
شبكة النبأ: تفاوتت آراء المراقبين
الامريكيين حول سلامة ترسانة باكستان النووية في خضم الأزمة السياسية
هناك والتي تصاعدت حدتها بإعلان الرئيس برويز مشرف حالة الطوارئ وتعليق
العمل بالدستور. وما يمكن ان يتبع ذلك من تداعيات على أمن الترسانة
النووية الباكستانية حيث ان اخفاق المؤسسة العسكرية او انقسامها او
اطلاق يد الاحزاب الاسلامية المتشددة كلها عوامل ترشح احتمالات اكبر
لوقوع الاسلحة النووية بيد اسلاميين متطرفين الامر الذي يعتير خطرا
محققا على السلم والأمن العالميين.
وقال المندوب السابق لأمريكا في الأمم المتحدة، جون بولتون، في حديث
لـCNN إنه سيحث إدارة الرئيس جورج بوش على مواصلة الدعم الأمريكي
لمشرف، الذي تلقت حكومته 10 مليار دولار كمساعدات أمريكية منذ عام
2001.
وشرح بولتون أن ترسانة باكستان النووية ربما تكون "تقنياً" في مأمن،
إلا أنها ليست قضية تقنية، بل سياسية.. إذا أخفق الجيش أو انقسم،
فالغطاء التقني لن يحمي تلك الأسلحة. وأضاف قائلاً: لا مجال للالتباس
هنا.. فالوضع بالغ الخطورة.
وأشار المسؤول الأمريكي إلى الموقف الصعب الذي يواجهه الرئيس
الباكستاني مضيفاً: حتى المؤسسة العسكرية ممتلئة بالعناصر المتشددة
الذين حاول (مشرف) تحجيمهم في مناصب دنيا، إلا أنهم منتشرون، وهو
(مشرف) لا يملك مرونة الديكتاتور العسكري الحقيقي.
ودعا بولتون المسؤولين الأمريكيين إلى النظر إلى ما وراء تطبيق
الديمقراطية في باكستان، ونوه قائلاً في هذا السياق: الوضع هنا بالغ
التعقيد، وبالرغم من أن فرض الأحكام العرفية وتعليق العمل بالدستور
أمران غير محبذان، إلا أنني أضع تأمين تلك الأسلحة في سلم أولوياتنا.
وجانب، ريتشارد هولبروك، المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة إبان
حكم الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، رأي بولتون بالتشديد على
المخاوف حول سلامة ترسانة باكستان النووية.
وأضاف قائلاً: الأمر يجب أن يكون مصدراً لقلق الجميع، فهذا وضع
متقلب بصورة استثنائية، لا نريد أن نرى باكستان وقنابلها، تقع في أيدي
أشخاص مثل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والملالي.
وإلى ذلك، قال المرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية،
السيناتور جو بيدن، إنه يولي تلك المخاوف أهمية إلا أنها ليست بالقضية
الملحة.
وأردف قائلاً: أنا قلق للغاية بهذا الشأن ولكن ليست بصورة مباشرة،
لكن ربما خلال العام أو العامين المقبلين.. يمتلكون (باكستان) ما بين
24 إلى 55 سلاحاً نووياً، وليست قنابل فقط، فهنالك الصواريخ البعيدة
المدى التي يمكن أن تشق طريقها إلى البحر المتوسط.
وخالف نائب وزير الخارجية الأمريكي السابق، ريتشاد أرميتاج، تلك
المخاوف مطمئناً بأن الأسلحة النووية الباكستانية في مأمن، مضى قائلاً:
أولاً: الترسانة النووية متفرقة، ثانياً أنها تحت حماية الجيش الفائقة.
وأردف: أعتقد - على المدى القصير أو حتى المتوسط - وفي حال تدهور
الوضع، مخاوفنا لن تنحصر فوراً على الأسلحة النووية.
وعلى الصعيد الباكستاني، قال الرئيس مشرّف إنّ الانتخابات العامة
المقبلة يمكن أن تعقد أثناء حالة الطوارئ التي "ستضمن بالتأكيد
انتخابات نزيهة وشفافة."
وقال مشرف في أول مؤتمر صحفي له منذ بدء حملة القمع، إن حكومته
اضطرت لفرض حالة الطوارئ وتعليق الدستور لإنقاذ البلاد من حكومة مشلولة
جراء تدخلات رئيس المحكمة الباكستانية العليا المقال افتخار شودري،
الذي اتهمه بالفساد.
وأعلن أن الجمعية الوطنية الباكستانية والمجالس الإقليمية ستحل خلال
الأيام المقبلة حتى يتسنى إجراء الانتخابات العامة قبل التاسع من
يناير/ كانون الثاني.
"الحقائب النووية" خطر محتمل
من جهة اخرى حذّر عدد من المشرعين الأمريكيين من مخاطر حقائب السلاح
النووي، وهو ما جسدته "هوليوود" مهد صناعة السينما الأمريكية، في
أفلامها ومسلسلاتها، حتى أن وكالة إدارة الطوارئ الاتحادية FEMA قد
حذّرت من خطر هذا التهديد، كما جاء في معلومات جاءت على موقع البيت
الأبيض الإلكتروني.
غير أن خبراء أجهزة الاستخبارات والوكالات الحكومية يقولون إن هذا
التهديد ينال اهتماما أكثر مما يستحقه، لافتين إلى أن صنع مثل هذه
الحقيبة لحمل سلاح نووي مسألة أكثر تعقيدا مما يظن، وتتطلب اهتماما
بالغا وتكلف ثروة لا يستهان بها.
فيما لا تستبعد سلطات مكافحة انتشار الأسلحة النووية احتمال وجود
مثل هذه المعدات المحمولة في السابق، إلا أنهم يستبعدون أن هذا التهديد
مازال ماثلا.
وقال وحيد مجيدي المدير المساعد في مديرية سلاح الدمار الشامل في
مكتب التحقيقات الفيدرالي الـFBI الحقيبة النووية موضوع قائم من حيث
فرضيتها في صناعة الأفلام.. لم يستطع أحد فعلا تحديد وجود مثل هذه
الأجهزة.
ويعتبر مجيدي ومسؤولون في الإدارة الأمريكية أن التهديد الحقيقي هو
من إرهابي لا يبالي بحجم تفجيره النووي ومستعد لتصنيع سلاح باستخدامه
جهازا قاتلا أقل تطورا وتجميعها مع مواد نووية مسروقة أو من السوق
السوداء.
إلا أن هوليوود استعانت بهذا التهديد لتسخيره في أفلامها
ومسلسلاتها، فعلى سبيل المثال، ركزت حلقات آخر موسم للمسلسل التشويقي
"24" الذي تنتجه مجموعة "فوكس" Fox على مطاردة عميلها البطل جاك باور
لجماعة تملك حقيبة تحتوي سلاحا نوويا في مدينة لوس انجلوس.
وكان مسؤولون في الكونغرس الأمريكي قد أثاروا بدورهم هذه المخاوف،
حيث قال السيناتور الديمقراطي بايرون دورغان في إحدى جلسات الاستماع
إنه يعتقد أن أي تهديد على الأرجح قد يكون من صاروخ باليستي عابر
للقارات.
وكان دليل FEMA حول الكوارث الناشئة عن الإرهاب المنشور بأجزاء منه
على موقع البيت الأبيض قد حذر من أن استخدام الإرهابيين سلاحا نوويا،
قد يكون على الأرجح محصورا في "حقيبة وحيدة صغيرة."
وتقول الوكالة، ستكون قوة مثل هذا السلاح بمستوى القنابل التي
استخدمت في الحرب العالمية الثانية. طبيعة التأثير ستكون مماثلة للسلاح
الذي يسببه صاروخ عابر للقارات، إلا أن منطقة وخطورة تأثيره ستكون
محدودة بشكل أكبر.
الجدير بالذكر أن فكرة وجود جهاز نووي محمول ليس بالفكرة الجديدة،
ففي خمسينات وستينات القرن الماضي صنّعت الولايات المتحدة الأمريكية
أول جهاز من هذا النوع وعُرف باسم الجهاز الخاص لتدمير القنابل
النووية، والقادر على تدمير الجسور والسدود والأنفاق، فيما يقوم فرد
واحد بحمله على ظهره ويحتاج إلى شخصين لوضعه في المكان المطلوب.
ووفق ما نقلته وكالة أسوشيتد برس فإن هذا الجهاز موجود حاليا، لكن..
في المتاحف المتخصصة وبدون أي مواد نووية. وتعتقد مصادر أن الاتحاد
السوفيتي السابق سار في ركاب واشنطن وقام بدوره بصنع حقائب نووية
ممثالة. |