قناة «فورتين» حصن الطفولة الجديد

ياسر محمد/القطيف

 تتنوع رغبات الأطفال واهتماماتهم، فمنهم من يتخذ مشاهدة الأفلام الكارتونية سبيلاً لتكوين صوراً خيالية تظهر على تصرفاته وسلوكه فيتفاعل مع أي فيلم كارتوني بصرف النظر عن اللغة المستخدمة، ومنهم من يبحث عن القصص ودفاتر الرسم والألوان ليعبر عن صورة بداخله على الصفحات الورقية، إلا أن هذا وذاك تم احتواءه في قنوات الأطفال الكارتونية ومثالها الأبرز قناة «سبيس تون» أول ظهورها وإلى سنوات عديدة كانت قناة الطفولة الجامعة حيث يتمدد الطفل ساعات طويلة أمام شاشة التلفاز متنقلاً بين مختلف مواد القناة.

وهناك من البيوت من خصصوا أجهزة تلفاز خاصة لأطفالهم ليكفوا من الاستحواذ على جميع برامج العائلة، إذ كانت القناة شبه الوحيدة من خلال الجديد الذي تقدمه في عالم أفلام الكارتون حتى أن عدداً لا يستهان به من الأطفال كون له ثقافة خاصة من خلال ما يتم عرضه.

اليوم ومع ظهور القنوات الشيعية في الفضاء الحر، برزت قناة المعصومين الأربعة عشر «فورتين» كقناة متخصصة في المجال الفني الإنشادي والرثائي لتخلق بذلك تموجات إيجابية في تطور الفن التصويري للفيديو كليب الشيعي والقصيدة المقدمة بشكل عام.

كانت القناة مدخلاً مناسباً لاحتواء الطفل الشيعي وإيصال رسالة ربما عجزت الوسائل التبليغية الأخرى عن إيصالها لأفراد المجتمع الصغار مع انشغالات الوالدين في الأمور الحياتية وعدم توجههما للاهتمام بنفسية الابن وثقافته، حيث تمكن عدد من المنشدين من طرح أعمالاً موجهة للطفل بلغة سهلة أحبها الأطفال، فكونت بذلك جمهوراً من الأطفال الذين تقبلوا القصيدة بكلماتها وأطوارها يردونها متى ما عرضت، بل ويسبقون الرادود/المنشد نفسه في تأدية كلمات القصيدة.

ومع اتجاه الرواديد لتقديم الخاص والمميز للطفولة، فإنهم اسقطوا بذلك الحواجز العمرية والاجتماعية ما تعتبر الطفل يعيش السفه حتى يُكلف وأن مكانة الرادود في المجتمع لا تسمح له بالنزول لمستوى تفكير البسطاء من الناس فضلاً عن أطفالهم. وهنا كان للرادود صالح المؤمن في قصيدة «يا حبيبي طه» والرادود نزار القطري في قصيدة «القطار السريع» وقصيدة «فرح ومرح» والرادود صلاح الرمضان في قصيدة «الله ربنا» وقصيدة «لا تلوموني» تأثيراً واضحاً على الأطفال وأكاد أجزم أن 90% مما تعرضه القناة يُحفظ ويُتفاعل معه من قبل الكثيرين منهم سواءً كانت قصائد خاصة بالطفولة أو كليبات وقصائد عزائية متفرقة.

 وبالنظر لجوانب من أسباب نجاح هذه الأعمال وتقبلها نجد عدة عوامل ولكن من أبرزها:

- مشاركة أطفال في سن المشاهدين في تأدية الإنشاد والتمثيل ما يجعل الطفل يرى قرينه خلف الشاشة يقوم بدور يرغب هو في القيام به.

- استخدام الرسوم و الشخصيات الكارتونية كشخصية «فرح ومرح» ما يجعلها تعلق في أذهان الأطفال وينشدّون لما تقوم به الشخصية وربما محاكاتها أيضاً.

- الألحان والأسلوب الكلامي المقارب للمسلسلات والأناشيد الكارتونية التي يقصدها الأطفال.

- تقديم مناهج ووصايا من مدرسة أهل البيت (ع) في أناشيد الطفل كسيناريوهات جديدة لم تقدمها مسبقاً أي من قنوات الأطفال، وبالتالي مادة معرفية جديدة.

وهنا رسالة أوجهها للأخوة في إدارة القناة وغيرها من القنوات الشيعية بأن يشرعوا في إعداد ضوابط مرسومة بدقة لبث أو إنتاج أي قصيدة من ناحية رصانة الكلمات والرسالة الموجهة للأطفال قبل عامة المشاهدين، وأذكر بأهمية الاستعانة بمختصين تربويين من أجل العمل على إنتاج وجبة فكرية للطفل المشاهد والذي وضع ثقته بكل براءة فيما تعرضه القناة، فالطفل الموالي اليوم يبدو أوفر حظاً للتعرف على أئمة أهل البيت (ع) من خلال ما تقدمه هذه القنوات من رسالة أياً كان شكلها تقبلتها أرضية الطفل الخصبة، وهذه مسؤولية عظمى.

كما أدعو المهتمين بالطفل وتنمية الفكر لديه من تربويين ورواديد وغيرهم، بالعمل على إنتاج برامج خاصة قصصية كانت أم تمثيلية تعرض جانباً من سيرة المعصومين (ع) بأسلوب يجعل من الطفل المتلقي العمل بها في حياته، كأعمال الخير ومساعدة الآخرين وحسن الظن بهم وغيرها من الأبجديات الغائبة عن أذهان الكثيرين في دقائق الحياة اليومية.

فكل الشكر لكل من ساهم وقدم أعمالاً سرقت أطفالنا منا وعلمتهم ولو فضيلة واحدة من فضائل الإسلام وجعلت ذكر الله سبحانه وتعالى وأهل بيت حبيبه المصطفى (ع) يتردد على ألسنتهم، فيكون العمل الإسلامي المقدم للطفولة البريئة درساً تربوياً مشتركاً بين من يقبعون أمام الشاشة وهم الآباء والأمهات الذين ينبغي عليهم شرح تلك المفاهيم والقيم التي تبث بشكل أكثر تفصيلاً وبين من يقومون على إنتاج تلك الأعمال الجليلة حتى تصل الرسالة بكامل معانيها إلى أذهان جيل المستقبل القريب.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24 تشرين الثاني/2007 - 13/ذوالقعدة/1428