سجل عندك.. انا عراقي كردي

 محمد الوادي

في هذه الايام " الخوالي " من التاريخ، اصبح العراق وشعبه وارضه ساحة مفتوحة  لكل المحيطين به من دول الاقليم بل واغلب دول العالم والفضل بهذا يعود الى  سياسات الصنم الساقط وهزائمه الشنيعة واخرها تسليم البلد الى القوات الاجنبية والدخول في حفرته الحقيرة.

وها هي تركيا تستعرض عضلاتها بالطول والعرض واهمين لتخويف العراقيين اولا. وثانيا لترتيب بيتهم الداخلي بين الحكومة ذات التوجه الاسلامي من جانب والعلمانيين والمؤسسة العسكرية التركية  من جانب اخر. الجانب الذي يخص العراق بالموضوع هو التهديد لكردستان العراق بعمل عسكري، وهنا يجب ان تكون الكثير من الامور والنقاط المهمة واضحة في التعامل مع هكذا ازمة تهدد كل المنطقة.

وفي بداية هذه الامور ان يكون الدور والالتزام الامريكي واضح اتجاه التهديدات التركية، وهذا موقف تمليه المعاهدات والقوانين الدولية.

 والنقطة الاخرى الاهم ان يكون موقف  كردستان العراق واضحا بابعاد حزب العمال التركي من الاراضي العراقية، والاسباب هنا كثيرة ومتشعبة اهمها ان العراق كبلد يمر بمرحلة تحول جذري وتاريخي يجب ان يكون عنوانه الاساسي هو عدم اثارة المشاكل مع الجيران، والنقطة الاخرى ان في كردستان العراق اليوم يتم جني مكاسب سياسية واقتصادية و تاريخية لدماء الشهداء والتضحيات الكبيرة خلال عقود طويلة من الظلم والاقصاء الذي مورس بحق الكورد، وهذا يتطلب حرص كبير للمحافظة على هذه المكتسبات وعدم التفريط بها او تعريضها للخطر تحت اي مبرر.

اما في الجانب العراقي الداخلي وهو الاهم في الموضوع في رأي الشخصي. فلا يجب ان يتم اثارة الكثير من نقاط الخلاف الداخلي بين العراقيين انفسهم من خلال اطلاق بعض التصريحات التي تنتقد بعض التوجهات والتصرفات التي يقوم بها بعض السياسين الكورد.

وبطبيعة الامور نحن ايضآ عندنا الكثير من الملاحظات والمأخذ على بعض هذه التوجهات. لكن هذه بالنهاية يجب ان لاتخرج عن كونها جزء من التفاعل والعمل السياسي الذي تفرزه مثل هكذا مرحلة تحولية جذرية في التاريخ العراقي الجديد لما بعد عام 2003. بنفس الوقت الذي يوجد فيه لدى الكورد العراقيين الكثير من الملاحظات على بعض الامور التي تجري في عراق اليوم. وكل هذه وتلك الملاحظات من كل الاطراف يجب ان لاتخرج حلولها عن طرق وميادين السياسة وفنونها الواسعة والعريضة والتي بالنهاية تضمن حقوق الجميع، وتبث عناصر الاطمئنان والرضا لدى الجميع ولو بحدودها الوسطى بين كل الاطراف العراقية.

لكن يبقى الغريب ان يتم اثارة مثل هكذا موضوع في مثل هكذا ظرف غير اعيادي وفي وقت البرلمان التركي يصوت على تخويل قواتهم العسكرية  بالدخول الى الاراضي العراقية في كردستان العراق. مثل هكذا موقف تركي يحتاج وبقوة الى موقف عراقي داخلي واضح وصريح يرفض هذا التوجه التركي ويدعم اهلنا في كردستان. ويكون هذا الموقف رسمي وشعبي على حد سواء. فاذا كان موقف الحكومة العراقية برئاسة السيد المالكي يستحق الاشادة من خلال التحرك والاتصالات لتلافي هذه الأزمة الكبرى. فان الغريب هو موقف البرلمان العراقي المتاخر حتى تاريخ كتابة هذه الاسطر من الدعوة لانعقاد استثنائي يرد فيه بقرار عراقي وطني يحشد كل العراقيين الى جانب اهلهم في كردستان العراق كرد أولي وبسيط على قرار البرلمان التركي.

 ان من الواقعية القول ان العراق كبلد وبسبب الظرف العصيب الذي يمر به يعاني من ضعف في القدرة العسكرية والاقتصادية وحتى السياسية. لكن يكون على وهم كبير من يظن ان العراق اصبح لقمة سائغة لمن يطلبها.

اما في الجانب الشعبي العراقي فمن الواضح  ان هناك عدم تفاعل مع الحدث. فقد كان المتوقع ان تخرج مع مظاهرات جماهير محافظة دهوك الاحتجاجية على قرار البرلمان التركي. مظاهرات اخرى ومتزامنة معها في البصرة وميسان والسماوة والناصرية والديوانية والكوت والحلة والنجف الاشرف وكربلاء المقدسة وبغداد والرمادي والموصل وسامراء. هذا ابسط تعبير ولو من خلال مظاهرات رمزية لدعم اهلنا في كردستان العراق. ولكي يشعر اهلنا هناك انهم ليس وحدهم كما على الاتراك ان يعرفوا ان كورد العرق ليس وحدهم ولايمكن الاستفراد بهم من اي دولة او طرف اخر. 

هكذا هو مفهوم الوطنية العراقية الحقيقية ومن يفسرها بغير ذلك، عليه ان لايزايد كثيرا ويعارض استقلال كردستان عن العراق واعلان الكورد دولتهم المستقلة هناك. فلا يجب ان يكون في عراق اليوم مواطن عراقي درجة اولى واخر درجة ثانية و محافظة بيضاء واخرى سوداء !! فهذه تقسيمات أقرها وشرعها وأعلنها وعمل عليها نظام الصنم الساقط، ويجب ان تسقط معه. ومن يصر عليها عليه ان يتعامل مع اكثر من عراق وليس عراق واحد. ولايمكن قبول مبرر ان توجهات الكورد تثير العرب والاخرين في العراق كسبب لردود الافعال الباردة اتجاه التهديدات والقرارات التركية اتجاه اقليم كردستان العراق. فمثل هكذا ملاحظات ليس هذا وقتها المناسب، بل وقتها كان قبل هذه الازمة وسيكون بعد هذه الازمة، لكن ليس خلالها. حتى لاتكون حافز اخر للاتراك. لان الدفاع عن كورد العراق هو دفاع عن قيم الوطنية الحقيقية وهو دفاع عن العراق الفيدرالي الموحد.

 ونفس الشيء ينطبق بالدفاع على التركمان العراقيين والصابئة واليزيدين والدفاع عن المسيحيين العراقيين ضد رعاع الدين الذي يطالبونهم بالجزية وهو مثل الدفاع عن أهالي الرمادي و الفلوجة ضد الارهابيين والدفاع عن أهالي الجنوب والفرات الاوسط ضد اي تدخل او ارهاب يستهدفهم. لذلك وفي هذه المرحلة القلقه والعصيبة من التاريخ العراقي ورغم اعتزازي الكبير والعظيم  بعروبتي وديني ومذهبي.

 لكن يزيدني شرف واعتزاز ان ادافع عن عراقيتي العظيمة من خلال الانضمام كجندي للدفاع عن كردستان العراق واهله الطيبين، اتجاه كل التهديدات التركية او اي دولة اخرى دون استثناء. فسجل عندك في هذه المرحلة العصيبة اذا تطلبت الامور.  وكان لابد منها....  سجل عندك اني عراقي  كردي.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 24 تشرين الاول/2007 - 12/شوال/1428