اصدارات جديدة: النبوة في نهج البلاغة

الكتاب:النبوة في نهج البلاغة

المؤلف: د. أحمد راسم النفيس

الناشر: د. أحمد راسم النفيس

توزيع: اخبار اليوم

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ: يتكون الكتاب من ثلاثين فصلا تناولت أهم معالم نبوة الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله كما تحدث عنها الإمام علي بن أبي طالب في خطبه ووصاياه التي جمعها الشريف الرضي في كتاب (نهج البلاغة).

1-  مقدمة.

2- النبوة في نهج البلاغة.

3-  رواة نزول الوحي عند البخاري.

4-  نماذج من التصورات المتداولة عن النبوة.

5-  الرؤية والرائي والفخر الرازي.

6-  كارثة البخاري.

7-  النبوة شجرة.

8-  النبوة كلمة الله.

9-  مناقب الشجرة المحمدية.

10- وصف الشجرة المحمدية.

11- محمد سليل المجد والشرف.

12- النبوة والاصطفاء.

13- بنو هاشم الممهدون للنبوة.

14- إسلام أبي طالب.

15- المواقف الرسالية لأبي طالب.

16- بنو هاشم طليعة الإيمان.

17- أحوال العرب قبل البعثة.

18- الأنبياء وإقامة الحجة.

19- أهل البيت ومواصلة إقامة الحجة.

20- معجزات الرسول الأكرم.

21- نزول الوحي.

22- الهجرة.

23- زهده (ص) في الدنيا.

24- الذين رووا عن رسول الله ص.

25- أمية الرسول المزعومة.

26- وفاة رسول الله ص.

27- رثاء الرسول.

28- الذين ارتدوا على أدبارهم.

29- واجب المؤمنين نحو نبيهم.

30- خاتمة.

إنه ليس كتابا تقليديا يحكي سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله بل هو قراءة في الرؤية العلوية للسيرة المحمدية العطرة.

إنها مفاتيح يراها الكاتب ضرورية وبالغة الأهمية وسط ذلك الجدل القديم الجديد حول النبوة.

ويرى الكاتب أنه يقدم رؤية مركزية لنبوة محمد ص تتفق مع السياق القرآني للنبوات بصورة عامة والتي أغفلها أو تغافل عنها كتاب السيرة المعاصرون فما بالك بخطباء المنابر الذين استقوا علمهم ومعرفتهم عبر السماع والشياع على طريقة من كل بستان زهرة ومن كل كأس رشفة.

مناقب الشجرة المحمدية الهاشمية

من بين هذه الفصول يطرح الكاتب سؤالا ويجيب عليه من خلال شرح حديث الإمام علي عن مناقب الشجرة المحمدية وهل كانت البعثة المحمدية حدثا مفاجئا خارج السياق أم أنها جاءت بعد تمهيد وإعداد طويل شمل بني هاشم خاصة أجداد النبي وآبائه؟؟.

الجواب فيما حكاه لنا القرآن الكريم عن أنبياء الله صلى الله عليهم الذين سبقوا نبينا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وكيف بشر بهم من سبقهم وكيف جرى إعداد وتهيئة آبائهم وأمهاتهم ليقدموا للبشرية ذلك النبت والشجر المبارك الذي سيحمل أمانة الله أي النبوة والبلاغ عن رب العالمين.

ويشرح الكاتب كلام الإمام في وصف الشجرة المحمدية: 

(فَاسْتَوْدَعَهُمْ فِي أَفْضَلِ مُسْتَوْدَع وَأَقَرَّهُمْ فِي خَيْرِ مُسْتَقَرّ تَنَاسَخَتْهُمْ كَرَائِمُ الأصْلاَبِ إِلَى مُطَهَّرَاتِ الأرْحَامِ كُلَّمَا مَضَى سَلَفٌ قَامَ مِنْهُمْ بِدِينِ اللهِ خَلَفٌ حَتَّى أَفْضَتْ كَرَامَةُ اللهِ سُبْحَانَهُ إِلَى مُحَمَّد (ص) فَأَخْرَجَهُ مِنْ أَفْضَلِ الْمَعَادِنِ مَنْبِتاً وَأَعَزِّ الاَْرُومَاتِ مَغْرِساً مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي صَدَعَ مِنْهَا أَنْبِيَاءَهُ وَانْتَجَبَ مِنْهَا أُمَنَاءَهُ.... عِتْرَتُهُ خَيْرُ الْعِتَرِ، وَأُسْرَتُهُ خَيْرُ الأسَرِ، وَشَجَرَتُهُ خَيْرُ الشَّجَرِ; نَبَتَتْ فِي حَرَم، وَبَسَقَتْ فِي كَرَم، لَهَا فُرُوعٌ طِوَالٌ، وَثَمَرٌ لاَ يُنَالُ).

(اخْتَارَهُ مِنْ شَجَرَةِ الأنبياء، وَمِشْكَاةِ الضِّيَاءِ، وَذُؤَابَةِ الْعَلْيَاءِ، وَسُرَّةِ الْبَطْحَاءِ، وَمَصَابِيحِ الظُّلْمَةِ، وَيَنَابِيعِ الْحِكْمَةِ).

(أُسْرَتُهُ خَيْرُ أُسْرَة، وَشَجَرَتُهُ خَيْرُ شَجَرَة، أَغصَانُهَا مُعْتَدِلَةٌ وَثِمَارُهَا مُتَهَدِّلَةٌ).

ويبين الكاتب أن آباء الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كانوا أهل إيمان بالله سبحانه ولجوء إليه فهاهو عبد المطلب يحفر بئر زمزم ليسقي حجاج بيت الله الحرام وهاهو يكبر عندما نجح الحفر وخرج الماء وهاهي السماء تتدخل لإنقاذه من الموت في الصحراء فتتفجر الينابيع من تحت قدميه عندما خاصمه قومه ومنعوا منه الماء وهاهي أخلاق النبوة تتجلى عندما سقى من حرموه الماء قبلها بلحظات.

ويؤكد الكاتب على أن هذه الأخلاقيات الهاشمية الرفيعة قد امتدت إلى عقبهم وعقب عقبهم وهاهو الإمام علي بن أبي طالب يرد على معاوية بن أبي سفيان قوله أنا جميعا من بني عبد مناف: وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَاف فَكَذلِكَ نَحْنُ وَلكِنْ لَيْسَ أُمَيَّةُ كَهَاشِمَ وَلاَ حَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَلاَ أَبُو سُفْيَانَ كَأَبِي طَالِب وَلاَ المُهَاجرُ كَالطَّلِيقِ وَلاَ الصَّرِيحُ كَاللَّصِيقِ، وَلاَ الْـمُحِقُّ كَالْمُبطِلِ وَلاَ الْمُؤْمِنُ كَالمُدْغِلِ، وَلَبِئْسَ الْخَلَفُ خَلَفٌ يَتْبَعُ سَلَفاً هَوَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ.[1]

لقد شكل المنبت الهاشمي علامة فارقة في نشأة الدوحة المحمدية الباسقة ولذا نسمع الإمام علي بن أبي طالب يفاخر بهذا الأصل فيقول: بِنَا يُسْتَعْطَى الْهُدَى وَبِنَا يُسْتَجْلَى الْعَمَى. إِنَّ الأئِمَّةَ مِنْ قُرَيش غُرِسُوا فِي هذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِم لاَ تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ مِنْ غَيْرِهمْ.[2]

عبد المطلب صاحب الإيمان الراسخ

ويوضح الكاتب أن آباء النبي كانوا أهل إيمان مستدلا بموقف عبد المطلب جد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله من غزوة أبرهة فيصفه بصاحب اليقين الراسخ الذي لم يلقي الكلام على عواهنه عندما قال لأبرهة (إن للبيت ربا يحميه) فهو رضوان الله عليه كان في موقف العارف الواثق الموقن بنصر الله لدينه وحفظ الله لأول (بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين).

ولذا فنحن لا نرى غرابة ولا عجبا فيما رواه الكليني في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (يحشر عبد المطلب يوم القيامة أمة وحده عليه سيماء الأنبياء وهيبة الملوك) فمثل هذا الموقف الذي وقفه عبد المطلب من عدو الله أبرهة خليق أن يرفعه إلى هذه المنزلة وما ذلك على الله بعزيز. 

ويفند الكاتب رواية الإعلام السفياني عن كفر أبي طالب

تلك الرواية التي تقول: ولما مرض أبو طالب دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليه الإسلام‏ حيث يروي ابن الجوزي في المنتظم :عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال‏:‏ لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده عبد الله بن أبي أمية وأبا جهل بن هشام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏'‏ يا عم قل‏:‏ لا إِلَهَ إِلا اللّهُ كَلِمَة أشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللّه‏'‏‏ فقال له أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية‏:‏ يا أبا طالب أترغب عن ملّة عبد المطّلب‏ قال‏:‏ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويقول‏:‏ ‏'‏ يَا عَم قُلْ‏:‏ لا إِلَهَ إلا اللّه أشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ الله‏‏ ‏'‏ويقولان له‏:‏ يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب حتى قال آخر كلمة تكلّم بها‏:‏ أنا على ملة عبد المطلب‏ ثم مات‏ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لأسْتَغْفِرَن لَكَ مَا لَمْ أنْهَ عنك ‏'‏‏ فاستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته حتى نزلت هذه الآية{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ....} (113- 114) ‏‏.‏

ويرد عليها بالقول: الروايات التي تحدثت عن موت أبي طالب عليه رضوان الله فيها الكثير من الخلل والاضطراب ويكفي أن يكون الراوي مجهولا فهو تارة (سعيد بن المسيب عن أبيه) وتارة أخرى أبي هريرة الذي أسلم يوم فتح خيبر بعد هذه الواقعة بزمان, إلا أن الأخطر من كل هذا أن (مؤلف الروايات) الذي التقط الآية وركب عليها حديثا عن رسول الله وإن شئت أن تكون أكثر دقة قلت (على) رسول الله, فاته أن المسلمين وإن اختلفوا حول (كفر أبي طالب) من عدمه لم يختلفوا على أنه كان الناصر الأول لرسول الله ولدين الله فكيف يمكننا أن نصدق أن رسول الله تبين له بعد كل هذا الزمان أنه (عدو لله) فتبرأ منه؟؟!!!.

ما هو وجه المقارنة بين أبي إبراهيم وأبي طالب عليه رضوان الله ورحمته؟؟.

التاريخ المتواتر والمؤكد الذي رواه الجميع يثبت دور أبي طالب البطولي في الذب عن رسول الله وعن دعوته عكس ما فعله أبو إبراهيم وهو ما ذكره القرآن في سورة مريم.

أي أن أبا إبراهيم قام بطرده ولم يؤازره ولم ينصره بل وهدده بالرجم والقتل ومع ذلك قال له إبراهيم ع سأستغفر لك ربي فهل كان هذا هو موقف أبي طالب رضوان الله عليه؟؟.

الجواب معلوم.. فقد كان أبو إبراهيم عدوا لله وكان أبو طالب ناصرا لأولياء الله ولرسول الله فما هو وجه المقارنة أو المقاربة بين الحالين؟؟.

ويستشهد الكاتب ببعض المواقف الرسالية الصلبة لأبي طالب. 

ومن بينها خطبته في تزويج محمد من خديجة

ألم يكن ابن الجوزي نفسه هو من روى خطبة أبي طالب في تزويج محمد صلى الله عليه وآله من خديجة بنت خويلد التي قال فيها:‏ الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضىء معد وعنصر مُضر وجعلنا حضنة بيته وسوَاس حرمه وجعل لنا بيتًا محجوبًا وحرمًا آمنًا وجعلنا الحكام على الناس‏, ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد اللّه لا يوزن به رجل إلا رجح به وإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل وأمرٌ حائل ومحمد من قد عرفتم قرابته وقد خطب خديجة بنت خويلد وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالي وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل‏.‏

فما هو يا ترى هذا الشأن الخطير الذي كان أبو طالب يعرفه ويتوقعه بل وينتظره؟؟ أليس هو النبوة؟!.

ويعدد الكاتب مواقف أبي طالب دفاعا عن الإسلام

يروي ابن هشام في سيرته نقلا عن ابن إسحاق :‏‏

فلما بادى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه بالإسلام وصدع به كما أمره الله لم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه حتى ذكر آلهتهم وعابها فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه وأجمعوا خلافه وعداوته إلا من عصم الله تعالى منهم بالإسلام وهم قليل مستخفون وحدب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمُّه أبو طالب ومنعه وقام دونه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر الله مظهرا لأمره لا يرده عنه شيء‏.‏‏

فلما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه من فراقهم وعيب آلهتهم ورأوا أن عمه أبا طالب قد حدب عليه وقام دونه فلم يسلمه لهم مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب‏ فقالوا ‏‏ يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آباءنا فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه فنكفيكه فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا وردهم ردا جميلا فانصرفوا عنه‏.‏‏

ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه يظهر دين الله ويدعو إليه ثم شرى الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال وتضاغنوا وأكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها فتذمروا منه وحض بعضهم بعضا عليه‏.‏‏

ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى فقالوا له‏:‏‏ يا أبا طالب إن لك سنا وشرفا ومنـزلة فينا وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آباءنا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين ‏ثم انصرفوا عنه فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ولا خذلانه.‏‏

متى كان القطع بأمر إيمان أبي طالب من عدمه متوقفا على رواية البخاري أو غيره؟؟.

تعالوا نقتطف بعضا من كلماته النورانية التي قالها شعرا في نصر رسول الإسلام وسنرى بوضوح أن موقفه المناصر لرسولنا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قد انطلق من إيمان راسخ بنبوة ابن أخيه وفلذة كبده ومهجة روحه محمد بن عبد الله:

وإن فخرت يوما فإن محمدا * هو المصطفى من سرها وكريمها.. وبالبيت حق البيت من بطن مكة * وبالله إن الله ليس بغافل.. وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة * على قدميه حافيا غير ناعل ‏وأشواط بين المروتين إلى الصفا * وما فيهما من صورة وتماثل... ومن حج بيت الله من كل راكب * ومن كل ذي نذر ومن كل راجل كذبتم وبيت الله نترك مكة * ونظعن ألا أمركم في بلابل.. كذبتم وبيت الله نُبزَى محمدا * ولما نطاعن دونه ونناضل, ونسلمه حتى نصرع حوله * و نذهل عن أبنائنا والحلائل, وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل, يلوذ به الهُلاّك من آل هاشم * فهم عنده في رحمة وفواضل‏, لعمري لقد كُلِّفت وجدا بأحمد * وإخوته دأب المحب المواصل, فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها * وزينا لمن والاه رب المشاكل, فمن مثله في الناس أي مُؤمَّل * إذا قاسه الحكام عند التفاضل, حليم رشيد عادل غير طائش * يوالي إلها ليس عنه بغافل, فأيده ربُّ العباد بنصره * وأظهر دينا حقه غير باطل, ألا أبلغا عني على ذات بيننا * لؤيا وخُصَّا من لؤي بني كعبِ, ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا * نبيا كموسى خُط في أول الكتب, وأن عليه في العباد محبة * ولا خير ممن خصه الله بالحب.

فمتى كان القائل (وأظهر دينا حقه غير باطل.. ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا نبيا كموسى خط في أول الكتب) كافرا؟؟.

معجزات النبي

ويثبت الكاتب المعجزات النبوية للرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله في مواجهة من ينفونها :

لا شك أن واقعة انشقاق القمر وغيرها من الوقائع هي من معجزات النبوة وهي بعبارة أخرى تشكل جزءا من الولاية التكوينية التي قد يهبها الله لرسله وأنبيائه وخاصة أوليائه.

إنها ليست حدثا منفصلا عن سياق النبوة وإقامة الحجة على الخلائق أجمعين.

فسجود الملائكة لآدم عليه السلام داخل في هذه الولاية التكوينية وهو سجود الخضوع والطاعة لنبي الله ولسر الله المودع في أرواح الأنبياء فضلا عن أنه خضوع لمن حمله الله أمانة الدين {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} فما بالك بسيد الأنبياء والمرسلين. 

وإذا كانت الملائكة قد سجدت لآدم أي خضعت وأذعنت وائتمرت بأمر الله فالملائكة ليست سوى جند من أجناد الله تنفذ ما يأمر به الله عز وجل من أمر {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}.

من هنا فحدوث المعجزات على يد النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله سيد الخلق والحجة على العالم أجمعين فضلا عن ثبوته بالنص القرآني والروايات المتواترة لم يكن يوما إلغاء للعقل كما تصور البعض ممن ذهبوا في رفضهم لمعجزات النبوة حدا جاوز المعقول ويكفي أن نقرأ الآية الثانية من سورة القمر {وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر} وقوله تعالى {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ} الحجر 14-15 {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ} يونس (96-97) لنعرف أن الهدف من هذه المعجزات لم يكن دفع هؤلاء للإيمان بل الوصول معهم إلى آخر الطريق في إقامة الحجة عليهم لئلا يقولوا لو جاءنا الرسول بمعجزة لآمنا وها قد جاءهم الرسول بما طلبوا فما آمنوا ولا أسلموا ولا طابت قلوبهم بالإيمان بنبوة محمد صلى الله عليهم وآله وسلم وظلوا على عنادهم وقتالهم لرسول الله حتى عضهم السيف فأعلنوا استسلامهم بعد أن جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون.

وإذا أكملنا قراءة رواية الإمام علي بن أبي طالب عن معجزة الشجرة نرى رسول الله صلى الله عليه وآله يخبرهم بخبيئة نفسهم وأن طلبهم للمعجزة لا يعدو كونه عنادا ومكابرة (فَإِنِّي سَأرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ، وإِنِّي لأعْلَمُ أَنَّكُمْ لاَ تَفِيئُونَ إِلَى خَيْر وَإِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ فِي الْقَلِيبِ، وَمَنْ يُحَزِّبُ الأحْزَابَ) وكانت المعجزة الكبرى والآية العظمى عندما انتهى الأمر بهؤلاء القوم تلك النهاية السوداء التي اختاروها لأنفسهم فمنهم من كان مثواه الأخير تلك البئر الهاوية الذي ألقوا فيه بعد هزيمتهم يوم بدر ومنهم من امتد به العمر وغلبت عليه شقوته فمضى يحزب الأحزاب ويجمع قوى الكفر والضلال لحرب رسول الله صلى الله عليه وآله {قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا * وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا} مريم 75-76.

نزول الوحي

يفند الكاتب تلك الأساطير والترهات التي أوردها البعض عن نزول الوحي بتلك الصورة الفظة الغليظة مستدلا بكلام الإمام علي بن أبي طالب وما ورد في كتب السيرة عن كيفية نزول الوحي وهي الروايات التي تغافل عنها البعض اتساقا مع المزاج الأموي السائد من يومها في الساحة الإسلامية. 

حتى إِذا كانت الليلة التي أكرمه الله سبحانه وتعالى فيها جاءه جبريل عليه السلام فقال له‏:‏ اقرأ‏.‏ قال له فما أقرأ؟؟ قال‏: {اقرأ باسم ربك الذي خَلق خلق الإنسان من علق... }.‏

ثم إِن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إِلى وسط الجبل فسمع صوتاً من جهة السماء‏:‏ يا محمد أنت رسول الله وأنا جبرائيل فبقي واقفاً في موضعه يشاهد جبرائيل حتى انصرف جبرائيل ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم وأتى خديجة فحكى لها ما رأى فقالت‏:‏ أبشر فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ثم انطلقت خديجة إِلى ورقة بن نوفل وهو ابن عمها وكان ورقة قد نظر في الكتب وقرأها وسمع من أهل التوراة والإنجيل فأخبرته ما أخبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ورقة‏:‏ قدوس والذي نفس ورقة بيده لئن صدقتني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى بن عمران وإنه نبي هذه الأمة فرجعت خديجة إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول ورقة‏.‏

ولما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره وانصرف طاف بالبيت أسبوعاً ثم انصرف إِلى منزله ثم تواتر الوحي إِليه أولاً فأولاً وكان أول الناس إِسلاماً خديجة لم يتقدمها أحد وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏ (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إِلا أربع‏:‏ آسية زوجة فرعون ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد)[3]‏.‏

هذا عن الطريقة التي نزل بها الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحوار الذي جرى بينه وبين جبريل عليه السلام عندما قال له اقرأ فقال ما أقرأ؟؟ قال اقرأ بسم ربك الذي خلق.. فقرأها الرسول صلى الله عليه وآله.

ونحن لا نعتقد على الإطلاق بحدوث المفاجأة على الطريقة المذكورة في البخاري أو غيره تلك المفاجأة التي تدفع رسول الله للحيرة والذهول وكأنها كانت المرة الأولى التي يشعر فيها الرسول بالتواصل بينه وبين جبريل عليه السلام ولا يمنع على الإطلاق أن تكون الرهبة التي أحس بها عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم السلام رهبة ناتجة عن إدراكه لعظم المسئولية والأمانة الملقاة على عاتقه..

إنها رهبة تلقي التكليف الإلهي حتى ولو كان متوقعا في أي وقت وحتى من فترة طويلة.

واجب المسلمين نحو نبيهم

ويختم الكاتب كتابه ببيان واجبات المؤمنين نحو نبيهم وهي:

الواجب الأول: تجديد العهد مع رسول الله والصلاة عليه.

الواجب الثاني: المودة في القربى.

.....................................................

المصادر/

[1] - نهج البلاغة ، رسالة 17.

[2] - السابق ، خطبة 44.

[3]  المختصر في تاريخ البشر لأبي الفداء , ج1 ص 146 نفس الطبعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8 تشرين الثاني/2007 - 27/شوال/1428