العقوبات التركية على كردستان العراق تهيج الروح الإنفصالية

اعداد/ صباح جاسم

شبكة النبأ:  يبرز تهديد أنقرة باتخاذ عقوبات اقتصادية ضد العراق كعامل توتر جديد من شأنه ان يقلل على نحو مؤثر الاموال التي تشتد الحاجة اليها في جنوب شرق تركيا ذات الاغلبية الكردية، وهو ما قد يغذي الحركة الانفصالية الكردية حيث ان السكان هناك سيعانون مباشرة من اثار الركود الاقتصادي المترتب على العقوبات.

وفي الجانب العراقي من الحدود اعتبر الكثيرون ان مجلس الامن القومي التركي يستهدف منطقة الادارة الكردية في شمال العراق بقيادة مسعود البرزاني التي أغضبت أنقرة برفضها قمع متمردي حزب العمال الكردستاني.

ومن المنتظر أن تقرر حكومة رئيس الوزراء التركي أردوغان ما هي الاجراءات التي ينبغي اتخاذها ضد الجماعات التي تدعم الانفصاليين الاكراد في شمال العراق وذلك بعدما أوصى مجلس الامن القومي التركي في الاسبوع الماضي باتخاذ تدابير. بحسب رويترز.

ومن بين الاجراءات التي اقترحها أعضاء في حزب العدالة والتنمية في تركيا قطع الكهرباء عن شمال العراق ووقف أو تقليل الحركة عبر معبر الخابور الحدودي. ولكن تلك التدابير من شأنها الاضرار بتركيا أيضا.

وقال خليل بالكان رئيس غرفة تجارة وصناعة سيرناك القريبة من الحدود العراقية في جنوب شرق تركيا، اذا أغلقوا بوابة الخابور ستنفجر المنطقة وسيكون بمقدورك أن ترى زيادة في الارهاب في المنطقة.

وتحصل نحو 60 في المئة من المنطقة على دخلها من نقل البضائع. وفي اقليم سيرناك وحده هناك 28 ألف شاحنة مسجلة للنقل الدولي.

وهذه بيانات ذات دلالة في المنطقة التي شابتها أعمال عنف انفصالية على مدى عقود من الزمان. وتشير الارقام الرسمية الى أن نسبة البطالة في الجنوب الشرقي تبلغ 15 في المئة فيما يصل متوسط النسبة في تركيا الى عشرة في المئة. ولكن اقتصاديين يقولون ان الرقم الحقيقي ربما يكون أكبر بكثير.

وعند معبر الخابور- وهو المعبر الوحيد بين تركيا والعراق- يقف صف من الشاحنات طوله أكثر من كيلومتر. وهي تنقل ما تقارب قيمته ثلاثة مليارات دولار من البضائع سنويا الى شمال العراق الذي يعتمد في ازدهاره العمراني بشدة على الاسمنت والصلب التركيين.

وتفيد مصادر محلية أن حكومة أنقرة تتعمد تخفيض حركة الانتقال عبر الحدود بسبب ضغوط من المعارضة. ولم يتسن التأكد من ذلك ولكن حركة المرور عبر بوابة الخابور تراجعت الى ما متوسطه 851 شاحنة يوميا مقابل 2300 شاحنة في عام 2005.

ولكن ما زالت حركة المرور عبر البوابة مهمة بالنسبة لجنوب شرق تركيا حيث هناك الكثير من الاهالي يعملون كسائقين يجوبون المنطقة.

وقال هاساري الجي المسؤول في جمعية تعاونية محلية خاصة بالشاحنات، حينما تكون الشركات مملوكة في أقاليم أخرى فإن الناس هناك لا يريدون قيادة الشاحنات في منطقة يعتبرونها خطرة. ولذا فإن قيادة الشاحنات مهمة جدا لهذه المنطقة.

وقال الجي، ان من الصعب بالفعل تلبية احتياجات الناس هنا. فإذا أغلقت الحدود فستترك الاقاليم الجنوبية الشرقية جائعة.. والجوع يولد الارهاب.

وأضاف أحمد بابات وهو من أهالي قرية في الاقليم، الناس يقولون ان الامر سببه حزب العمال الكردستاني ولكنه ليس كذلك. ان سببه الوظائف.. ان سببه الجوع. فالناس سيقاتلون بالطبع ضد الدولة اذا اعتقدوا أنها نسيتهم.

وبدأ حزب العمال الكردستاني حملته المسلحة من أجل اقامة وطن للاكراد في جنوب شرق تركيا في عام 1984 مما نفر المستثمرين على مر الزمان. وأدى لقتل أعمال الفلاحة التقليدية والصناعات القائمة على الثروة الحيوانية. وقتل أكثر من 30 ألف شخص في أعمال العنف المتصلة بحزب العمال الكردستاني.

وشهدت بعض أجزاء الجنوب الشرقي ازدهارا اقتصاديا مؤقتا منذ القبض على زعيم الحزب عبد الله أوجلان عام 1999. وهو ما أدى لسلسلة من وقف لاطلاق النار. وحتى اليوم فإن أعمال العنف أقل بكثير مما كانت عليه في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.

وقال كورسات جوجو الامين العام لغرفة التجارة والصناعة ان مدينة جازيانتيب تقود التنمية في الجنوب الشرقي فهي تبيع سلعا قيمتها 2.5 مليار دولار كل عام وتصدر منتجات الى 140 دولة.

المقاتلون الاكراد السابقون مستعدون للدفاع عن كردستان

وفي نفس السياق فانه لا يزال خطر نشوب مواجهة عسكرية مفتوحة بين اكراد العراق وتركيا التي تسعى الى ضرب قواعد حزب العمال الكردي الانفصالي في شمال العراق بعيدا الا ان هوشيار المقاتل السابق في صفوف البشمركة (القوات الكردية) يؤكد انه مستعد لحمل السلاح مجددا.

ويعتبر هوشيار الذي امضى قرابة 25 عاما في القتال ضد نظام الدكتاتور صدام ان التوغل التركي في ارضه ان حصل يمثل "دعوة للدفاع عن ارض الوطن".

ويقول هذا الرجل الستيني، انا مستعد للعودة الى حمل السلاح.

واكد متحدثا من منزله في مدينة اربيل (350 كلم شمال بغداد) انه لن يتردد ولو للحظة واحدة في العودة الى الجبهة في حال توغلت القوات التركية في اقليم كردستان لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني الذين يختبئون في مناطق جبلية.

ويؤكد عدد كبير من مقاتلي قوات البشمركة من رفاق هوشيار والذين ينعمون بحياة هانئة منذ سقوط النظام السابق في العراق على استعدادهم لحمل السلاح مجددا. وقال هوشيار بثقة عالية "نحن جميعا بشمركة".

ويعرب معظم اهالي مدينة زاخو القريبة من الحدود مع تركيا والتي يقطنها نحو 180 الف نسمة عن قناعتهم بقرب وقوع اشتباكات في مناطق حدودية.

واكد رشيد زاخوي لفرانس برس ان الناس قلقون من التداعيات الاقتصادية لهكذا اشتباكات.

واضاف، ان الاتراك قصفونا في السابق بالصواريخ واوقعوا قتلى ودمارا من دون ان يلحقوا ضررا بحزب العمال الكردستاني.

ويتمركز عناصر حزب العمال في اقليم كردستان في شمال العراق وتقدر تركيا عددهم بنحو 3500 مقاتلا. ويختبئ هؤلاء في مناطق وعرة في جبال قنديل (شرق زاخو) في المثلث الحدودي بين تركيا وايران والعراق.

وعلى اقل تقدير فان سلطات اقليم كردستان تغض النظر عن هؤلاء المتمردين ولا يمكنها تجاهل التضامن العرقي والاسري الذي يربط بين المتمردين ومواطنيها.

وفي الوقت نفسه يرتبط اقليم كردستان العراق بعلاقات تجارية واسعة مع تركيا.

واكد زاخوي، ان مدينة زاخو تعتمد على الطاقة الكهربائية التي تزودها بها تركيا كما ان البضائع الموجودة في اسواق المدينة تاتي كلها من تركيا. واضاف، ان اهالي مدينة زاخو يريدون علاقات طبيعية مع تركيا لاعتبارات تجارية بحتة. وتابع، الكل هنا يشاهدون التلفزيون التركي ويتابعون بحماسة الدوري التركي في كرة القدم ويناصرون فرقا تركية.

ولكن هوشيار يقول ان المصالح التجارية لا يمكنها ان تنسي الناس الامور السياسية. ويتابع، الاتراك لن يغيروا ابدا وجهة نظرهم حيال القضية الكردية.

ويضيف، انهم لا يريدون خصوصا ان تكمل عملية الحكم الذاتي الحالية في كردستان مسارها الطبيعي لانهم يعتبرون ان هذا الامر يهدد بنقل هذه العدوى الاستقلالية الى السكان الاكراد في تركيا.

ويعتبر هوشيار ان انقرة تتذرع بوجود حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق للتهديد بشن عمليات ثأرية ضد كردستان. في حين ان كفاح حزب العمال الكردستاني مر عليه الزمن وان كان عدد كبير من الاكراد يتعاطفون معه.

ولكن هذه النظرة الواقعية لم تخفف من حماسة هذا الرجل الذي اشار الى صورة معلقة على حائط في منزله تجمعه مع اربعة شبان آخرين مختبئين في منطقة جبلية كردية خلال مشاركته في قتال نظام صدام حسين.

وعن هذه الصورة يقول: ثلاثة من هؤلاء البشمركة اعتقلوا من قبل القوات العراقية فيما حالفنا الحظ انا واحد الرفاق بالبقاء على قيد الحياة.

واكد هوشيار انه اعتقل في نهاية المطاف على ايدي النظام السابق وتعرض للتعذيب لكنه لم يعترف بانه من البشمركة ما ساعد على اطلاق سراحه.

ويختم بالقول انه خلال السنوات الخمس والعشرين التي قضاها في ساحات القتال اصيب مرات عدة واليوم ومع انه يعيش في الاستقرار والازدهار اللذين ينعم بهما اقليم كردستان الا انه مستعد للعودة الى القتال اذا ما شعر بان ارضه مهددة.

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 3 تشرين الثاني/2007 - 22/شوال/1428