العراق يشهد تحقيق مكاسب عسكرية رغم استمرار الجمود السياسي

شبكة النبأ: في محاولة لإضفاء صفة النجاح على الجهود المبذولة من اجل اعادة الأمن لبغداد ومناطق اخرى ساخنة حوّل المسؤولون الامريكيون التعبيرات التي تُستخدم في وصف فشل الرئيس الامريكي  في حمل الزعماء المتنافسين في العراق على التوصل الى اتفاق لإقتسام السلطة الى تعبيرات تهدف الى ترسيخ المكاسب العسكرية.

وفي السابق كان البطء في تحقيق تقدم سياسي يفسر على انه مثل ساعة في واشنطن واخرى في العراق تدقّان بسرعات مختلفة والان يدور الحديث عن فرصة ضئيلة جلبتها "زيادة" القوات الامريكية وكذلك بعض الجهود المنفردة التي تقوم بها الحكومة وسط العراقيل التي تعضها امامها الكتل السياسية الاخرى.

ومع انخفاض العنف بدرجة كبيرة في العراق وتخطيط الجيش الامريكي لخفض قواته الى المستوى السابق على الزيادة بحلول منتصف عام 2008 فان التركيز عاد مرة اخرى الى عدم قدرة الحكومة التي يتزعمها الشيعة في العراق الى التوصل الى تسوية مع الاعداء السابقين.

ويقول انتوني كوردسمان محلل الشؤون العراقية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، بدون مثل هذه التسوية فان الانتصارات العسكرية تصبح خارجة عن الموضوع.

ورغم تحسن الامن فانه لم يتضح على الاطلاق ما اذا كانت الاحزاب السياسية الكردية والشيعية والسنية في العراق مستعدة أو قادرة على ان تنحي جانبا عقودا من انعدام الثقة لاتخاذ خطوات هناك حاجة اليها من اجل تحقيق مصالحة.

وقال ستيفن بيدل وهو عضو بارز في مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة، العراقيون مذعورون حتى الموت من بعضهم البعض. وفي مثل هذه المغامرة التي لها مخاطر كبيرة يحاول الناس تحديد مدى صحة هذا الوضع ومدى استمراريته والى أي مدى هذه التسوية خطيرة ..

ويقول محللون ايضا ان حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي يتزعمها الشيعة تهتم بتعزيز القوة السياسية الجديدة للشيعة أكثر من اهتمامها بالتصالح مع السنة الذين كانوا يهيمنون على الحياة السياسية في عهد الدكتاتور صدام.

وقال كوردسمان، احدى المشاكل تتمثل في ان الشيعة في الحكومة يرون ان تنظيم القاعدة يزداد ضعفا ورد فعلهم الطبيعي هو .. الاستفادة بفاعلية من هزيمة الولايات المتحدة لخصمهم ومحاولة تعزيز السلطة.

وتصر الحكومة على انها ملتزمة بالمصالحة وتقول انها تعمل بشأن أهداف تشريعية رئيسية على سبيل المثال. لكن السياسيين الشيعة والاكراد والسنة الذين اجرت رويترز معهم مقابلات هذا الاسبوع قالوا ان الاحزاب مازالت بعيدة عن ايجاد أرضية مشتركة ومن غير المرجح تحقيق تقدم قبل العام الجديد.

وقال محمود عثمان وهو عضو كردي في البرلمان انه لا توجد ثقة بين هؤلاء السياسيين ولا يوجد تفاهم مشترك.

وقبل صدور تقرير سبتمبر ايلول الى الكونجرس من القائد الامريكي الجنرال ديفيد بتريوس والسفير ريان كروكر أوفدت واشنطن مبعوثين الى بغداد للسعي لدى الحكومة لتمرير قوانين ينظر اليها على انها حيوية للمصالحة بين الطوائف المتحاربة في العراق. بحسب رويترز.

وتشمل الاهداف الثمانية اتخاذ اجراءات لاصلاح قانون يحظر على اعضاء حزب البعث السابقين في عهد صدام شغل مناصب، والاتفاق على كيفية اقتسام الثروة النفطية في العراق.

ووجد مكتب محاسبة الحكومة التابع للكونجرس الامريكي انه حتى 25 اكتوبر تشرين الاول كانت الحكومة العراقية قد أوفت بهدف واحد كما انها أوفت جزئيا بهدف ثان. وارسلت الحكومة هذا الاسبوع مسودة رابعة لقانون اجتثاث البعث الى البرلمان بينما قال وزير النفط ان الموافقة على قانون النفط مازالت بعيدة بعدة أشهر.

وقال تيري كيلي الباحث البارز في مؤسسة راند كوربوريشن والذي كان مستشارا للسياسة للسفير الامريكي السابق زالماي خليل زاد "هذه الاهداف لن تنجح على الارجح .. والاجماع السياسي اللازم لذلك غير موجود وقدرة الحكومة على تنفيذها موضع تساؤل."

ومنذ تقرير سبتمبر ايلول خفت الضغوط على حكومة المالكي من واشنطن بدرجة ملحوظة على الاقل علانية. وقد يشير ذلك الى تغير في الاستراتيجية فيما يحاول المسؤولون التركيز على علامات المصالحة على المستوى المحلي.

وأكد كروكر وبتريوس مرارا في افاداتهم امام الكونجرس ان حكومة بغداد تقتسم ايرادات النفط مع المحافظات بدون تمرير قانون النفط وكيف انها تمد يدها الى ضباط الجيش البعثيين السابقين.

وعاد بيدل للتو من جولة استغرقت عشرة ايام في العراق وقال، يبدو ان ما يحدث هو ان السياسيين على المستوى القومي يجرون تجارب مصالحة هم غير راغبين في تشريعها.

وقال، لذلك لن يمرروا أي قوانين لأي شيء لكنهم لديهم الاستعداد لان يغمسوا اصابع اقدامهم في الماء ليعرفوا كيف يبدو ذلك ويتعرفوا على رد الفعل الذي سيحصلون عليه.

المكاسب الأمريكية بالعراق قد تستمر بعد بوش

ويقول بعض المحللين ان الرئيس الامريكي جورج بوش قد يغادر منصبه العام المقبل دون أن يلاحقه فشل تام في العراق بفضل المكاسب الجديدة التي حققها الجيش الأمريكي هناك.

وأنعش النجاح الأمريكي في قمع العنف الطائفي وأنشطة المسلحين الآمال في أن الأوضاع الهادئة نسبيا التي سادت العراق في الشهور القليلة الأخيرة قد تستمر حتى أوائل عام 2009 عندما يتولى رئيس جديد الحكم في الولايات المتحدة.

وقال مايكل أوهانلون من معهد بروكينجز، التكهنات بوجه عام هي أن جورج بوش سينهي (ولايته) دون أن يلاحقه فشل كبير ملحوظ. قد يعود الحال الى ذلك على مدى الوقت. لكن في اللحظة الراهنة يبدو أن بوش سينجو بجلده. بحسب رويترز.

وكان أوهانلون قد لفت الانتباه في يوليو تموز الماضي عندما عبر عن تفاؤله بشأن المهمة الامريكية في العراق في مقال بصحيفة نيويورك تايمز. ويقدر أن احتمالات تدهور الأوضاع خلال الأشهر الأربعة عشر المتبقية من ولاية بوش تقل عن 50 في المئة.

وتظهر احصاءات صدرت في الأسابيع الأخيرة أن استراتيجية بوش بارسال 30 ألف جندي إضافي الى العراق هذا العام لإرساء الاستقرار في بغداد ومناطق أخرى ساهمت في تراجع العنف بشكل كبير خلال الشهرين الماضيين.

وتباين مستوى العنف بشكل كبير منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003. لكن محللين يقولون ان تحسن الأوضاع في الآونة الأخيرة قد يستمر بسبب الأساليب الأكثر فاعلية التي بات الجيش الامريكي ينتهجها وتمرد زعماء السنة في محافظة الانبار على تنظيم القاعدة في العراق.

وتراجعت حوادث الانفجارات على الطرق بأكثر من النصف منذ مارس اذار. كما بلغ عدد قتلى الجيش الامريكي خلال أكتوبر تشرين الثاني الماضي أدنى مستوياته منذ مارس اذار 2006. وتراجع أيضا عدد القتلى المدنيين العراقيين بنحو الثلثين من أعلى مستوى بلغه هذا العام في يناير كانون الثاني.

وعبر أوهانلون عن اعتقاده بأن من المرجح أن تستمر الاوضاع الاهدأ حتى يغادر بوش منصبه رغم خطط الجيش الامريكي لسحب 20 ألفا من جنوده المقاتلين من العراق بحلول يوليو تموز المقبل.

زيادة القوات الامريكية تنجح في كبح العنف جنوبي بغداد

يهز انفجار مدو الموقع القتالي المتقدم كاهيل.. ويقول الميجر جنرال ريك لينش، اعتقد انه كان قريبا جدا.. هناك.

يتعرض الموقع الامريكي الصغير جنوب شرقي بغداد لهجمات متفرقة طوال النهار من مسلحين يطلقون قذائف مورتر من مخابيء في زراعات النخيل والمباني المتهدمة وفيما وصل لينش مع مراسلين من رويترز على متن طائرتين من طراز بلاك هوك بدأت موجة اخرى من الهجمات.

اطلق مسلحون نيران بنادق ايه.كيه 47 على الطائرتين عند هبوطهما ودوت اصوات انفجار قذائف مورتر من جديد. وهرول لينش وفريق رويترز بحثا عن غطاء اكثر امنا.

يقول كولونيل وين جريجسبي قائد المجموعة القتالية التابعة للواء الثالث للاسلحة الثقيلة في الفرقة الثالثة مشاة التي يقودها لينش "نعلم دائما اننا في المكان السليم حين تقع مذ هذه الاحداث. ينزعجون كثيرا بسبب وجودنا هنا."

ويأتي الرد الامريكي سريعا ومدمرا فتطلق قذائف المورتر ونيران المدافع الرشاشة من القاعدة وتحلق طائرة ايه-10 فوق الرؤوس وتطلق قذائف من مدافع جيتلنج وترد انباء عن مقتل ثلاثة من المسلحين. انها مواجهة معتادة في حرب العراق عندما يخرج مسلحون من مخابئهم لشن هجمات باسلحة غير متطورة ويحاولون العودة في الخفاء قبل ان يتمكن الجيش الامريكي من الرد بنيران اشد كثافة واسلحة اكثر تطورا.

ولكن طبيعة الحرب بدات تتغير فبعد سنوات من الاحباط بسبب انتكاسات بدأ الجيش الامريكي ينتهج استراتيجية جديدة. وتشمل الاستراتيجية الجديدة ارسال 30 ألف جندي اضافي للعراق وتوزيعهم بين الاحياء السكنية في مواقع صغيرة مثل كاهيل بدلا من تمركزهم في قواعد متقدمة كبيرة بعيدا عن التجمعات السكنية. ويقول الجيش ان الخطة حققت نتائج مؤثرة.

والهدف الرئيسي لزيادة القوات الحد من العنف الوحشى في بغداد الذي حرم سكانها من حياة طبيعية لكن نسبة كبيرة من القوات انضمت لفرقة لينش لمساعدته في وقف تدفق الاسلحة والمقاتلين على بغداد.

يوجد في المنطقة الجنوبية بلدات سنية وشيعية ويقول لينش عن منطقته، لدينا متطرفون سنة وشيعة وما نطلق عليه النفوذ الفارسي ولكنه يرى ان من الخطأ التركيز اكثر من اللازم على العنف الطائفي في المنطقة. ويضيف هناك تركيز أكثر من اللازم على حرب اهلية وعنف الطائفي لاننا لا نراه. ما نشهده أعمال عنف. وقال، ان نسبة كبيرة منها ناجمة عن وجود مجرمين وقطاع طرق يتصارعون لبسط نفوذهم وليس بسبب مقاتلين.

وتراجعت اعمال العنف تراجعا حادا في بغداد حسب البيانات الامريكية لعدد الهجمات واحصاءات الضحايا العراقيين. ويرجع التراجع في جزء منه لضربات عنيفة وجهها زعماء قبليون لتنظيم القاعدة في محافظة الانبار وهدنة اعلنتها ميليشيا جيش المهدي التابعة لرحل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

ويقول لينش ان زيادة القوات في بغداد ساهم بشكل حاسم في وقف تدفق سيارات ملغومة ومسلحين انتحاريين على العاصمة عبر نهر دجلة والحد من عمليات تهريب الاسلحة من ايران. ويقول ان هناك انخفاضا كبيرا في اعمال العنف والجريمة في منطقته إذ شهدت تراجع تفجيرات القنابل على الطرق بنسبة 59 في المئة منذ بداية يوليو تموز. ويقول، تراجع عدد الهجمات. رغم اننا نتعرض لهجوم الان...

الديموقراطيون يتهمون بوش "بالإستبداد"

ووصف الديموقراطيون الاميركيون الرئيس جورج بوش بأنه "مستبد" حول العراق فيما يتهمهم الجمهوريون بتجاهل "التقدم الواضح" الذي تحقق في هذا البلد.

وقد تبنى مجلس النواب مؤخرا مشروع قانون حول تمويل جزئي يبلغ خمسين مليار دولار للعمليات العسكرية في العراق وافغانستان ومرتبط بانسحاب القوات.

وفيما يستعد الكونغرس بدوره للتصويت على مشروع القانون قبل نهاية هذا الاسبوع على الارجح صعد زعيمه الديموقراطي هاري ريد لهجته ضد بوش محذرا من انه، غير مؤهل لتسلم هذا المبلغ مع شيك على بياض.

وقال ريد ان، الاميركيين يحتاجون الى شخص يناضل من اجلهم ويستطيع التصدي لهذا المستبد في البيت الابيض. واضاف، ان الحكومة العراقية تواجه اليوم مأزقا اعمق من ما كان عليه قبل ستة اشهر او سنتين موضحا ان الجنود الاميركيين موجودون في وسط حرب اهلية. بحسب رويترز.

لكن الجمهوريين اتهموا الديموقراطيين بأنهم يتجاهلون عمدا التقدم الذي تحقق في العراق بقيادة الجنرال ديفيد بترايوس والذي يتمثل كما يؤكدون بتدن لعدد هجمات المتطرفين والجنود الاميركيين القتلى.

وقال زعيم الاقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل "يجب علينا فعلا الا نقطع الاموال عن قواتنا في ساحة المعركة خصوصا في وقت تبدو الانجازات التكتيكية لخطة بترايوس واضحة".

واذا اخفق مشروع القانون في الحصول على الاصوات الستين الضرورية للمصادقة عليه في مجلس الشيوخ كما هو مرجح قال الديموقراطيون انهم لن يوافقوا على منح اموال حتى قبل نهاية السنة لتمويل الحرب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20 تشرين الثاني/2007 - 9/ذوالقعدة/1428