غزّة تتحول الى سجن كبير

شبكة النبأ: في ظل اعلان اسرائيل قطاع غزة منطقة معادية وما ترتب على ذلك من حصار اقتصادي جعل من القطاع سجن كبير تاكله آفات البطالة والفقر وتردي الخدمات فان مأساة المدنيين الفلسطينيين تبقى على ما هي عليه خاصة مع اصرار حماس على نهجها تجاه السلطة الفلسطينية والمطالب التي يشترطها الاتحاد الاوربي لمعاودة التفاوض والمساعدة.

وصل الطالب الفلسطيني خالد المدلل الى وطنه غزة  في مهمة محددة.. أن يتزوج خطيبته دعاء ويأخذها معه عائدا الى بريطانيا حيث يكمل دراسته الجامعية.

ولكن انتهى بهما الحال محاصرين في الشريط الساحلي الفقير الذي تديره حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بسبب الحصار الاسرائيلي الذي يمنع أي أحد لا يحمل تصريحا من مغادرة القطاع.

وعاد الطالب البالغ من العمر 33 عاما الى غزة في منتصف مدة دراسته لادارة الاعمال في جامعة برادفورد في شمال انجلترا في برنامج دراسي مدته ثلاثة أعوام ليتزوج ويصحب زوجته الى بريطانيا.

ولكن بعد أسبوع من وصوله اندلع القتال بين جماعة حماس الاسلامية وبين حركة فتح المنافسة لها. وسيطرت حماس على القطاع وأغلقت اسرائيل المعبر الحدودي الوحيد الذي ظل مفتوحا للناس العاديين.

وقال المدلل لرويترز، البقاء محتجزا في غزة يدمر حياتي كلها... أريد العودة للحياة التي بنيتها.

وسمحت اسرائيل لعدد محدود من الطلبة الفلسطينيين بمغادرة القطاع مع بدء العام الدراسي الجديد في جامعات في أوروبا والشرق الاوسط.

لكن المسؤولين الفلسطينيين يقولون ان التصاريح تصدر على فترات متقطعة وبعد تأجيل لفترات طويلة مما يعني أن ستة الاف من أبناء غزة من بينهم مئات من الطلاب أجبروا على تأجيل دراساتهم.

وقال طلال محمد (18 عام) وهو طالب من غزة كان يتطلع الى الدراسة في القاهرة، مصيدة غزة...أفضل قول مقبرة غزة. وتابع قائلا، بنينا امالا كالجبال لكنها جميعا انهارت.

وعرض المدلل قضيته على جماعة جيشا وهي جماعة حقوق انسان اسرائيلية تقول انها تساعد الفلسطينيين الذين يرغبون في مغادرة غزة. وطلبت جيشا من محكمة العدل العليا الاسرائيلية أن تنظر في قضية المدلل بسرعة لكنها رفضت.

وقال ساري باشي رئيس جيشا ان قضية المدلل تحمل رقم 4834 في قائمة انتظار تضم أكثر من ستة الاف حالة.

وقال باشي، وباجراء حساب وفقا لهذا المعدل فانه يكون أمام خالد نحو 20 شهرا لمغادرة غزة.

وسحبت اسرائيل مستوطنيها وجيشها من غزة في عام 2005 لكن الفلسطينيين يقولون ان القطاع الذي يسكنه 1.5 مليون فلسطيني يخضع لاحتلال فعلي لان الدولة اليهودية تسيطر على حدوده ومياهه ومجاله الجوي.

العنف والحصار يعطلان غزة

من جهتها قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إن ثلث الأطفال الفلسطينيين في مدارس الأمم المتحدة في قطاع غزة الذي تديره حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يواجهون صعوبات في القراءة والكتابة لأن العنف وحصار تفرضه إسرائيل يعطلان تعليمهم.

وأضافت الوكالة التي تدير مدارس للاجئين في غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا أن الأطفال في قطاع غزة يتخلفون كثيرا عن الطلاب اللاجئين في أماكن أخرى.

وأحرز الأطفال في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في سوريا ولبنان والأردن نتائج جيدة في الامتحانات وتفوقوا على أقرانهم في المدارس الحكومية.

لكن الوكالة قالت إن الاختبارات المستقلة في غزة أظهرت أن أكثر من ثلثي الطلاب رسبوا في امتحانات الحساب بينما تراوحت نسب الرسوب في امتحانات القراءة والكتابة بين 30 و40 في المئة. ولم تتوافر أي مقارنات مع المدارس العامة.

وقال جون جينج رئيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في غزة في بيان، إن الأثر التراكمي لسنوات من العنف والحصار والمدارس المعطلة والفقر المزمن ضمن أشياء أخرى واضحة بجلاء من خلال نتائج الاختبارات التي يؤديها أطفال المدارس في غزة.

وقالت الوكالة إنها تدير أكثر من 200 مدرسة في غزة بينما تدير السلطة الفلسطينية نحو 350 مدرسة.

ونتيجة لنقص المباني فإن حوالي 80 في المئة من مدارس الوكالة يعمل بنظام الفترتين صباحية ومسائية.

وأوقفت الوكالة في يونيو حزيران الماضي خططا لبنا مدارس جديدة نتيجة لخفض إمدادات مواد البناء نتيجة لإغلاق الحدود.

سكان غزة يحفرون الأنفاق مع مصر

استغرقت رحلة عودة أبو محمد لداره نصف الساعة ولكنها تبدو الأطول في حياته. تقطعت السبل بأبو محمد (22 عاما) في مصر مع مئات اخرين عقب سيطرة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على قطاع غزة في يونيو حزيران.

ومع اغلاق معبر رفح قرر أبو محمد اللجوء لواحد من عشرات الانفاق التي تعبر الحدود بين قطاع غزة ومصر وتديرها عصابات تهرب كل شيء بما في ذلك الأسلحة والناس والسلع.

دفع للمهرب أربعة الاف دولار لاستخدام نفقه للعودة لدياره مع شحنة من السجائر المهربة، وقال، استغرقت رحلة العودة زاحفا حوالي نصف الساعة لكنها كانت بمثابة عام بالنسبة لي.

وطلب أبو محمد عدم نشر اسمه الحقيقي بسبب رحلته السرية ومضى قائلا، زحفت على بطني مثل الثعبان. لم يكن بوسعي أن ارفع رأسي طول مدة الرحلة.

وفي الشهر الماضي أعلنت اسرائيل قطاع غزة "كيانا معاديا" وتراجعت حركة تدفق الناس والسلع عبر المنافذ الحدودية تراجعا حادا منذ سيطرت حماس على القطاع وانعكس ذلك في صورة ارتفاع الاسعار بشدة بالنسبة لسكان القطاع البالغ تعدادهم 1.5 مليون نسمة وأرباح ضخمة للمهربين والعشائر التي تحفر الانفاق.

وقال أبو سلمان الخبير في حفر الانفاق، تزايد الطلب بصفة خاصة منذ يونيو. يجري حفر العديد من الانفاق الاخرى.

وأضاف أن كل نفق تكون له اكثر من فتحة حتى يتسنى استمرار عمليات التهريب في حالة اغلاق القوات الاسرائلية التي تغير على غزة او المصريين احدى الفتحات.

والان بعد ان غادرت القوات الاسرائيلية مواقعها في القطاع يستطيع القائمون على حفر الانفاق العمل في مناطق أقرب للحدود المصرية رغم الغارات التي لا تزال اسرائيل تشنها مستهدفة النشطاء في غزة.

يقول أبو سلمان (35 عاما)، نجلب السجائر ومحركات السيارات والاسمدة والادوية بما في ذلك الفياجرا.

وتابع ان الأسمدة يمكن ان تستخدم في تصنيع متفجرات.

وبدأ سكان غزة حفر الانفاق في أوائل الثمانينات لتهريب سلع من مصر. واستغلتها الفصائل الفلسطينية المسلحة لجلب أسلحة في التسعينات للتصدي للاحتلال الاسرائيلي وارساء قاعدة قوتها.

وفي السنوات السابقة على الانسحاب من غزة في عام 2005 فجر الجيش الاسرائيلي عشرات الانفاق ولكن لم يستطع القضاء عليها كليا.

وقال أبو سلمان أن هناك الان وفرة في الاسلحة في غزة حتى إن عمليات تهريب السلاح التي كانت رائجة يوما ما توقفت تقريبا.

وتابع، اعتقد ان بوسعنا بيع السلاح لمصر الآن وليس الشراء منها!!.

اسرائيل تصادر اراضي فلسطينية قرب القدس

من جهة اخرى امرت السلطات الاسرائيلية بمصادرة 110 هكتارات من الاراضي الفلسطينية قرب القدس ما اثار مخاوف بين الفلسطينيين من اعادة اطلاق مشروع يهدف الى ربط مستوطنة معالي ادوميم بالقدس حسبما ذكرت مصادر فلسطينية.

وقال حسن عبد ربه المدير العام لمنطقة القدس في وزارة الجماعات المحلية الفلسطينية لوكالة فرانس برس ان اوامر المصادرة التي صدرت نهاية ايلول/سبتمبر تشمل 110 هكتارات مقسمة على بلدات ابو ديس والسواحرة والشرقية والنبي موسى والخان الاحمر. بحسب رويترز.

وقال ان عمليات المصادرة هذه تهدف الى انشاء مجمع من المستوطنات تضم معالي ادوميم والمستوطنات القريبة من ميشور ادوميم وخيدار ومنع اي تواصل ترابي فلسطيني مع وادي الاردن.

وانتقدت مصر قرار اسرائيل معتبرة انه يهدف الى استكمال فصل الجزء الشمالي من الضفة الغربية عن جنوبها.

وقال الناطق باسم الخارجية المصرية حسام زكي ان تفاصيل المشروع الذى يتردد أن اسرائيل تزمع الاقدام عليه والذى ينتج عنه استكمال فصل الجزء الشمالى من الضفة الغربية عن جزئها الجنوبى انما يدعو الى القلق البالغ ويتطلب وقفة واضحة من المجتمع الدولى لحث اسرائيل على وقف العبث بمقدرات شعوب المنطقة ومستقبلهم من خلال الالقاء بخيار السلام العادل من النافذة.

واضاف ان مثل هذا الاجراء يلقى بظلال من الشك حول النوايا الحقيقية للجانب الاسرائيلى الذى يرفض بشكل مستمر الاعلان عن تجميد نشاطه الاستيطانى فى الاراضى الفلسطينية المحتلة بما فى ذلك القدس الشرقية.

واعتبر الناطق باسم الخارجية ان تنفيذ هذا المشروع يتناقض تماما مع الجهود المبذولة من جانب جميع الاطراف لاستئناف المفاوضات السياسية الجادة بين الفلسطينيين والاسرائيليين حول قضايا الوضع النهائى بالذات والتى يجرى الاعداد لها حاليا.

وكان زكي يشير الى المؤتمر الدولي حول الشرق الاوسط المنتظر عقده في الولايات المتحدة الشهر المقبل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 12 تشرين الاول/2007 -29/رمضان/1428