محاصرة ايران الهدف الخفي لخطط بوش للسلام في الشرق الاوسط

شبكة النبأ: ان كان السلام في الشرق الاوسط يعتبر هدفا قيما بحد ذاته فان الرئيس الاميركي جورج بوش سعى على ما يبدو من خلال تنظيم اجتماع انابوليس الدولي الى هدف اخر يقضي باحتواء ايران خلف طوق من دول عربية سنية.

ويأتي التزام بوش في قضية النزاع الاسرائيلي الفلسطيني متأخرا بعدما حرص منذ دخوله الى البيت الابيض عام 2001 على البقاء بمنأى عن هذه القضية مركزا جهوده على الحرب في العراق ومواجها النوايا الفلسطينية بالريبة والتشكيك.

غير ان ادوارد جيريجيان السفير الاميركي السابق في اسرائيل في عهد بيل كلينتون قال لوكالة فرانس برس ان ادارة بوش اقرت اخيرا بما كان العديد منا يردده منذ فترة طويلة وهو ان الملف الرئيسي في الشرق الاوسط هو النزاع الاسرائيلي الفلسطيني.

وخيم شبح ايران التي يشكل الشيعة غالبية سكانها على مؤتمر انابوليس وقد ندد رئيسها محمود احمدي نجاد بالمشاركة العربية الكثيفة في المؤتمر تلبية لدعوة بوش.

وغاب العراق والكويت عن انابوليس فيما شاركت السعودية المعروفة بتشددها حيال اسرائيل وكذلك سوريا حليفة ايران في المنطقة والمتهمة مثلها بدعم حركة حماس التي سيطرت في منتصف حزيران/يونيو على قطاع غزة.

ويرى العديد من المحللين ان الخوف من امتلاك ايران السلاح النووي يزداد سواء في واشنطن او في الشرق الاوسط مبررين الاندفاع الجديد من اجل اقامة دولة فلسطينية بالمخاوف التي تثيرها الجمهورية الاسلامية.

واعتبر سفير اخر في اسرائيل في عهد كلينتون هو مارتن انديك ان، طموحات الهيمنة الايرانية (..) وفرت فرصة للولايات المتحدة لبناء تحالف اسرائيلي عربي موجه ضد ايران.

واوضح انديك امام معهد بروكينغز للابحاث ان التحول في موقف بوش هو تقدم تكتيكي بهدف استراتيجي (..) هو التصدي للتهديد الايراني في العراق وفي المنطقة.

وادرج بوش نفسه المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية في اطار اوسع فشدد على الارادة الطيبة لدى الطرفين وعلى الدعم العالمي لمسار تفاوضي جديد محذرا من "السماح للمتطرفين بالانتصار" ومعتبرا ان نجاح المؤتمر "سيسدد ضربة قاضية الى قوى التطرف".

وذكر كذلك حق اللبنانيين في انتخابات حرة في اشارة واضحة الى التدخل السوري في الشؤون اللبنانية في وقت كان نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بين المشاركين.

لكن بالرغم من تاكيد بوش دعمه لعملية السلام فان البيت الابيض اعلن ان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس هي التي ستضطلع ب"المهام الصعبة" في العملية التي يفترض ان تفضي الى قيام دولة فلسطينية بحلول نهاية 2008.

وقالت تمارا كوفمان ويتس من معهد بروكينغز انها "هي التي ستتعرض للوم في حال الفشل وهي التي ستحظى بالاعتبار في حال النجاح".

ورأت ان اجتماع انابوليس كان بالنسبة لبوش اقرب الى  حفل استقبال لهذا التحالف الجديد بين دول عربية والولايات المتحدة الساعي الى احتواء ايران وحلفائها  المعادين لاسرائيل.

ولفت ريتشارد هاس المستشار السابق لكولن باول حين كان وزيرا للخارجية الى الاهتمام الذي يبديه بوش لحمل دول عربية كبرى مثل مصر والسعودية على الانضمام الى مساعيه.

وقال، اميل الى الاعتقاد بان ذلك كان يهدف في جزء منه الى الافادة من التوجه المعادي لايران لدى قسم كبير من العالم العربي السني وتعزيز هذا التوجه (..) والى تغيير النظرة الى سياسة ادارته الخارجية في المنطقة.

 بالنسبة لبوش "أنا بوليس" يتعلق بإيران أكثر من فلسطين وإسرائيل

ورأى خبير أمريكي ان مؤتمر انابوليس بالنسبة لادارة الرئيس الامريكي جورج بوش يتعلق بالدرجة الاولى بتعزيز التوجه المعادي لايران في العالم العربي ومحاولة تغيير الصورة الخارجية لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة والتركيز على الدبلوماسية اكثر من تعلقه بالصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي.

وقال رئيس مجلس العلاقات الخارجية والمدير السابق لتخطيط السياسات في وزارة الخارجية الامريكية ريتشار هاس في اتصال بمؤتمر اعلامي من مدينة نيويورك ان مؤتمر انابوليس عزز موقف السعودية ومصر في مواجهة النفوذ الايراني القوي في المنطقة اضافة الى محاولة فصل المسارين السوري والايراني. بحسب (كونا).

واضاف هاس الذي شغل منصب مستشار رئيسي لوزير الخارجية الامريكي السابق كولن باول في الفترة من 2001 الى منتصف 2003 ان موقف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سيئ كما انه وبمقارنة موازين القوى بين حركة (فتح) ومنافستها حركة (حماس) فانه ليس من الواضح اذا كانت حركة فتح ستفوز.

واشار الى ان عباس وحركة فتح كانا بحاجة ماسة لمؤتمر انابوليس لتعزيز فرصهما من خلال ايجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية ـ الاسرائيلية.

واوضح ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت الذي تعيقه اتهامات بالفساد ادى الى اضعافه سياسيا في اسرائيل وجد في انابوليس فرصة للتعافي من الاضرار التي لحقت به بعد ان شن عدوانا على لبنان العام الماضي كما فتحت له الطريق لاقامة محادثات محتملة مع سورية.

واعرب عن اعتقاده ان «لا احد أتى الى انابوليس لصنع السلام» مضيفا ان البيان الفلسطيني ـ الاسرائيلي المشترك الصادر بعد انتهاء اعمال المؤتمر «كان غامضا للغاية وخاليا من المضمون» واصفا المؤتمر بأنه «شكلي».

وقال ان ثلاثة عناصر ايجابية ظهرت من المؤتمر احدها هو استئناف الانخراط المباشر رفيع المستوى للولايات المتحدة في جهود صنع السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين لاول مرة منذ سبع سنوات الامر الذي «يجعل من الصعب على ادارة الرئيس جورج بوش عدم الاستمرار في ما كان يسمى بعملية السلام».

واضاف ان الميزة الثانية هي ان التواجد العربي والدولي في انابوليس سيكون مؤشرا لامكانية توفير المزيد من الموارد والدعم السياسي بحيث لا ينتهي المؤتمر بصفته حدثا يعقد لمرة واحدة بل ليكون بمثابة بداية لسلسلة من المؤتمرات حول عملية السلام في الشرق الاوسط.

وافاد بأن الميزة الثالثة للمؤتمر كانت تصريحات أولمرت بأنه قد يكون هناك تغييرات مهمة بالحدود الاسرائيلية من عام 1967 مشيرا الى ان تلك الملاحظات على ما يبدو تهدف الى تحضير الرأي العام الاسرائيلي لتغييرات كبيرة منوها بالاشياء الايجابية التي قالها اولمرت حول مبادرة الجامعة العربية.

عباس بمواجهة تحدي حماس بعد أنابوليس

من جهة اخرى  تعلق المساعي التي تساندها الولايات المتحدة لاقامة دولة فلسطينية علي قيام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بما يبدو مستحيلا...وهو حمل حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على تسليم قطاع غزة ونزع سلاحها.

ولم يبذل عباس جهدا كبيرا في تفسير كيف يمكنه تحقيق ذلك سواء عن طريق إجراء انتخابات جديدة أو عن طريق تحرك عسكري. بحسب رويترز.

وبدأ هذا الاسبوع عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت أول محادثات سلام رسمية منذ سبع سنوات بهدف التوصل الى اتفاق العام المقبل لاقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية حيث يعيش اربعة ملايين فلسطيني.

وقال اولمرت انه لن يبرم اي اتفاق سلام حتى يكبح عباس جماح النشطاء ومنهم اعضاء حماس الذين سيطروا على قطاع غزة في يونيو حزيران الماضي بعد اقتتال مع حركة فتح ورفضوا مساعي الرئيس الامريكي جورج بوش للسلام. وتوعدت حماس بتقويض محادثات عباس مع أولمرت بمواصلة قتالها لاسرائيل.

وأكد عباس الذي منيت قوات حركة فتح التابعة له بهزيمة في غزة لبوش في مؤتمر انابوليس بولاية ماريلاند انه لن يدخل في حوار مع حماس ما لم تتخل أولا عن سيطرتها على غزة. لكنه أقر بانه لا يعرف بعد الاسلوب الذي سيتبعه لتحقيق ذلك.

وقال ستيفن هادلي مستشار الامن القومي بالبيت الابيض "نحن نتطلع الى حل على أساس اقامة دولتين وليس ثلاث دول. (الحل) ليس اسرائيل والضفة الغربية وغزة... الفلسطينيون في غزة سيكون عليهم ان يختاروا."

واحتلت اسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية في حرب عام 1967 ثم انسحبت من غزة عام 2005 . وتعتبر اسرائيل غزة كيانا معاديا وتشن على القطاع غارات بانتظام لوقف هجمات صاروخية من جانب نشطاء على الدولة اليهودية.

وحذرت اسرائيل عباس مرارا من أي تجديد للحوار مع حماس قائلة إن ذلك من شأنه نسف خطوات السلام.

ولم يتضح ما اذا كان أمام عباس أي خيارات عسكرية في غزة على المدى القريب على الرغم من جهود الولايات المتحدة لتعزيز قواته الامنية.

ولمح مسؤولون اسرائيليون الى هجوم كبير ضد حماس اذا استمرت الهجمات الصاروخية على اسرائيل. وقالت حماس إن أي قوات دولية ستواجه بعداء من جانبها.

وأعلن عباس انه سيطرح أي اتفاق نهائي يتم التوصل اليه مع اسرائيل للاستفتاء سعيا لكسب تأييد شعبي من شأنه اضعاف قبضة حماس على غزة. وتؤكد حماس على أن عباس لا يملك سلطة الدعوة للانتخابات وان أي انتخابات جديدة يجب الا تتم قبل عام 2010 بموجب القانون الفلسطيني.

انابوليس اعطى الشرق الاوسط "بصيص امل"

وفي سياق متصل اعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند ان المؤتمر الدولي الذي نظم في انابوليس في الولايات المتحدة اعطى الشرق الاوسط "بصيص امل" لكن الطريق ستكون "شاقة".

وقال الوزير امام النواب ان بريطانيا ستساهم ب500 مليون دولار (339 مليون يورو) لقيام الدولة الفلسطينية خلال مؤتمر المانحين المقرر عقده في باريس في 17 كانون الاول/ديسمبر. بحسب رويترز.

وقال ميليباند ، اعطى بصيص امل لكن اطار التطرف والارهاب ومخاطر انتشار الاسلحة النووية يعطي حافزا على التحرك".

واضاف، هناك اسباب عدة تدفع الى التشكيك (...) بسبب خبرة 16 عاما منذ مؤتمر مدريد وبالتالي علينا توخي الحذر" مشيرا الى ان "الطريق بعد انابوليس ستكون شاقة".

واوضح "ادرك جميع المشاركين بان مؤتمر انابوليس لا يمكن ان يكلل بالنجاح الا اذا كان بداية وليس نهاية تصميم جديد لارساء السلام يقوم على اساس دولتين اسرائيل وفلسطين تعيشان جنبا الى جنب".

واضاف ان "المؤتمر يعد محاولة حازمة من الجانبين كما الولايات المتحدة لكسر دوامة العنف وانهاء الانقسامات" موضحا ان لندن اقترحت استضافة مؤتمر العام المقبل للمتابعة بعد مؤتمر موسكو.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 2 كلنون الاول/2007 - 21/ذوالقعدة/1428