المرجع السيد الشيرازي مخاطباً رؤساء العشائر من البصرة:

تواصوا بالحق وبالصبر يا أهل العراق ولا تنازعوا فتفشلوا

شبكة النبأ: يمر العراق اليوم في منعطف مهم بل تمر المنطقة والعالم كلّه بمنعطف عبر العراق. فالعراقيين إن نجحوا في التزامهم بخط أهل البيت وتجاوزوا المحنة، فبمقدار ذلك الالتزام والنجاح الذي يحقّقونه كمّاً وكيفاً وتقدّماً أو تأخراً سينعكس ذلك لصالح المنطقة كلها والعالم كله. وسيتحقق ذلك بإذن الله تعالى وبرعايته مولانا الإمام بقية الله عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

هذا ما أشار إليه المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في كلمته القيمة التي ألقاها في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة يوم الجمعة الموافق للرابع عشر من شهر شوال المكرّم 1428 للهجرة بجمع من رؤساء العشائر العراقية الغيارى من محافظة البصرة.

وقال سماحته أيضاً: من النقاط المهمة والأساسية التي أكدها القرآن الكريم وأوصى المؤمنين كافة بالالتزام بها ما جاء في قوله تعالى: «وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ». فبحمد الله تعالى بوادر هذه المهمة ملموسة ومشاهدة في أتباع أهل البيت سلام الله عليهم بالعراق ولكنها بحاجة إلى بلورة وتفعيل والتزام أكثر فأكثر، حتى يأمن العراق والعراقييون من مآسٍ أخرى.

وأضاف سماحته: أذكر لكم عبرة من تاريخ العراق وهي مذكورة في كتب التاريخ:

لقد أمّر الحاكم الأموي عبد الملك بن مروان الحجّاج الثقفي والياً على الكوفة، وحكم هذا الأخير عشرين سنة أهلك فيها شيعة العراق عامّة بل امتدّ ظلمه إلى مدينة فارس (شيراز) الإيرانية.

كتبوا أنه عندما وصل الحجّاج الكوفة صعد المنبر وتناول أهل الكوفة وبالخصوص شيعة أهل البيت سلام الله عليهم بما كان يليق به هو. فاغتاظ أهل الكوفة، واجتمع مجموعة من أعيان الشيعة وجمعوا فرسانهم وأبطالهم وأحاطوا بدار الإمارة وأخرجوا الحجّاج ومن معه من القصر وطردوه من الكوفة. وفي طريقة إلى الشام بات الحجّاج ومن معه في قرية، وخلال بيتوته أشار عليه أحدهم أن لا يرجع إلى الشام خشية من غضب عبد الملك عليه، وأشار عليه أن يبقى في هذه القرية وينظر ماذا يحدث غداً.

أما الكوفة فأخذ زمام أمورها ثلاثة من وجهائها ريثما يأتي وال آخر من الشام، وكتبوا إلى عبد الملك ماجرى بينهم وبين الحجّاج وطلبوا أن يبعث غيره. وقبل أن يصل الجواب من عبد الملك حدث أمر وهو أنه:

جاء شيخ من إحدى عشائر الكوفة ـ وكانت عشيرته من العشائر الصغيرة وتحت إمرته مئة من السيّافة ـ إلى هؤلاء الثلاثة واقترح عليهم أن يشركوه في إدارة زمام الكوفة، فاستصغروه ونهروه وأخرجوه. فخرج هذا الشيخ منزعجاً ومتألماً، فقرّر أن يلتحق مع سيّافيه بالحجّاج.

وعندما التحق بالحجّاج قال الأخير: لا أنتظر شيئاً بعدكم. فحمل على الكوفة واستطاع أن يحكم قبضته عليها ويسيطر على الأوضاع. فحكم الكوفة والعراق عشرين سنة أذاق فيها أهل العراق ومن حوله أشدّ المظالم والمآسي والإجرام مما قلّ نظيره في التاريخ، حتى أن أحد كبار أهل العامّة قال: لو أتى اليهود بظالميهم وهكذا النصارى وسائر الأديان وجئنا نحن المسلمين بالحجّاج لغلبناهم على ظلمه.

وعقّب سماحته مخاطباً الضيوف: إن خطأ إداريّاً صغيراً أو تصرفاً خاطئاً صغيراً قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه. فأنتم يا شيوخ العشائر الغيارى تقع عليكم مسؤولية كبيرة. فأنتم الأمل الظاهري للمرجعية وغير المرجعية حيث إن الأمل الواقعي هو بالله تعالى وبرسوله الأكرم صلّى الله عليه وآله وبمولانا الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسين والإمام المهدي المنتظر صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. فليوصي بعضكم بعضاً بالحق وبالصبر.

كما عليكم بلملمة الطاقات والمؤمنين وبالأخص جيل الشباب فهم بناة العراق في المستقبل، وهؤلاء ليس لهم نضج كنضج الكبار ولا تجاربهم كتجارب الكبار، فاهتموا بهم وأولوهم الرعاية والتوجيه الصحيح والحسن قولاً وعملاً، أكثر وأكثر، حتى تكون النتيجة مسرّة.

وأكّد دام ظله في ختام كلمته: إن ما يجري في العراق اليوم أقلّ ما يقال عنه أنه بات يُخشى منه بل وأكثر من يخشى. فحتى الغربيون باتوا يخشون أن ينتقل إليهم ما يحدث في العراق، لأن عالم اليوم ليس كعالم الأمس فقد صار قرية صغيرة كما سمّوه. فنجاة العراق مما يمرّ به سيكون نجاة للمنطقة وللعالم بأسره. فحاولوا أن تتجنّبوا النزاع وحاولوا أن تجنّبوا الآخرين من الوقوع في النزاعات، حتى ينعم العراق وأهله بالخير والأمان.

إنّ العراق بلد أهل البيت حيث يضمّ المراقد الطاهرة لسبعة من المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم، وهذه خصيصة امتازت بها أرض العراق دون غيرها من البلاد حتى مكة أو المدينة، فحريّ به وبأهله أن ينعما بالإيمان والخير والأمان والسلام.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 29 تشرين الاول/2007 - 17/شوال/1428