لمصلحة من  هدر الدم العراقي

عماد الخفاجي

 يلاحظ  المتتبع للأحداث  العراقية  بعد سقوط نظام صدام في التاسع من نيسان2003  أن الأيام  الأولى  أو الأشهر  الأولى  لم تشهد أي أحداث  دموية  أو صراعات سياسية أو حزبية  أو فئوية  أو أية  صراعات أخرى...

 ولكن مع  استقرار الوضع بدأت تطفح على السطح الخلافات السياسية  والحزبية،  حيث أحداث النجف الاشرف الدامية أبان حكومة  السيد علاوي ثم  تبعتها أحداث الفلوجة التي تزامنت بعدها ، أما حكومة السيد الجعفري فقد  كانت لها أحداث الموصل بالمرصاد ولا يزال مسلسل الأحداث  الدموية مستمر حتى مع حكومة السيد المالكي المنتخبة ديمقراطيا.

لقد كان لوقع  الأحداث الأثر الكبير  على سير العملية السياسية  مما دفع  بحكومة السيد المالكي  العمد إلى خطة لفرض القانون التي ما لبثت  أن بدأت قبل ثمانية أشهر لتؤكد فاعليتها  في العراق عموما  وبغداد بشكل خاص، فقد سجلت  خطة فرض القانون انحسارا كبيرا  وملحوظا  في العمليات الإرهابية  بشهادة  الكثير من  المتابعين لها من أهل الاختصاص وغيرهم حيث انخفض  معدل العمليات  الانتحارية والسيارات المفخخة مما دفع القوى التي تقف وراء  هذه الأعمال الخسيسة والجبانة إلى مراجعة خططها التي  باتت تكلفها  الكثير من المال والرجال إلى جانب افتضاح أمرها وانكشاف خططها من قبل  القوات المسلحة التي تنفذ خطة فرض القانون على قلة عدتها وعددها وضعف تسليحها وتدريبها.

 بالإضافة إلى انحسار القوى التي  كانت  تعمل على تغطيتها فعمدت إلى إستراتيجية جديدة سبق أن  دعا إليها  حكماء صهيون ألا وهي  الضرب  من الداخل من خلال  بث الفرقة والشقاق  وزعزعة  الثقة بين  فئات المجتمع الواحد أو المذهب  الواحد بتصعيد المواقف المتباينة بينها بشكل مباشر  أو غير مباشر وتوفير ملايين الدولارات لدعم مثل هذه التحركات وصولا لإيجاد خرق عميق  حتى تبقى  الحالة العامة في البلاد قلقة وملتهبة وغير مستقرة  مما يدعم  بقاء قوات الاحتلال وما  تفجيرا سامراء إلا دليل واضح على هذا النهج.

فبعد أن أكد العديد من المسؤولين  في الحكومة على نجاح  خطة فرض القانون ظهرت على سطح السياسة في العراق بوادر الاقتتال  بين  الصف الواحد والمذهب الواحد أي الاقتتال الشيعي  الشيعي وهو ما تهدف إليه العديد من الأطراف السياسية الخارجية  والداخلية  التي تدفعها  مصالحها السياسية والمادية  الشخصية فقط ولا غير  ذلك ومن وراءها  وعلى رأسها  قوات الاحتلال الولايات المتحدة الأمريكية سيما أن هذه  الدعوات والأحداث لا تنفجر إلا عندما تكون هناك  أصوات  مطالبة بانسحاب القوات المحتلة أو جدولة  انسحابها، فبنظرة  فاحصة  وبسيطة نجد أن هذه  الأحداث كانت عبارة عن سلسلة متعاقبة  فما تلبث إن تنفجر وتلهب نارها  في محافظة من محافظات الوسط والجنوب فيسعى الخيرين من أبناء هذا البلد  الجريح لإطفائها حتى تنفجر الأخرى وتلتهب نيرانها  في محافظة أخرى أو منطقة  أخرى وهكذا   بدأت هذه السلسلة الخبيثة  بالتعاقب فمن واسط أو الكوت  إلى العمارة  والبصرة التي مازالت  ملتهبة  ونيرانها تحت الرماد لا ندري في أية ساعة يستعر أوارها والى السماوة  والناصرية ثم الكوفة والنجف وكربلاء مؤخرا في الزيارة  الشعبانية، التي تعد من أهم الزيارات والمواسم  التي  تحتفل بها العقيدة الشيعية محاولين بذلك جعلها بديلا عن أحداث الشعبانية لعام 1991  ويستمر  المسلسل في حلقاته المروعة ليبسط أحداثه في الديوانية والتي راح ضحيتها  العديد من أهلنا نتيجة القصف  اللامسؤول لقوات الاحتلال إضافة إلى الخسائر المادية التي منيت بها هذه المناطق وباقي المناطق.

وهنا نسال  لمصلحة  من يهدر  الدم العراقي ؟ ومن المستفيد؟  وهل عدنا  لأيام  الحرب العراقية حيث كان يقول  بعض جيران  العراق ودون استحياء.....  منكم الرجال ومنا المال.... وكأنهم في حفلة عرس،  لماذا لا يتم محاسبة  المحرضين على  قتل الآخرين بدوافع  عرقية وطائفية سواء من كان من الداخل أو الخارج ومهما كان شخوصها أو الجهات  التي تقف وراءها؟!

إننا في العراق أمام جهات  عدوانية شرسة  للغاية  متعددة الاتجاهات والمحاور فلأول مرة يتدخل الأردن والإمارات والسعودية فضلا عن تخصيص ملايين الدولارات لعقد المؤتمرات المشبوهة ودعم حواضن الإرهاب وآخرها خطابات مشايخ السعودية في شهر رمضان المنصرم التي تحرض على قتل الشيعة في كل مكان وهو ما يدفع باتجاه تأسيس  مشروع جريمة قتل طائفي على مسمع حكام السعودية الموغلين في هدر  الدم العراقي البريء ونسف الهوية الوطنية لهذا البلد الذي تجاوز عمره آلاف السنين عبر إحداث مجازر جماعية بحق أبناء الشيعة المظلومين الذين يشكلون الغالبية.

أننا ندعو القيادات السياسية والمرجعيات الدينية بمختلف مستوياتها إلى الوقوف بمسؤولية تجاه هذه الأحداث وألاّ تكتفي  بالابتهالات والأدعية لان الشارع العراقي بحاجة إلى قيادة من داخله تقوده إلى جادة الصواب ومهما تكن التضحيات.

ونطالبهم بالوقوف بحزم  أمام تلك الدعوات المشبوهة سواء منها على المستوى الدولي بتنظيم قوة ضاغطة من خلال حملات دبلوماسية وإعلامية على مستوى المنطقة والعالم لألفات أنظار المعنيين بحقيقة الإرهاب الواقع على العراق وما بتسببه من إزهاق الأنفس البريئة وكشف ملف الإرهاب بكل تفاصيله أمام المنظمات الإنسانية المعنية بحقوق الإنسان الدولية منها والإقليمية.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 24 تشرين الاول/2007 - 12/شوال/1428