نزاعات فتح وحماس حققت ما عجز عنه الاحتلال الاسرائيلي

شبكة النبأ: قد تكون من المفارقة السمجة ان تنتهي الأوضاع بين قطبي السلطة الفلسطينية فتح وحماس بتحقيق ما عجز عنه الاحتلال الاسرائيلي لاكثر من نصف قرن خَلت في تفريق الفلسطينيين وتقسيم القيادة الفلسطينية.

ويراهن مروان كنفاني الذي كان متحدث رسميا للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على المقاومة المستمرة للاحتلال سبيلا لاقامة الدولة على أن يترافق مع المقاومة هدف سياسي ويتهم حركتي فتح وحماس بتحقيق ما عجزت عنه بريطانيا واسرائيل على مدى 100 عام.

ووجه في كتابه (سنوات الأمل) انتقادا للرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) وحملهما مسؤولية انقسام القيادة في الاراضي الفلسطينية.

وقال، تقف فلسطين اليوم أو القليل مما تبقى منها وشعبها وقضيتها ومستقبلهم جميعا في بؤرة اليأس المطلق على المستوى المنظور... لقد تمكنت حركتا فتح وحماس من تحقيق ما عجزت قوات الاحتلال البريطاني والاسرائيلي عن تحقيقه خلال حوالي قرن من الزمن حيث كرست كلتاهما عمليا الفصل النهائي بين جزئي الوطن الفلسطيني الصغير واذا كانت حركة حماس قد ساهمت بذلك بتصرفها قصير النظر بالسيطرة بالقوة المجردة على قطاع غزة فان قيادة الرئيس عباس قد أخفقت أيضا.

وأضاف أن أمام الطرفين مهمة صعبة ومعقدة حيث يحاول كل منهما التوجه "الذي لا يخلو من مغازلة" للدوائر العربية والدولية والاسرائيلية لكسب الدعم والتأييد في ظرف وصفه بأنه غير مبشر بالنسبة للفلسطينيين عموما.

ويقع كتاب (سنوات الامل) في 557 صفحة كبيرة القطع وصدر في القاهرة عن (دار الشروق) التي نظمت حفل توقيع لكنفاني. بحسب رويترز.

ويضم الكتاب ملحقا به عشرات الصور لعرفات مع كثير من قادة العالم حيث كان كنفاني قريبا منه اذ تجمعهما صورة مع الرئيس المصري حسني مبارك في "أول زيارة لعرفات للقاهرة عام 1988 بعد انقطاع طويل".

وفي صورة أخرى يراجع كنفاني مع عرفات خطاب الاخير بمبنى وزارة الخارجية الامريكية وفي صورة ثالثة يتشاروان في أول اجتماع لعرفات مع رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق اسحق رابين كما كان بصحبته في زيارة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير للاراضي الفلسطينية وفي العاصمة السويدية في حفل عقب منح عرفات جائزة نوبل للسلام.

ويسجل الكتاب مراحل من النضال الفلسطيني على مدى أكثر من 20 عاما وأبرز محطات القضية الفلسطينية في ضوء نزعات وحروب اقليمية وصولا الى وفاة عرفات الذي توقف المؤلف أمام "عفته عن الدم الفلسطيني وصبره وشكوكه الدائمة وشغفه المطلق بالسلطة."

ولد كنفاني في مدينة يافا وبعد أن أتم دراسة الحقوق بجامعة القاهرة عمل في جامعة الدول العربية وتولى عدة مناصب قبل أن يصبح مستشارا ومتحدثا رسميا لعرفات في عام 1986 وشارك في مؤتمرات سبقت مفاوضات أدت الى توقيع اتفاقية السلام في واشنطن عام 1993 وانتخب في عام 1996 عضوا بالمجلس التشريعي الفلسطيني.

ويؤرخ كنفاني لقضية بلاده في استعراضه لمراحل من حياته قائلا، كنت أومن أن حقنا في العودة لبلادنا كان الطريق الوحيد لحل كل مشاكلنا ومعاناتنا... وأعتقد أن العالم لا يعرف ما الذي حصل لنا ولا يدري حجم الظلم والقهر الذي تعرضنا له ولم ير دموعنا ولا أحس بيأسنا ولا حركته مشاعرنا العارمة في أن نعيش كما يعيش غيرنا على هذا الكوكب أحرارا في وطن صغير.

وأضاف، أن الجيل الحالي من الفلسطينيين ربما لا يدرك أنه قبل أكثر من نصف قرن "لم يكن هناك فلسطين فقد شطب رسمها من خرائط العالم واسمها من القاموس السياسي وعلمها من الكون ووجودها من ذاكرة التاريخ. كأن تهجير أهلها وتدمير كيانها المجتمعي والسياسي لم يكن كافيا" بعد أن تبعثر الشعب خارج أراضيه عقب قيام دولة اسرائيل في عام 1948 وحملت تلك المجموعات البشرية اسم اللاجئين الفلسطينيين.

وقال ان "أول تنظيم فلسطيني خالص" كان الاتحاد العام لطلبة فلسطين وأنشيء في القاهرة نهاية خمسينيات القرن العشرين بجهد من عرفات الذي كان طالبا جامعيا انذاك ثم تبلورت الافكار "بعد مرور 16 عاما عاما (منذ قيام اسرائيل 1948) من التضحيات والضحايا" أمكن تحقيق تجمع سياسي موحد عام 1964 بانشاء منظمة التحرير الفلسطينية مضيفا أنها تمكنت عام 1968 من تطوير صيغتها بانضمام حركة فتح الناشئة واختيار عرفات رئيسا لها.

واضاف أن الفلسطينيين حين لجأوا للكفاح المسلح "السبيل الوحيد الذي فرضه العالم عليهم" بدأ العالم يسمع ويرى نتائج ما يمكن أن يفعله شعب يائس مظلوم.

كما ربط بين "رحلة الدم والقتال" الفلسطيني وظهور ما اعتبره بوادر المسيرة الحقيقية لتحقيق الاهداف الشرعية للفلسطينيين. وقال كنفاني ان قيادة كل من الحاج أمين الحسيني قبل حرب 1948 وعرفات بعد 1994 فشلت في تحقيق الحد الادنى من السيطرة على الاراضي الفلسطينية التي كانت في حوزة كل منهما "وسوف تفشل حركة حماس أيضا في المدى المنظور على تحقيق ذلك حتى في قطاع غزة التي حسمت فيها معركة التصارع على السلطة مع حركة فتح" في يونيو حزيران 2007.

وتابع أن السيطرة لا تعني مجرد قدرة التنظيم القائد على ردع القوى الاخرى في مجال العمل الداخلي، بل أساسا قدرته على ردع ومنع تلك القوى من التعامل المستقل مع القوى المعادية. موضحا،  أن التاريخ أثبت أن المواجهة المسلحة وحدها غير مجدية لتحقيق حرية الشعوب ان لم تكن ضمن سياسات تضمن للمقاومة والعنف سبل النجاح في تحقيق الغايات.

واستعرض كنفاني تجارب دول عربية وأجنبية منها الجزائر وتونس ومصر والهند وكوبا والمكسيك "والولايات المتحدة نفسها" حيث انتزعت استقلالها واعترف بها المجتمع الدولي لانها انتهجت العنف لتحقيق أهداف سياسية في مرحلة من الصراع ولم تعتمد تلك الدول "العنف منهجا وهدفا في حد ذاته."

وقال ان عباس وحركة فتح تقبلا، على مضض فوز حماس (في الانتخابات) وتم تسليم السلطة الفلسطينية شكليا لها والموافقة على تشكيلها الحكومة الا أن النية كانت مبيتة لافشال عملها وتعطيل صلاحياتها.

واضاف قائلا، المقاومة المستمرة للاحتلال (الاسرائيلي) تبقى وحدها ضمن أهداف سياسية واضحة وممكنة التطبيق هي الخيار الاول والاخير للشعب الفلسطيني الموحد في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة والشتات.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24 تشرين الثاني/2007 - 13/ذوالقعدة/1428