ازدواجية الاحزاب العراقية... عوامل سلبية

شوقي العيسى

هناك نظرة استراتيجية حول مفهوم تكوين الاحزاب والاندماج في حيثياتها للنهوض بالواقع المتردي الى واقع أفضل وانتشال معظم حالات التأزم بوضع خطط وبرامج ومنهاج لتسهيل عملية حركة الامة والشعوب التي ترقى الى ذلك الواقع، وهذا في مفهوم تلك الاحزاب العالمية التي تكون مدعاة خير ونصرة الى شعوبها لا تلك الاحزاب العراقية.

قبل حوالي العام أي في نوفمبر2006 كتبت مقالاً حول "متى تحل الاحزاب العراقية؟" التي خفقت راياتها بعد انهيار دكتاتورية البعث الفاشي والى يومنا الحاضر ننظر الى واقع العراق المؤلم وكل يوم يزداد بؤساً وحسرةً ولوعة، ولو أفرغنا تلك المؤثرات الخارجية "كالارهاب والاحتلال" الذي رافق سقوط الدكتاتورية نرى في المحصلة أن العراق يحمل معظلة كبرى اسمها " الاحزاب العراقية" التي بحقيقتها ومنذ نشوؤها تعمل بازدواجية فغالبيتها تقدّم المصالح الحزبية والأوامر الفئوية على المصالح العامة ولذلك برزت حالة التأّزم بين واقعهم المرير، فجميع تلك الاحزاب تدّعي روح الوطنية والعمل لصالح الوحدة الوطنية والعراقية ولكن أجنداتهم الشخصية فوق كل إعتبار، فقد يكون هناك بعض من الاحزاب والفئات تعمل بإزدواجية العمل الحزبي والوطني ولكن بتقديم العمل الحزبي قبل العمل الوطني ولذلك فهناك حالة من الصراع المستمر بين غالبية الاحزاب العراقية للاستئثار بالعمل الذي يرقى فيه ذلك الحزب أو تلك الفئة ومن دون استثناء.

المشكلة التي تحملها الاحزاب العراقية أنها لم تتعود على تعدد الاحزاب فمنذ أن جاء حزب البعث الفاشي الى السلطة وقد أفرد نفسه فقط وحظر عمل الاحزاب آنذاك حيث كان الحزب الشيوعي في العراق وبعض من الجماعات الاسلامية فكانت تلك الخطوة من البعثيين عامل إنذار لجميع الفئات أن لا تعمل بوجود البعث فأصبح أمام الاحزاب الاخرى العمل على تنحية الآخر لأثبات الوجود وهذا ماخلق في العراق حالة من التعصّب والتأزم المشترك لغالبية القوى والأحزاب العراقية الحاكمة في السلطة والمعارضة لها.

لو أفرغنا تلك الازدواجية من الاحزاب وجردناهم من تلك التسميات التي ينطلقون منها بحيث لايوجد هناك اسم الحزب الفلاني اوالكتلة الفلانية أعتقد أن 80% من مشاكل العراق ستحل فعندما تتوحد تلك التناحرات التي خلقتها الاحزاب نفسها لم يكن امامنا سوى محاربة الارهاب والعمل على اعادة بناء العراق، وهذه الخطوة لا تحتاج إلا  نكران الذات والتجرّد من الحزبية فبدلاً من أن أصدر الحزب الفلاني بياناً او ماشاكل ذلك يكون أصدر الشعب العراقي هذا الشعب المظلوم الذي أوصل جميع تلك الاحزاب والقوى الى التسـلـّط على رقابهم وحرمانهم من أبسط الحقوق التي يتمتع بها أي انسان يعيش على الكرة الأرضية،،، فقد شارف الوضع العراقي على سقوط نظام صدام أربعة سنوات "والعراقي" يعاني من أزمة الكهرباء والماء وأزمة الوقود وأزمة الفساد الاداري وأزمة القتل والإختطاف والاحتقان الطائفي وأزمة إنهيار البنى التحتية للبلد ولازال الصراع مستمر بين الاحزاب العراقية الذين لايخجلون من أنفسهم ولا يستحون من الشعب العراقي واستهتارهم بدماء شهداء العراق كافة.

لقد خلقت الاحزاب العراقية حالة من الهستريا الطائفية بحيث تم تقسيم العراق حزبياً والدليل أن كل مواطن يرغب في العمل في أي دائرة حكومية عليه أن يجلب تأييد من جهة سياسية حزبية ينتمي إليها والذي لا ينتمي الى جهة سياسية "حزبية" لا يمكن له العمل والتعيين في إحدى دوائر الدولة وهذا من لطف تلك الاحزاب التي فرضت سطوتها على كافة مؤسسات الدولة وقسمت تلك الدوائر حسب الفئات وحسب الطوائف، فهل هكذا بلد يعيش التجزئة والازدواجية في العمل سوف ينهض بواقع المواطن العراقي الذي أصيب بحالة من الذهول وهو يرى تلك المشاهد المخزية والتناحر بين الاحزاب.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9 تشرين الاول/2007 -26/رمضان/1428