دولة نصف حكومتها وبرلمانها يتخم

في عمان وطهران والخليج

علي الاسدي

 لا ينبغي ان يذهب القارئ العزيز بعيدا للبحث عن دولة بهذه المواصفات النادرة، انها دولة العراق الجديد بدون مبالغة او تجني. نعم،حيث سبعة عشر وزيرا من وزراءها الثلاثين لم  يباشروا اعمالهم الوظيفية في وزارات الدولة منذ اشهر. واكثر اعضاء مجلسها النيابي( يتخم) في عمان وطهران والخليج، عارضين خدماتهم على القنوات الفضائية لشتم العملية السياسية والتنديد بالاحتلال وحكومته، فيما البعض الاخر(الاكثر معصية) يكذب على الله بالطواف حول الكعبة، يمارس لعبة الحج وبعدها! العمرة طالبا المغفرة المستحيلة فالله جل جلاله لا يساوم على الحق.

 اعضاء مجلس النواب وكذلك الوزراء الغائبون بدون اذن، مازالوا على الملاك  يستلمون رواتبهم كاملة بما فيها مخصصات الحماية، بصرف النظر عن كونهم خارج العراق.وامام هذا الواقع المخزي  يرزح حوالي نصف مواطني  العراق تحت خط الفقر يعانون نقص الغذاء والمياه الصالحة للشرب والسكن اللائق بالبشر.

ومنذ اشهر لم يستطع مجلس النواب البت في تشريعات هامة تخص حاضر ومستقبل العراقيين، سواء تلك التي تتعلق بالمصالحة الوطنية،او تلك الي تتعلق بالتنمية الاقتصادية وتحسين حياة الشعب المعيشية، مثل قانون النفط والغاز لعدم اكتمال النصاب القانوني وعدم جدية وجدارة النواب.هذا في وقت تتدفق ملايين الدولارات في مواعيدها الى حساباتهم من اموال المتعبين والجياع كرواتب مقابل اتعاب لم تحصل وواجبات لم تؤدى.

  ومن جهة اخرى، تتجمع على مكاتب الوزراء الغائبين عن العمل، اكداس من ملفات لقضايا بالغة الاهمية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ولا احد يهتم بما تنطوي عليه وفيما اذاكانت تستدعي التعجيل في البت فيها.. انها ولا شك تنطوي على قضايا تمس حياة المواطنين اليومية، منها ما يتعلق بالصحة والتربية والتعليم والثقافة والعلوم والزراعة والري ومشاريع البنية التحتية ذات الاهمية البالغة لمستقبل التطور ببلادنا.

 ومنها ما يتعلق بفرص العمل الجديدة التي يتطلع اليها ملايين ا! لشابات والشباب العاطلون عن العمل في انحاء واسعة من البلاد، وبالاخص في المحافظات الغربية والوسط والجنوب. ومنها ما يتعلق بالايتام والارامل والمقعدين من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين ليس لهم غير الدولة من راع اوقريب.

رئيس الوزراء مطالب باعادة تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية ولكنه لم يفعل،ورئيس الجمهورية غير معني بذلك على مايظهر، ومجلس النواب لم يقم بدوره كأمين على احترام  الدستور فيطلب منه ذلك بدون تردد او حرج. بل بالعكس تعامل المجلس بلا مبالاه تجاه عدم جدية رئيس الوزراء في معالجة الشلل الذي تعانيه حكومته وما يمكن ان تسببه من تعقيدات للعملية السياسية، حيث التوتر على اشده في العلاقات بين الكتل السياسية وخاصة الطائفية منها.

 وبينما يخيم على مكاتب الوزراء الغائين الغبارو صمت القبور، تستمر التجاذبات العقيمة والمساومات الرخيصة بين التكتلات الطائفية حول شروط عودة الوزراء دون اي احساس بالمسؤولية الوطنية. تلك التكتلات التي كان ينبغي تفكيكها ومسحها من تاريخنا، فقد لفظها الشعب ولم يعد يعبه بالمرتزقة من رموزها. فقد تكشفت احابيلها وضيق افقها وزيف شعاراتها وعدم اخلاقية ومصداقية خطابها الديني والمذهبي والقومي وبؤس وفقرشعورها الوطني.

ولا يلوح في الافق حاليا ولا قريبا اي امل في انفراج  الازمة الراهنة، ما دام رئيس الحكومة غير ممسك بنفسه بزمام الامور، بسبب القيود التي فرضتها عليه تحالفاته الضيقة مع قيادة المجلس الاسلامي الاعلى. ويقع في الوهم ان اعتقد ان باستطاعته ان يديرالحكومة بموظفين من وزن الذين يشغلون المقاعد اثناء انعقاد مجلس وزراءه. والمشاهد للنشرات الاخبارية للقنوات الفضائية يعلم جيدا ان نصاب مجلس الوزراء لا يمكن ان يكتمل بشغل مقاعد الوزراء الغائبين بانصاف الموظفين من" اصدقاء الرئيس".

.....................................

*- يتخم – (بكسر حرف الخاء)  كلمة استخدمها السيد رئيس مجلس النواب بالاشارة الى غياب الموظفين عن اعمالهم بدون تكليف رسمي. استخدمه مشكورآ في جلسة المجلس نهاية الاسبوع الاول من كانون الاول الجاري.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 19 كانون الاول/2007 - 8/ذو الحجة/1428