المخيم الحسيني بين الحريق والخلود

تحقيق/السيد حسين هاشم آل طعمة/كربلاء المقدسة

سلام على آل الرسول

يوم ساروا من مدينة الرسول

الى مكة الفيحاء ... ومن ثم الى أرض كربلاء

.       .       .       .

شبكة النبأ: تذكر أحدى روايات التاريخ أن الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه حطوا في رحالهم في كربلاء, يوم الأربعاء في اليوم الثاني من محرم الحرام عام 61هـ .

حيث قال الحسين (ع) " بهذه التربة وعدني جدي رسول الله "

وقال (ع) " ها هنا محط ركابنا, وسفك دمائنا, ومحل ثبورنا, بهذا حدثني جدي رسول الله "

ونزل الحسين (ع) من على ظهر جواده, وأمر أهل بيته وأصحابه بنصب خيامهم, وأن تكون على هيئة هلال وخطها خطاً حربياً أحترازياً، وأمر أن تقرب الخيام من بعضها من بعض، وان لا تكون متباعدة, خشية هجوم على أعداء عليهم. وأمر أيضاً بحفر خندق وملئه حطباً ولما كان اليوم العاشر من المحرم أضرم النار بالحطب في الخندق, لئلا يهجم العدو عليهم غيلة وغدراً ولكن بعد واقعة الطف وقتهم الحسين (ع) وكل مجاهد معه من أهل بيته وأصحابه. هجم القوم على المخيم, يتزعمهم قائد البغي (عمر بن سعد) وهو ينادي بأعلى صوته: "...احرقوا بيوت الظالمين..." الا أن أعداء أهل البيت هم الظالمون ولكن لا يشعرون. وأشعلوا النار في المخيم . والنساء والأطفال يلوذون من خيمة الى خيمة والنار تلاحقهم من كل جانب. حتى اجتمعوا في خيمة الأمام علي زين العابدين (ع) والذي كان مرضاً طريح الفراش يوم وقعت الواقعة.

وحاصر أعداء الله الخيمة وحاول (شمر) عليه اللعنة قتل الامام زين العابدين (ع) واذا بالسيدة زينب (ع) قد تدخلت في الوقت المناسب وحالت دون وقوع جريمة أخرى وبأمام آخر من أئمة أهل البيت (ع) ومتمثل برابع أئمة المسلمين واذ لولا هذا الدور العظيم الذي قامت به السيدة الجليلة في داخل هذه الخيمة أو هذا المخيم لما قام للإسلام ولا للإمامة زلا للشيعة من قائمة في هذه الدنيا. فألف السلام وألف تحية لكم يا أل بيت رسول الله (ص) " والسلام عليكم بما صبرتم فنعم عقب الدار"

موقع المخيم

يعد الموقع الحالي للمخيم هو الأقرب للواقع والصواب وهذا ما أجمع عليه الباحثين و المؤرخين ممن دون وكتب عن المخيم الحسيني ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر نص العلامة الكبير السيد هبة الدين الشهرستاني في كتابه (نهضة الحسين(ع)) ص كالأتي:

"... فنقل – أي الحسين(ع)- الى هذا الموضع حرمه ومعسكر ويعرف الان بـ(خيمكاه) أي المخيم فصارت محوطة الحير (الحائر) فاصلة بينه وبين الأعداء) وهذا وغيرها الكثير من المصادر

بناء المخيم عبر التاريخ

يذكر التاريخ أن أقدام بناء للمخيم الحسيني كان في القرن العاشر الهجري على يد العالم الزاهد المتصوف السيد عبد المؤمن الددة (عليه الرحمة) وهو من سلالة السيد أبراهيم المجاب بن محمد العابد بن الأمام موسى الكاظم (ع)

وفي عام 966هـ قام الشاعر الصوفي الكبير (جهان كلامي كربلائي) بترميم وتوسيع حرم المخيم الحسيني, ما زالت أثار هذا التاريخ موجودة في الرخامة المرمرية في المحراب الحرم المخيم الشريف.

وفي عام 1217 هـ أعاد آصف الدولة وهو أحد أمراء الهند ببناء سور كربلاء بأشراف العلامة والفقيه الكبير السيد علي الطباطبائي (صاحب الرياض) ومن ثم تبرعت زوجة الأمير ببناء وترميم المخيم وبناء رباط لإيواء الزائرين وهذا البناء كان بأشراف السيد علي الطباطبائي (صاحب الرياض) (قدس سره الشريف)

وفي عام 1276 هـ قام العلامة الشيخ عبد الحسين الطهراني الملقب بـ(شيخ العراقيين) ببناء وتوسيع المخيم الماثل للعيان كما أن هذا التاريخ كان مثبت على جوانب جدران المخيم قبل أجراء الترميمات سنة 1367هـ الموافق لعام 1948م حيث أجريت في هذا العام عدة إصلاحات وترميمات في المخيم الحسيني الشريف منها بناء صفين من المحامل (الهوادج) من على اليمين ويسار الداخل للحرم المخيمي الشريف. مع بناء ورصف الأرضية الكامل وتوسعه الحرم والمصلى وأحاطته بسور. وبعد أتمام العمل نقشت بالكاشي المعروف بـ(القاشاني) من فوق باب المخيم الرئيسية أبيات للشاعر الكربلائي السيد حسين العلوي وهي كالأتي: 

هذه الخيام بني النبـي مـحمـد               بالطف حصنا شيدت للدين

قد خصها الباري بكل فضيلة            شـرفـا سمـــت لـهـا بقريـن

أن قلت مكة قلت هذه كربلاء   فخراً سمت في عالم التكوين

سلهـا أذ أشرفــت في إعتابهـا     أيـن الحسين بعبـرة وشجـون

ستجيب ما قد نالهـا وأصابهـا        مــن بعـده اعـداءه حرقـونــي

وهذه الأبيات قد أزيلت عام 1978 من قبل (دائرة الأوقاف) بسبب الترميم والتجديد الحاصل في تلك السنة من قبل الكادر المعماري للدائرة المذكورة

وهناك سلسلة متواصلة من الاصلاحات والترميمات والبناء الجديد أجريت في المخيم الحسيني وذلك بمساعي السيد هاشم حسن أل طعمة (الكليدار) في المخيم الحسيني الشريف حيث بدأت من آواخر عام 1968م وبشكل متواصل الى نهايه عام 1980م. أي ما يقارب (14) أربعة عشر عام من البناء والترميم وبشكل مستمر دون انقطاع في حرم واورقة وسور المخيم الحسيني الشريف وقد وثقت وكتبت هذه التعميرات حسب التسلسل التاريخي في كتاب المخطوط "ذكريات المخيم الحسيني" للسيد هاشم حسن أل طعمة (الكليدار) في المخيم الحسيني (المتوفى عام 1995م).

في عام 1995م قام المحسن الوجيه عباس صالح بحر اليساري الطائي وهو من أبناء كربلاء بناء الواجهة الأمامية لجدار المخيم الحسيني الشريف بالطابوق الأصفر المنتظم وبالكاشي الكربلائي وذلك بعد أزالة العقار والمحلات الملاصقة للجدار المخيم الحسيني الشريف. وفي عام 2001 تم همد المخيم الحسيني من الأساس لغرض البناء من الجديد والعمل ما زال مستمراً ومتواصلاً بأموال وجهد أتباع أهل البيت (ع) في العراق والعالم الإسلامي.

وصف المخيم

يقع المخيم الحسيني الشريف في الطرف الجنوبي الغربي من الحائر الحسيني الشريف ويمتد أمامه شارع ينتهي الى مرقد الحر بن يزيد الرياحي (رض) وتكون الحرم الشريف من عدة مقامات ترمز الى خيم ال البيت الأطهار وصحبه الأبرار. 

وهي كالأتي:

1. خيمة العباس(ع)            2. هوادج أو المحامل          3. خيمة علي الأكبر(ع)

4.خيمة الأمام الحسين(ع)       5. بئر العباس(ع)              6. خيمة السيدة زينب(ع)

7. خيمة علي زين العابدين(ع) 8. خيمة أهل البيت(ع)

وفي الصحن الشربف توجد "9. خيمة القاسم بن الحسين(ع)" وتسمى خيمة العريس ويعدها بعض المؤرخون بـ(الخيمة المنفردة) التي أعدها الأمام الحسين(ع) للشهداء من أهل بيته وأصحابه. الا أن (خيمة القاسم) وهو الشائع لدى العامة.

10. خيم أصحاب الحسين(ع) ومحلها هو الأواوين لسور المخيم الحسيني الشريف

السدانة في المخيم الحسيني الشريف

لقد وفق الله (عز وجل) لخدمة المخيم الحسيني الشريف احدى أسر السادة أل طعمه ويعرفون بـ(أل خيمكة) على أسم المخيم الشريف.

ومنذ عشرات السنين وهم السدنة والمتوالون الشرعيون في خدمة المخيم الحسيني الشريف ومازالوا –ولله الحمد- في هذا المقام الشريف .

جاء في كتاب "دراسات عن الأسر الموسوية العربية" ج1 ص198-199 لمؤلفه العلامة النسابة السيد حسين ابو سعيدة الموسوي جاء ما هو نصه:

"... والجدير بالذكر أن بعضا من (أل طعمه) قام بالأشراف وخدمة المحل الذي يطلق عليه (خيمكة) فعرفوا بها والخيمكة أطلقت على المكان الذي أتخذه الأمام الحسين(ع) محلاً لخيمه وحطه رحله فمن ذلك الزمن الى يوم عرف هذا المكان بالمخيم فالاة من أل طعمة الذين عملوا بالمخيم هم أحفاد السيد سلطان بن محمد بن احمد بن خليفة بن نعمة الله بن طعمة..." هذا وغيرها العديد من المصدر التاريخية. وأما عن أسماء من تولى سدانة المخيم الحسيني الشريف من أسرة السادة أل خيمكة المترعة عن عشيرة السادة ال طعمة وهم كالأتي:

1. السيد سلطان بن محمد آل طعمة (الجد الأعلى للسادة آل خيمكة) وذلك في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي والى أوائل القرن العشرين الميلادي .

2. السيد صالح بن سلطان آل طعمة(1332هـ/1913 والى عام 1344هـ/1925م)

3. السيد عطية بن صالح آل طعمة(1344هـ/1925م والى تاريخ كانون الثاني 1925م) أي بعد (15) خمسة عشر يوماً تنازل عن السدانة الى أخيه السيد مهدي

4. السيد مهدي بن صالح آل طعمة

(1344هـ/1925 الى سنة وفاته 1486هـ/1966م)

5. السيد كاظم حسن آل طعمة. (486هـ/1966م الى سنة 1487هـ /1967م)

6. السيد هاشم ن آل طعمة (1487هـ /1967م الى سنة وفاته 1416هـ/1995م)

7. السيد صاحب عبد الوهاب آل طعمة

(1416هـ/1995م الى سنة 1420هـ/1999م)

8. السيد خضير الطالقاني

(1420هـ/1999م الى تاريخ السقوط النظام في 9 /4 /2003م) وفي عهده تم هدم المخيم لغرض بناءه من جديد وفي ظل التغيرات الجديدة أصبح المخيم في حماية العتبة الحسينية.

في الوجبة الصباحية

9. السيد علي  صاحب آل طعمة. العضو في كادر بناء المخيم

وفي الوجبة المسائية

10. السيد حسين هاشم آل طعمة

ونسأله تعالى ان يوفقنا لخدمة الامام الحسين(ع) وأهل بيته الطاهرين والحمد لله رب العالمين

أشراقات المخيم الحسيني في قلوب المسلمين.

لقد شاءت ارادة الله (عز وجل) ان يخلد كل شيء عن الامام الحسين (ع) حتى خيامه التي أحرقها الأعداء في اليوم العاشر من محرم.

وان وجود المخيم الحسيني اليوم في كربلاء ماثلاً للعيان يستقطب الزائرين الكرام من كل حدب وصوب ان دل هذا على شيء فأنه يدل على دلالتين

الأولى: هي الأرادة الألهية وحكمته سبحانه ان يخلد هذا (المخيم) الطاهر متحديا بذلك أعداء الدين الذين رفعوا أصواتهم قاتلين "أحرقوا بيوت الظالمين" الا أن اله (عز وجل) أحرق أعداء الحسين بنار الدنيا قبل نار الآخرة

الدلالة الثانية: هي الكرامة الحسينية المقدسة المقتبسة أصلاً من كرامة رسول الله (ص) حيث ملئت آثار سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي(ع) الدنيا بأسرها وليس فقط العالم الإسلامي. ولله الحمد من قبل ومن بعد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 8 تشرين الاول/2007 -25/رمضان/1428