمن المعرض قطعا قديمة من الاحجار نقشت عليها صلبان ونجوم وصور يهودية لشمعدان ذي تسع شعب يرمز للنور والامل بالاضافة الى مجوهرات وأشياء لها صلة بشعائر دينية من القرن الثالث حتى القرن الثالث عشر.

ويقول الامناء في المتحف ان بعض الرموز التي تقترن بديانة معينة استخدمتها أحيانا الديانتان الاخريان لان للديانات الثلاث ارث مشترك.

وعلى سبيل المثال يقول الامناء ان الشمعدانات التي يستخدمها اليهود للانارة اثناء شعائر عيد المنارة محفورة على جدران بعض المقابر المسيحية في روما ومحفورة على عملات استخدمت في عصر الدولة الاسلامية في القرن السابع. وعثر على أحجار مقابر يهودية على صور للحمامة التي يقول المسيحيون انها تمثل الروح القدس.

وقال المتحف ان النجمة استخدمت في كثير من الثقافات كرمز " للنظام الكوني أو للنور الالهي." وبينما تتوسط العلم الاسرائيلي النجمة السداسية المعروفة لدى اليهود بنجمة داود فان نجوما خماسية أو سداسية استخدمت كرموز اسلامية.

وتحظى الاراضي المقدسة لاسيما البلدة القديمة في القدس بمكانة خاصة لدى اليهود والمسيحيين والمسلمين وتمثل التوترات حول الاماكن الدينية واحدة من القضايا الحساسة في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 29 كانون الاول/2007 - 17/ذو الحجة/1428