فرنسا تتلقى "قبلة الموت" من القذافي في يوم حقوق الإنسان 

شبكة النبأ: من الصدفة القاسية ان تتوج فرنسا (الحرة) افراحها بذكرى اليوم العالمي لحقوق الانسان بزيارة نادرة للرئيس الليبي القذافي ذو السجل الحافل بالتجاوز على حقوق الانسان والموصوف عالميا بالدكتاتورية وقمع الحريات المدنية كافة.

واذا ماعزلنا فائدة فرنسا التجارية والاستثمارية من هذه الزيارة فاننا سنجد ان ساركوزي قد حول فرنسا الى مسّاحة اقدام للذين تلوثت ارجلهم بالدماء والخطايا الكبيرة.

لكن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ندد من جهته بالذين انتقدوا سجله في مجال حقوق الانسان باعتبارهم مفكرين يقفون متفرجين بينما يقاتل هو من اجل تغيير الأمور نحو الافضل.

وتعرض ساركوزي لانتقادات من وزيرة الدولة لشؤون حقوق الانسان لانه لم يأخذها معه اثناء زيارة للصين كما واجه انتقادات ايضا لدعوة الزعيم الليبي معمر القذافي الى باريس والالتقاء به يوم الاثنين.

واتهمه بعض سياسيي المعارضة بتقديم المصالح التجارية على حقوق الانسان التي تعهد بالارتقاء بها. وقال انه سيوقع اتفاقات تجارية تصل قيمتها الى عشرة مليارات يورو مع ليبيا.

وقال في اشارة الى منطقة غنية بها مفكرون في العاصمة، انه امر طيب وجيد عندما لا تبلل قميصك ولا تتحمل اي مخاطر.. عندما تقف على الهامش ولا تتحدث لاي شخص.. تكون واثقا من نفسك وما تؤمن به وانت ترشف قهوتك في شارع سان جيرمان.

وقال ساركوزي ان تدخله هو الذي ضمن اطلاق سراح ستة من المسعفين الاجانب من سجن ليبي في يوليو تموز وانه يكافح لاطلاق سراح انجريد بيتانكور السياسية الفرنسية الكولومبية التي تحتجزها ميليشيا ماركسية كولومبية منذ سنوات.

وقال للصحفيين بعد الاجتماع مع القذافي، انها المشكلة الازلية. هل يجلس المرء في هدوء في منزله ويعقد ذراعيه على صدره وينتظر ان تتحسن الامور.. ولكن الامور لا تتحسن مالم تباغت الثور بأمساكه من قرونه.

وقال انه على صواب حينما يتحدث الى القذافي الذي توقف عن دعم الارهاب وتخلى عن برامج اسلحة الدمار الشامل في عام 2003.

وتحسنت العلاقات بين طرابلس والغرب منذ ذلك الوقت غير ان القذافي قلما زار العواصم الاوروبية الكبرى.

وقال ساركوزي، ما الذي يمكن ان نقوله لزعماء ايران مالم نمد يدنا للزعيم الليبي الذي اختار ان يدير ظهره للاسلحة النووية والارهاب... واضاف انه طلب من القذافي ان يفعل المزيد بشأن حقوق الانسان. وقال، كيف يمكنني ان احل المشاكل الباقية مالم اتحدث الى السيد القذافي.

ووجهت راما ياد وزيرة الدولة لشؤون حقوق الانسان انتقادا نادرا لراعيها السياسي ساركوزي في مقابلة صحفية نشرت يوم الاثنين وشككت في قراره بعدم اصطحابه لها في زيارته الصين.

وقالت عن رحلة الصين، لماذا يخفي وزيرة الدولة لشؤون حقوق الانسان.. نيكولا ساركوزي لايجب ان يدير ظهره لدبلوماسية القيم.

وقالت لصحيفة لو باريزيان ان فرنسا ليست "ممسحة اقدام" يمكن للقذافي ان يمسح بها دماء جرائمه مضيفة، ان فرنسا ليست فقط موازنة تجارية. غير ان ساركوزي بدا تصالحيا عندما سئل عنها.

وقال، راما ياد أكدت منذ ذلك الوقت مدى موافقتها على مبدأ الزيارة. علاوة على ذلك فهي وزيرة الدولة لشؤون حقوق الانسان ومن الطبيعي ان يكون لديها قناعة بشأن هذه القضية والتي اشاركها فيها وذكرت الزعيم الليبي بذلك.

صفقات مع القذافي بمعزل عن حقوق الانسان

وأبرم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والزعيم القذافي صفقات أعمال بمليارات الدولارات بعد اجتماع قال فيه الزعيم الفرنسي انه أثار خلاله قضية حقوق الانسان.

واثارت وزيرة الدولة الفرنسية لشؤون حقوق الانسان جدالا وانتقدت بشدة القذافي قبل اول زيارة له لفرنسا في 34 عاما قائلة ان فرنسا ليست "ممسحة اقدام" يمكن للقذافي ان يمسح بها دماء جرائمه مضيفة انها لا تشعر بارتياح لوصول القذافي في اليوم العالمي لحقوق الانسان.

ودافع الرئيس الفرنسي ساركوزي عن سجله في مجال حقوق الانسان قائلا انه كان مصيبا في استقباله القذافي بعد ان تخلى الزعيم الليبي عن برامج أسلحة الدمار الشامل وكف عن دعم الارهاب وافرج عن مجموعة من المسعفين الاجانب في يوليو تموز.

وقال ساركوزي، انني هنا ايضا لاكافح من أجل الشركات والمصانع الفرنسية حتى ننال العقود وطلبيات الشراء التي سعد الاخرون كثيرا بالحصول عليها بدلا منا دون التخلي بأي شكل عن اقتناعاتنا الخاصة بحقوق الانسان.

وبعد العشاء شهد الزعيمان توقيع عقود لشراء طائرات ايرباص وللطاقة النووية واتفاقات اخرى قالت باريس ان قيمتها اجمالا تزيد على عشرة مليارات يورو.

وقال مكتب ساركوزي ان شركة افريقيا للطيران وقعت عقدا لشراء ست طائرات من طراز ايه-350 ووقعت الخطوط الجوية الليبية صفقات لشراء اربع طائرات ايه-330 وسبع طائرات ايه-320 واربع طائرات ايه350 .

وأكدت ايرباص -وهي وحدة تابعة لشركة اي.ايه.دي.اس- ان الطلبيات تأتي تنفيذا لمذكرة تفاهم تم توقيعها في معرض باريس الجوي في يونيو حزيران الماضي. وتقدر قيمة صفقات الايرباص بما مجموعه 3.17 مليار دولار حسب الاسعار المعلنة للطائرات.

وتم توقيع اتفاق للتعاون النووي يتضمن بيع مفاعل نووي او عدة مفاعلات نووية لتحلية ماء البحر ودعم انشطة استخراج اليورانيوم مع شركة الغاز الفرنسية (جي.دي.اف) وشركة الطاقة النووية أريفا. ولم تتكشف تفاصيل تذكر.

وتم ايضا توقيع عقود مع شركتي فينسي وفيوليا ووتر الفرنسيتين لكن مكتب ساركوزي لم يذكر تفاصيل اخرى.

ووجهت راما ياد وزيرة الدولة لشؤون حقوق الانسان انتقادا نادرا لراعيها السياسي ساركوزي في مقابلة صحفية نشرت يوم الاثنين وشككت في قراره بعدم اصطحابه لها في زيارته الصين.

وقالت عن رحلة الصين، لماذا يخفي وزيرة الدولة لشؤون حقوق الانسان.. نيكولا ساركوزي يجب الا يدير ظهره لدبلوماسية القيم.

وقالت لصحيفة لو باريزيان ان فرنسا ليست ممسحة اقدام يمكن للقذافي ان يمسح بها دماء جرائمه. غير ان ساركوزي بدا تصالحيا عندما سئل عنها. وقال، راما ياد أكدت منذ ذلك الوقت مدى موافقتها على مبدأ الزيارة. علاوة على ذلك فهي وزيرة الدولة لشؤون حقوق الانسان ومن الطبيعي ان يكون لديها قناعة بشأن هذه القضية والتي اشاركها فيها وذكرت الزعيم الليبي بذلك.

انتقادات

وقالت راما ياد وزيرة الدولة لشؤون حقوق الانسان والعضو بحكومة يمين الوسط في مقابلة صحفية ان توقيت زيارة القذافي سيء ولا سيما وأنها تأتي في اليوم العالمي لحقوق الانسان.

وأضافت لصحيفة لو باريزيان، فرنسا ليست فقط موازنة تجارية مضيفة أن فرنسا يجب ألا توقع اتفاقات تجارية مع القذافي فحسب بل وأن تطالبه "بضمانات" بخصوص حقوق الانسان في بلاده خلال زيارته التي تستمر خمسة أيام.

وتابعت، يجب أن يفهم العقيد القذافي أن بلادنا ليست ممسحة أقدام يمكن لزعيم سواء كان ارهابيا أم غير ذلك الحضور ومسح دماء جرائمه بها.

وقالت ياد ان الزيارة لن تكون لائقة اذا اقتصرت على توقيع العقود. وبسبب صغر سنها وأصلها السنغالي أصبحت ياد رمزا للجيل الجديد من السياسيين الذين يقول ساركوزي انه يريد تعزيز وجودهم.

وكان سيف الاسلام ابن القذافي قال في مقابلة صحفية الاسبوع الماضي ان ليبيا ستشتري طائرات ايرباص تزيد قيمتها عن ثلاثة مليارات يورو (4.37 مليار دولار) اضافة الى محطة للطاقة النووية وتبحث سبل الحصول على عتاد عسكري أيضا.

بلبلة في الدبلوماسية الفرنسية

واثارت هذه الزيارة التي تستمر خمسة ايام جدلا محتدما حيث اتهمت المعارضة وبعض الجمعيات الرئيس نيكولا ساركوزي وكوشنير بالتنكر لالتزاماتهما باعادة حقوق الانسان الى صلب سياسة فرنسا الخارجية.

ومن غير المتوقع ان يشارك كوشنير مساء الاثنين في حفل عشاء يقام على شرف القذافي اذ، انه من محاسن الصدف، مدعو لحضور اجتماع مع نظرائه الاوروبيين في بروكسل. بحسب فرانس برس.

واثارت مواقف ياد وكوشنير تساؤلات وانتقادات بشأن التوافق داخل الحكومة وقدرتهما على الاستمرار فيها.

وعبرت ياد بوضوح عن انزعاجها لاستقبال القذافي في باريس. وقالت في مقابلة نشرتها صحيفة لوباريزيان الاحد "على العقيد القذافي ان يفهم ان بلدنا ليس ممسحة يمكن لزعيم ما اكان ارهابيا ام لا ان يأتي ويمسح قدميه عليها من دماء جرائمه. يجب ان لا تتلقى فرنسا قبلة الموت هذه.

وسبق لراما ياد (30 عاما) الاصغر سنا بين اعضاء الحكومة الفرنسية واحد رموز سياسة الانفتاح التي ينتهجها ساركوزي نظرا الى اصولها السنغالية ان تميزت مرارا بمواقفها الصريحة. واستقبلت صباح الاثنين في القصر الرئاسي ولم تدل باي تعليق لدى خروجها.

ودافع كوشنير الوزير المسؤول عن ياد عن موقفها مبررا زيارة القذافي بدون اي حماسة. وقال لاذاعة فرانس انتير ان راما ياد، كانت على حق بالتكلم كما فعلت وهذا ما اطلبه منها. معتبرا انه ليس عليها الاستقالة.

ورفض اطلاق اسم السياسة الواقعية على التحول الجاري في السياسة الفرنسية معتبرا ان هذه الزيارة التي وصفها بانها حدث ثانوي ستسمح بتعزيز التطور الايجابي الذي يشهده النظام الليبي وبالوصول الى سوق واعدة.

وقال الوزير الاشتراكي الذي انضم الى فريق ساركوزي تحت شعار سياسة الانفتاح، اسألوا الفرنسيين ان كان يتعين تجاهل الاف الوظائف التي آمل ان تمثلها العقود المرتقبة في مثل هذه الفترة الصعبة.

واضاف، انها معركة متواصلة يفرضها زمن العولمة. ورأى ان الدبلوماسية الفرنسية تقوم على، توازن بالغ الدقة. وتشهد تطورا نحو الفاعلية بدون تناسي حقوق الانسان.

وابدى كوشنير قبل بضعة ايام استياءه امام لجنة برلمانية اذ اعلن ان على وزير للخارجية ان يتقبل الامر الواقع حين تتعلق المسألة بتطبيع العلاقات مع دول مثل ليبيا ولو ان الامر ليس سهلا على الدوام.

واعتبر رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية في الجمعية الوطنية باتريك اولييه من الغالبية النيابية ان تصريحات كوشنير وياد "غير مقبولة".

من جهتها اعتبرت رابطة حقوق الانسان انه بعد 59 عاما بالتمام على اقرار باريس الاعلان العالمي لحقوق الانسان فان، فرنسا الرسمية التي لا تزال تعتبر نفسها بلد حقوق الانسان تتجاهل هذا الارث.

ووجهت انتقادات اخيرا الى ساركوزي لارساله برقية تهنئة الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد تحقيق حزبه فوزا موضع جدل في الانتخابات التشريعية الروسية.

كما اتهم بعدم اثارة ملف حقوق الانسان خلال زيارته الاخيرة الى الصين التي لم يصطحب فيها ياد واسفرت عن توقيع عقود مع بكين بقيمة عشرين مليار يورو لصالح فرنسا.

انتقادات الصحف الفرنسية

وتثير زيارة  القذافي الى باريس انتقادات الصحف الفرنسية التي رأت انها، تشكل مساسا غير لائق في رصيدنا الدولي باستثناء لو فيغارو اليمينية التي لم تر فيها اي عيب.

فقد كتب بيار روسلان في لوفيغارو  ان طرابلس تلعب دورا اساسيا (...) لا عيب في الاعتراف به والدفاع عن مصالحنا بواقعية. بحسب فرانس برس.

ويتعارض هذا الموقف مع ما كتبه فرنسوا سيرجان في صحيفة ليبراسيون اليسارية الذي رأى ان، القذافي سجان الممرضات البلغاريات اللواتي تعرضن للتعذيب في السجن لمدة تسع سنوات يكافأ اليوم بزيارة رسمية طويلة لفرنسا. واضاف ان، لا شىء يجبر فرنسا على التعبير عن تسرع واهانة مماثلين.

والموقف نفسه عبرت عنه لا تريبون في تعليق كتبه باسكال اوبير الذي رأى ان الدبلوماسية الساركوزية قامت بخيارها هو خيار الفاعلية (...) لكن هذه الواقعية التجارية ليست من خصوصيات فرنسا ويمكن ان تثير استياء.

اما صحيفة فرانس سوار فعنونت، نرحب بالسيد الديموقراطي.. الى جانب صورة للزعيم الليبي بالبزة العسكرية ويحمل عصا بيده.

واخيرا وصفت صحيفة لوباريزيان الشعبية القذافي بانه "طاغية الصحراء". ونشرت مقابلة مع سكرتيرة الدولة المكلفة الشؤون الخارجية وحقوق الانسان راما ياد التي قالت الصحيفة انها تشعر بالانزعاج  لوصول القذافي في يوم الاحتفال بحقوق الانسان الى فرنسا. وقالت ان فرنسا يجب الا تتلقى قبلة الموت هذه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 12 كانون الاول/2007 - 1/ذو الحجة/1428