هل يعني انهاء تفويض الأمم المتحدة في العراق تكريس الهيمنة الامريكية طويلة الأمد؟

شبكة النبأ: في خطوة ستفتح الباب امام سجالات جديدة اتفق الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على ان يحددا العام المقبل شروط ما يمكن ان يكون وجودا عسكريا اميركيا طويل الامد في العراق. الامر الذي ينبئ بسجالات تثيرها الكتل السياسية في العراق بين تلك التي تؤمن بضرورة اقامة مثل هكذا علاقة وبين الاخرى التي تعتبر ذلك تكريسا للهيمنة وفرض الامر الوقع كما هو الحال في اتفاقات امريكا مع دول احتلتها سابقا كاليابان والمانيا وهاييتي وغيرها.

وخلال محادثات عبر الدائرة المغلقة (تيليكونفرانس) وقع بوش والمالكي اعلان مبادىء للمفاوضات غير ملزم يحدد الحادي والثلاثين من تموز/يوليو 2008 موعدا لترسيم العلاقات الاقتصادية والسياسية والامنية.

وكان المالكي اعلن في بغداد ان الاتفاق يقضي بان يكون 2008 العام الاخير للتفويض الممنوح من الامم المتحدة للقوات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق وسيستبدل باتفاق جديد بين واشنطن وبغداد. وينتهي التفويض الممنوح من الامم المتحدة لمدة عام واحد في 31 كانون الاول/ديسمبر المقبل.

وتنص الوثيقة التي وقعت على ان الميثاق الامني الجديد سينهي العقوبات الدولية المفروضة على العراق منذ غزوه للكويت في 1990 ويعيد السيادة الكاملة الى حكومة بغداد.

وقال المالكي، لم يبق هنا مبرر لان يبقى العراق تحت اشراف الامم المتحدة، في اشارة الى سقوط نظام الدكتاتور صدام حسين في نيسان/ابريل 2003. بحسب فرانس برس.

وفي البيت الابيض اعلن اللفتنانت جنرال دوغلاس لوت احد اشد المدافعين عن الحرب في العراق ان المحادثات التي ستجرى العام المقبل ستشمل قضايا في لب الجدل الدائر في الولايات المتحدة بشأن الحرب بما في ذلك ما اذا كانت واشنطن ستبقي على قواعد دائمة في العراق وعدد الجنود الذين سيتمركزون هناك والى متى.

واكد لوت خلال لقاء مع صحافيين حول الاتفاق ان، الرسالة الاساسية هنا يجب ان تكون واضحة: العراق يزداد قدرة على الوقوف وهذا نبأ جيد لكن لن يكون عليه الوقوف بمفرده.

واضاف ان، شكل وحجم اي وجود اميركي طويل الامد او ابعد من 2008 في العراق سيكون قضية اساسية لمفاوضات بين الجانبين اي العراق والولايات المتحدة.

ومن البنود التي يتضمنها الاتفاق بين بوش والمالكي مادة تتحدث عن تشجيع تدفق رؤوس الاموال الدولية الى العراق ولكن "خصوصا الاستثمارات الاميركية".

ويعني الاعلان عن الاتفاق بين المالكي وبوش ان ادارة بوش والعراق سيعملان على اتفاق حول مستقبل القوات الاميركية في العراق حيث ينتشر 162 الف رجل رغم الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل والمعارضة الاميركية للحرب في العراق.

واي اتفاق يتم التوصل اليه سيحد من قدرة الرئيس الاميركي المقبل على تحقيق اختراق في الاستراتيجية الاميركية الحالية وعد به الديموقراطيون وسط دعوات بالانسحاب من العراق.

وبينما اكد المالكي ان اي اتفاق نهائي سيتطلب موافقة البرلمان العراقي قال لوت ان الاتفاق لن يحتاج الى دعم الكونغرس الاميركي الذي يسيطر عليه خصوم بوش الديموقراطيون.

وعادة يشكل اتفاقا حول وضع القوات جزءا اساسيا من اي اتفاق لاقامة قاعدة للقوات الاميركية في بلد آخر ويغطي قضايا صعبة مثل حقوق دخول وخروج العسكريين الاميركيين والقوانين التي يخضعون لها.

وانتقدت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بوش بشدة لعزمه على ابقاء القوات الاميركية في العراق بعد مغادرته الرئاسة في كانون الثاني/يناير 2009 .

وقالت ان، اتفاق الرئيس بوش مع الحكومة العراقية يؤكد رغبته في ترك الجيش الاميركي عالقا في العراق واستنفاد قواه بدون مخرج استراتيجي واضح.

واضافت ان الرئيس يجب ان يتحمل مسؤولية سياسته في العراق بدلا من تحميل الشعب الاميركي او الادارة المقبلة نتائج اخطائه.

المفاوضات لبقاء طويل الأمد

وقال اللفتنانت جنرال دوجلاس لوت نائب مستشار الامن القومي الامريكي ان الاتفاق غير الملزم الذي اتفق عليه الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يضع "نوتة موسيقية مشتركة تبدأ بها المفاوضات."

وأضاف ان وزارة الخارجية ستقوم بالدور القيادي في المحادثات التي تهدف للوصول الى اتفاق بشأن طبيعة العلاقات الامريكية العراقية بعد انقضاء أجل التكليف الممنوح من مجلس الامن. ومن المتوقع ان تبدأ المحادثات في اوائل العام القادم وان تنتهي في يوليو تموز. بحسب رويترز.

وينقضي تكليف مجلس الامن الدولي للقوات المتعددة الجنسيات في العراق في نهاية هذا العام وتتوقع الولايات المتحدة تجديده لعام اخر على ان تنظم العلاقات الامريكية العراقية بعد انتهائه اتفاقات ثنائية يتم التوصل اليها من خلال التفاوض.

وشدد المالكي على اهمية انهاء تكليف مجلس الامن لقوات التحالف في العراق. وقال في كلمة في مقره بالمنطقة الخضراء في وسط بغداد ان هذا هدف يتطلع اليه كل العراقيين الذين يحبون وطنهم ويحبون له العودة الى طبيعته دون كل العواقب التي تحملها بسبب سياسات ومغامرات النظام السابق.

وقال لوت ان من السابق لاوانه تحديد حجم الوجود الامريكي في العراق وشكله في الاجل الطويل لكن هذا، من الموضوعات الاساسية للمفاوضات. وفي العراق حاليا 164 ألف جندي امريكي.

واضاف، الرسالة الاساسية هنا ينبغي ان تكون واضحة.. العراق يكتسب قدرة متزايدة على الوقوف وحده وهذا نبأ طيب للغاية.. لكنه لن يضطر للوقوف وحده.

وتراجعت وتيرة العنف في العراق في الاشهر الاخيرة الامر الذي يسمح بالخفض التدريجي للقوات الامريكية حيث سيغادر 20 الف جندي امريكي العراق بحلول يوليو تموز عام 2008.

وقال لوت ان من المهم ان يعرف جيران العراق ان الولايات المتحدة تعتبره عاملا اساسيا في استقرار المنطقة.

واضاف، مثلما لنا علاقات طويلة الامد مع دول اخرى في المنطقة نتطلع لتشكيل علاقاتنا مع العراق مستقبلا في اطار هذه المفاوضات في عام 2008.

وقال لوت ان الاعلان عن المفاوضات الخاصة بالعراق لا صلة له بمحادثات السلام في الشرق الاوسط التي تجرى هذا الاسبوع في أنابوليس بولاية ماريلاند.

القوات العراقية تتحسن لكنها ليست مستعدة بعد

وفي سياق متصل بمدى قابلية القوات العراقية على مسك زمام المبادرة قال جنرال أمريكي كبير ان قوات الامن العراقية تحقق تقدما لكنها لن تكون مستعدة لتولي المهام الامنية في معظم محافظات العراق وعددها 18 بحلول نهاية العام كما كان يأمل الجيش الامريكي.

وشهد العراق هدوءا نادرا مع تراجع أعمال العنف خلال الشهور القليلة الماضية الامر الذي أتاح للولايات المتحدة امكانية تخطيط وبدء خفض القوات تدريجيا. وسيتم سحب 20 ألف جندي من العراق بحلول يوليو تموز 2008.

وارتبطت سرعة الانسحاب بالتحسن في قدرات القوات العراقية التي وصفها اللفتنانت جنرال جيمس دوبيك المسؤول عن تدريب أفراد الشرطة والجيش العراقيين بأنها جيدة لكن متباينة.

وقال اللفتنانت جنرال مارتين ديمبسي سلف دوبيك في يونيو حزيران انه يتعين أن تكون القوات العراقية قادرة على تولي المهام الامنية في 14 محافظة بحلول نهاية العام.

وقال دوبيك لرويترز خلال مقابلة، لا أعتقد أننا سنحقق ذلك. وأضاف، لسنا ملتزمين بجدول زمني على الاطلاق. الظروف في كل محافظة هي التي ستحدد لنا متى نقوم بذلك.

وذكر دوبيك أنه تم ابلاغ رؤساء الاجهزة الامنية العراقية بالمناطق التي يعتزم قائد القوات الامريكية الجنرال ديفيد بتريوس سحب قوات منها وأنه واثق من أن القوات المحلية ستكون قادرة على أن تحل محلها.

وقال ان قوات الامن العراقية المؤلفة من 490 ألف فرد بينهم 160 ألف جندي ونحو 330 ألف شرطي حققت تقدما كبيرا في الشهور الستة الاخيرة لكن الافتقار لقيادة والاختراق الطائفي وعمليات الامداد والنقل لا تزال مشاكل مهمة.

وبعد حملة أمنية استمرت ما يقرب من عام تراجعت الهجمات في العراق بنسبة 55 في المئة منذ اكتمال انتشار 30 ألف جندي أمريكي اضافي في منتصف يونيو حزيران.

كما نسب الفضل أيضا في تراجع العنف الى استخدام وحدات الشرطة في الاحياء التي تنظمها عشائر عربية سنية بالاساس. وتراجع عدد القتلى من المدنيين العراقيين والجنود الامريكيين بشكل حاد في الشهرين الاخيرين.

الوضع تحسن على الحدود ويتطلب المزيد من الامن

من جهة اخرى قال ضابط كبير من قوات حرس الحدود ان الاجراءات المشددة التي يتخذها العراق لتأمين حدوده ساهمت في الحد من عدد الذين يدخلون البلاد بطريقة غير مشروعة فيما أكد مسؤولون أمريكيون انخفاض أعداد المقاتلين الاجانب القادمين الى العراق.

وقال اللواء محسن عبد الحسن قائد قوات حرس الحدود بالعراق في مؤتمر صحفي ان عدد أفراد قوات حرس الحدود وصل الى حوالي 43500 اي ما يعادل تقريبا مثلي حجم القوة في عهد الدكتاتور صدام.

واضاف انه يستطيع القول بكل ثقة بان الحدود مع الدول المجاورة افضل مما كانت عليه في الماضي بأربع مرات. واشار الى انه لا يقصد القول ان العراق تمكن من السيطرة على الحدود بنسبة مئة في المئة ولكن عدد المتسللين تراجع بالمقارنة بعامي 2005 و2006.

وقال مسؤولون أمريكيون ان عدد المقاتلين الاجانب الذين يتوجهون الى العراق انخفض من نحو مستوى ما بين 80 و110 في الشهر خلال النصف الاول من عام 2007 الى مستوى نحو 60 في الشهر هذا الصيف. وقالوا انه لم يدخل العراق في اكتوبر تشرين الاول اكثر من 40 مقاتلا اجنبيا ويرجع هذا جزئيا الى غارة عسكرية شنتها القوات الامريكية على مخيم قريب من الحدود السورية يعتقد انه قاعدة تسهل دخول المقاتلين الى العراق.

وقالت الولايات المتحدة ان على دمشق ان تفعل المزيد لمنع تدفق المقاتلين الاجانب الذين يعبرون من سوريا الى العراق.

وسئل عبد الحسن عن عدد المتسللين الذين يعبرون من ايران فقال ان اعدادا كثيرة تأتي من ايران الى العراق لكن السلطات العراقية تتخذ الاجراءات اللازمة ضدهم. وقال انه ليس كل الذين يدخلون العراق بصورة غير مشروعة يمكن تصنيفهم كارهابيين. بحسب رويترز.

وخلال نفس المؤتمر الصحفي قال البريجادير جنرال جيمس ياربرو ان حركة المرور عبر الحدود مع ايران لا تزال خطيرة. واضاف، نرحب باعلان ايران انها تريد وقف القتال في العراق.

واستطرد، (ولكنني) اعتقد ان علينا الانتظار الان لنرى ان كنا نستطيع الحكم بانهم (الايرانيون) خفضوا بالفعل كمية الاسلحة ..عبر الحدود وايضا التدريب الذي يقومون به في ايران.

جمهوريون يشيدون بالتقدم الأمني وعلاوي يقول التسوية السياسية بعيدة

وفي سياق متصل بتطورات الاحداث أعلن مؤيدو حرب العراق في الولايات المتحدة نجاح جهود الإدارة الأمريكية في تهدئة العنف الدموي في بغداد إثر التراجع الحاد في معدلات الضحايا بين المدنيين والعسكريين خلال الشهور القليلة الماضية، إلا أن  رئيس حكومة العراق الأسبق إياد علاوي قال إن تسوية النزاع مازالت بعيدة.

وفيما أبدى السيناتور الجمهوري، والمرشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، جون ماكين "سخطه" من تباطؤ عملية المصالحة الوطنية مشيراً إلى افتقاد العراق إلى، توماس جيفرسون (ثالث رؤوساء الولايات المتحدة وأشهرهم).. فصدام حسين قتلهم أجمعين.بحسب CNN.

إلا أن العضو في لجنة الخدمات المسلحة بالكونغرس عاد ليشيد بالتقدم على المسار الأمني قائلاً، احرزنا نجاحاً على الصعيد العسكري، بتأمين الأجواء، فيما قال الديمقراطيون إن علينا الانسحاب قبل ستة أشهر.

ومن جانبه قال رئيس مجلس الخدمات المسلحة بالكونغرس، السيناتور كارل ليفين، إن غاية إرسال قوات إضافية إلى العراق هو إعطاء قادة العراقيين السياسيين الفسحة اللازمة لتحقيق تسوية سياسية.

وأشار ليفين إلى تنامي السخط، حتى بين قيادات الجيش الأمريكي، على حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لفشلها في احزار تقدم سياسي.

ونوه قائلاً في هذا الصدد: أعتقد أن هناك إحباطاً متزايداً من حكومة المالكي، حتى بين قيادات جيشنا، لإخفاقها في تحقيق تقدم على المسار السياسي.

إلا أن لأول رئيس وزراء عراقي بعد إطاحة نظام الدكتاتور صدام حسين، رأي مخالف بالإشارة إلى فشل جهود تحقيق المصالحة الوطنية، رغم التقدم الأمني.

وأستطرد علاوي خلال حديث لـCNN قائلاً: الوضع كما هو منذ عدة أشهر مضت، بل على النقيض، نشهد المزيد من المشاكل بين الشركاء في العملية السياسية.

وكان علاوي، الذي تم تعيينه عام 2003 من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة برئاسة الحاكم المدني بول بريمر وبقرار من الأمم المتحدة رئيساً للوزراء في أول حكومة مؤقتة في العراق بعد سقوط النظام السابق، دعا في مطلع سبتمبر/أيلول الماضي رئيس الوزراء الحالي، نوري المالكي للتنحي عن منصبه.

وكانت قيادات الجيش الأمريكي قد أعلنت عن تراجع معدلات العنف في العراق بصورة دراماتيكية منذ الصيف، وفي أعقاب وصول خمس كتائب عسكرية أمريكية إضافية إلى العراق.

وفي هذا السياق قال رئيس الحكومة العراقية الأسبق: الوقت مازال مبكراً للحكم على ما سيحدث، نعلم أن ثُلث سكان بغداد غادروها، وهناك حواجز أسمنتية تفصل بين ضواحيها، ونعلم أن هناك وجوداً قوياً للقوات المتعددة الجنسيات، الله يعلم ما سيحدث عند سحب او بدء انسحاب تلك القوات.

وكان رئيس القائمة الوطنية العراقية، قد كرر خلال حديث لـCNN في سبتمبر/أيلول دعوته الولايات المتحدة إلى إجراء "حوار هادئ" مع إيران، مذكرا بأنّه سبق أن حذّر من انتقال الاقتتال الطائفي آجلا أم عاجلا إلى اقتتال داخل الطائفة الواحدة.

وأكد علاوي، أنّه ليس ضدّ تسييس الدين، وإنّما ضدّ استخدام السلاح خارج إطار مؤسسات الدولة. وقال، إنّه يتعيّن تغيير النهج السياسي والأسس السياسية التي قامت عليها الحكومة الحالية، وبناء قاعدة صلبة من أجل مصالحة وطنية حقيقية لا تستثني سوى الإرهابيين والمجرمين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 28 تشرين الثاني/2007 - 17/ذوالقعدة/1428