
شبكة النبأ: وسط اجواء الترقب والشعور
بالاحباط يستمر قلق اللبنانيين من بقاء بلدهم بلا رئيس في ظل ازمة
سياسية هي الأخطر من نوعها منذ الحرب الأهلية التي جرت في لبنان اواخر
القرن الماضي.
وخيم الغموض على الوضع في لبنان بعد انتهاء الوقت امام محاولات
اختيار رئيس جديد قبل انتهاء تفويض الرئيس اللبناني المنتهية ولايته
اميل لحود.
وترك لحود المؤيد لسوريا والذي يتولى الرئاسة منذ تسع سنوات قصر
الرئاسة شاغرا عند منتصف الليل (2200 بتوقيت جرينتش ) بعد ان اخفق
البرلمان في اختيار خلف له يقبله طرفا صراع مرير له تشعبات دولية. وقال
لحود قبل مغادرة قصر الرئاسة في ركب سيارات الى منزله الخاص القريب ان
ضميره مرتاح ولبنان بخير. بحسب رويترز.
واضاف لحود ان على اللبنانيين ان يختاروا رئيسا تجمع عليه الآراء
بسرعة لأن مجلس الوزراء الحالي الذي تدعمه الولايات المتحدة واوروبا
غير شرعي.
واضاف انه اذا لم يحدث ذلك فإن الثمن الذي سيدفعه لبنان سيكون
باهظا. واعرب عن امله في تحقيق ذلك بأسرع ما يمكن.
ويقول مجلس الوزراء اللبناني برئاسة فؤاد السنيورة انه سيتولى بشكل
تلقائي سلطات الرئاسة الى ان يتفق البرلمان على رئيس جديد للبلاد.
ومن المتوقع ان تعترف الولايات المتحدة والامم المتحدة والاتحاد
الاوروبي ودول عربية محافظة مثل السعودية ومصر والاردن بسلطة مجلس
الوزراء .
ولكن الطرف الاخر من النزاع وهو تحالف معارض يقوده حزب الله وتؤيده
سوريا وايران ان البلاد لم يعد لديها سلطة تنفيذية معترف بها.
وقبل التخلي عن الرئاسة مساء الجمعة أمر لحود الجيش بتولي مسؤولية
الامن قائلا ان هناك خطر الانحدار الى اعلان حالة الطواريء. ورفض مجلس
الوزراء مرسومه بوصفه لاقيمة له.
وأخفق البرلمان الجمعة في استغلال فرصته الاخيرة لانتخاب رئيس
للبلاد قبل انتهاء فترة لحود لكن رئيس مجلس النواب ابقى الامل حيا
بدعوته اعضاء البرلمان للاجتماع من جديد يوم الجمعة المقبل للقيام
بمحاولة اخرى.
وعلى الرغم من ادعاءات الجماعات المتناحرة فلا توجد علامة على ان
الصراع سيؤدي الى اعمال عنف قريبا. وانتشر الجيش في وسط بيروت خلال
الليل من اجل جلسة البرلمان.
وهدأ اعضاء رئيسيون في الاغلبية من بينهم نجل رئيس الوزراء اللبناني
الراحل رفيق الحريري من التوتر السياسي باعلانهم انهم مازالوا يؤيدون
اختيار مرشح تجمع عليه الآراء لمنصب الرئيس.
واشار لحود الى توافر وتحقق اخطار حالة الطوارىء في جميع اراضي
الجمهورية اللبنانية لكن الخبراء قالوا ان العبارات التي استخدمت لا
تبلغ مستوى اعلان حالة الطوارىء.
واضاف لحود انه تم "تكليف الجيش صلاحية حفظ الامن في جميع الاراض
اللبنانية ووضع جميع القوى المسلحة تحت تصرفه وذلك اعتبارا من تاريخ 24
(نوفمبر ) تشرين الثاني."
وارجأ رئيس البرلمان نبيه بري وهو زعيم شيعي معارض التصويت على
انتخاب رئيس جديد للمرة الخامسة يوم الجمعة. ويعني قرار التأجيل ان
لبنان سيصبح بلا رئيس دولة لمدة اسبوع على الاقل.
لبنان من دون رئيس
واقيمت للحود مراسم وداع رسمية في قصر بعبدا شمال شرق بيروت شاركت
فيها ثلة من الحرس الجمهوري ادت له التحية العسكرية وعزفت النشيد
الوطني قبل ان يقوم لحود باستعراضها. وقبل خروجه من المبنى قام لحود
بوداع كبار الموظفين في القصر الرئاسي الذي امضى تسع سنوات فيه.
واوضح مصدر مقرب من القصر الجمهوري لوكالة فرانس برس ان قرار لحود
يعني ان "للجيش الحق في اتخاذ الخطوات التي يراها مناسبة لحفظ الامن"
بعد انتهاء ولاية الرئيس في ضوء عدم انتخاب رئيس جديد مثل منع التجول
او اي تدابير اخرى...
وقال مسؤول امني رفيع المستوى لوكالة فرانس برس ان "قرار لحود يعني
اعلان حال طوارىء لا يملك الحق باعلانها".
واعتبرت الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة ان الاجراء يفتقر الى السند
الدستوري والقانوني مؤكدة في بيان صادر عن رئاسة الوزراء انها ما تزال
مستمرة في تحمل مسؤولياتها وتمارس صلاحياتها كاملة.
وينص الدستور على انه في حال خلو سدة الرئاسة لاي علة كانت تناط
صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء. وكان مصدر في مكتب رئيس
الحكومة اكد لوكالة فرانس برس "ان البيان الذي صدر عن المديرية العامة
لرئاسة الجمهورية لا قيمة وليست له اي صفة دستورية وكأنه لم يصدر".
واوضح، ان اي قرار باعلان حالة الطوارىء وتكليف الجيش يصدر حسب
الدستور عن مجلس الوزراء. واكد الخبير في القانون الدستوري شفيق المصري
لوكالة فرانس برس ان "الاعلان" الصادر عن لحود لا يستقيم دستوريا لانه
في الشكل يحتاج الى مرسوم والى موافقة مجلس الوزراء.
وقال المصري "تعطي المادة 65 من الدستور مجلس الوزراء صلاحية اعلان
حالة الطوارىء والغائها على ان يكون ذلك بموافقة ثلثي اعضائه". واضاف
"صحيح ان رئيس الجمهورية هو القائد الاعلى للقوات المسلحة لكن قرارا من
هذا النوع يجب اعلانه بمرسوم وبموافقة الحكومة واطلاع مجلس الدفاع
الاعلى وهذه كلها عناصر غير متوافرة في اعلان الرئيس لحود الذي لا
يستقيم دستوريا".
قوى العالم تحث كل الاطراف على
الهدوء
من جهة اخرى حذرت الولايات المتحدة والامم المتحدة والاتحاد
الاوروبي من حصول اعمال عنف في لبنان المنقسم سياسيا بعدما ارجئت جلسة
البرلمان لانتخاب رئيس جديد الجمعة للمرة الخامسة.
كما دعت جميع الاطراف اللبنانية الى ضبط النفس في وقت دخل لبنان
مرحلة الفراغ الرئاسي مع مغادرة الرئيس اميل لحود القصر الجمهوري في
نهاية ولايته منتصف ليل الجمعة.
وعبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في بيان عن "قلقه
العميق ازاء هشاشة الوضع في لبنان" قائلا انه يتابع الاحداث عن كثب
و"يدعو كافة الاطراف الى تحمل مسؤولياتها والعمل في اطار الدستور
وبطريقة سلمية وديموقراطية".
وافاد البيان ان الامين العام ابلغ بتأجيل الجلسة الى ما بعد انتهاء
ولاية الرئيس الحالي وانه "يأسف لهذا الحدث ويدعو كافة الاطراف الى
الحفاظ على الهدوء ومضاعفة الجهود للتوصل الى تسوية في اقرب وقت".
من جهتها حثت السلطات الاميركية كل الاطراف السياسية اللبنانية على
بذل قصارى جهدها للمحافظة على الهدوء وتعزيز امن المواطنين اللبنانيين.
وقالت وزارة الخارجية الاميركية في بيان ان حكومة الولايات المتحدة
تثني على القوات المسلحة والاجهزة الامنية اللبنانية لالتزامها الواضح
الدفاع عن القانون والنظام خلال هذه الفترة الانتقالية.
الصحافة اللبنانية تشير الى اتفاق
على "تنظيم" الفراغ في قمة السلطة
من جهتها اشارت صحف لبنانية الى اتفاق ضمني بين الفرقاء المحليين
والخارجيين على "تنظيم" الفراغ في قمة السلطة رغم الفشل في تامين خلف
لرئيس الجمهورية السابق اميل لحود حليف دمشق.
وعنونت صحيفة "النهار" الموالية بالخط العريض "ضمانات سياسية وامنية
تحكم المرحلة الانتقالية". ومن ابرز الدلائل على هذه الضمانات عددت
الصحيفة "مرور اليوم المشهود" (الاخير في ولاية لحود) بسلام اجماع
الافرقاء على مواصلة المشاورات حرص الاكثرية (الحاكمة) على اثبات حقها
في الانتخاب بالاكثرية المطلقة دون ان تستخدمه".
لكن "النهار" اعربت عن خشيتها من ان تطول هذه المرحلة وكتبت "الفترة
الانتقالية قد لا تكون قصيرة وسريعة ما لم تتبدل المعطيات التي حالت
دون الانتخاب".
وكان لحود قد غادر منتصف الليلة الماضية القصر الجمهوري بدون ان يتم
انتخاب خلف له. فقد فشل المجلس النيابي مجددا الجمعة في انتخاب رئيس
جديد. وارجئت جلسة الانتخاب الى الجمعة المقبل اي بعد اسبوع على فراغ
سدة الرئاسة بسبب عدم التوافق بين الاكثرية والمعارضة على مرشح توافقي
لهذا المنصب.
وتحت عنوان "جمهورية بلا راس في حمى الفراغ المنظم" كتبت صحيفة
"السفير" المعارضة "استنقذت القيادات السياسية بعض رصيدها في التوافق
عبر البرلمان على امر واحد تنظيم الفراغ في قمة السلطة" ورات في ذلك
"هدنة لا يحميها الا خوف كل طرف من الاخر".
اما صحيفة "الاخبار" المعارضة فعزت "الفراغ الهادىء" الى "توافق
ضمني بين الولايات المتحدة وسوريا على وضع الملف اللبناني جانبا لبعض
الوقت ريثما يصار الى بت مسائل اخرى ذات اولوية متقدمة في مقدمتها
اجتماع انابوليس".
من ناحيتها نشرت صحيفة "البلد" المقربة من الموالاة في صدر صفحتها
الاولى كادرا ابيض فارغا من صورة الرئيس الجديد.
اللبنانيون.. مزيج من القلق
والاحباط
وراقب اللبنانيون السياسيين في بلدهم بمزيج من خيبة الامل إزاء
الازمة بخصوص انتخاب رئيس جديد والقلق من أن يكون المواطنون العاديون
هم من سيدفع الثمن اذا تحول هذا الصراع الى العنف.
ومع اقتراب موعد انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود بحلول منتصف الليل
طالب كثيرون منهم بحل سريع غير أنهم توقعوا استنادا الى المنطق حدوث
فراغ دستوري في المدى القصير على الاقل.
وفشل السياسيون يوم الجمعة في الاتفاق بشأن مرشح للرئاسة يحظى بقبول
الاغلبية البرلمانية والمعارضة بقيادة حزب الله. وسيحاول البرلمان
مجددا انتخاب رئيس يوم الجمعة القادم. بحسب رويترز.
ويعكس هذا الانقسام الصراع من أجل الهيمنة في لبنان بين سوريا
وايران من جهة والولايات المتحدة مدعومة بتعاطف سعودي وأوروبي من جانب
اخر.
وقال علي دعيبس وهو بائع في متجر، نحن خائفون من ان تؤدي الازمة الى
الفراغ وربما تقسيم البلاد. للاسف الحل في ايد خارجية وخصوصا
الامريكيين.
واضاف علي موبيا وهو تاجر سجاد في الثلاثينات من عمره "هذه الازمة
سيئة... النواب يجب ان يجتمعوا وينتخبوا رئيسا."
ويترك قرار ارجاء التصويت لبنان بلا رئيس دولة متفق عليه بدءا من
منتصف الليل. ونشر الجيش قواته حول مبنى البرلمان بهدف منع اندلاع
اضطرابات وأغلق أغلب الطرق المؤدية الى المبنى وقام بعمليات تفتيش
للمارة.
ومن بين نحو 20 مدنيا استطلعت رويترز اراءهم قال كثيرون انهم ضاقوا
ذرعا بالسياسة والسياسيين ولا يريدون سوى أن يعيشوا حياتهم في سلام
وأمن ورخاء.
وقال سعيد الحمصي الذي يعمل في محل لبيع الزهور بوسط بيروت "لا نريد
حربا اهلية نريد ازدهار الاقتصاد.السياسيون كلهم حرامية ويجب ان
يخرجوا." واضاف دعيبس "كلهم نصابون ينظرون الى مصالحهم ولا يهتمون
بشعوبهم."
وقالت امرأة ذكرت ان اسم عائلتها "هزيمة" ان "البلد يحتاج الى ان
يتنفس ويرتاح مثل اي بلد اخر. نحن لا نشعر بالامان. الكل متوتر مترقب
والعمل مشلول."
واشارت الى جهاز تلفزيون خلفها كان مضبوطا على قناة سياسية تجري
مقابلة مع أحد السياسيين وقالت إن زميلها هو الذي ترك الجهاز مضبوطا
على هذه المحطة. واضافت "لا اشاهد الاخبار أشاهد الاغاني والفيديو كليب
والمسلسلات."
أما روز كودجيكيان وهي عجوز أرمنية فقالت "الشعب لا يريد حربا. انظر
نحن مسيحيين وشيعة نجلس معا مبسوطين."
ويحمل اللبنانيون فوق سن الخامسة والعشرين ذكريات عن الحرب الاهلية
التي دمرت بلادهم بين عامي 1975 و1990. أما الاصغر سنا فقد شاهدوا
الدمار الذي لحق بها في حرب العام الماضي بين اسرائيل ومقاتلي حزب الله
التي تركزت في جنوب لبنان والضواحي الجنوبية في بيروت. |