خفايا الإعلام في مؤتمر أنا بوليس  

شبكة النبأ: كواليس مؤتمر أنا بوليس الذي انعقد في الولايات المتحدة مؤخرا كانت كثيرة ومثيرة للإنتباه والتحليل  ايضا رغم ان احدا من الصحفيين لم ينقل صورة عما دار قبل بدء المؤتمر من ترتيبات أمنية وإدارية وإعلامية بصيغة تقرير منفصل.

الإعلامي محمد المنشاوي كتب على موقع  تقرير واشنطن يقول حول ما دار من احداث قبل بدء المؤتمر:

ذهبت إلى أنابوليس سائقا سيارة خاصة بمكتبي من فئة ميني فان Minivan   تتسع لسبعة أشخاص،  جلس على يميني مراسلة صحيفة الحياة اللندنية في واشنطن جويس كرم وهي لبنانية، وجلس خلفنا مجموعة من الصحفيين الأصدقاء (مراسلة الـ بي بي سي الخدمة العربية وهي لبنانية أيضا، ومراسل الـ بي بي سي الخدمة البرازيلية – شاركت البرازيل بوفد ترأسه وزير خارجيتها. كذلك ضمت رحلتنا لأنابوليس مراسلة صحيفة جيروزلم بوست الإسرائيلية في واشنطن، هيلاري كريجر وهي أمريكية يهودية (أعلنت منذ البداية أن هدفها فقط من الحضور هو رصد رد فعل الاعلاميين السعوديين  والخليجيين على المؤتمر)، وكان معنا أحد مراسلي وكالة الأنباء الكويتية في واشنطن وهو لبناني، ومحررة من صحيفة الحياة اللندنية، وهي فلسطينية من القدس جاءت خصيصا من لندن لتغطية المؤتمر.

استغرقت الرحلة لمقر الاكاديمية البحرية ما يقرب من 45 دقيقية فقط بسبب سيولة المرور حيث أن زحمة المرور في ساعات الذروة الصباحية (غادرنا واشنطن قبل الساعة السادسة صباحا) تكون غالبا في إتجاه المدن الكبيرة (واشنطن في هذه الحالة) وليس للخارجين منها لمدينة صغيرة أو للضواحي (مثلنا في هذه الحالة). وإستمتع الجميع بألوان أوراق الشجر الخريفية وما تبقى منها، ودار الحوار حول تداخل اللونين الأخضر والأحمر، وكثرة اللون الأصفر ولماذا يطغى اللون البرتقالي على أوراق الشجر في هذا الوقت من العام.

أكثر ما أثارإنتباهنا في الطريق لأنابوليس (طريق  50 شرق)  كان كثرة سيارات النقل الكبيرة التي  يتم توقيفها وتفتيشها والتحقق من أوراقها وأوراق سائقيها على طول الطريف المؤدي لمدينة أنا بوليس، وكان ذلك منظرا غير مألوف لمن يعيش في الولايات المتحدة، مصدر الغرابة تمثل في أن السيارات التي رفع عليها  "سرينة الشرطة" كانت سيارات مدنية وقام بعمل رجال الشرطة رجال في ثياب مدنية!

كذلك ظهرت الكثير من الأعلانات على جانبي الطريق تذكر الجميع بضرورة الإبلاغ عن ما يثير الأشتباه في الطريق وتوفر الأعلانات رقم تليفون مجاني للإتصال به. أعتقد أن هذا الخط لم يتصل به أحد في هذا اليوم.

عند وصولنا قبل الساعة السابعة صباحا إتجهنا للمدخل الرئيسي للأكاديمية حيث أستقبلنا أفراد أمن البوابة شاهرين أسلحة اتوماتيكية، وجمعوا منا بطاقات الهوية. وظهرت على الضابط المسئول علامات التعجب ممزوجة بسخرية ظاهرة  ( قد تكون نتاج تجمع جنسيات كثيرة في سيارة واحدة)، ذلك رغم طغيان طبيعته العسكرية  الصارمة على طريقة تعامله معنا.قال لنا في لهجة حازمة أتجهوا إلى إستاد الأكاديمية، هناك يتم التعامل مع الصحفيين. ووصف لنا طريقة الوصول إلى هناك.

ويضيف المنشاوي، بعد دقائق قليلة ذهبنا لإستاد الأكاديمية، ودخل الجميع من أجل الحصول أولا على الكارنيهات الجديدة التي أصدرتها وزارة الخارجية الأمريكية للإعلاميين خصيصا لتغطية مؤتمر أنابوليس. ولم يتم تجهيز كارنيهات الغالبية العظمى من الصحافيين لأسباب لا نعرفها، إلا أنه تم إصدار هذه البطاقات في فترة لم تتجاوز 10 دقائق. بعد ذلك أصطف الجميع في طابور طويل يقود إلى بوابة إلكترونية حيث تم إخضاع الصحفيين وأدواتهم ومعداتهم وحقائبهم لعمليات تفتيش مكثفة علي ثلاث مراحل‏:‏ يدوية وبالأجهزة الحديثة والكلاب المدربة على اكتشاف المفرقعات، ولم يسمح مسئولو الأمن بدخول أجهزة الكمبيوتر المحمولة إلا بعد أن يتم تشغيلها وليس فحصها فقط من قبل خبراء الكشف عن المتفجرات. وأستغرق هذا الطابور 10 دقائق أخرى بعد ذلك كانت تتجه أتوبيسات تحمل من أنهى إجراءاته من الصحفيين لمقر المركز الإعلامي للمؤتمر. في رحلة لم تستغرق سوى 4 دقائق.

واضاف، مقر المركز الإعلامي عبارة عن ملعب كرة سلة مغلق، وهنا كانت صدمتنا حيث أدركنا إنفصالنا عن قاعة المؤتمر الرئيسية التي بعدت أقل من كيلو مترا عن المركز الإعلامي. صالة الملعب جهزت بالكثير من الطاولات الموصولة كهربائيا بما يمكن الصحفي من توصيل أجهزته بالكهرباء، وتم توفير شبكة إنترنت لاسلكية سمحت للجميع أن يحصل على خدمة الأنترنت إن أراد، كذلك وجدت شاشة عرض عملاقة 10 مترX 10 متر لمتابعة الحدث تليفزيونيا. وتم تجهير أماكن لبيع الماكولات والمشروبات  بأسعار السوق العادية: 1.5$ للقهوة والبيبسي وزجاجة المياة وكوب الشاي، وما يقرب من 5$ دولارات لأي من أنواع السندوتشات المتاحة.

وكان أول ما وحد كل الصحفيين هو البحث والسؤال عن  إمكانية الحصول على القهوة حيث غابت أي إشارات دالة على مكان بيع مشروب الصباح المفضل عالميا.

غياب التمثيل الإعلامي الرسمي العربي

وقال المنشاوي، أول ما أسترعى الإهتمام كان تقسيم أماكن الجلوس للصحفيين الذين تجاوز عددهم 1500 صحفي. طاولات الإعلام الإسرائيلي كانت في بداية الجزء الأيمن من الصالة، والتزم الأسرائيليون بشغل الجزء المخصص لهم، ومقابل ذلك مباشرة وعلى بعد مترين فقط كانت طاولات الإعلام الفلسطيني. ونظرا لقلة عدد الإعلاميين الفلسطينيين، شاركنا نحن وغيرنا أماكن جلوس الفلسطينيين، وكان أمامنا فريق أحد التليفزيونات الألمانية وخلفنا فريق تليفزيون سكاي البريطاني.

ووزع  أعضاء من الوفد الإسرائيلي على الصحفيين دليلا من ثلاث صفحات عنوانه "خبراء عملية السلام العربي –الإسرائيلي" وعلى رأس القائمة التي تضمنت أرقام التليفونات والبريد الإلكتروني والمنصب الرسمي أو غير الرسمي جاء سفير إسرائيل في الولايات المتحدة  دانيل آيالون ومسئولي الأعلام في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، والملحف الأعلامي الأسرائيلي في واشنطن، وبعض المسئوليين الأمريكيين السابقيين وكلهم من اليهود. كذلك ضمت القائمة السيدة "نوني درويش" الأمريكية والمصرية الأصل والمعرافة بدعمها لإسرائيل. هكذا كان في مقدور أي صحفي من  مختلف دول العالم الوصول بسهولة إلى من يمثل وجهة النظر الإسرائيليى الرسمية أو من يؤيد الجانب الإسرائيلي. في حين غاب الوجود العربي الرسمي داخل قاعة الإعلاميين! ووسألني ما يقرب من 35 صحفيا إذا ما كنت أنا المتحدث الرسمي لأي من الدول العربية (حيث أنني كنت أراقب فقط ما يحدث وأجلس وسط صحافيين عرب، ولم يظهر علي الانشغال الذي بدا على الصحفيين في هذا اليوم) وكان الجميع يسأل عن ممثلي الوفود الفلسطينية والسعودية  والسورية. وظهرت فقط دبلوماسية أردنية شابة إختارت أن تراقب ما يحدث في صالة الإعلام.

واضاف، جلست بجوارنا مبعوثة صحيفة المصري اليوم للمؤتمر أميرة عبد الرحمن التي سألت مراسلتي صحيفة الحياة اللندنية (لبنانية وفلسطينية) عن إمكانية التحدث مع أحد من اعضاء الوفد الإسرائيلي المنتشرون بالصالة، وجاء الرد ناهرا وعنيفا من الزميلتين العربيتين.  ذهبت مع أميرة وتحدثنا مع "أميرة آرون" مديرة دائرة الإعلام العربي بوزارة الخارجية الإسرائيلية.

أميرة أمرأة جميلة تبدو في نهاية الثلاثينات وتتحدث العربية بطلاقة. رحبت أميرة بنا "كمصريين" أشد الترحيب، وذكرتنا بالرئيس الراحل أنور السادات وزيارته للقدس، وكيف أن لمصر وللمصريين مكانة خاصة في قلوب الاسرائيليين، وهنا مزحت معها ورسمت قلب على ورقة بيضاء وطلبت منها ساخرا تحديد موقع مصر في القلب الإسرائيلي، زميلتي من  المصري اليوم "أميرة" أيضا ردت على "أميرة" بطريقة حازمة وسألتها: هل يوجد مكان في القلب الإسرائيلي للفلسطينيين أيضا؟ وردت أميرة آرون مبتسمة "طبعا إن أرادوا هم  ذلك". وٍسألتها عن رأيها فيما قاله رئيس وزرائها عن كون إسرائيل "دولة يهودية، رغم  وجود ما يقرب من و 1.5 مليون من العرب يحملون الجنسية الإسرئيلية يمثلو نسبة 20% من الإسرائليين. ولو تجد أميرة إلا إجابة دبلوماسية فضفاضة حول ديمقراطية دولة إسرائيل.

رفض التحدث مع الأسرائيليين

وقال المنشاوي، رغم مشاهدة الجميع المصافحة بين الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي رفض غالبية الصحفيين الفلسطينيين ممن يعملون مع وسائل إعلامية عربية التحدث مع الأعلاميين الإسرائيليين، وطلب بعضهم التحقق من هويات من يريد التحدث معهم للتأكد من كونهم غير إسرائيليين. وٍسألتني صحفية أسبانية من جريدة "الموندو"  El Mundo  عن أي صحفي فلسطيني يمكن أن يعقب على كلمات الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي، صحبتها لصديق فلسطيني يعمل مع مكتب أحد الفضائيات العربية الشهيرة بواشنطن، وٍسألني إذا ما كانت إسرائيلية وطلب التحقق من هويتها، وتحدث معها بعد ذلك بكل ود.

الوفد السعودي عقد مؤتمرا صحفيا في أحدى الصالات الملحقة بالملعب، وسمح بدخول عدد محدد من الصحافيين المختارين بعناية، وعندما إحتج العديد من الصحفيين المستبعدين، كان الرد السعودي هو عدم الرغبة في التحدث مع إعلاميين إسرائيليين.

تواجد مراكز الأبحاث الأمريكية وسط الأعلاميين

واضاف، أثار إنتباهي بشدة وجود ممثلي بعض المراكز البحثية الكبيرة في الولايات المتحدة بين الصحفيين. خبير شئون الشرق الاوسط بمعهد السلام الأمريكي "سكوت لاسينسكي" كان يعتقد أنه سيكون الممثل الوحيد لمراكز الأبحاث الأمريكية، وسيكون طلب الصحفيين عليه عال جدا!

إلا انه وبمرور الوقت ظهر حبراء أخرين من الماكز البحثية كان أهمم مارتن انديك – مدير مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط  بمعهد بروكينجز. وهو خبير سياسي محنك بمنطقة الشرق الأوسط ، عمل سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل في الفترة من 1995 إلى 1997، ومساعد وزير الخارجية لشئون الشرق الأدنى من 1997 إلى 2000.

واختتم المنشاوي تقريره بالقول، إنتهى اليوم وغادرت الصالة قبل بدء المؤتمر الصحفي لكونداليزا رايس في صالة الأعلاميين، ولم ينس صحفي عربي مرموق تذكيري بأهمية حضور جلسة هامة مع سكرتير عام جامعة الدول العربية عمرو موسى في مقر إقامته "فندق ويلارد" في صباح اليوم التالي!.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 16 كانون الاول/2007 - 5/ذو الحجة/1428