الخرس الطائفي في الإعلام العربي !!

محمد الوادي

 قد يتصور البعض السكوت لايتطابق مع الطائفية  باعتبار ان الساكت لايحرض على الطائفية والقتل والعنصرية والتفرقة. ولكن هذه الحالة لاتنطبق على معظم الاعلام العربي في طريقة تعامله مع الحالة الدموية في العراق. فاذا كان كلام هذا الاعلام المعني بالوصف فيه الكثير من التحريض ويعتبر بحق مشارك اساسي بالقتل والدم العراقي المستباح وغسل ادمغة بعض " المغفلين " للذهاب الى العراق للمشاركة في الارهاب الذي يسمى مقاومة في العراق.

 ففي نفس الوقت سكوت هذا الاعلام في حالات معينة هو ينطبق عليه تماما  وصف " الشيطان الساكت عن الحق ". وهنا ينطبق تماما قول الامام الصادق "ع" (ان العصبية هي ان تحب وتفضل شرار قومك على خيار الاخرين). وهذا بالضبط مايحدث تماما في الاعلام العربي في تعامله مع مكونات الشعب العراقي، حينما يكون الميزان في تناول وتحليل وترويج الخبر مايخدم طائفة معينة على حساب طائفة اخرى، ومايخدم قومية معينة على القوميات الاخرى. وكأن  الدم والمواطنة والانسانية في العراق اصبحت جميعها مثل سوق بورصة لاتحكمه سوى قوانين العصبية والطائفية والعنصرية المقيته. بغض النظر من الذباح ومن المذبوح ومن الجلاد ومن هو المجلود.

الاهم من هذا كله لاي طائفة ينتمي الشخص او المجموعة المعينة وهذا اساس تسخير الامكانيات وتوجيهها  وترويجها!!

انها بحق سوق للنخاسة الاخلاقية والانسانية وايضا سوق بائسة للقومية العربية على وجه الخصوص. وكأن العروبة تغتصب كل يوم الف مرة في العراق على يد زمر القومجية المزيفة بكل اشكالها وصورها من البدلة الرسمية الى عمامة المشايخ وحتى العقال العربي. وانا على يقين ان لا امتنا العربية ولارسولها العربي الامين " ص" يتشرف بمثل هولاء الاوباش.

وسوف لن نذهب بعيد في اثبات هذه الحالة الشاذة في بعض الاعلام العربي فقط  نتناول مثالين حدثت هذا الاسبوع لاتحتاج الى الكثير من الذكاء لرصد هذا الواقع العربي المرير. فمثلا تم القاء القبض على عضو في البرلمان العراقي وهو يحضر اجتماع  للقاعدة لاختيار " امير " من اوباش القاعدة لمحافظة الموصل. ولكن الاعلام العربي تعامل مع هكذا حدث بكل تغافل واعتبره خبر ثانوي لايستحق الاشارة او التحليل او حتى المتابعة والسبب ان هذا الارهابي ينتمي الى قائمة " التوافق السنية " لذلك اعتكفت مثلا كل القنوات العربية  ولم تلاحق الخبر لافي برنامج ولا في تحليل خاص او حتى استضافة سياسي او اعلامي عراقي كان او عربي ليفسر لنا هذا الازداوج الدموي والارهابي !! وفقط مجرد تصور بسيط لو كان الشخص الذي تم القاء القبض عليه من قائمة الائتلاف الوطني العراقي. حينها لقامت الدنيا ولايعلم الالله متى سوف تقعد في مكانها الطبيعي. وانا على يقين لخرجت من الشاشة علينا بعض الوجوه الطائفية من المذيعين والمذيعات العرب وهي تذر التحريض والشتائم على الطائفة المعنية.

 والمثال الاخر هو تصريحات حارث الضاري رئيس " هيئة علماء السنة " على قناة الجزيرة وتصريحه نصآ " بان القاعدة منا ونحن منها، وان 90% من تكوينها هم من رجالنا " اغلب العراقيين لم تاخذهم الصدمة بهذا التصريح لان الضاري اعلن قبل عامين من صحيفة الحياة اللندنية انه التقى الارهابي الزرقاوي المقبور ثلاث مرات !! وحتى بدون هذا التصريح الواضح والصريح لايحتاج الامر الى عناء في اكتشاف حقيقة الامور في هذا الجانب.

 لكن الملفت للنظر هو هذه ضربة " الصم والبكم " التي اصابت غالبية وسائل الاعلام العربي  حول هذا التصريح الخطير !! فالمقبور الزرقاوي هو من كان يصف الشيعة نصآ بالصفويين الروافض وقتل منهم الكثير ونفس القبور كان يصف الاكراد بالصهاينة. والقاعدة الارهابية عندما شبعت من دماء الشيعة ومكنها الاخرين منها. التفت الى اهالي الانبار والموصل وعاثت بدمائهم وحرماتهم ، واخر انفجار ارهابي لها في مسجد وسط الفلوجة ونحن في شهر رمضام الكريم. ولم يسلم من القاعدة حتى مراقد ال بيت النبوة العربي الامين "ص" ولاحتى الحسينيات والمساجد والكنائس ولا الصابئة ولا اليزيديين والاكراد او عرب العراق  ولاحتى حجر العراق ولا دجلته وفراته. فهل  العمل مع هولاء البهائم واحتضانهم يستحق شرف الادعاء والاستقواء بهم !! وفي كل الاحوال لاينال المرء من البهيمة اكثر مما هو متعارف عليه !! لكن يبقى السوال الكبير لماذا هذا السكوت حد الخرس التام من الاعلام العربي على مثل هكذا تصريحات وتصرفات تدميرية حد التجاهل التام بل ومحاولة التغطية عليها.

يبقى سوال ملح يبحث عن اجابة لو كان من نطق بهذه التصريحات احد الاشخاص من  السيد الحكيم او السيد الصدر. ماذا سيحدث في الدنيا !!. اتصور ان الدنيا سوف تنقلب راسا على عقب. وسيتم الاعتداء والتجاوز بلسان من الخشب العربي على تاريخ هذه العوائل الكريمة والذي يمتد الى اعمق بطون العلم والنسب العربي والشرف الرفيع والتاريخ المشرف. ولتبرع بهم الاوباش الى بني صهيون او في احسن الاحوال الى بني فارس.

المفارقة كل هذه الوقائع والتصريحات الخطيرة تم تجاهلها تماما من بعيد ومن قريب. وتم لفت الانتباه والتركيز على تصريحات بعض المسؤولين الكرد في كردستان العراق حول مشروع مجلس الشيوخ الامريكي، وهو قانون غير ملزم من الاصل. ولحد يومنا هذا مازالت اغلب وسائل الاعلام العربي " تنوح وتلوك " بالموضوع. مع العلم وبعيدا عن مشروع التقسيم الامريكي.

 ان الفيدرالية الادارية أقرت في الدستور العراقي. لكن يبدوا ان الاعلام العربي اصابه الخرس و كان المطلوب تحريف الانتباه بعيدا عن  جريمة عضو التوافق الارهابي وعن تصريحات الضاري الخطيرة.

ان كل صغير وكبير في عراق اليوم يشعر ان معظم الاعلام العربي يشترك بقتل احبته واهله ويحرض طائفيا بين ابناء البلد الواحد. كما يشعر معظم العراقيين بالموقف السلبي والحاد والعدائي الذي تمارسه هذه الدوائر الخطيرة. وهذا يولد تراكم من ردود الافعال اتجاه كل ماهو " عربي ". ويذكر العراقيين ان هذا الدور ليس جديد بل هو امتداد لدور سابق من التجاهل لاوجاعهم على يد الصنم الساقط، الذي دعمه وصفق له الكثير من الوجوه التي تتسيد  اليوم الواجهة الاعلامية والفنية العربية.

 ان الكثير من العرب بسبب تصرفاتهم الطائفية والعنصرية يساهمون بابعاد النسبة الغالبة من العراقيين بعيدا عنهم. وهذا في حقيقة الامر خسارة كبرى تصيب الامة قبل ان تصيب العراقيين انفسهم. لمن يملك ولو قدر بسيط من الحكمة والبصيرة. ولمن يملك ولو حرص بسيط على عروبته وامته.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 17 تشرين الاول/2007 -5/شوال/1428