سراق في وضح النهار: مافيا حكومية تنهش بأموال الشعب العراقي

تحقيق:عصام حاكم

 شبكة النبأ: نظرا للظروف المناخية الطارئة التي أعقبت المتغير السياسي الذي شهده الواقع العراقي، وما تلاها من تصاعد وتيرة الأزمات والمصاعب المتلاحقة والتي باتت تشكل أنموذجا فريدا  في خارطة الوعي السياسي الموجه لدحض كل التوجهات الداعمة للمشروع الوطني والبناء الأقتصادي على حد واحد.

حتى جاءت لحظة الشروع بمسودة القانون العراقي لتسهم في تبديد كل الامال التي ترنو الى بناء كيان حضاري يضع في حسابه مصلحة الوطن والمواطن في سلم اولوياتة، من خلال سن القوانين والقرارات الداعمة لمشاريع  البناء والاعمار، ولكن  جاءت الرياح بما لا تشتهي سفينة العراق والعراقيين من خلال سن العديد من القوانين الممهدة لمشاريع السلب والنهب والسرقة في وضح النهار تحت شعارات مختلفة اقل ما يقال عنها  بأنها تحمل بين طياتها مضامين أقرب ما تكون الى عالم السرقة المنظمة او ما يسمى بـ المافيا، وتكاد أن تكون مسوغ قانوني يجيز لمنتسبي المؤسسات الحكومية والوظيفية فرصة أكبر للإفلات من قبضة العدالة، من خلال وجود هكذا قانون الا وهو قانون (الحصانة) سىء الصيت، والذي بات  يشكل ملاذا امنا لكل من تسول له نفسه العبث بمقدرات المال العام.

ومن أجل ذلك كانت لـ(شبكة النبأ المعلوماتية) هذه الوقفة مع بعض الاعلاميين والمثقفين في الوسط الكربلائي للإطلاع على ماهية هذا السلوك المنحرف والذي بات يشكل سابقه خطرة على المشهد السياسي العراقي، المتخم بالكثير من الظواهر السلبية الا أننا اليوم أزاء مشكلة لا يمكن التكهن بنتائجها ومخاطرها المستقبلية.

وقد كانت محطتنا الاولى مع الاعلامي(علي الطالقاني) حيث حدثنا قائلا: يقينا بان الواقع العراقي اليوم ينذر بالعديد من الظواهر السلبية الطارئه التي أنبرت الى السطح بعد المتغيير السياسي المفاجىء في العراق وهي اشبه ما تكون بحالة التخبط  والعشوائية وعدم الانضباط في تبني قراءات تستلهم من فيض الوضع الراهن معاني الانتماء الوطني والحرص الاكيد على الاستفادة من التجربة العراقية السابقة، الا ان حقيقة الوضع يثبت العكس حيث التكالب على السلطة والاستفراد في اتخاذ القرار، والأدهى استشراء آفة الفساد الاداري والسرقات المنظمة في وضح النهار وما يؤكد مصداقية هذا الحقيقة ما ذهبت اليه وسائل الاعلام من خلال التعرض لعدد لا يستهان به من دعاوى الاختلاس المنظم من قبل بعض الوزراء والبرلمانيين العراقيين وعلى سبيل المثال وليس الحصر قضية وزير الدفاع في عهد حكومة علاوي حازم الشعلان وقضية النائب مشعان الجبوري وايهم السامرائي وزير الكهرباء السابق  وما يثار في قضية راضي الراضي وصباح الساعدي المسؤولين في هيئة النزاهه وبعض الشخصيات الاخرى وربما هناك الكثير من الشخصيات التي تمارس نفس السلوك على مرأى ومسمع الحكومة المركزية.

كما أستعرض السيد(علي الطلقاني) في محور كلامه بعض النقاط التالية:

اولا:أن الحكومة العراقية غير قادرة اليوم على تطبيق قوانين مكافحة الفساد، وذلك لأن بعض مكاتب المسؤولين  تقوم بعرقلة التحقيق في قضايا الفساد، كذلك هيئة النزاهة لا تتمكن من القيام بمهامها لاسباب أمنية، هذا مما يجعل صعوبة التحقيق في قضايا الفساد اقرب الى المستحيلة، مما يتسبب بعدم اتخاذ  الاجراءات السريعة والقانونية  بحق المخالفين ويشجع الاخرين على ممارسة مثل هذه الاعمال.

* عدم الاهتمام بحل المشكلات التي تتعلق بالقضية الاقتصادية

*عدم الاختيار الصحيح للاشخاص النزيهين.

أما(علي عبد الرسول) وهو مصمم فني، حيث يرى الامور من زاوية أخرى، فهو يقول: لا شك بأن المسؤولية  هي مسؤولية مشتركة يتحمل وزرها كلا من الشعب والقيادة التي تحكمه، فليس من المنطق أن يذهب أي شخص منا الى النار ثم يتهم النار بأنها أحرقته، أي ما اريد قوله بأن الشعب يتحمل جزء كبير من المسؤولية فهو الذي أنتخب هولاء الناس وأوصلهم الى دفة الحكم والبرلمان، أذن يجب أن يتحمل الجميع  تبعات اختياره وعدم قدرته على الاختيار الصحيح.

 لذا فأن اختيار البرلمان العراقي هو في واقع الحال اختيار منوط بالشعب العراقي وحده، ومن هنا يجب أن ينصاع الشعب للاختيار الصحيح والموفق من خلال الاعتماد على  اليه تتبلور من خلالها البحث عن العناصر الجيدة التي تتسم بالنزاهه والدراية الكافية في مفاصل العملية الاقتصادية والسياسية في الوضع الراهن، وما عدى ذلك تمسي الامور مجرد تكهنات وامنيات لا ترتقى وحجم المسؤولية المناطه بالشخص المنتخب في التصدي للعمل السياسي تحت قبة البرلمان او الحكومة.

ومن هنا نستفهم بان واعز الضمير وحده لا يكفي في اعتماد الشخص المناسب في هكذا مناصب مهمة يتوقف عليها مصير الشعب في اتخاذ قرارت وقوانين مصيريه، ناهيك عن غياب عامل الاحساس بالمسؤولية اتجاه هذا الشعب وفي ظل الظروف العصيبة وتكالب الاعداء عليه من كل حدب وصوب، فضلا عن ما أفرزته مجريات الاحداث في العراق وذلك للاداء الفاتر من قبل منتسبي البرلمان العراقي وبعض الوزراء حيث هم يتمتعون بالعطلة الصيفية في ظل هذا الوضع البائس للشعب العراقي وربما هناك بعض الوزراء والبرلمانيين لم يتحملوا عناء الحضور الى بغداد أبدا، وهم يقيمون في دول مجاورة ولا يقومون سوى باطلاق التصريحات النارية والرنانة التي تبثها القنوات المغرضة بين حين واخر، فما أجمل هؤلاء المسؤولين وهم يهمون فقط في مناقشة رواتبهم وحوافزهم ومرتبهم التقاعدي من دون المرور بالحالة العراقية أوالمواطن العراقي.

في حين أبدى (محمد حميد)، مدير علاقات عامة، امتعاظه من تلك التصرفات التي لا تنم عن وعي وطني وانساني وهي بالتاكيد لا تسر عدو ولا صديق وهو يذهب الى تحميل قوات التحالف تبعة هذا الوضع، حيث قال: من أسوء التبعات التي طالت المواطن العراقي في ظل عهدنا الجديد كانت تتمثل بالفساد الاداري الذي تفشى بصورة مرعبة في الاوساط الحكومية والسياسية وما زاد الطين بله  هو وجود ذلك القانون الذي منح الحصانه الدبلوماسية لشخصيات فاسدة، وهي اليوم قد تسيدت في ظل تلك القرارات الداعمة لمشاريع الاستيلاء على ثراوات هذا الشعب تحت راية الكيانات الحزبية والمناصب السياسية التي أوجدت في ظل ظروف غير طبيعية، هذا مما جعل الامور بمجملها تجري بالاتجاه  المعاكس، بل ربما أفضت الى انبثاق مفاهيم لا ترتقي  ومستوى المصلحة الوطنية العليا وهي اقرب ما تكون الى حالة الانحدار او الانحسار في اتجاه المصالحة الحزبية والدينية الضيقة بعيدا عن مصلحة العراق والعراقيين في خضم التوجه الجديد للعراق الموحد الديمقراطي الفدرالي والذي لايظام فيه احد على اساس قاعدة العراقيين كأسنان المشط.

الاعلامي صباح جاسم قال، لا يمكن باي حال من الاحوال فصل الفساد المستشري كالسرطان في شرايين الدولة العراقية عن الفوضى والدمار الجاري حاليا في البلد، ولكن المثير في الامر حقا ان يستشري الفساد المالي والاداري في هرم السلطة الحكومية والتشريعية(البرلمان) الذي ائتمنه الشعب على مقدرات ومستقبل وثروات البلد، فهذا امر لا يغتفر بل يدعو في كثير من الاحيان الى التساؤل عن سبب التسيب الذي يشهده المال العام ليكون سهلا بهذه الصورة البشعة وفي متناول من انعدمت انسانيتهم ومات ضميرهم ليسرقوا قوت الناس ويعتدوا على المال العام.

واضاف، نحن بدورنا نقول لهؤلاء السراق انكم لا تعتدون على خزينة معينة لشخص معين وان كان ذلك محرما ايضا، انما انتم تسرقون قوت الفقراء واليتامى والمساكين من  العراقيين المنهكين الذين لا ذنب لهم في كل الدمار الحاصل سوى انهم عراقيين.. فانظروا ما انتم فاعلون.

واختتم صباح بالقول، من هنا نحن نطالب الحكومة العراقية بإصدار قانون جديد ليُستخدم تجاه من يُتهم بجريمة الاعتداء على اموال الشعب من خلال اصدار قرارات بتجميد حركة وممتلكات المتهم، وليس ان يترك ليلملم ملايينه التي سرقها واغراضه ثم يخرج سالما غانما من العراق ( ببدلة انيقة وحجز طائرة درجة اولى) مطلِقا دموع التماسيح بانه مناضل وانه مستهدف سياسيا، ومستغِلا ما يسمى بـ(الحصانة) التي اصبحت عبارة يسخر منها العراقيين وغطاءا يهرب من خلاله السرّاق والمتهمين بالإرهاب من المسؤولين!!!، وبعد ان يهربوا ويستقروا في بلدان مجهولة تظهر لنا وسائل الاعلام ببيانات اتهام واحكام غيابية غبية لا تشفي غليل ولاتغني من جوع.

أما الاعلامي (حيدر السلامي) فهو يرى الموضوع من زاوية أخرى، حيث قال لـ شبكة النبأ: إن الأموال في الأصل من النعم الإلهية التي أمرنا الله باستثمارها في أغراض الإعمار والبناء والتقدم وتلك هي الغاية من إسكان البشر في هذه الأرض أي (الاستعمار) وفق المصطلح القرآني لا السياسي طبعا.

أما ملكية الأموال بأنواعها وبشكل عام فهي بالمعنى الحقيقي تعود إلى الله تعالى وحده، وأما ملكية الإنسان لها فهي ملكية اعتبارية. أي أن المالك الحقيقي لكل ما في الكون هو الله ولكنه وبحكم ملكيته المطلقة للمخلوقات جميعا ومنها الإنسان قد استأمن هذا الكائن على الأموال وأعطاه حق التصرف بها ولكن على الطريقة التي حددها له وبالاتجاه الذي رسمه له أيضاً.

ولو طبقنا هذا القانون على أموال الشعب وممتلكاته وطريقة إدارة الحكومة لها فستكون القراءة كما يلي:

1ـ الله هو المالك الحقيقي لجميع الثروات

2ـ الشعب كله يتمتع بالملكية الاعتبارية للثروات الوطنية وله حق التصرف فيها انسجاما مع مبدأ الاستخلاف (الإنسان خليفة الله) ومبدأ الاستعمار(إعمار الأرض).

3ـ لغرض التنظيم وإزالة الفوضى.. الشعب انتخب ممثليه في إدارة أمواله وتصريف شؤونه واستأمنهم وخولهم بالتصرف نيابة عنه استناداً إلى القانون والقواعد الدستورية  أو الشرعية.

4ـ الحكام أمناء وليسوا مالكين للثروات الوطنية ـ وإن كانوا جزءاًً من الشعب ـ لكنهم مخولون من قبل الشعب لأجل تمكينه على استعمار الأرض واستثمار مواردها وتوظيف طاقاتها بما يشبع حاجاته ويخدم تطلعاته الإنسانية ويرضي المالك الحقيقي(الله) ضماناً لاستمرار الإمداد والتنمية والتزكية (لئن شكرتم لأزيدنكم).

هكذا أفهم المسألة وعليه فإن أي تلاعب في الأموال العامة من قبل المسؤولين الحكوميين سيشكل خيانة عظمى للأمانة التي وضعها الشعب في أعناقهم وبالتالي فهي خيانة للمالك الحقيقي وهو (الله).

 ومن هنا تنبري الى السطح قراءات تدعو الى العدول على تبني قرارات وقوانين سطحية وهامشية لا تستطيع ان تقوّم الاعوجاج او ان تقيم ابسط حدود القوانين الوضعية أوالسماوية وهي تكاد ان تكافىء الجاني على سرقته من خلال السماح له بالسفر سالما غانما بكل مدخرته المالية التي جناها من السحت والحرام الى خارج البلاد ومن دون ان تتعقبه السلطة القضائية تحت ذرائع شتى منها انه يحمل الجنسية الاجنبية حيث لا يصدق عليه القانون العراقي، واني أتسائل بأستغراب حينما يتسلم  أي شخص منصب حكومي في الحكومة العراقية فهو عراقي صرف ولكن حين يسرق لا يحق للشعب العراقي ان يتابعة  فهو ليس عراقي كونه يحمل الجنسية الاجنبية كما حصل مع السارق ايهم السامرائي وزير الكهرباء سابقا، فالاجدى بالحكومة العراقية من الان وصاعدا ان لا ترشح من يحمل جنسية غير عراقية كي يتسنى لها مسائلته عندما يسرق مال الشعب والا يصبح الامر سالكا لكل من هب ودب ان يحمل اموال هذا الشعب الى مختلف صقاع الارض تحت شعار الحصانه أوالجنسية غير العراقية، فانها بالتاكيد مسؤولية مزدوجة يتحمل وزرها الحكومة  والمجتمع الدولى من خلال ايجاد قوانيين عالمية تخول الحكومة العراقية بمقتضاها صلاحية متابعة هولاء السراق واسترداد اموال هذا الشعب مهما كانت الطرق والسبل وذلك حفاظا على ماء وجه الديمقراطية المستوردة التي أبتدعها الغرب ولكن هناك ثمة سؤال يطرح نفسه بقوة على الواقع العراقي؟ هل يصدق هذا القول على المتامرين على المال العام في بريطانيا او في امريكا او فرنسا او  في كل صقاع العالم الغربي، افيدونا افادكم الله.

الكاتب والاديب عدنان عباس سلطان قال لـ شبكة النبأ: ان بعض الاشخاص الذين تقاسموا المناصب عن طريق الحصة السياسية وتوزعوا في الارض العراقية واستلموا المهام ، قد ابقوا على مهامهم المكلفين بها، وركنوا حصة المواطن في دواليب المهملات ثم باشروا في بناء ذواتهم وحققوا لأنفسهم ايرادات كبيرة تكفل حياة باذخة وسفرا ميمونا الى الدول البعيدة اذا دعى الداعي، وقد يرمون كتب المبادئ او الثقافة او العمائم مهما كان لونها على الحدود وهم يعبرون منطقة التفتيش الاخيرة التي سوف ترحب بهم ايما ترحيب لانهم ببساطة، اصحاب ملايين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 19 تشرين الاول/2007 -7/شوال/1428