
شبكة النبأ: رغم تباين الآراء والتحليلات حول ماجاء به
التقرير الاستخباري الامريكي بشان ايران الا ان الطابع العام يشير
لاحتمال انعطافة كبيرة في النهج المتشدد الذي تتبعه امريكا ضد ايران
منذ عقود وقد لا يكون من المبالغة القول في ان الولايات المتحدة تعد
لتوسيع حلفها في المنطقة ليضم ايران احتواءا او ترغيب، ولكن الذي يميز
هذه الانعطافة الحادة هو ان التهدئة تتم عبر فتح بوابة العرب من حلفاء
امريكا الأساسيين امام ايران لتطبيع العلاقات اولا ومن ثم سيكون تحصيلا
حاصل مراعاة المصالح الأمريكية في اية اتفاقيات تعاون قادمة.
حيث من المؤكد ان دعوة قطر الرئيس الايراني نجاد لحضور قمة مجلس
التعاون الخليجي وكذلك دعوة العاهل السعودي لنجاد لاداء مناسك الحج
بالاضافة الى اجراء محادثات مصرية ايرانية "بنّاءه"، بالتاكيد لم تات
من فراغ او دون استشارة ورضا الولايات المتحدة.
وقال محللون ان تقرير مخابرات امريكيا ذكر ان ايران أوقفت برنامج
الاسلحة النووية في عام 2003 أصاب حلفاء واشنطن العرب الخليجيين
بالدهشة وأثار قلقا من ان ضغط الولايات المتحدة على طهران يمكن ان
يفتر.
وتجنب زعماء دول مجلس التعاون الخليجي الذين اجتمعوا في قطر الاسبوع
الماضي التعليق على هذا التقرير.
وقال نيل باتريك من المجموعة الدولية لادارة الازمات ان ثمة قلقا
ظهر في الجلسات المغلقة للقمة من ان التقرير يمكن ان يشير الى توجه
جديد في السياسة الامريكية لكنه أضاف ان تصريحات الرئيس الامريكي جورج
بوش يمكن ان تبعث الطمأنينة. بحسب رويترز.
وقال، دول مجلس التعاون الخليجي تريد موقفا أمريكيا حاسما وتشعر
بالحيرة الى حد ما بعد ان حثتها الولايات المتحدة على قطع علاقاتها
الاقتصادية وانتهاج موقف حاسم خوفا من امتلاك ايران اسلحة نووية.
وأضاف، لايغير أي شيء من هذا العلاقة الاستراتيجية الاساسية بين دول
مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة أو الاحساس بالتهديد المحتمل
الذي ينبع من ايران بما في ذلك في العراق.
جاء في تقرير المخابرات القومية الامريكية الذي نشر يوم الاثنين
الماضي ان ايران أوقفت برنامج اسلحتها النووية منذ اربع سنوات لكن
طهران مستمرة في تطوير الوسائل الفنية التي يمكن تطبيقها في صنع أسلحة
نووية.
وقال الشيخ أحمد الفهد الصباح رئيس جهاز الامن الوطني الكويتي ردا
على سؤال من رويترز عما اذا كانت الازمة النووية الايرانية قد انتهت،
لا طبعا.. تقرير الاستخبارات الامريكي يعتبر ايجابيا ولكنها ليست نهاية
المطاف خاصة لما يأتي من البيت الابيض على لسان الرئيس الامريكي ويؤكد
ان المخاوف ما زالت مستمرة... اعتبر اننا نرجع لنقطة الصفر مرة ثانية.
وامام الحكام العرب الخليجيين مهمة حساسة لتحقيق التوازن في ضوء
التأييد الشعبي في معظم ارجاء العالم العربي لايران لدعمها لجماعات
اسلامية مثل حزب الله في لبنان وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) في
الاراضي الفلسطينية. وتخشى بعض الدول الخليجية التي لديها سكان شيعة من
رد فعل عكسي في حالة شن هجوم امريكي على ايران.ويقول محللون ان تأييد
عمل عسكري ضد ايران يحتاج الى سياسة علنية تصاغ بعناية.
وقال رشدي يونسي وهو محلل في مؤسسة يورواسيا جروب ان هذا التقرير
سيتسبب في دعاية سيئة في الشارع للولايات المتحدة بينما مازال الزعماء
العرب يأملون في موقف امريكي قوي ضد طهران.
وقال، الرأي العام في الشرق الاوسط جاء بصفة عامة متباينا يضم مزيجا
من الاحساس بالارتياح والغضب لنشر تقرير المخابرات القومية الامريكية.
واضاف، الدول العربية الخليجية ستبقى مرتابة بوجه خاص في طموحات طهران.
وقال محللون ودبلوماسيون ان السعودية تواجه بالفعل ضغطا داخل مجلس
التعاون الخليجي لتخفيف موقفها ازاء ايران. ويضم مجلس التعاون الخليجي
وهو تحالف سياسي واقتصادي فضفاض الكويت والامارات العربية المتحدة وقطر
والبحرين وسلطنة عمان بالاضافة الى السعودية وجميعها دول حليفة
للولايات المتحدة لها علاقات تقليدية بايران.
وفاجأت قطر جيرانها عندما دعت الرئيس الايراني أحمدي نجاد الى القمة
التي عقدت الاسبوع الماضي لمجلس التعاون الخليجي الذي شكل في عام 1981
.
وقال كاتب العمود السعودي طارق الحميد في صحيفة الشرق الاوسط
اليومية، حاولت فهم أسباب دعوة نجاد من عدة مسؤولين خليجيين من دون
الوصول لاسباب مقنعة.
وقال يونسي ان الدول الخليجية الاصغر بدأت ترد بايجابية ازاء ثقل
ايران الاكبر في المنطقة. وقال، بينما تريد السعودية الاحتفاظ بكتلة
موحدة ضد ايران تدعو الدول الاصغر في مجلس التعاون الخليجي الى ضرورة
استرضاء النظام في طهران من خلال شراكات اقتصادية متعددة الاطراف ونفوذ
سياسي مشترك.
وقال، قوة ايران الاقليمية نمت بدرجة كبيرة وأصبحت الان شعبية
للغاية بين مختلف السكان العرب الخليجيين.
ايران ومصر تعقدان "محادثات بناءة"
من جهة اخرى ذكرت وسائل الاعلام الايرانية ان ايران ومصر عقدتا
محادثات "بناءة" خلال اجتماع في طهران بين مسؤولين كبار من البلدين وهو
اجتماع يندر مثله في ظل غياب العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ ما
يقرب من ثلاثة عقود. بحسب رويترز.
وقالت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية ان حسين درار
مساعد وزير الخارجية المصري ناقش القضايا الثنائية والاقليمية والدولية
مع وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي.
وتابعت، ووصف الجانبان المحادثات بأنها بناءة ودعوا الى استمرار مثل
هذه المباحثات. مضيفة، ان المسؤول المصري سلم متكي رسالة من وزير
الخارجية المصري احمد أبو الغيط.ولم تقم علاقات دبلوماسية كاملة بين
مصر وايران منذ الثورة الايرانية عام 1979.
واقترب البلدان عام 2003 من اعادة العلاقات لكن ايران لم تلب طلب
مصر إزالة لوحة جدارية تذكارية أقيمت في طهران تكريما لزعيم المجموعة
التي اغتالت الرئيس المصري الراحل انور السادات.ولا تزال طهران تطلق
اسم خالد الاسلامبولي على احد شوارعها.
وقال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في مايو ايار ان طهران
مستعدة لاعادة العلاقات مع مصر وفتح سفارة في القاهرة ووصف ابو الغيط
تلك التصريحات آنذاك بأنها ايجابية.
وقالت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية ان أحمدي نجاد وصف مصر
وايران بأنهما "دولتان شقيقتان" وأشار الى أنه سيزور القاهرة اذا اعيدت
العلاقات.
واجرت مصر وايران محادثات على مستوى رفيع في سبتمبر ايلول في
القاهرة بشان استئناف العلاقات وقالت مصر ان الحوار سيستمر.
ولكل من الدولتين قسم لرعاية مصالحها لدى الاخرى ويتعامل وزراؤهما
معا في المحافل الدولية لكن من النادر ان يتبادل كبار مسؤوليهما
الزيارات.
السعودية تدعو احمدي نجاد للحج
وذكرت وسائل الاعلام الايرانية ان العاهل السعودي الملك عبد الله
دعا الرئيس الايراني احمدي نجاد الى اداء مناسك الحج.
وقالت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية ان هذه أول مرة
يدعى فيها رئيس ايراني رسميا لاداء مناسك الحج التي تبدأ يوم الثلاثاء.
ونقل التلفزيون الايراني عن سفير ايران في السعودية محمد حسيني
قوله، دعا العاهل السعودي الرئيس محمود أحمدي نجاد رسميا لاداء مناسك
الحج هذا العام.
وكان الرئيس الايراني قال الثلاثاء انه سيؤدي مناسك الحج اذا دعي
رسميا. وأحمدي نجاد هو أول رئيس ايراني يحضر قمة لمجلس التعاون الخليجي
بعد أن دعي للقمة التي عقدت الاسبوع الماضي.ولم يتبين ما اذا كان احمدي
نجاد (51 عاما) قد أدى فريضة الحج من قبل.
ما أسباب دفء العلاقات بين إيران
وجيرانها العرب؟
كتب دان ميرفي في صحيفة كريستشن ماينس مونيتور مقالا عن اسباب
يعتقدها ادت الى دفء العلاقات بين ايران وجيرانها، قائلا، في أعقاب
صدور تقرير الاستخبارات الامريكية الذي ذكر ان ايران كانت قد علقت
العمل ببرنامج صنع الاسلحة النووية قبل اربع سنوات، طرأ دفء مفاجئ على
علاقات طهران مع جيرانها العرب الذين يرتبطون بعلاقات وثيقة مع
الولايات المتحدة.
فقد سارع اللاعبون ولاسيما الاقليميون منهم للتعامل مع ايران
دبلوماسيا وذلك بعد موافقة ضمنية امريكية كما يقول المحللوون إذ ارسلت
مصر حليفة امريكا والدولة العربية الوحيدة التي لا تمتلك علاقات
دبلوماسية كاملة مع ايران وفدا رفيع المستوى الى طهران لأول مرة منذ
وصول ثورة ايران الاسلامية الى السلطة في عام 1979
كما دعت دولة قطر الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لالقاء كلمة
خلال قمة دول مجلس التعاون الخليجي في وقت سابق من هذا الشهر. وهذه هي
المرة الأولى ايضا التي يحدث فيها هذا الامر.
ثم أعلنت ايران ان السعودية دعت الرئيس نجاد للحج في مكة المكرمة،
وهي المرة الأولى كذلك التي يتلقى فيها رئيس ايراني مثل هذه الدعوة منذ
ثورة 1979
يقول عماد جاد خبير السياسة الاقليمية في مركز الاهرام: لا أعتقد أن
قطر دعت نجاد لحضور قمة مجلس التعاون دون تفاهم مع الامريكيين، ولا
أعتقد ايضا ان مصر كانت سترسل ولو حتى دبلوماسيا واحدا لو لم تتلق ضوءا
اخضر من نوع ما. إن كل هذا جزء من استراتيجية معينة واظن انها
استراتيجية امريكية ايضا تستهدف استمرار تجميد البرنامج النووي
الايراني والعمل لايجاد مناخ ودي اكثر.
الحقيقة ان الاستراتيجية التي يجري وضعها الان تتماثل الى حد كبير
مع تلك التي شكك الصقور الامريكيون بصحتها قبل غزو العراق التي كانت
تعتمد على العقوبات والاتصالات الدبلوماسية المحدودة مع شيء من
التهديدات الضعيفة باستخدام القوة.
ويضيف كاتب المقال، في ذلك الوقت كان مؤيدو الغزو يجادلون بالقول ان
الدكتاتور صدام كان يطور اسلحة دمار شامل في تحد صارخ لعقوبات الأمم
المتحدة وان الاجراءات المناهضة له ليست كافية.
والان بعد ان تبين ان صدام لم يكن يمتلك مثل تلك الاسلحة، يقول
المحللون السياسيون ان الغزو الامريكي للعراق كان حاسما في دفع ايران
لتغيير نهجها فيما يتعلق بتطوير الاسلحة النووية.
حول هذا يقول جاد: لقد جاء قرار ايران بتعليق برنامجها في خريف 2003
أي بعد ستة اشهر على الاقل من احتلال العراق اذن المسألة هنا لا تتعلق
بالعقوبات بل بالاحتلال.
لكن، اذا كان دفء علاقات ايران بجيرانها العرب قد ارتبط بتقرير
الاستخبارات الامريكية المذكور إلا ان القلق لم يتبدد بعد. اذ لا تزال
الولايات المتحدة تدعو لفرض عقوبات اشد على ايران، كما وصفت كونداليزا
رايس، وزيرة الخارجية الامريكية ايران بالدولة الخطيرة، ويؤيدها في ذلك
كل من المانيا وفرنسا.
ويبدو ان هذه الدول، ومعها ايضا الدول العربية المجاورة لإيران،
تشعر بالقلق بسبب عدم وجود فارق كبير بين السعي للحصول على اسلحة نووية
والبرنامج النووي المدني السلمي الذي يمكن تحويله بسرعة في اتجاه
عسكري.
ويضيف كاتب المقال، وفي هذا الاطار، قال الرئيس الفرنسي نيكولاي
ساركوزي اخيرا: على الرغم من كل التطورات الاخيرة - يعني تقرير
الاستخبارات الامريكية - ثمة حقيقة لا يشك بها احد وهي وجود رغبة قوية
لدى الزعماء الايرانيين لامتلاك اسلحة نووية. وتساءل: لماذا يتعين
علينا التخلي عن العقوبات اذا كانت هي والحزم قد دفعت ايران للتزحزح عن
موقفها؟
بل وحتى بعض الصقور الامريكيين يقولون الآن ان طريق العقوبات هو
افضل رهان، من هؤلاء دييد فروم، الكاتب السابق لخطابات الرئيس بوش،
الذي يعود اليه الفضل في صياغة عبارة «محور الشر».
فقد كتب في صحيفة «ناشنال بوست» الكندية هذا الاسبوع قائلا: ان
تقرير الاستخبارات الامريكية الاخيرة بات حقيقة سياسية تجعل من
المستحيل سياسيا ان تقوم ادارة بوش بتوجيه ضربة ضد منشآت ايران
النووية. لذا يتعين ان يتركز هدف الغرب الآن على دق اسفين بين النظام
والشعب بنفس الطريقة التي اتبعتها ادارة الرئيس ريغان لعزل انظمة
اوروبا الشرقية الشيوعية المكروهة من الشعب في الثمانينيات.
ويقول دبلوماسي غربي يعمل في القاهرة ان تأمين الفرصة للمصلحين
الايرانيين للمناورة هو من بين الاسباب التي تدفع مصر والسعودية لتدفئة
العلاقات مع ايران، فالغاية من انفتاحهما الآن هي ان تدرك ايران انها
ستحقق مكاسب من تعاونها في المسألة النووية دوليا، ومن شأن هذا بالتالي
ان يخلق بيئة يصبح فيها احتمال تعرض دعاة الاصلاح الايرانيين لاتهامات
من قبيل انهم ادوات في ايدي القوى الاجنبية اقل مما هو عليه الآن. |