صراع جديد في الكونغرس الامريكي بشأن الفساد في العراق   

شبكة النبأ: تعددت السجالات حول الفساد المستشري في مفاصل المؤسسات العراقية واصبحت محط اهتمام المشرعين الامريكيين لتصبح فقرة جديدة تخدم الاتجاهات والميول الداخلية للديمقراطيين والجمهوريين في الدعاية الانتخابية وكذلك في التاثير على الاستراتيجية الامريكية المتبعة حاليا في العراق.

وقال القاضي راضي حمزة الراضي الذي عينته الولايات المتحدة عام 2004 لرئاسة اللجنة العراقية للنزاهة العامة ان تقديرات لجنته تذهب الى ان الفساد تسبب في خسارة الحكومة العراقية ما يصل الى 18 مليار دولار.

وقال القاضي الذي ترك العراق في اغسطس اب بعد ان تلقى تهديدات، ان المالكي حمى اقارب له من التحقيق وسمح لوزراء بحماية موظفين متورطين. وقال في جلسة للكونجرس ان 31 موظفا في لجنته قتلوا. بحسب رويترز.

وقال راضي انه ليس لديه أدلة تدين المالكي نفسه لكن رئيس الوزراء حمى بعض اقاربه الذين تورطوا في الفساد.

وقال راضي للجنة الرقابة والاصلاح الحكومي التابعة لمجلس النواب ان أحد هؤلاء هو وزير نقل سابق.

وقال المسؤول الامريكي الذي أدلى بشهادته المفتش العام لشؤون اعمار العراق استوارت بوين انه شهد ايضا تزايد مد الفساد في العراق. وقال ان الجهود الامريكية لمكافحته مخيبة للامل وينقصها التمويل والتركيز.

وتساءل النائب هنري واكسمان الديمقراطي عن كاليفورنيا الذي يرأس الجلسة، هل حكومة المالكي فاسدة جدا الى درجة يتعذر معه نجاحها، وزعم ان الجهود الامريكية لمعالجة المشكلة في حالة فوضى تامة.

وانتقد ما سماه مقاومة وزارة الخارجية لتحقيقات اللجنة قائلا ان الحكومة الامريكية فيما يبدو تخشى ان تتسب معلومات الفساد التي يكشف النقاب عنها في احراج او أذى لعلاقاتنا مع حكومة المالكي.

ورفض لاري بتلر نائب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادني الاجابة علانية عما اذا كان المالكي عرقل التحقيقات في الفساد قائلا انه لا يمكنه الاجابة الا في جلسة مغلقة.

ودافعت وزارة الخارجية عن موقف بتلر. وقال المتحدث باسم الوزارة شين ماكورماك انه في تحقيقات الفساد من الافضل معالجة الامور في سرية في باديء الامر لحماية حقوق من يكونون محل شبهات.

اتهامات للمالكي بتعطيل التحقيقات

وقال القاضي راضي حمزة الراضي إنّ الفساد أثّر تقريبا في كل شيء حيث وصل إلى كل الوكالات والوزارات وكذلك بعض أكثر المسؤولين العراقيين نفوذا.

وأضاف أنّ الفساد أوقف التقدم الممكن في مجالات السياسة والاقتصاد والخدمات الأساسية والبنية الأساسية وإحلال الأمن وسلطة القانون.

وأوضح أنّ الفساد ضرب أكثر الميادين الاقتصادية في العراق وهو قطاع النفط مقدرا مجمل الخسائر التي تسبب فيها بنحو 18 مليار دولار.

وبسؤاله عن المالكي، قال الراضي، لا أستطيع أن أقول إنّ شخصا ما قام بهذه الأمور من دون أن يكون لدي دليل. ولكنّ المالكي قام بحماية أقاربه المورطين في الفساد.

وذكر الراضي بالاسم وزير النقل سلام المالكي الذي عطّل رئيس الوزراء تحقيقا بشأنه قائلا إنّه يمثل أحد حلفائنا كما أنه قريب لي.

كما ذكر بالاسم وزير الكهرباء السابق أيهم السامرائي الذي يعدّ بدوره قريبا للمالكي والذي تمّ الحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات لتحويل أموال عمومية قبل أن يفرّ من السجن في المنطقة الخضراء. وقال السيناتور ستيفن لينش إنه يعيش مع عائلته الآن في شيكاغو.

وقال المراقب العام للولايات المتحدة ديفيد والكر إنه وعلى ما يبدو فإنّه ليست لبلاده خطة للقضاء على الفساد طالبا من الكونغرس أن يشترط في قوانينه المقبلة بشأن العراق مكافحة الفساد من أجل التوصل إلى "بعض النتائج أفضل من أن نقتصر على جهود أكثر فقط."

وقال الراضي إنّ تأثير الفساد وصل إلى ما أبعد من المال حيث أنّ هيئته التي كان يرأسها كانت ضحية للاستهداف.

وقال لقد لقي 31 من موظفيها مصرعهم مع 12 من عائلاتهم الكثير منهم بعد أن تمّ اختطافه وتعذيبه.

ومن ضمن الضحايا، كانت امرأة حامل زوجة لأحد الموظفين ورجل طاعن في السنّ يبلغ 80 من العمر هو والد أحد الموظفين الآخرين تمّ العثور عليه معلّقا بعد أن تمّ ثقب جسده بواسطة آلة ثقب كهربائية.

وقال إنّه وعائلته تعرضا إلى التهديد وكاد رصاص القناصة يصيبه فيما كان خارجا من مكتبه في بغداد.

وقال السيناتور داريل عيسى إنّ تسعة  من عائلة الراضي طلبوا اللجوء في الولايات المتحدة، غير أنّ الراضي قال إنه أمر شخصي لا أريد التحدث عنه.

واشنطن بوست: الفساد كلف العراق 18 مليار دولار.. و40 من موظفي هيئة النزاهة

وجاء في تقرير بصحيفة واشنطن بوست، ان القاضي راضي حمزة الراضي المفوض السابق للجنة النزاهة العامة العراقية، يسعى للحصول على حق اللجوء السياسي في الولايات المتحدة، حسبما قال النائب الديمقراطي هنري وكسمان، رئيس لجنة مجلس النواب المعنية بالمراقبة والإصلاح الحكومي. وقال راضي إن محققيه كشفوا عن فساد «متفشٍ» في الوزارات العراقية، كلف البلد مبلغا يصل الى 18 مليار دولار، لكن لم يتم إصدار حكم إلا في 241 قضية فساد من بين 3000 تم تحويلها إلى المحاكم.

وقال راضي: نحن تعلمنا بأشق الطرق حقيقة أن الفساد لن يتوقف عند أي شيء. إنهم فاسدون جدا إلى الحد الذي يجعلهم يهاجمون متهميهم وعوائلهم بالبنادق وكلابات تعليق اللحوم، إضافة إلى توجيه تهم ضد المعنيين بمكافحة الفساد.

وذكر راضي كيف أن واحدا من كوادره قُتل بالرصاص هو وزوجته الحامل في سبعة شهور، كذلك وجد والد كبير حراسه الأمنيين مقتولا ومعلقا بكلاب لحوم، وكيف أن جسد والد موظف آخر عنده تعرض إلى التثقيب بواسطة مثقب كهربائي.

وجاءت شهادة الراضي مدعومة بوثائق تم إصدارها من قبل لجنة النزاهة العامة، تبين كيف أن مكتب المالكي أعاق التحقيقات، لتقييمات مماثلة جاءت ضمن تقرير أصدره مكتب محاسبة الحكومة (الأميركي)، ومن خلال شهادة قدمها ستيوارت باون المفتش العام المسؤول عن إعادة إعمار العراق. وقال مراقب النفقات العام ديفيد ووكر إن «مكتب محاسبة الحكومة» وجد أن إدارة بوش تفتقد الاتجاه وليس لديها أي استراتيجية معينة لتحسين أداء الوزارات العراقية.

لكن جهودا غير موفقة بذلها المشرعون في جلسة الاستماع كي يحصلوا على جواب من وزارة الخارجية حول مدى سعة الفساد العراقي، وهذا ما آل إلى تزايد المراسلات الغاضبة بين الطرفين. وغضب وكسمان لأن وزارة الخارجية قامت بمفعول رجعي بتصنيف مذكرات داخلية بدأت تظهر على الانترنت تتهم وزارة الخارجية كوندوليزا رايس بتصادمها مع الكونغرس بسبب «تلك الجهود الهادفة إلى إسكات النقاش الذي تسبب في إحراج كبير».

وسأل وكسمان لاري بتلر مساعد وزيرة الخارجية الذي كان شاهدا: «هل تؤمن أن الحكومة العراقية لديها حاليا الإرادة أو القدرة السياسيتين كي تستأصل الفساد من داخل حكومتها؟».

فرد بتلر، السيد الرئيس، من الأفضل أن تصب الأسئلة ذات الطبيعة الواسعة لعلاقتنا الثنائية مع العراق ضمن إطار سري.

وحاول وكسمان عدة مرات لكن بتلر أصر بهدوء على أن نقاشا من هذا النوع يجب أن يجري من خلال مذكرات سرية. سأل وكسمان: لماذا تستطيع التكلم عن الجوانب الإيجابية لا الجوانب السلبية؟ ألن يكون ذلك مساعدا لنا كي نمتلك الصورة بأكملها؟.

وقدم راضي الجزء الأول من تصريحه بالإنجليزية، ثم راح يجيب عن الأسئلة من خلال مترجم. وقال إن المالكي رفض أن يعترف باستقلالية لجنة النزاهة العامة، التي تشكلت عام 2004، على الرغم من ان الاستقلالية تضمنها الدستور العراقي. وأعطى مثلا على ذلك: حينما استخدمت الفقرة القانونية من عام 1971 لمنع تحويل قضايا إلى المحكمة، إلا إذا تسلمنا موافقة من الوزير الخاص بتلك الدائرة التي نقوم بالتحقيق في شؤونها.

أما بالنسبة للوزراء الفاسدين فإنه لا يمكن رفع قضايا ضدهم من دون موافقة المالكي. وخصوصا في قضايا الفساد المتعلقة بالنفط التي قال عنها إنها أدت إلى تمويل الإرهاب بشكل فعال من قبل وزارة النفط عبر هذه الميليشيات التي تسيطر على نقل وتوزيع النفط. بحسب قول الراضي.

لكن بعض المشرعين الجمهوريين حاولوا التشكيك بمصداقية الراضي. واتهم النائب دان بيرتون الراضي بكونه عمل لصالح نظام الدكتاتور صدام  من عام 1979 إلى 1992 بصفة مدع عام. وسأله: كيف حصلت على تلك الوظائف؟ فقال الراضي عبر المترجم: أنا حصلت عليها من عملي الشاق في الدراسة وعملي في المؤسسة القضائية، وإنني سجنت وكسروا عظاما في رأسي...  

وقال بتلر إنه لا يستطيع أن يقدم أي شيء للراضي سوى الثناء، استطيع أن أقدم فقط ثنائي لشجاعة القاضي وتماسكه، ومغادرته عمله هو صدمة كبيرة. فقد يتطلب وقتا طويلا حتى يتمكن شخص بقدراته وإرادته التقدم لاحتلال منصبه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 8 تشرين الاول/2007 -25/رمضان/1428