
شبكة النبأ:
الفقــــــــــر: هو عدم القدرة
للوصول الى الحد الأدنى من الاحتياجات المهمة المادية كالطعام والسكن
والملبس ووسائل التعليم والصحة... وحاجات غير مادية مثل حق المشاركة
والحرية الانسانية والعدالة الاجتماعية..
ويعرف ايضا هو عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة.
ويمكن تعريف الدول الفقيرة بأنها تلك الدول التي تعاني من مستويات
منخفضة من التعليم والرعاية الصحية، وتوافر المياه النقية صحيا
للاستهلاك البشري والصرف الصحي و مستوي الغذاء الصحي كماً أو نوعاً لكل
أفراد المجتمع ويضاف إلى ذلك معاناتها من تدهور واستنزاف مستمر
لمواردها الطبيعية، مع انخفاض مستوي دائرة الفقر.
وعرف البنك الدولي الدول منخفضة الدخل أي الفقيرة بأنها تلك الدول
التي ينخفض فيها دخل الفرد عن 600 دولار، وعددها 45 دولة معظمها في
أفريقيا، منها 15 دولة يقل فيها متوسط دخل الفرد عن 300 دولار سنويا•
برنامج الإنماء للأمم المتحدة يضيف معايير أخري تعبر مباشرة عن مستوي
رفاهية الإنسان و نوعية الحياة "Livelihood” هذا الدليل وسع دائرة
الفقر بمفهوم نوعية الحياة لتضم داخلها 70 دولة من دول العالم، أي هناك
حوالي 45% من الفقراء يعيشون في مجتمعات غير منخفضة الدخل، أي هناك
فقراء في بلاد الأغنياء، ويكتفي هنا بذكر أن 30 مليون فرد يعيشون تحـت
خط الفقـر في الولايـات المتحـدة الأمريـكيـة (15 % من السكـان)ز
وخلال النصف الثاني من القرن العشرين كثر الحديث عن الفقر والفقراء
في أدبيات الأمم المتحدة بالتوسّع من الظاهرة الاجتماعية في المجتمع
الواحد إلى الظاهرة العالمية بتصنيف البلدان إلى غنية وفقيرة وبتحديد
مقاييس ومؤشرات للفقر في مستوى البلدان وكذلك الأفراد مع مراعاة
النسبيّة، فالفقير في الصومال لا يُقاس بالمقاييس نفسها التي يقاس بها
الفقير في أمريكا الشمالية.
الفقر في العالم العربي
وعلى رغم القفزة الهائلة في الاقتصاد والإنتاج التي حققتها البشرية
في العقود الأخيرة من القرن العشرين في موازاة الثورة العلمية والتقنية
الحديثة وارتفاع الناتج الاجمالي العالمي من ثلاثة آلاف بليون دولار
عام 1960 الى 40850 بليون دولار عام 2006، يظل الفقر واتساع الفجوة بين
الأغنياء والفقراء من أعقد الإشكالات الموروثة من القرن الماضي والتي
تواجه الانسانية في بداية هذا القرن مهددة بالمزيد من الصراع
والتناقضات المربكة على كل الأصعدة، حتى أن القضاء على الفقر لم يعد
تحدياً انمائياً فحسب.
إذ إن أكثر البلدان العربية ذات الثقل السكاني تقع في مرتبة متأخرة
من حيث التنمية البشرية بين دول العالم الـ177، وفق تقرير التنمية
البشرية لعام 2006 – الجزائر 102، مصر 111، المغرب 123، السودان 141،
اليمن 150، وتشير دراسات معاصرة الى انهيار الطبقة الوسطى العربية التي
شكلت شريحة أساسية في المجتمعات العربية أواسط القرن الماضي، ما أدى
الى تراكم الفقراء في أحزمة البؤس المحيطة بالمدن العربية التي باتت
تشكل أكثر من 56 في المئة من العرب، والى تفاقم الهوة بين الأغنياء
والفقراء منذ الثمانينات بسبب تراجع الدولة عن بعض فضاءات القطاع العام
وبسبب الخصخصة وحرية السوق. فوفقاً لتقرير التنمية البشرية لعام 2006
يبلغ نصيب الـ10 في المئة الأفقر من السكان العرب قياساً الى الـ10 في
المئة الأغنى – 2.7 الى 30.6 في الأردن، 2.3 الى 31.5 في تونس، 2.8 الى
26.8 في الجزائر، 3.7 الى 29.5 في مصر، 2.6 الى 30.9 في المغرب، 3 الى
25.9 في اليمن.
إنتشار الفقر
تضم دائرة الفقر بلـيون فرد في العالم بعد استبعاد الصين والهند يقل
فيها دخل الفرد عن 600 دولار سنويا منهم 630 ملـيون في فقر شـديـد
(متوسط دخل الفرد يقل عن 275 دولار سنويا )،وإذا اتسعت الدائرة وفقا
لمعايير التنمية البشرية لشملت 2 بليون فرد من حجم السكان في العالم
البالغ حوالي 6 بليون فرد، منهم بليون فرد غير قادرين علي القراءة أو
الكتابة، 1.5 بليون لا يحصلون علي مياه شرب نقية، وهناك طفل من كل
ثلاثة يعاني من سوء التغذية، وهناك بليون فرد يعانون الجوع، وحوالي 13
مليون طفل في العالم يموتون سنويا قبل اليوم الخامس من ميلادهم لسوء
الرعاية أو سوء التغذية أو ضعف الحالة الصحية للطفل أو الأم.
أسباب الفقر
من الصعب الجزم بأن الثقافة والقيم والتقاليد، والاضطراب الاجتماعي
والسياسي عوامل بمفردها تميز الدول الفقيرة عن الغنية فتعتبر الحكومات
في عديد من الدول الفقيرة جزء من المشكلة وليس جزء من الحل لمتطلبات
التنمية نظرا لمركزية الإدارة واتخاذ القرار خلال العقدين الماضيين
عانت الدول الفقيرة بلا استثناء من الكساد الاقتصادي مع نمو مطرد في
حجم الدين ا العام، وانخفاض أسعار المواد الخام المصدرة نتيجة تحديات
الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية المفروضة من ِقبل وكالات التنمية
العالمية فتدهور معدل النمو اللاقتصادي كثيرا في معظم الدول الفقيرة،
وغياب القياس الكمي لمستوي وشدة وعمق الفقر لغياب نظم المعلومات وما
تقترن به من مسوح ميدانية علي أسس علمية عامل بالغ الأهمية، في فشل
سياسات مكافحة الفقر، استراتيجية الحد من الفقر في المدى القصير• يعتبر
استمرار الدعم ضرورة حتمية في الحاضر والمستقبل القريب، إذ يؤدى إلغائه
إلى أعباء اقتصادية واجتماعية فادحة لا يجب حاليا استبدال دعم الأسعار
ببديل نقدي لأن الفئة الوحيدة المتاح معرفة دخولها بدرجة معقولة من
الدقة هي فئة المشتغلين بالحكومة، أما الفئات الأخرى شاملة العاطلين
والعاملين في القطاع الخاص والعمالة الغير منظمة يصعب تقدير دخولهم أو
وصول الدعم النقدي لهم لغياب منظومة المعلومات المناسبة.
رأينا أنّ الفقر يُعتبر تقليديا قدرا، وهو من طبيعة الأشياء، فالرزق
على الله ، يعطيه من يشاء، متى شاء. لذلك لا أحد يستغرب وجود الفقر في
مجتمع ما لأنه موجود في جميع المجتمعات، وكأنما هو من خصائص كل مجتمع،
إلا أن الفرق يبقى في درجة الفقر ونسبة الفقراء في المجتمع.
ويمكن من هذه الزاوية أن نتبيّن أسبابا داخلية وأخرى خارجية. 1 -
الأسباب الداخلية من أهم الأسباب الداخلية طبيعة النظام السياسي
والاقتصادي السائد في بلد ما. فالنّظام الجائر لا يشعر فيه المواطن
بالأمن والاطمئنان إلى عدالة تحميه من الظلم والعسف. ويستفحل الأمر إذا
تضاعف العامل السياسي بعامل اقتصادي يتمثل في انفراد الحكم وأذياله
بالثروة بالطرق غير المشروعة نتيجة استشراء الفساد والمحسوبية، فيتعاضد
الاستبداد السياسي بالاستبداد الاقتصادي والاجتماعي، وهي من الحالات
التي تتسبب في اتساع رقعة الفقر حتى عندما يكون البلد زاخرا بالثروات
الطبيعية كما حدث ويحدث في عدة بلدان إفريقية أو في أمريكا اللاتينية،
هذا فضلا عن الحروب الأهلية والاضطرابات وانعدام الأمن. 2 – الأسباب
الخارجية الأسباب الخارجية متعددة، وهي أعقدُ وأخفى أحيانا. من أكثرها
ظهورا الاحتلال الأجنبي كما حدث في العراق أخيرا بعد حصار دام أكثر من
عقد تسبب في تفقير شعب بأكمله رغم ثرواته النفطية. ويتعقد الأمر كثيرا
إذا كان الاحتلال استيطانيا كما في فلسطين حيث تتدهور حالة الشعب
الفلسطيني يوما بعد يوم وتتسع فيه رقعة الفقر نتيجة إرهاب الدولة
الصهيونية وتدميرها المتواصل للبنية التحتية وهدم المنازل وتجريف
الأراضي الفلاحية فتتحول مئات العائلات بين يوم وليلة من الكفاف إلى
الفقر المدقع.
ومن الأسباب غير الظاهرة للعيان نقص المساعدات الدولية أو سوء
توزيعها في البلدان التي يسود فيها الفساد في الحكم.
استراتيجية الحد من الفقر في المدى
الطويل
إعادة صياغة السياسات العامة للدولة في عدة محاور رئيسية:
*القناعة والالتزام السياسي والحكومي بأن التنمية البشرية هي وحدها
القادرة علي أن تحدث النمو الاقتصادي تترجم في صورة إعادة توزيع
الاستثمارات لتحقيق التنمية البشرية.
*تطبيق اللامركزية الكامل في السلطة واتخاذ القرار وإعطاء الدور
الرئيسي للمشاركة في تحديد أهمية المشروعات لأفراد كل مجتمع محلي من
خلال مؤسسات مجتمعية تتمتع بالحرية والديموقراطية.
*قصر دور المفكرين والمتخصصين في التنمية في عرض مسارات التنمية
والمساهمة في دقه التشخيص لأنواع وأبعاد وحجم المشكلات.
لا تتحقق التنمية "المتواصلة" القادرة علي البقاء المرتكزة علي
التنمية البشرية إلا ببناء تكنولوجيات محلية تتسم بأنها كثيفة العمل،
كفء في استخدام الطاقة، منخفضة التكاليف غير ملوثة للبيئة وتؤدى لرفع
إنتاجية عناصر الإنتاج المحدودة وتحافظ علي الموارد الطبيعية .
تعديل أساليب إدارة الميزانيات الحكومية والإنفاق العام، مع إعادة
جدولة الإنفاق العام لإحداث توازن بين المناطق الفقيرة (واغلبها ريفية)
والمناطق المرتفعة الدخل (أغلبها المدن الكبرى والعواصم). فقد بينت
الدراسات أن المدن الرئيسية في الدول الفقيرة يخصص لها 80% من إنفاق
الخدمات علي الصحة والتعليم ومياه الشرب النقية، وقدر نصيب الفرد في
المدن من الإنفاق العام حوالي 550 دولار مقابل 10 دولارات فقط للفرد في
الريف .
*تكافل الدول العربية في وضع نظام إقليمي للمعلومات يهدف لإجراء
بحوث ميزانية الأسرة كل خمس سنوات في كل الدول العربية، وإتباع منظومة
معلومات الرقم القومي الدال علي الفئة الاقتصادية الديموجرافية للسكان
لتحديد الفئات المستهدفة بالدعم باعتباره المحك لنجاح أي سياسة تهدف
للحد من الفقر.
احتلت ظاهرة الفقر مكانة بارزة داخل البحث العلمي وقد كانت أغلب
اهتمامات الباحثين على معرفة المشاكل المترتبة أو الناتجة من ظاهرة
الفقر مثل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليمية
والصحية وتأثيرها على المجتمع ومحاولة إيجاد حلول لهذه الظاهرة والفقر
ليس ظاهرة تجارب في جيل واحد وإنما هي ظاهرة عميقة الجذور في كل مجتمع
ويعتبر الفقر مصدر المشكلات وكافة الشرور والتي يعاني منها الأفراد في
أي مجتمع.
إن الفقر في حقيقة الأمر هو الوجهة الأخرى لصور التمايز الاجتماعية
واللامساواة وانعدام العدالة التي هي السبب الأساسي الذي ظل وما زال
يهدد الحياة البشرية والحضارات الإنسانية سواء على مستوى الأفراد أو
الجماعات والدول والمجتمعات والتمايز الاجتماعي واللامساواة والفقر ليس
ظاهرة أبدية متأصلة في الحضارات البشرية تظهر بفعل عوامل بيولوجية
يتوارثها الأفراد والمجتمعات وإنما هي نتائج لأنماط تاريخية محددة على
العلاقات التي تربط بين البشر.
ومن الواضح أن ظهور مفهومي الغنى والفقر في الحياة الاجتماعية قد
ارتبط باستئثار البعض بجانب أكبر من الموارد المتاحة على حساب الآخرين
أو ظهور المجتمعات الطبقية، ففي إطار مثل هذه المجتمعات التي تقوم على
التميز واللامساواة تختلف أوضاع أعضاء الطبقات المتميزة عن أوضاع غيرها
من الطبقات الأخرى.
ويأخذ هذا التمايز صوراً مختلفة تظهر شكل السيطرة على الموارد
المتاحة أو الملكية والثورة أو الأدوار التي تتطلبها عمليات الإنتاج أو
التنظيم الاجتماعي للعمل. ويعني ذلك أن مفهوم الغنى أو الفقر يرتبطان
بالتمايزات الاجتماعية ولا يمكن فهم عوامل تشكل أي منها بمعزل عن
الآخر.
كما تتسم دراسات الفقر بوجود مساهمات متنوعة في الاقتصاد، متعددة
المداخل، فلا يمكن النظر إلى ظاهرة الفقر من زاوية واحدة، ومن هنا
يشترك في دراسة الفقر كل هذه الفروع من المعرفة، ولكن تقتصر هذه
الدراسات في معظمها على رصد الظاهرة من حيث الحجم والأبعاد أو الخصائص.
بينما لا تتعلق في معرفة الأسباب لهذه الظاهرة.
وتحتاج دراسة الفقراء إلى رؤية بعيدة المدى للقضاء على مشكلة وسوف
نناقش من خلال هذا البحث تعريف الفقر وأهم أسبابه وأهم المشكلات وكيفية
مواجهتها..
معاني الفقر
المعنى الأول: هو التعوذ من الفقر وهو معدل للفقر يضع الإنسان قلة
وذلة ويجعله يشعر بالظلم.
المعنى الثاني: تجاوز الفقر بالصدفة وضع مؤقت والمساواة بين الناس
وضع دائم وهي مسؤولية الحاكم قبل المحكومين.
المعنى الثالث: يشير مفهوم الفقر إلى غياب أو عدم ملكية الأصول أو
حيازة الموارد أو الثورة المتاحة المادية منها وغير المادية، فإذا كان
هذا النقص في الثروة المادية أو الدخل حيث يكون الفقر اقتصاديا يتمثل
في عدم القدرة على إشباع الحاجات البيولوجية (المأكل - الملبس -
المسكن) بصورة كلية ويسمى (بالفقر المطلق) أو في مستوى إشباع الحاجات
الأساسية وتدني المعيشة ونوعية الحياة وخصائص وقدرات الأفراد والجماعات
داخل المجتمع (فقر نسبي) وتدعى عناصر الثقافة الخاصة أو المحلية في
الفاعلية الاجتماعية وهنا يأخذ الفقر بعدا ثقافيا واجتماعيا وسياسيا،
وهكذا يصبح الفقر ظاهرة متعددة الأبعاد تظهر في أي مجتمع على مستويات
وفي صور أشكال مخالفة تكشف عن مجمل أوضاع البناء الاجتماعي.
يمكن التميز بين ثلاث معاني للفقر
وهي:
- المعنى الأول: الفقر الاجتماعي وهو لا يعني عدم المساواة
الاقتصادية الناتجة عن نقص الدخل ولممتلكات وانخفاض مستوى المعيشة
وإنما يشمل أيضا عدم المساواة الاجتماعية والدونية الاعتمادية والشعور
بالنقص والاستغلال. وهذا يكون الفقر نسبيا لا يوضع مستوى معين من الدخل
أو حجم الملكية.
- المعنى الثاني: العوز والحاجة ويقصد به فئة من الناس غير القادرين
على تأكيد وجودهم على المستوى التقليدي الذي يعتبر أدنى مستوى دون أي
مساعدات خارجية في أي وقت من الأوقات فهو يحدد المستوى الأدنى الذي
يؤدي بالإنسان إلى الهاوية كما يحدد نموذجا للعلاقات الاجتماعية التي
تشير إلى من هم المحتاجين الذي يطلبون المساعدة ومن الذي يساعدهم وتميز
المجتمعات بين أشكال ذوي الحاجة الذين يستحقون المساعدة.
- المعنى الثالث: الفقر الأخلاقي يحدد مكانه في نسق القيم في
المجتمع أو في أحد جماعته الفرعية ويشير هذا المعنى إلى ما إذا كان
الفقر مقبولاً أخلاقيا وإلى المكانة التي يشغلها الفقير وتحول دون
استمتاعه لذا فإن التعريف المناسب للفقر هو ذلك التعريف الذي يصف
الفقراء وهذا الوصف يختلف من مجتمع إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى.
وأخيرا يمكن القول أن الفقر لا يعبر فقط عن عجز الإنسان عن إشباع
حاجاته البيولوجية كما يقرر رجال الفكر الاقتصادي بل يعني كذلك عجز
البناء الاجتماعي عن توفير مستلزمات الإنسان المادية والمعنوية وتأثير
ذلك على عمليات الاندماج والعلاقات الاجتماعية وتكوين شخصية الفرد في
المجتمع وتشكيل قيمته وثقافته بل تحديد دوره ووزنه السياسي والاجتماعي
والاقتصادي.
فالفقر يجب أن ينظر إليه على أنه حالة يعجز فيها الإنسان بسبب
مجموعة من العوامل الموضوعية والذاتية عن تلبية حاجاته المادية
والمعنوية في ظل نظام اجتماعي وثقافي محدد.
ويحمل الفقر معاني مختلفة باختلاف رؤى الباحثين منها ما هو مادي أو
اجتماعي أو ثقافي ولذلك فالفقر ظاهرة مركبة تجمع بين أبعادها ما هو
موضوعي (كالدخل والملكية والمهنة والوضع الطبقي) وما هو ذاتي (أسلوب
الحياة ونمط الإنفاق والاستهلاك وأشكال الوعي والثقافة).
إن تحليل وفهم الفقر كظاهرة اجتماعية يعتمد على تحليل كيفي لظاهرتين
أساسيتين تتعلق الظاهرة الأولى بعملية التفاوت في توزيع الدخل وإعادة
توزيعه على الفئات الاجتماعية وترتبط الظاهرة الثانية بقضية التفاوت
الطبقي والتمايز المعيشي وتشير الظاهرة الأولى إلى اختلاف واضح بين
رجال الفكر في رؤية الفقر وتحليله وتحديد العوامل المساهمة في انتشاره
وبينما يرى فريق منهم أنه يجب التركيز على مفهوم المركز النسبي للفقراء
في إطار السياسات الاقتصادية للدولة.
ويعرف الفقر في قواميس علم الاجتماع بأنه مستوى معيشي منخفض لا يفي
بالاحتياجات الصحية والمعنوية والمتصلة بالاحترام الذاتي لفرد أو
مجموعة من الأفراد. (وينظر على المفهوم نظرة نسبية نظرا لارتباطه
بمستوى المعيشة العام في المجتمع وبتوزيع الثروة ونسق المكانة
والتوقيعات الاجتماعية)، هذا ويعرف خط الفقر عادة بأنه الحالة التي
يكون الفرد فيها عاجزا عن الوفاء بتوفير متطلبات الغذاء، الملبس،
والمأوى الضروري لنفسه.
ويعرفه «فليب عطية»: يعتبر الفقر بشكل عام بأنه ندرة المادة أو
تبديدها أو توزيعها على نحو غير عادل.
ونجد أن الفقر ظاهرة متعددة الأبعاد يمكن التعبير عنها من خلال
مفهومين للفقراء هما:
- فقر الدخل (الذي ينصرف إلى عدم كفاية الموارد لتأمين الحد الأدنى
لمستوى المعيشة المناسب اجتماعيا).
- فقر القدرة (الذي ينحرف إلى تدني مستوى قدرات الإنسان إلى حد
يمنعه من المشاركة في عملية التنمية).
ويرى «مارك فريد» إلى أن الفقر حالة واقعية وليست وحدة تصورية وأنه
يمثل مجموعة مشكلات غير مترابطة مثل تفشي البطالة والبطالة المقنعة
واللامساواة في الرفاهية وتفاوت الخدمات في البيئة الحضرية أي أن
الفقر واقع اجتماعي يتطلب التفسير.
وهكذا يتبين لنا أن مضمون الفقر لا يرتبط فقط بالحرمان والعوز
المادي فقط وإنما هو ظاهرة مركبة تتضمن معايير متعددة.
وبعد كل هذه التعريفات الخاصة بالفقر نستخلص منها أن الفقر ليس فقط
عجز إمكانية الفرد لتلبية حاجاته الأولية فقط ولكنها تشمل عدة أبعاد
هناك بعد اقتصادي وأحيانا اجتماعي وأخر سياسي وسيكولوجي وكل تلك
الأبعاد تؤثر على الفرد وتنمية المجتمع ككل.
أهم الأسباب المسببة للفقر:
نجد أن أهم أسباب الفقر تندرج تبعا لأسباب أو أبعاد رئيسية وهي أما
بعد سياسي أو اجتماعي وتعتبر تلك الأبعاد ذات تأثير قوي على الفرد
والمجتمع ككل.
1- البعد السياسي:
نجد في هذا البعد أن التوزيع الجغرافي لبعض البلاد قد يؤثر على
مستوى المعيشة بالنسبة لأفراد المجتمع وذلك بسبب قلة الموارد المتاحة
للأفراد وبالتالي يؤثر على مستوى المعيشة نظرا لسوء التوزيع الجغرافي.
نجد أيضا الحرب قد تؤثر على مستوى معيشة الفرد وتجعله يعيش في مستوى
أدنى للمعيشة وذلك لأن الحروب تؤثر على النشاط الاقتصادي وعلى الموارد
الموجودة والحصار الذي يفرض على أي بلد على الأفراد أيضا لأنه يوقف أي
نشاط أو استثمار وبالتالي لا يجد أفراد المجتمع أمامهم إلا الموارد
المتاحة لهم وبالتالي يصلوا إلى مرحلة الفقر المطلق وهي عدم القدرة على
إشباع الحاجات الأولية (كالمأكل - والملبس).
ونجد أيضا أن بعض السياسة في بعض المجتمعات تكون السبب في ظهور
ظاهرة الفقر والتي ترجع إلى امتلاك بعض من أفراد المجتمع الثروات وأيضا
السلطة والبعض الآخر لا يستطيع أن يملك شيئاً من هذا.
2- البعد الاقتصادي:
يظهر من خلال بعض الأزمات الاقتصادية في بعض المجتمعات التي تؤثر
على طريقها على أفراد المجتمع مثل: عدم الاستفادة من الموارد التي
تساعد على رفع المستوى الاقتصادي للبلد أو المجتمع.
كما أن التطورات الاقتصادية مثل الجات والعولمة والخصخصة والتمويل
الاقتصادي لا يعتبر نجاحاً اقتصادياً في بعض المجتمعات وإنما سيعمق
مشكلة الفقر.
عدم استغلال الموارد الطبيعية الموجودة في المجتمع مثل (البترول -
الزراعة - الأنهار) وبالتالي يكون استهلاك أفراد المجتمع أكثر من
الإنتاج وزيادة الإنتاج.
عدم الاهتمام بإنشاء أنشطة جديدة داخل المجتمع مما تزيد وتحسن من
دخل المجتمع وأفراده.
عدم الاهتمام بتكوين علاقات جيدة مع العالم الخارجي للمجتمع لتبادل
الأنشطة التجارية بين المجتمعات وبعضها البعض.
3- البعد الاجتماعي:
ويظهر من خلال ثقافة المجتمع والمبادئ التي يقوم عليها هل هي
المساواة أم اللامساواة بين أفراد المجتمع.
عدم تقديم الخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل بالنسبة
لأفراد المجتمع تعتبر من أهم الأسباب المؤدية لظهور الفقر.
ظهور النظام الطبقي والتمايز بين الطبقات والذي يؤدي إلى عدم وجود
مشاركة فعالة بين أفراد المجتمع أيضا من أهم أسباب الفقر.
أيضا عدم الاهتمام بالتنمية الثقافية بالنسبة لأفراد المجتمع قد
يكون ضمن الأسباب المؤدية لظهور الفقر.
نجد من خلال طرح الأبعاد الثلاثة السياسية والاقتصادية والاجتماعية
مع اختلاف الأسباب الناتجة من خلال هذه الأبعاد إلا أنها تعتبر مرتبة
ببعضها وذو تأثير قوي على هذه الظاهرة وهي الفقر.
المشكلات المترتبة على هذه الأبعاد
الثلاثة:
(السياسية - الاقتصادية - الاجتماعية) الخاصة بالفقر هي:
1- البقاء في دائرة الحروب مما يؤدي بدمار أفراد المجتمع وانهياره
ككل.
2- انعدام أو تدني في مستويات الدخل.
3- انتشار البطالة.
4- انخفاض مستوى المهارة وظهور الأمية (الجهل).
5- ظهور وانتشار الأمراض وانخفاض مستوى الرعاية الصحية مما تؤدي إلى
ارتفاع معدلات الوفيات.
6- نقص وسوء التغذية والتي تؤدي لانتشار الأمراض.
7- تدني مستوى الإسكان.
8- ظهور المشكلات الاجتماعية مثل التفكك الأسري الناتج عن عدم قدرة
رب الأسرة على تحمل المسؤولية لباقي أفراد الأسرة والتي تؤدي إلى:
- اللجوء إلى نزول الأطفال إلى مجال العمل وترك الدراسة لمساعدة سد
احتياجات الأسرة من مأكل وملبس.
- انتشار الجرائم مثل القتل والسرقات والاختلاس الناتج من انخفاض
الدخل ومستوى المعيشة والرغبة في الثراء أو الحصول على المال لسد
احتياجات الأسرة.
- قلة فرص التعليم بالنسبة لأفراد المجتمع.
- نقص القدرة والضعف الجزئي والكلي عن المشاركة بفاعلية في الحياة
الاجتماعية والاستمتاع بثمار التطور الحضاري والتنمية.
كيفية مواجهة الفقر:
يمثل الفقر أيا كانت أبعاده عائقا رئيسيا أمام كافة الجهود
الإنمائية والاستثمار في البيئة أو المجتمع ورفع معدلات النمو والأداء
الاقتصادي والاجتماعي كما يشكل تهديداً للاستقرار السياسي والاجتماعي
في كافة البلدان ومصدرا رئيسيا للقلق وعدم اطمئنان الفرد على حاضره
ومستقبله. ونجد كثيراً من علماء الاجتماع قد اهتموا بوضع المقترحات
لمواجهة الفقر منهم «الفريدمان» الذي وضع نموذجا لتفعيل أو التمكين
للفقراء ويعني بالتمكن هنا أنه قدرة البشر بشكل خاص على امتلاك المزايا
التالية:
1- مدخل لمصادر إنتاجية تمكنهم من زيادة مكاسبهم من الموارد
والخدمات التي يحتاجونها.
2- المشاركة في قرارات عملية التنمية وهو يرى أن الفقراء تنقصهم
مصادر القوة الاجتماعية والاقتصادية لتحسين ظروفهم المعيشية. وهو يرى
أيضا أن الفرد فقير وليس لأنه يفتقد الثورة ولكن لأنه ليس لديه مدخل
للحصول على القوة الاجتماعية.
ولقد أورد «الفريدمان» ثمانية أسس لمواجهة الفقر وهي:
1- توفير مكان لحياة آمنة للفرد.
2- طرح مداخل لاستغلال الوقت.
3- اكتساب المعرفة والمهارة.
4- توفير المعلومات.
5- الانضمام لمنظمات اجتماعية.
6- إقامة شبكة اجتماعية مكثفة مع العالم الخارجي.
7- توفير وسائل العمل والإنتاج.
8- توفير الدعم المالي.
وتعتبر هذه الأسس الثمانية ليست مستقلة عن بعضها البعض ولكنها
متداخلة ومترابطة القوة الاجتماعية وتحسين المستوى المعيشي.
كما نجد أن الإسلام اهتم أيضا بمشكلة الفقراء ولذلك نجد أن الإسلام
يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وهي التي تنظم التكافل الاجتماعي
لجميع الأفراد.
فهي تعمل على محاربة الاستغلال والاحتكار والإنسانية وتقر الشريعة
الإسلامية إن من حق ولي الأمر أن يأخذ فضول الأموال من الأغنياء وردها
على الفقراء حتى لا يصبح المال للأغنياء محصورا في أيديهم دون غيرهم.
وتعتبر الزكاة هي إحدى الطرق التي سلكها الإسلام لمكافحة الفقر
والقضاء على البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتدعيم
التضامن والتكافل الاجتماعي ومنع تكدس الثورة في أيدي القلة لصالح
الأمة والمجتمع.
طرق مواجهة الفقر:
1- ضرورة تبني الدولة لسياسات يكون من شأنها مواجهة الفقر والحد
منه.
2- أن تتبنى الدولة سياسات تكفل الحد من الفقر.
3- تنظيم الدور الاجتماعي لرجال الأعمال وتعميق مفهوم التوازن بين
المصلحة العامة والخاصة.
4- توفير فرص العمل وتنمية القدرات والموارد الطبيعية. (وهي توازن
بين الأعداد البشرية وبين ما لدى المجتمعات من قدرات).
5- إعادة توزيع الدخول ثم الحاجات الأساسية.
6- تثبيت الاقتصاد سواء الإنفاق سواء بخفض الإنفاق الحكومي وتزايد
الإنفاق الاجتماعي.
7- تكثيف العمالة (وذلك من خلال إقامة المشاريع التي تحتاج إلى أيدي
عاملة).
8- توفير المنح من أجل تزايد الاستثمار.
9- زيادة توفير فرض التعليم (وذلك من خلال توفير التعليم مجانا).
10- تعدد الأنشطة الاقتصادية للفرد الواحد داخل الأسرة.
11- تدعيم المشاريع الصغيرة (حيث أحد أهم السبل للحد من الفقر ويعني
ذلك أن يتم إقامة المشاريع الصغيرة والاهتمام بها).
12- تعدد مصادر الدخل داخل الأسرة الواحدة.
13- توفير الخدمات الأساسية مثل الصحة والتغذية والتعليم والسكن
وذلك لتنمية مستوى حياة الأفراد.
14- اشتراك المرأة في سوق العمل.
15- الاهتمام بالدعم وتقديم وسائل التكافل والضمان الاجتماعي.
16- التأثير على وسائل الإنتاج التي يمتلكها الفقراء.
17- الاهتمام بخلق وتنمية فرص العمل المنتج بما يتناسب مع قدرات
الفقراء.
18- توفير القروض الصغيرة وتسهيل الإجراءات الخاصة بالحصول على هذه
القروض.
19- تمكين الفقراء من الحصول على الطرق المختلفة التي تساعدهم على
استهلاك السلع والخدمات.
20- توفير المساعدات الفنية والتدريب لتمكينهم من القيام ببعض
المشروعات الصغيرة.
21- القيام ببعض التدريبات التي تساعدهم للقيام ببعض الأعمال
الحرفية التي تساعد على زيادة دخلهم.
22- السعي إلى الاستغلال المكثف للقدرات الذاتية والاستفادة من
الموارد المحدودة والطاقات المتاحة إلى أقصى حد ممكن.
وقد نكون قد وصلنا إلى مرحلة مواجهة مشكلة الفقر من خلال هذا البحث
الذي قد تناولنا من خلاله أهم التعريفات الخاصة بمشكلة الفقر وعن أهم
الأسباب المسببة لمشكلة الفقر وأهم المشكلات المترتبة عليها وأيضا نظرة
بعض المقترحات الخاصة بحل ومواجهة مشكلة أو ظاهرة الفقر.
...........................................................
مصدر المعلومات
1. موسوعة ويكيبيديا
2. محمد سليمان الضبعان إدارة الدراسات - مجلس
الشورى السعودي
· المركز الوثائقي والمعلوماتي
· مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام
www.annabaa.org
arch_docu@yahoo.com |