خطة افتراضية للحرب الطائفية في العراق والمنطقة

إعداد:علي الطالقاني*

شبكة النبأ: على الرغم من كل الهفوات والانتكاسات التي تعرضت لها الإدارة الأمريكية في العراق، يبدوا أن بعض الأطراف في تلك الإدارة ماتزال تستعرض سيناريوهات عديدة يمكن من خلالها أن تشعل فتيل الحرب بين السنة والشيعة سواء في العراق أو باقي المناطق الأخرى.

* نموذج افتراضي"على الصعيد المذهبي"

العالم الإسلامي يتكون من فئتين تكاد أن تكون متساوية في نسبة التوجه المذهبي وهما الشيعة والسنة، وتقوم فكرة النموذج الافتراضي على أساس دفع هاتين الكتلتين باتجاه دائرة الصراع ، وقد كان النموذج العراقي خير دليل على ذلك وقد نجحت الحرب نسبيا عامي 2005م و2006م. وفي محاولة ثانيا لنفس الإدارة الأمريكية كانت في لبنان، وعلى وجه الخصوص في الفترة التي أعقبت هزيمة القوات الإسرائيلية على يد حزب الله في حرب الصيف عام 2006م، إلا أن الفكرة لم تنجح وكان مصيرها الفشل.

وأصبح من الواضح أن فكرة الحرب الطائفية تمتد لتشمل الأطراف التي تقف وراءها لتأخذ شكل صراع إقليمي في منطقة الشرق الأوسط.

* معطيات الجديدة

يقول اليهودي الأمريكي رويل مارك فريخت، الخبير في معهد المسعى الأمريكي ، مشيراً إلى عبارة مايكل أوحانلون، خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد بروكينغز الأمريكي، القائلة "يتوجب علينا فقط أن ننتصر" وذلك في:

• إخضاع العراق للسيطرة.

• تطوير الحرب السنية – الشيعية إلى حروب سنية – شيعية بين دول الشرق الأوسط.

• تطوير هذه الحروب السنية – الشيعية إلى مواجهة إقليمية سنية – شيعية.

وتشير المعلومات إلى أن العديد من القوى العالمية تقوم ببذل أقصى الجهود في عمليات:

• جمع المعلومات حول خصوصيات الكيانات السنية والشيعية.

• رسم خارطة المصالح السنية – الشيعية عن طريق:

* تحديد نقاط التعاون السني – الشيعي من أجل إضعافها.

* تحديد نقاط الصراع السني – الشيعي من أجل تقويتها.

* إعادة رسم خارطة طريق التوجهات الأمريكية بحيث تتغير طريقة السياسة التدخلية الأمريكية في المنطقة، بما يؤدي إلى تحقيق الهدف المطلوب.

• تحديد وسائل التدخل الأمريكي الجديدة في المنطقة وترسيم الدور الوظيفي الخاص بـ:

* الوسائل التدخلية الاقتصادية.

* الوسائل التدخلية السياسية.

* الوسائل التدخلية الدبلوماسية.

* الوسائل التدخلية العسكرية.

الوسائل التدخلية الاستخبارية.

* تنفيذ خارطة الطريق على حساب الحرب الطائفية

تثبت إدارة بوش عملية التحول الديمقراطي في منطقة الشرق الأوسط ضمن مبادرة الشرق الأوسط الجديد، لكن الإسقاطات والمعطيات الميدانية أكدت بأن أسلوب إدارة بوش القائم على مخططات مجلس الأمن القومي الأمريكي، ووزارة الخارجية الأمريكية، ومراكز الدراسات مثل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية ومؤسسة بيت الحرية ومؤسسة منحة الديمقراطية، لن تستطيع نقل عدوى "الثورات الملونة" إلى منطقة الشرق الأوسط بالشكل المطلوب، أو بالأحرى الشكل الذي يترتب عليه "سيطرة جماعات المجتمع المدني" المدعومة أمريكياً على النحو الذي يؤسس لـ:

• نشر النموذج الأمريكي في المنطقة.

• صعود النخب التي تقبل بدمج إسرائيل.

• تقديم التنازلات لإسرائيل.

وكان المؤشر الأكثر خطورة يتمثل في:

• صعود الحركة الأصولية الإسلامية عبر صناديق الاقتراع.

• الاحتمالات المؤكدة لسقوط النظامين المصري والأردني (المواليين لأمريكا والمرتبطين باتفاقيات سلام مع إسرائيل) على يد جماعات الإخوان المسلمين في حال تطبيق النظام الديمقراطي الليبرالي في كلا البلدين.

• صعود حزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي وسقوط اليمين العلماني  (الموالي لأمريكا والمرتبط باتفاقيات صداقة وروابط وثيقة مع إسرائيل).

واستناداً إلى هذه المؤشرات بدأت الإدارة الأمريكية تتحفظ إزاء المضي قدماً في برامج دعم الديمقراطية (التي سبق أن صممتها جماعة المحافظين الجدد واستطاع اللوبي الإسرائيلي إيصال اليهودي الأمريكي المتشدد إيليوت إبراهام إلى منصب نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي لشؤون نشر الديمقراطية) وتأسياً على ذلك، فقد غضّت "منظمات حقوق الإنسان" المرتبطة بالإدارة الأمريكية انتقاداتها لتجاوزات النظامين المصري والأردني في الانتخابات الأخيرة وذلك على النحو الذي مكّن نظام حسني مبارك المصري من القيام بإنجاز التعديلات الدستورية الضرورية لاستدامة عمر النظام وإطلاق يده في فرض المزيد من الضغوط على الشارع المصري المعادي لإسرائيل وأمريكا.

* إغراءات وجاذبية "النموذج"، والمحاولة مرة أخرى:

برغم الفشل وعدم النجاح فإن جماعة المحافظين الجدد ما تزال واقعة تحت تأثير جاذبية النموذج الخلاب للحرب السنية – الشيعية في الشرق الأوسط. والمحاولة الثانية إعادة إنتاج النموذج تقوم هذه المرة على تحديد عوامل الضعف في النموذج السابق وتحديد عوامل القوة في النموذج الجديد.

تعتقد جماعة المحافظين الجدد أن سبب فشل النموذج السابق يعود إلى الأسلوب الـ"تروتسكي" الذي حاولت الإدارة الأمريكية استخدامه في إشعال الحرب السنية – الشيعية ونقطة ضعف هذا الأسلوب الرئيسية تقوم على خطوات الإدارة الأمريكية المتسرعة، والتي كانت تحاول حرق المراحل عن طريق القفز فقها.

أما النموذج الجديد، فيقوم هذه المرة على أساس الانتقال من إستراتيجية الاقتراب المباشر إلى إستراتيجية الاقتراب غير المباشر. بكلمات أخرى:

• أن يتم التخلي عن أسلوب الاقتراب المباشر الذي يقوم على أساس دفع السنة والشيعة بشكل مباشر إلى الاقتتال والحرب عن طريق استخدام معطيات نظرية المؤامرة المباشرة كتفجير المساجد وعمليات فرق الموت والتفجيرات في المناطق السنية والشيعية وتجنيد الجماعات السنية والشيعية المتطرفة... وغير ذلك.

• أن يتم استخدام برنامج التحول الديمقراطي كوسيلة "غير مباشرة" تحقق "الاقتراب غير المباشر" من هدف إشعال الحرب السنية – الشيعية وذلك عن طريق:

* تقديم الدعم السري للحركات الأصولية السنية والشيعية.

* الضغط على دول المنطقة لكي تسمح لهذه الجماعات بالعمل كأحزاب سياسية.

* إضعاف الحركات العلمانية في المنطقة.

* تنشيط التعبئة الفاعلة والشحن السلبي السني والشيعي في البيئة السياسية الشرق أوسطية.

• تصعيد الخلافات المذهبية السنية – الشيعية وتوصيلها إلى مرحلة التسييس الكامل.

• الدفع النهائي في اتجاه المواجهات الثانوية والفرعية مثل الاغتيالات والتفجيرات وغير ذلك، على النحو الذي يؤدي إلى إشعال المواجهة الشاملة.

الأسلوب العلاجي

ان مشروع المصالحة الذي تبنته القوى العراقية للتخلص من الحرب الطائفية هو النموذج الفريد من نوعه والذي حقق نتائج ملموسة تقريبا، أما "الأسلوب الوقائي" فهو أن تعمل باتجاه إنجاز التكامل الاجتماعي والوطني والقومي ولن يتم ذلك في هذه الحالة إلا بتنشيط وتفعيل الحوار السني – الشيعي على النحو الذي يعزز الثقة والمصداقية بين الأطراف التي لو تم تجاهلها فإنه سوف يسهل على خبراء مراكز الدراسات الأمريكية تصميم النماذج التي سوف تنفذها بكل سهولة الإدارة الأمريكية وحلفاءها على النحو الذي يحقق حلم إسرائيل والجماعات المتشددة داخل أمريكا في إشعال المنطقة وإغراقها في الحروب الأهلية المستمرة.

.........................................................

المصادر:

1- وكالات

2- موقع الجمل

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15 كانون الاول/2007 - 4/ذو الحجة/1428