التسامح الديني في امريكا يستقطب المبدعين

اعداد/ عدنان عباس

شبكة النبأ: الموظفون والعاملون المسلمون يجدون دليلا على الترحيب بهم في الشركات الامريكية، وهي الحالة المعكوسة للتسامح والتواصل مع بنو الانسان وكان من المتوقع بحسب القراءة الاسلامية حدوثها في موطن الينبوع النوري باعتبار انه الاكثر قربا من الروح الاسلامية ويتمتع بفهم عال للفحوى الاخلاقية، لكن ذلك لم يحدث بنتيجة التعصب والتطرف والتكفير الذي شوه المفهوم الاسلامي الحقيقي في ارض الإسلام.

فيما تحاول اعداد كبيرة من الشركات الأميركية التكيف والتجاوب مع المعتقدات الدينية للموظفين والعاملين المسلمين فيها وذلك بتخصيص غرف خاصة للصلاة والتأمل وتأييد ارتداء غطاء الرأس التقليدي، الحجاب، وتعديل ساعات العمل وتلبية طلبات الإجازة في مناسبات الأعياد الإسلامية الرئيسية. بحسب موقع يو إس إنفو.

ويقول الخبراء المختصون بالتنوع والتعدد إن تلك المؤسسات ترى أن هناك علاقة بين ثقافة تقوم على الشمول وبين النجاح في العمل، فاحترام الاختلافات الدينية أسلوب هام في اجتذاب العاملين الموهوبين والاحتفاظ بهم واكتساب قاعدة أكبر من الزبائن.

وتقول ميرنا ماروفسكي المستشارة في شؤون التنوع إن هناك أعدادا متزايدة من المسلمين تنضم إلى القوة العاملة جالبة معها مهارات ثمينة ومواهب، ويريد هؤلاء العاملون أن يضعوا كل إمكاناتهم في خدمة العمل، وهذا جزء من دينهم وتقاليدهم ومعتقداتهم.

وصرحت ماروفسكي، وهي شريكة سابقة ورئيسة لمؤسسة بروغروب (المجموعة الحرفية)، وهي مؤسسة مركزها منيابوليس للاستشارة والتدريب على التنوع، بقولها إنه في الوقت الذي تسعى فيه الشركات إلى الانتقال إلى دور عالمي متزايد متعدد الثقافات، لأنها ترى في ذلك فائدة تجارية، فإنه يترتب على ذلك أن تكون لها قوة عاملة متنوعة.

وتقول دايفرستي إنك، وهي مجلة تجارية شهرية، إن بين الشركات الخمسين الرئيسية المؤيدة للتنوع، وهي قائمة تصدرها المجلة سنويا، هناك 70 بالمئة من الشركات تسمح للموظفين بإجازة أعياد طبقا لمعتقداتهم الدينية، بينما يتخذ 16 بالمئة ترتيبات دينية خاصة كتخصيص غرف للصلاة، وتقول مجلة دايفرستي إن قائمة الخمسين الأوائل قد حددت الاتجاهات كمؤشرات للتنوع على الصعيد القومي.

وقالت المجلة في مقال آخر لها منفصل إن رمضان، شهر الصوم المبارك عند المسلمين الذي انتهى في 13 تشرن الأول/أكتوبر كان يمر دون معرفة به من معظم المستخدمين الأميركيين. إلا أن حجم إنفاق المسلمين في هذا الشهر الذي يبلغ 580 مليون دولار، والتنوع الديني المتزايد في مراكز العمل قد أقنعا الشركات التقدمية بإيلاء الموضوع أهمية خاصة.

ويتجنب بعض المديرين جدولة جلسات "غداء وعمل" قد تصادف وتتداخل مع صيام رمضان، فيما أصبح من الشائع أن تقيم المؤسسات التجارية مآدب إفطار تكريما لنهاية الصوم اليومي. فشركة فورد للسيارات، مثلا، درجت على عادة إقامة موائد الإفطار منذ سبع سنوات.

وقدمت ماروفسكي في مقال نشر في العام 2006 تحت عنوان كرّموا زملاءكم المسلمين نصائح للزبائن الذين كانوا يسألون عن ما إذا كان عليهم أن يفعلوا شيئا خاصا في رمضان. وقالت إن تلك كانت أول سنة منذ 20 سنة من عمر المؤسسة الاستشارية للتنوع أرى فيها مثل هذا القدر  من الاهتمام.

وقالت ماروفسكي إنه مع أن القانون الأميركي يطالب المستخدمين أصحاب الأعمال بأن يوفروا تسهيلات معقولة تتكيف مع الممارسات الدينية التي يتمسك بها مستخدموهم بأمانة فإنها تعتقد أن المطلب القانوني لا يشكل الحافز الرئيسي في سياسيات التنوع الديني عند كثير من الشركات.

وأعربت ماروفسكي في مقابلة معها عن أن الأمر الذي يشكل الدافع الأول لذلك هو أن جو مكان العمل قد تغيّر وأن العناصر الديموغرافية (المتعلقة بالأشخاص العاملين) في مقر العمل قد تغيرت، فهناك حاجة إلى عاملين يجلبون معهم المهارات والمواهب، وقالت ماروفسكي: إن الموضوع كله يتعلق بالمحافظة على استبقاء المواهب.

ويتفق مع هذا تيري هوارد مدير شؤون التنوع والشمول في شركة تكساس إنسترومنتس، المؤسسة الكبرى للأجهزة والمعدات التكنولوجية المتقدمة في مدينة دالاس بولاية تكساس.

فقد صرح هوارد بقوله: إنه بالنسبة لتكساس إنسترومنتس، من مصلحتنا أن يشعر الناس بالراحة وهم يأتون إلينا هنا كي يساعدونا في تحقيق النجاح.

وقال إن الشركة خصصت غرف هدوء وصفاء يمكن استخدامها يوميا للصلاة. ويشكل  الموظفون والعاملون المسلمون في الشركة منذ نحو ست سنوات جمعية للاتصال والتعاون، وهي واحدة من 17 جمعية أخرى في الشركة للتآلف والمودة وتعرف الجمعية بمبادرة العاملين المسلمين.

وقال هوارد إنه يتذكر مهندسا شابا مسلما كانت الشركة قد بذلت جهدا خاصا لاستخدامه، لكنه قرر لسبب ما أن يغادر وينضم إلى شركة منافسة، إلا أنه وجد في نهاية المطاف أن الشركة المنافسة لم ترحب به وبدينه، ولم يكن فيها جماعة ألفة ومودة، ولم يكن فيها غرف هدوء وصفاء، فعاد إلى الشركة ورحبنا بعودته.

واضاف هوارد: بأن مبادرة العاملين المسلمين كانت نتيجة لثقافة شركة تكساس إنسترومنتس الشمولية وقد أردنا بعد (الهجمات الإرهابية في 11 أيلول/سبتمبر 2001) أن نتأكد فعلا من أنه لا توجد هناك عوائق في مقر العمل تواجه العاملين من الشرق الأوسط أو المسلمين، ولذا بدأنا في الدخول في حوار معهم، وسألناهم عن بيئة العمل بالنسبة لهم.

ويقول سراج أختر، وهو أحد كبار مهندس التصميم في الشركة ورئيس مبادرة العاملين المسلمين في مقال نشر مؤخرا في صحيفة دايفيرستي ويلث (ثروة التنوع)، إن وجود جمعية الألفة والمودة الإسلامية كان ضروريا بعد الهجمات الإرهابية في العام 2001. ويضيف أختر قائلا كان على العاملين المسلمين أن يشرحوا حقيقة الإسلام وما الذي نعتنقه، كنا بحاجة إلى جعل زملائنا في العمل يعون ديننا ويدركون ممارسات شعائرنا ونزيل الصورة النمطية السائدة.

ويؤكد أختر أن العاملين المسلمين يشاركون جماعات الألفة والمودة الأخرى في المهمة المشتركة في الانخراط كليا في العمل من أجل صالح تكساس إنسترومنتس، وقد أقامت جماعته بالتعاون مع مبادرة القيم المسيحية، وهي جمعية أخرى من جمعيات الألفة والمودة، عدة نشاطات مشتركة، وهو يقول في هذا الصدد نحن نعترف صراحة باختلافاتنا ولن يتنازل أحد منا عن ما يتعلق بدينه، لكننا عملنا على زيادة احترام كل منا للآخر.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 29 تشرين الاول/2007 - 17/شوال/1428