
شبكة النبأ: في خطوة تكشف عن الصراع
الخفي بين قطبَي الحكم في امريكا المتمثلَين بوزارة الدفاع ووكالة
الاستخبارات المركزية، وتزامنا مع صدور التقرير الاستخباري الامريكي
الذي احبط كثيرا جانب الصقور في الادارة الامريكية حيث كانت حتى الأمس
القريب تتذرع بحجج ابطلها تقرير الاستخبارات للقيام بعمل عسكري ضد
الجمهورية الاسلامية عقابا على طموحاتها النووية ذكرت صحيفة نيويورك
تايمز، ان وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) اتلفت
شريطين على الاقل يحتويان على تسجيلات لإستجواب اثنين من عناصر القاعدة
وسط تزايد الشكوك حول برنامج الوكالة لاعتقال المشتبهين بالارهاب.
ونقل التقرير عن مسؤولين حكوميين حاليين وسابقين ان الاشرطة، تظهر
عملاء من الوكالة يعرضون عام 2002 لاساليب تحقيق واستجواب عنيفة اشخاصا
مشتبهين بالارهاب -- من بينهم ابو زبيدة اول من اعتقلته الوكالة.
وقال الجنرال مايكل هايدن رئيس السي اي ايه لزملائه ان، قرار اتلاف
الاشرطة جرى داخل السي اي ايه وانه تم اتلافها لحماية سلامة الضباط
السريين ولانه لم يعد لها اي قيمة استخباراتية.
الا انه اضاف ان اتلاف الاشرطة يثير تساؤلات حول ما اذا كان مسؤولو
الوكالة حجبوا معلومات معينة عن الكونغرس والمحاكم ولجنة التحقيق في
هجمات 11 ايلول/سبتمبر حول جوانب معينة من هذا البرنامج.
وقال هايدن في رسالة الى الموظفين حصل تلفزيون "سي ان ان" على نسخة
منها ان الاشرطة اضافة الى افتقارها الى القيمة الاستخباراتية -- حيث
انه تم استنفاد كل المعلومات الواردة في جلسات الاستجواب خطيا بشكل
مفصل -- وغياب اي سبب قانوني او داخلي للاحتفاظ بها فانها تمثل خطرا
امنيا كبيرا.
واوضح انه، لو حدث وتسربت تلك الاشرطة فانها ستكشف عن هوية زملائنا
في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية الذين عملوا في البرنامج
وتعرضهم وعائلاتهم الى عمليات انتقام ينفذها عناصر القاعدة والمتعاطفون
معهم.
وكانت الولايات المتحدة اطلقت في اعقاب هجمات 11 ايلول/سبتمبر
برنامجا يسمح لاجهزة الاستخبارات باعتقال واستجواب مشتبه بضلوعهم في
الارهاب بما في ذلك اساليب استجواب سرية بينما هذه الاساليب علنية في
الجيش.
ويأتي تقرير الصحيفة بعدما اعتبر برلمانيون الخميس ان كل عناصر
الاجهزة الاميركية بمن فيها عملاء الاستخبارات يجب ان يخضغوا للقواعد
ذاتها مثل العسكريين والتخلي عن كل اشكال التعذيب.
ونصت الصيغة النهائية لميزانية الاستخبارات للعام 2008 التي اعدها
اعضاء مجلسي الشيوخ والنواب على ان قواعد الجيش الاميركي حول استجواب
السجناء يجب ان تنطبق كذلك على الموظفين المدنيين. وينبغي ان يقر النص
في عمليات تصويت في مجلسي الكونغرس الاميركي.
ومن غير المؤكد ان يتم تطبيق هذا الاجراء الذي رحبت به رابطة
الحريات المدنية الاميركية حيث يتوقع ان يصوت عليه الرئيس الاميركي
جورج بوش بالرفض. واعربت الرابطة عن قلقها بشان اتلاف اشرطة الفيديو.
وقالت، يبدو ان اتلاف هذه الاشرطة هو جزء من ممارسة معتمدة وممتدة
من سوء استخدام السلطة التنفيذية لحماية افراد من المقاضاة القانونية
لممارستهم التعذيب واساءة المعاملة.
وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الديموقراطي جون روكفلر
في بيان، على لجنتنا ان تراجع التاريخ الكامل والتسلسل الزمني لهذه
الاشرطة وكيف استخدمت واسباب اتلافها واي مراسلات ارسلت بشانها الى
المحاكم او الكونغرس.
واضاف، رغم انه تم تقديم معلومات محدودة جدا لنا حول وجود الاشرطة
الا انه لم يتم استشارتنا حول استخدامها واتلافها. ولم نعلم حتى وقت
لاحق وهو تشرين الثاني/نوفمبر 2006 -- اي شهرين بعد اطلاع اللجنة على
البرنامج-- بان الاشرطة اتلفت فعليا في 2005.
وفي تشرين الاول/اكتوبر ذكرت صحيفة نيويورك تايمز ان وكالة
الاستخبارات المركزية الاميركية تحقق في اعمال المفتش الداخلي الخاص في
الوكالة نفسها بسبب انزعاج موظفي الوكالة من اساليبه القاسية في
التحقيق ومزاعم باستخدامه التعذيب.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين حاليين وسابقين ان هايدن امر بالتحقيق في
ما اذا كان مدير قسم التفتيش الداخلي في الوكالة جون هيلغرسون قد بدأ
حملة ضد مسؤولي الوكالة العاملين في برنامج الاعتقال والذين يزعم انهم
استخدموا التعذيب في التحقيق مع المشتبه بضلوعهم في الارهاب.
وقالت الصحيفة ان هيلغرسون يقترب من انهاء العديد من التحقيقات في
عمليات تحقيق واعتقال قامت بها السي اي ايه في اطار برنامجها لاعتقال
مشتبه بضلوعهم في القاعدة في دول اخرى او تسليمهم لمسؤولين في دول
اخرى.
وقدم مكتب المفتش العام في الوكالة في وقت سابق تقريرا عن الاخفاقات
قبل 11 ايلول/سبتمبر 2001 ما اثار استياء كثيرين داخل الوكالة.
محام: تدمير التسجيلات سيقوض
المحاكمات
وفي سياق متصل قال محام يمثل سجناء في خليج جوانتانامو ان اعتراف
وكالة المخابرات المركزية الامريكية بأنها قامت بتصوير الاستجوابات
التي كانت تجريها لارهابيين مشتبه بهم على شرائط فيديو ثم دمرتها بعد
ذلك من شأنه القضاء على أي احتمالات لادانة المشتبه بهم.
وقال كلايف ستافورد سميث رئيس جماعة ريبريف الخيرية القانونية التي
تتخذ من بريطانيا مقرا لها، أولا.. تدمير الادلة مخالفة جنائية.
وقال للصحفيين، وثانيا اذا حدث ذلك فان القانون الامريكي واضح تماما
في هذه الحالة.. تسقط الاتهامات الموجهة للفرد اذا كان من شأن هذه
الادلة (التي جرى تدميرها) مساعدة الدفاع. بحسب رويترز.
وقال جميل جعفر مدير مشروع الامن القومي في الاتحاد الامريكي
للحريات المدنية في بيان، تعتقد وكالة المخابرات المركزية فيما يبدو أن
موظفيها فوق القانون.
وقالت اليزا ماسيمينو من جماعة حقوق الانسان أولا، بينما يقر
الكونجرس تشريعات لتعزيز الحظر المفروض على التعذيب والمعاملة
اللاانسانية للسجناء فان وكالة المخابرات المركزية تدمر فيما يبدو
الادلة على استخدامها مثل هذه الاساليب غير القانونية.
وتساءلت، هل يمكن أن يكون هناك اعتراف أقوى من هذا بأن الوكالة كانت
على علم بأن ما كانت تفعله مخالف.
ويعتقد محامو الدفاع عن السجناء الحاليين والسابقين الذين تحتجزهم
الولايات المتحدة أن الادلة اذا وجدت تبين اساءة المعاملة اما على يد
الوكالة أو على يد أجهزة الامن الاجنبية التي عملت معها.
وقال ستافورد سميث الذي يمثل سبعة من السجناء الحاليين في
جوانتانامو ان تدمير الشرائط أظهر أن الاساليب التي تستخدمها الولايات
المتحدة في الحرب على الارهاب تحول دون تحقيق اهدافها. وقال، الان
ونظرا لانهم عذبوهم فانهم جعلوا مهمة تقديمهم للمحاكمة أمرا أكثر صعوبة
بكثير. وتنفي الولايات المتحدة اللجوء للتعذيب أو تسليم مشتبه بهم لدول
أخرى لتعذيبهم.
تنامي غضب الديمقراطيين
من جهة اخرى انتقد الديمقراطيون الذين يسيطرون على الكونجرس
الامريكي عملية التغطية على تدمير شرائط فيديو للمخابرات المركزية
الامريكية تكشف عن وسائل استجواب قاسية ضد المشتبه بهم في الارهاب
وطالبوا بالتحقيق في تلك الواقعة.
وتعرضت الولايات المتحدة لانتقادات واسعة من حلفاء أوروبيين وجماعات
حقوق الانسان بسبب استخدام وسائل مثل الإغراق بالمحاكاة والتي تعطي
السجناء الاحساس بالغرق. بحسب رويترز.
وأعلن البيت الابيض ان الرئيس الامريكي جورج بوش الذي قال مرارا ان
الولايات المتحدة لا تستخدم التعذيب قال انه لا يتذكر انه تم ابلاغه
بأمر الشرائط او تدميرها.
ودعا ديمقراطيون بارزون وزارة العدل والكونجرس الى إجراء تحقيقات
وانتقدوا وكالة المخابرات المركزية الامريكية لتصرفها خارج سلطة
القانون.
وانتقد السناتور الديمقراطي ادوارد كنيدي عملية التغطية التي اعادت
الى الاذهان فضيحة ووتر جيت التي اجبرت الرئيس الاسبق ريتشارد نيكسون
على الاستقالة من منصبه عام 1974.
وقال كنيدي في كلمة امام مجلس الشيوخ، على مدى السنوات الست الماضية
ضربت ادارة بوش بقيمنا وبحكم القانون عرض الحائط. واضاف، والآن وعندما
بدأ الكونجرس الديمقراطي الجديد يطالب بإجابات بدأت الادارة التغطية
على افعالها.
وقال جورج ليتل المتحدث باسم السي.اي.ايه انه تم ابلاغ رؤساء اللجان
المعنية بالكونجرس بالشرائط وبخطط الوكالة لتدميرها ثم جرى تدميرها.
وكان بوش مدافعا قويا عن برنامج الاستجواب التابع للمخابرات
المركزية الامريكية قائلا انه وفر معلومات مخابرات ساعدت في القبض على
اعضاء من تنظيم القاعدة وحال دون وقوع هجمات. وقالت دانا بيرينو
المتحدثة باسم البيت الابيض ان البرنامج مهم لسلامة البلاد.
وقالت ان بوش لا يتذكر ابلاغه بشأن شرائط الاستجوابات او تدميرها
قبل ان يطله هايدن عليها. واضافت، لا يتذكر انه احيط علما بالشرائط او
تدميرها قبل صباح أمس.
وكتب ديك دوربين مساعد زعيم الاغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ
الى وزير العدل مايكل موكاسي يطلب منه اجراء تحقيق فيما اذا كانت
المخابرات المركزية الامريكية انتهكت قوانين اعاقة العدالة بتدمير
الشرائط.
وقال دوربين في الرسالة، امتنعت السي.اي.ايه على ما يبدو عن تقديم
معلومات بشأن وجود هذه الشرائط الى الجهات الرسمية بما فيها لجنة 9/11
ومحكمة اتحادية.
وقالت بيرينو ان محامين بالبيت الابيض يساعدون السي.اي.ايه على جمع
الحقائق. لكنها قالت انه اذا قرر موكاسي فتح التحقيق فإن البيت الابيض
سيدعم ذلك بالطبع. |