العالم يدير ظهره للاجئين العراقيين

 شبكة النبأ: في ظل تجاهل الاسرة الدولية لمأساة اللاجئين العراقيين داخل وخارج العراق اصبحت دول المنطقة التي تستضيف العراقيين لا سيما الاردن وسوريا تكتظ بأكثر من مليوني لاجيء وقد تحتاج الى مساعدات بمليارات الدولارات للتعامل مع الأعباء الاجتماعية والاقتصادية.

ويقول خبراء ان النهج الحذر الذي تتبعه ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش تجاه اللاجئين العراقيين لا يقدم الكثير من الامل لاولئك المحاصرين في خضم أزمة إنسانية متزايدة ربما تبدأ في تفريخ تشدد اسلامي اذا تركت دون معالجة.

والولايات المتحدة هي اكبر مانح للمساعدات لما يقدر بنحو 4.2 مليون عراقي شردوا عن ديارهم. لكن الخبراء يقولون إن المساعدات المقدمة من الولايات المتحدة والدول الغربية الاخرى ليست سوى جزء ضئيل مما قد يلزم لتسوية اكبر ازمة للاجئين في الشرق الاوسط منذ عام 1948.

ويقول ايضا خبراء من منظمات غير حكومية ووكالات اغاثة ومراكز بحث ان تخفيف معاناة اولئك اللاجئين بالاضافة الى مليوني اخرين شردوا داخل العراق قد يتطلب اعادة توطين مئات الالاف من العراقيين في دول منها الولايات المتحدة. بحسب رويترز.

وقال اندرو هاربر الذي يرأس وحدة دعم العراق بالمفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين، تعرضت الاحتياجات الانسانية داخل العراق وفي الدول المجاورة للتجاهل الى الحد الذي جعل كلا من الاردن وسوريا يفرضان من منطلق الشعور باليأس تأشيرات دخول على العراقيين الامر الذي يغلق بالفعل جميع المخارج بالنسبة للعراقيين.

ولكن ليس من المرجح ان تتحرك واشنطن بفاعلية في ضوء القيود الامنية المشددة التي فرضت على الهجرة بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 والمخاوف من ان يشكل استمرار القتال في العراق خطرا من مسلحين يتظاهرون بانهم لاجئون.

ويقول خبراء انه بدون وجود زعامة أمريكية فان الدول الاخرى لا سيما الدول الاوروبية التي ينتابها القلق من العنف الاسلامي لن تتحرك لانقاذهم ايضا.

وقالت كاثلين نيولاند من معهد سياسة الهجرة، ستزيد عملية اعادة التوطين لكني لا اتوقع ان تكون اكثر من نقطة في بحر. استعداد بقية العالم على استيعاب ما بين مليوني الى اربعة ملايين عراقي ربما ليس كافيا.

واستوعبت الولايات المتحدة اعدادا كبيرة من اللاجئين من مناطق اخرى خلال الثلاثين عاما المنصرمة منهم نحو مليون من فيتنام و600 الف من الاتحاد السوفيتي السابق و157 الف من البوسنة وكوسوفو.

لكن الاستجابة تجاه الازمة العراقية كانت اقل بكثير. فقد سمحت الولايات المتحدة بدخول ما يزيد قليلا عن 1600 عراقي منذ ان بدأت عملية اعادة التوطين في ابريل نيسان ومن المتوقع ان تجلب 12 الفا اخرين خلال الاثني عشر شهرا القادمة اي اكثر من نصف العراقيين الذين طالبت المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين باعادة توطينهم وعددهم 20 الفا.

ويطالب الديمقراطيون والجمهوريون في الكونجرس بتدفق اكبر للاجئين مع افضلية خاصة للعراقيين الذين يعملون مع الولايات المتحدة. وعينت ادارة بوش ايضا مسؤولين بارزين للتعامل مع مشكلات البيروقراطية.

في الوقت نفسه ساهمت واشنطن بأكثر من 200 مليون دولار في برامج تقدم المساعدات والتعليم والرعاية الصحية للاجئين والاشخاص النازحين داخليا.

لكن المنتقدين يقولون ان المساعدات الامريكية لا تعادل سوى جزء ضئيل من الانفاق اليومي لواشنطن على الحرب والبالغ 333 مليون دولار.

كما ان معدل التوطين الامريكي المستهدف وهو ألف عراقي شهريا يتضاءل كذلك امام عدد الذين يشردهم العنف يوميا وهو الفين شخص.

وقالت اميليا تيمبليتون من منظمة هيومان رايتس فيرست، يعتقد الناس ان الولايات المتحدة عليها مسؤولية خاصة للتعامل مع هذه الازمة. لكننا لا نفعل شيئا.

وبدون حدوث تغيير كبير فسوف يواجه العراقيون ظروفا صعبة بشكل متزايد ونفور من الدول المضيفة التي ارتفعت بها اسعار الطعام والوقود والمياه والاسكان بشكل كبير جدا.

وقد يترسخ ايضا التشدد الاسلامي اذا تم السماح للازمة بالانتشار الى طبقة دنيا من الشباب العراقي الذي لم يتلق قدر جيد من التعليم ولم يندمج بالشكل الملائم مع المجتمع.

وقال مساعد ديمقراطي بالكونجرس تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، الامر مقلق تماما من وجهة النظر الامنية بالنسبة لهذه الدول وللعراق وللغرب.

واضاف بيل فريليك من منظمة هيومان رايتس ووتش، انها تركيبة تنطوي على بعض الاشياء الخطيرة للغاية.. الناس يحتاجون الى الخروج.. يتوقون للخروج لكنهم يجبرون على البقاء في اماكنهم.

العراقيون الاكثر عددا بين طالبي اللجوء في اوروبا

 ويشكل اللاجئون العراقيون الجزء الاكبر من طالبي اللجوء في الاتحاد الاوروبي وان كانوا لا يشكلون الا اقلية صغيرة من اكثر من مليوني عراقي فروا من العراق بسبب الحرب بحسب ارقام رسمية.

ففي 2006 تقدم 19 الفا و240 عراقيا بطلب لجوء في احدى دول الاتحاد الاوروبي نصفهم تقريبا في السويد بحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة.

وهذا العام بلغ عددهم نحو عشرين الفا في النصف الاول من العام وفاق عددهم عدد طالبي اللجوء من صربيا ومونتنيغرو. بحسب فرانس برس.

ويصل اللاجئون العراقيون الى اوروبا اما في اطار لم الشمل العائلي او كمهاجرين سريين.

وهم يرغبون اساسا في اللجوء الى السويد (10800 طلب في الاشهر السبعة الاولى من 2007 قبل 74 بالمئة منهم). ويمثل العراقيون الثمانين الفا في السويد ثاني اكبر جالية اجنبية بعد الفنلنديين.

وفي شباط/فبراير دقت السويد جرس الانذار لدى شركائها في الاتحاد الاوروبي وطلبت منهم استقبال المزيد من اللاجئين العراقيين.

وتلقت بريطانيا التي شددت شروط الهجرة واللجوء اليها 1315 طلب لجوء في 2006 في حين كانت تلقت في 2002 نحو 14 الفا و570 طلبا بحسب وزارة الداخلية. وبلغ عدد العراقيين الذين غادروا بريطانيا طوعا او مطرودين 1780 شخصا.

وفي فرنسا حيث تراجع عدد طالبي اللجوء الى ادنى مستوى له في غضون ثماني سنوات طلب 158 عراقيا اللجوء في 2006 حصل تسعون منهم عليه بحسب احصاءات المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين.

وانتقدت منظمة العفو الدولية نهاية ايلول/سبتمبر موقف الدول الغربية التي "تجاهلت" وضع مليوني عراقي فروا من ويلات الحرب في بلادهم ليتوجهوا الى سوريا والاردن اساسا.

واحتجت المنظمة على الاجراءات المتخذة في بعض الدول والمتمثلة في طرد لاجئين بالقوة الى العراق وحرمان من يرفض طلبهم اللجوء السياسي من المساعدة او سحب صفة اللاجىء من بعض اللاجئين العراقيين.

 حلم لجوء العراقيين الى بريطانيا كثيرا ما يتبخر في الطريق

حاول ( امير) على غرار عشرات آخرين من امثاله من المهاجرين السريين مرارا الوصول الى بريطانيا عبر سفن الشحن مختبئا تحت شاحنات راسية في ميناء شيربور شمال غرب فرنسا. وفي كل مرة يلقى القبض عليه تتم اعادته من حيث انطلق.

وفي ذلك المساء كان نحو اربعين شخصا بينهم ثلاث نساء وطفل في الـ12 من العمر وصلوا الى ارض خلاء خلف مدرسة ثانوية بعد ان قطعوا آلاف الكيلومترات. في هذه الارض نصب مخيم عرضي من الاغطية الزرقاء والعربات دون ان يكون مزودا بالمياه. بحسب فرانس برس.

واغلب هؤلاء اللاجئين من الشبان الصغار السن القادمين في الغالب من كردستان العراق واحيانا من ايران وافغانستان. وهم مدينون ببقائهم على قيد الحياة لمؤسسات انسانية توفر لهم وجبة ساخنة كل مساء.

وقال امير (28 عاما) وهو احد القلائل الذين يتكلمون الفرنسية، ان ما نريده نحن هو ان نتمكن من العمل. في بريطانيا يمنحوك سكنا ويمكنك العمل سرا اما هنا (فرنسا) فلا يعطونك شيئا.

اما احمد فهو احد القلائل الذين طلبوا اللجوء في فرنسا ورفض طلبه. وقال، اذا ذهبت الى مكان آخر في اوروبا يعيدونني الى فرنسا واذا عدت الى العراق يقتلونني. ما العمل؟ هل اصبح مجنونا. لذلك فانه عاد يجرب حظه في شيربور.

والمغامرة محفوفة بالمخاطر وباهظة الثمن ايضا. وبعيدا عن اعين الوسطاء يقول البعض انهم دفعوا ما يصل الى ثمانية آلاف يورو اضافة الى 300 يورو ليتم قبول اللاجئ في المخيم العرضي الذي يشرف عليه الوسطاء وبعضهم من المهاجرين السريين.

ورغم اغلاق مركز الصليب الاحمر في سانغات قرب كالي (شمال) في 2002 الذي كان يؤوي مئات اللاجئين قبالة السواحل البريطانية يتواصل تدفق الساعين للعبور الى بريطانيا على فرنسا.

وقال الاب بول غايار من الجمعية الخيرية المتجولة "اتينيرنس" ان اللاجئين موزعون على موانىء المانش مثل دانكرك او شيربور الابعد غربا على امل دخول "الجنة البريطانية".

ولا يملك اغلب هؤلاء المهاجرين السريين اوراق اقامة قانونية. وبسبب وضعهم غير القانوني يجري اعتقالهم وجمع امعلومات عنهم ثم اطلاق سراحهم لانه لا يمكن طردهم لانهم يتحدرون من بلد تشهد حربا او بسبب الخوف على ارواحهم.

وشهدت شيربور تدفقا للاجئين العراقيين الذين اصبحوا اكبر طالبي اللجوء في دول الاتحاد الاوروبي حيث يمنحون وضع مقيمين "في منطقة عازلة قانونيا" بحسب برنار كازينوفي رئيس البلدية الاشتراكي للمدينة.

وبا انه لا يمكن تقديم اكثر من طلب واحد للجوء في دول الاتحاد الاوروبي يبقى المهاجرون في وضع سري بانتظار التمكن من تقديم الطلب في بريطانيا. وبانتظار ذلك يقيمون في منطقة عازلة قانونيا في فرنسا.

وقال الاب غايار، انهم اشباح. هذه هي النتيجة الكارثية لاتفاق سانغات المبرم بين ساركوزي وبلانكيت، عندما كان نيكولا ساركوزي وديفيد بلانكيت يتوليان حقيبتي الداخلية في بلديهما.

لندن ستمنح اللجوء للمترجمين الذين عملوا مع القوات البريطانية في العراق

من جهة اخرى  ذكرت الصحافة البريطانية ان بريطانيا ستمنح اللجوء المترجمين العراقيين الذين عملوا مع الجيش البريطاني واسرهم.

وسيطبق هذا الاجراء على المترجمين العراقيين واسرهم اذا ما عملوا مع القوات البريطانية لمدة عام على الاقل.

وقال مصدر دبلوماسي لصحيفة "ذي صن" طالبا عدم كشف اسمه ان رئيس الوزراء مقتنع بانه القرار الصائب. واضاف المصدر، اننا مدينون لهؤلاء الاشخاص الشجعان واسرهم وبالتالي علينا معاملتهم بالطريقة المناسبة. هذا واجبنا.

ورفض مسؤولون في وزارة الداخلية التعليق على هذه المعلومات واشاروا الى ان هذا الاجراء لا يزال قيد الدرس. وبحسب الوزارة قد يشمل الاجراء 15 الف عراقي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11 تشرين الاول/2007 -28/رمضان/1428