التجديد والحداثة.. في منهج الشيرازي

محمود عبدالصاحب البقلاوة

 تابعت فعاليات المهرجان التأبيني للمفكر والمؤلف الراحل السيد محمد الشيرازي (عراقي الموطن والأصل والذي أقام في الكويت فترة من الزمن وتوفى في إيران قبل ست سنوات) والذي أقيم لمدة أسبوع في محافظات (العاصمة؛ المحرق؛ الوسطي والشمالية).

 وأثناء حضوري ومطالعاتي على ما خلفه من مؤلفات فاقت الألف استخلصت بأن هذا الرجل إنساني قبل أي شيء، همه خدمة المجتمع والإنسان أين ما كان. فلقد راجت أخيراً عناوين الحداثة والتغيير والتجديد - حيث مضى الحداثويون وفق ما يرتؤونه بتفسير ما يحلو لهم مستشهدين بنصوص دينية تتماشى مع تطلعاتهم غير آبهين بالتبعات الأخرى.

 فظهر منظرون ومفكرون لهذا الاتجاه السائد حالياً ينادي بتغيير المجتمع وفق الواقع الذي مني بهزائم شتى، سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي، فظهرت هذه الفئة تطالب بتصحيح الأوضاع لعل شيئاً ما سوف يتحقق ولو نسبياً. فظهرت فئات فئة تطالب بالأنسنة وثانية بالحداثة وأخرى بالتجديد؛ فمفهوم الحداثة قد أثار الجدل منذ ظهور هذه المصطلحات وسار في نهج التطور وطرحت معانٍ وأوصاف شتى تعريفية بهذه المصطلحات الذي دأب المنادون بها حشد المعلومات لإبرازها، فمنهم من ضيق فهمها بالشكل في طرح المعارف، وآخر جعلها المعرفة ذاتها التي تستجد بعد بحث ودراسة، وآخرون لهم فهم مختلف وكل فريق يسوق لفكرته ونظريته ويعززها بدوافع شتى، فيما تاه آخرون في أزقة سوق التجديد فلا هم اتبعوا الطريق القويم المستقيم ولا هم وقد وقفوا على أرضية صلبة تحميهم من مهب الريح ولا هم قدموا جديداً فعلاً للإصلاح بحد زعمهم.

إلا أن القاسم المشترك لهؤلاء يتمثل بالسعي إلى طرح قيم معرفية حديثة ومستجدة تلائم حاجة الإنسان والمجتمع الظرفية.

 ودخل الحداثويون في جدل صارخ مع ما يسمونهم التقليديين من أصحاب الفكر الديني القديم وأصحاب كتب التراث والفتاوى العتيقة.

إلا أن المجتهدين العاملين من المفكرين تصدوا وبرهنوا على أن الفكر الإسلامي والديني هو أسمى من أفكار أهل الدنيا وأعظم من علوم الأرض وأنفع من تجارب الناس، وهذا بفضل التعامل مع القيم الإسلامية المكنونة في القران الكريم وإخراجها بثوبها العصري الذي ينسجم ومتطلبات العصر الحديث.

فالمتتبع لمؤلفات الشيرازي يجد فيه عالماً عصرياً حديثاً ملك معرفة القيم المعرفية في الإسلام والمعرفة الحداثوية في الطرح والأسلوب، فلقد كان مفكراً قبل أن يكون فقيهاً وكان صديقاً نقياً للإنسانية. للشيرازي نهج متجدد وحديث ومعاصر تفرد به، وأسس لمدرسة فكرية عملية حديثة تتناول القيم القرآنية بإطار حديث يواكب العصر وأدواته المتطورة.

 ومن خلال تتبع سيرته العلمية الحافلة بالعطاء يتبين أن ما قد تركه من مؤلفات موسوعية عالجت مشكلات الإنسانية العالمية، فقد كان حقاً موسوعياً عالمياً الأحرى الاستفادة منه كرجل وإنسان مفكر قبل كل شيء وعاملاً صادقاً ذا طموح وتطلعات وآراء سعى إلى تنفيذها وأوصى الآخرين بأن يتابعوا المسير من بعد.

* نشر المقال في صحيفة الوقت البحرينية 26 /10/ 2007

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 28 تشرين الاول/2007 - 16/شوال/1428