الباحثون عن الجنة في برك الدماء

علي الأسدي

 في يوم الجمعة وبعيد الصلاة توجهوا بسيارات ب م دبليو من تلك التي يستخدمها المؤمنون بالله وشريعة نبيه الكريم، متوجهين الى احد بيوت الصفوين في حي الجامعة، ليتبركوا بدم الجندي والاسير السابق في حرب الثماني سنوات. لقد كانوا ثلة من القتلة واللصوص اقتحموا البيت بدون استئذان فادوا واجبهم الشرعي لينالوا ثواب ربهم و رضاه.

لم يعرف ماذا قال القتلة للمغدور، قبل شروعهم بالتلذذ في تحطيم عظامه وتقطيع اوصاله والتمثيل بها شر تمثيل. لقد كان المغدور لوحده في البيت، حيث سافرت عائلته الى سوريا لاجراء بعض الفحوص الطبية التي ما كان بالامكان اجرائها في العراق، بعد ان غادرها افضل الاطباء والمتخصصين. وعندما حاولت ابنته الوحيدة الساكنة في الطرف الاخر من العاصمة، ان تطمأن على والدها بالتلفون مرات ومرات، ادركت على الفور ما يمكن ان يكون قد حصل لوالدها في دولة حي الجامعة المستقلة؛؛

 تعرف المفجوعة ان والدها لا يبرح البيت الا نادرا وفقط للضرورة القصوى. لم يكن والدها في احسن حال بعد عودته من الاسر،حيث كانت معاناته  في معسكرات الهمج في ايران تجربة قاسية لم تغادر ذاكرته ابدا. لقد احالته السنوات الست التي قضاها اسيرا لدى الايرانيين الى انسان محبط وغاضب، بسبب اساليب القهر والتجهيل التي مورست ضده وضد بقية الاسرى ضمن حرب نفسية وعنصرية. وبعد تحريره من الاسر وعودته الى وطنه العراق، لم يحصل من حكومته  على الرعاية المعنوية والصحية التي يحتاجها.

لم تتردد الابنة في الاسراع والتوجه الى البيت حيث والدها، ورغم المخاوف الكثيرة التي عصفت في مخيلتها وهي في طريقها اليه، لم تتوقع شيئا كالذي ستواجهه. لقد كانت الساعة التي استغرقتها رحلتها من الكرادة الشرقية حتى حي الجامعة وكانها العمركله الذي قضته في بيت ابيها. لم تتذكر انها شاهدت اي شيئ وهي في الطريق اليه لشدة قلقها وانشغالها به. لقد ساورها القلق بانها ربما تاخرت في التخابر مع والدها،وربما كان الافضل لو انها اتصلت به في فترة ابكر مما فعلت. كانت تود لوان زوجها الذي يقود السيارة قد انطلق اسرع مما يفعل وهم في الطريق الى حي الجامعة.

حالما وصلوا الى البيت وقبل ان يترجل زوجها من السيارة اسرعت الابنة الى الداخل،كانت الابواب  الداخلية والخارجية مشرعة، وخلال ثوان عادت مرعوبة وهي تصرخ،ومع انه لم يفهم ما كانت تردد  فقد توقع فظاعة ما رأت. حاول الدخول الى البيت لكنها رمت بنفسها على ارض الكراج الكونكريتية وهي تنتحب. وعندما تجمع الجيران وتطلعوا الى داخل غرفة الجلوس حيث مشهد المغدور، هالهم وحشية المجرمين. ولو كان الذي شاهدوه في غابة افريقية لما ترددوا في القول بانه فعل الضباع والذئاب.

لكن الواقعة في بغداد وفي اجمل احيائها، حيث يسكن اساتذة جامعات بغداد وقضاة ومحامي بغداد وقادة فكروسياسييون مرموقون. وبدون ادنى شك ان القتلة بشر تنكروا لادميتهم، مجرمون مأجورون قبضوا ثمن فعلتهم، غدارون جبناء استضعفوه وحيدا ومسالما،وطنيا شريفا ونظيفا، ادى خدمة العلم والوطن باباء وتعفف. لم يكن شيعيا ولا سنيا بل كان الاثنان، نعم كان الاثنان عراقي بالولادة والحياة والعمل واخيرا في الموت غدرا.

وعندما اعلمت الشرطة وجاءت لتستقصي موقع الجريمة وظروفها، قوبلت باطلاق النارالكثيف من عدة جوانب في المنطقة، اضطرت بعدها الشرطة الى الانسحاب امام دهشة الناس وعدم تصديقهم، شرطة تهرب حال سماعها ازيز الرصاص. لقد كان الذين اطلقوا النار على الشرطة (رحومون وكرماء) لانهم لم يستكملوا رسالتهم الجهادية هذه المرة ،فلم يوجهوا نار اسلحتهم للمنتحبين المفجوعين والجيران  المنكوبين بجارهم العراقي الاخير .

السؤال المحير هو: من له مصلحة في كل هذا؟

 الواقعة حدثت في بغداد وفي اجمل احيائها، حيث يسكن اساتذة جامعات بغداد وقضاة ومحامو بغداد وقادة فكر وسياسييون مرموقون. وبدون ادنى شك ان القتلة بشر تنكروا لادميتهم، مجرمون مأجورون قبضوا ثمن فعلتهم، غدارون جبناء استضعفوه وحيدا ومسالما،وطنيا شريفا ونظيفا، ادى خدمة العلم والوطن باباء وتعفف. لم يكن شيعيا ولا سنيا بل كان الاثنان، نعم كان الاثنان عراقي بالولادة والحياة والعمل واخيرا في الموت غدرا.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1 كلنون الاول/2007 - 20/ذوالقعدة/1428