الشباب والآباء وجهاً لوجه في ملبورن

كتب: مصطفى كامل الكاظمي

 شبكة النبأ: الشاب حين ولادته لا تجد مدى لسعادة ابيه، لكن تجده يتذمر في الاغتراب بمجرد ان ارتقى ولده الشاب صهوة جواد المراهقة،،،ترى وقتئذ ريحانته(ذلك الشاب الامنية) يتحول الى عبء كبير وخصم عنيد ونذر شؤم يلاحق بال ابيه بالالم ويطارده بالارق وربما يفضي به الى التعاسة.. كل ذلك لان الشاب اصبح له رأي قبالة آراء الاسرة في مهجرها وربما جر تمرد الشاب ذويه الى التهلكة.

من لهذه المشكلة؟ ايهما الصحيح :رأيي أم رأي ابني الشاب؟

بهذه الكلمات شرع مدير الندوة يعرف بماهية اللقاء اذ وللمرة الثانية وبحضور فعال لاكثر من ثمانين بين أب وابن وذي صلة، وتحت ذات الشعار:

[أبناؤنا في المهجر...ما لهم من الحقوق وما عليهم من المستحقات]

 خلال فاصلة الشهر أحيت رابطة الكتاب والمثقفين العراقيين في استراليا/ملبورن ندوتها الثانية المهتمة بشؤون الشاب العراقي وهموم الاغتراب على صعد الحياة الاسترالية المتنوعة وعلى صعيد الاسرة وعلاقته كنشء وجيل أول للجالية العراقية الكبيرة في هذه القارة،او صعيد نظرته الى بلاد ابائه واجداده ثم مطارحات ثنائية الحقوق والواجبات التي يفرزها ويرشدها مجتمع الغربة الجديد.

 هذه المرة- الندوة الثانية- عقدت في صالة مركز رعاية المهاجرين بمدينة برودميدوز في ملبورن الاسترالية 21/9/2007 بادارة عضو الرابطة الاستاذ حيدر المنصوري، انما اكتسبت اهميتها لما يلي:

 اولاً: الندوة هذه تحققت بمطالبة كبيرة من قبل الشباب وبعض الاباء على هامش لقائهم في الندوة السابقة التي رعتها رابطة الكتاب والمثقفين العراقيين في قاعة(أم آر سي) بمدينة ثوماستاون بتاريخ 19/8/2007 بادارة عضو الرابطة الاستاذ احمد راضي وحوار عضو الرابطة الاستاذ ابراهيم الحسني والتي امتازت بأداء وبمفاجئة التناغم والارتياح الواعد كما عبر عنه الاستاذ المهندس رياض الكفائي في تقريره وملاحظاته التي سجلها له العديد من مواقع وصحف الانترنت قبل شهر من اليوم، اذ صرح الكفائي نصاً:" ثم أغنى الحضور الندوة بالنقاشات البناءة من خلال الأسئلة التي تناغمت مع الواقع المعاش وتأثير البيئة على سلوك الأفراد وأساليب الرقابة الذاتية وكيفية التأثير والتأثر بالمجتمع الأسترالي ضمن دائرة الصراع الثقافي المزدوج الذي تعيشه الجالية العراقية مع ضرورة معرفة القوانين الاسترالية التي تكفل العلاقات الأسرية ضمن المجتمع الأسترالي"انتهى.

 ثانياً: لقاء اليوم كان جريئاً وصريحاً في مناقشات الآباء والابناء وقد سيطرت عليه الشفافية التي بعثت الى تطلع مستقبلي للمزيد من ندوات الشباب ولقاءات بذات النفس وذات روح الحوار الجاد المتزن الهادف الى مدارسة هموم الشباب وتغليب الحلول الواقعية على كل ما يعتقدونه مشكلاً إن بالواقع أو بالظن.

 ثالثاً: اكثر ما ميز اللقاء ان الشباب هم من ادار حوار الندوة وطرحوا ما حملته قلوبهم من هم ورؤىً وبرامج يطمحون لمشهدتها تتحرك في مباركة من أولياء امورهم.الشباب (هذه المرة)هم من يطرح الرؤى والاعتقاد،والاباء تستمع ثم تناقشهم،الابن يحاور ابيه ويسعى لتأكيد نظرته وتشخيص دواعي تباين نظرتيهما.فالى هذا اعتلى منصة المطارحات في ندوة اليوم ثلاثة من شبابنا الاكاديمي من طلبة جامعات ملبورن بحضور ابائهم واوليائهم واصدقائهم،وهم عبد القهار الحسني،محمد باقر الحسكلي،والثالث احمد الفارس.

 رابعاً: تنوع الحضور الثقافي والاجتماعي وتعاطيه الايجابي بنسبة عالية مع روح الندوة والانشداد الى المناقشة المباشرة او المسجلة على الورق بصيغ استفهامية تفاوتت في سلم شدتها تأييداً لما طرحه بعض الشباب او رفضاً ثم تصحيحاً لبعض رؤاهم.

خامساً: جانب الاهمية شق طريقه بيسر في خضم تمازج الشرح والنقد باللغتين العربية والانكليزية متمثلاً بأن عموم شباب المهاجر والغربة انه يجيد التعبير عن مشاعره وافكاره بلغته الثانية المكتسبة اكثر من لغته الاصلية وهو امر غير خاف على أحد لاسباب باتت بديهية، وعليه فقد عكف بذي البصر الى التأكيد على مسألة الاهتمام بلغتنا العربية ومدارسنا الخاصة الاثنية اسوة ببقية الجاليات، او انشاء تجمعات تعنى بالناشئة او اقامة نواد وعلى اقل التقديرات انشاء منتدى ثقافي عام يهتم بهذه الطليعة لاجل الحفاظ على هذه قيمنا التي نعتقد بها.

بدءاً فقد ترك الجامعيون الثلاثة من منصة الحديث بصمات واضحة اثارت جو الحوار لتشبعه نقاشاً بمسائل مرحلة الشباب ونظرة الكبار لهم وثقتهم بقدراتهم على مواجهة تحديات الحياة وتشخيص المستقبل بتحديد قراراتهم المصيرية.

في هذا السياق شدد الجامعي عبد القهار على مسألة التمرد والعصيان التي تنتاب الكثير من الشباب في مجتمع الاغتراب ومبرزا دواعي ومسببات ذلك،كما ركز على مسالة "سن الرشد" المتباينة - حسب عبد القهار- تعريفاً من وجهتي الاسلام والغرب،موردا امثلة حية من مشاهد المجتمع الاسترالي قبال الشباب فقد ذكر مسألة تعامل دوائر الكبار الاجتماعية كما في الافلام المعروضة وتقيدها بوضع الرموز الخاصة بما يتناسب وموضوعة الفيلم وبما يتعلق بالفئات العمرية.

تثميناً لآراء بعض الاساتذة وطلب بعض المشاركين الاعزاء ولاهمية مادة الندوة ستقوم الرابطة بنشر الكلمات والمداخلات الهامة تباعاً على صفحات الشبكة العنكبوتية.

عموما فان الندوة شددت على محاور الهموم التي تصطلم الشاب في غربته مريداً كان أو بدون ارادة ومنها:صعوبة تحقيق المنى والرغبة،المشكلة العاطفية والجنسية،ازدواجية المفاهيم الاسرية(القديمة) والمجتمعية الجديدة،رغبة اتخاذ المثل،الانصهار بقيم المحيط،ثم المشكلة الرئيسية- حسب ظنه كشاب- هي الثقافية التمثلة بين افهام ومدارك الطرفين:الابن والاب،،الشباب و الشياب- بتعبيره العراقي- وكذا مسألة الذوقية في اقتناء الاشياء والملبس والزي لم يكن خاتمتها تصفيف الشعر والموضة... فقد اكد وعي شباب الندوة صراحة:

 رغم ان هذه الامور التي يلتحف بها الكثير من الشباب ربما تكون غير مهمة وتافهة في نظر الاب لكنها ربما تحقق بعض الطموح الروحي او تسد حاجة نفسية لديه لا اكثر.

وفي سياق تشخيص نواهض مقومات الفتوة والشباب من قبل المراكز الحكومية والشعبية الاسترالية ،جاءت تأكيدات الشباب المحاضر على العديد من الفعاليات التي شهدوها في المدرسة والجامعة وفي اللقاءات العلمية والاجتماعية والتي تنمي قابلياته في ميادين كثيرة.

 وكشباب عاشوا مرحلة الارتباك القيمي او تقاطعاته في استراليا بين ما هم عليه من حاكمية الحالة العراقية في البيت والمسجد واللقاءات الخاصة والعامة التي غالبا ما ينشؤها الآباء كقيم وتقاليد متوارثة، وبين لزومية الانخراط في منظومة قيم المجتمع الاسترالي المعاصر كونهم باتوا جزءا لا ينفك عنه... الى هذا اكد الشاب احمد الفارس على عنفوان الشبيبة وطاقاتهم الجامحة ومركز ابداعهم الذي يقرره عمر ما بين (15 - 25) منوهاً الى ان المشكلة الرئيسية تكمن في وجود الفراغ الكبير فلابد للاسرة من الاهتمام بابنائها في هذه المراحل العمرية من خلال المتابعة والتوجيه اللائقين ويجب ان يناقش في كل الحالات لا ان يهمل او يملى عليه ، وهذا الامر لا يقتصر على الاباء فقط وانما يتعداه الى المراكز الهامة كالمؤسسات الدينية والاجتماعية في الجالية العراقية التي ينبغي ان تفهم لغة الشاب وتطلعاته وتلبي له ما يمكن للغير ايجاده له من( انشطة وتجمعات وهوايات وتنمية قابليات ونوادي رياضية او فكرية) وفي حال انحرف الشاب فسيكون عنصر ضرر على اسرته بالدرجة الاساس ثم على جاليته فمجتمعه،وكذا يجب دفعه وتشجيعه على اكمال دراسته الجامعية لضمان مستقبله ومستقبل بلده من خلال ايجاد هذه الطاقات العلمية.

 اما عن الحوار والتفاهم بين الطرفين الاب والابن فيجب- حسب الفارس- انعاش روح النقاش وزرع الثقة بينهما في كل الطروحات.وان مشكلة الشباب يجب ان تكون من الشمول بحيث تتجاوز محيط الاسرة.

 اما المتحدث محمد باقر الحسكلي فقد نهض بطرح معاناة الشاب الاساسية التي اطلق عليها حالة الصراع المستمر الذي يتكأده في ادنى مواجهة بين حالتين متناقضتين او متقاطعتين عليه ان يجمع او يوفق بينهما،،وانه يذهب الى ان المشكلة اساسا عيارين عن نصفين يقع احدهما على الاب بقدر ما يقع الثاني على الابن الشاب.وقد اورد امثلة منها ان كون العائلة متدينة فيتعين على الشاب ان يصلي ويصوم ويؤدي الطقوس الدينية ويربي اللحية ويلتزم الملابس المقبولة عرفا وشرعا وما اليه ،ويصطدم بالشارع والمدرسة والجامعة وبكلمة بافاق المحيط الذي لا يتقبل منه كل تلك التوصيات والالتزامات وهكذا يستمر الصراع داخله باي المفاهيم هي الصح؟ مفاهيم الاب ام المدرسة ام المجتمع؟

 وحسب مناقشة الحسكلي ان الصح في ان ياخذ الشاب من هنا ومن هناك ما هو صحيح بالفعل، لكنه- الحسكلي- يعود فيتساءل:انّى للشاب القطع بصحة ما يأخذه سواء من هنا ام هناك؟

 للحقيقة ان جميع ما طرح هو تعبير عن اراء المشارك دون غيره، لكن هذا التساؤل قاد الى الامعان في التفكر بحاجات الشاب،وان الاب تقع عليه المسؤولية الكبرى في تعليم ابنه من وما واين الصح!وهي تماماً تتماشى وروح الشريعة المقدسة التي تشدد على هذا المعنى.فعلى الاب ان يناقش ويفهم ابنه الشاب لكن يبقى السؤال قائماً :باي طريقة يقنع ويعلم الاب ابنه الصحيح من السقيم؟كما ان الشاب عليه ان يجدّ في التفكير ايضا لمعرفة الصحيح وان يصل بنفسه للقناعة بذلك(طبعا والكلام هنا للحسكلي) فربما لم ترق مفاهيم الاب الى الصحة.وقد حدد ملامح طريق خلاص الشاب بالتالي:

1-  اختيار المنهج بعد تشخيص المشكلة

2-  اختيار السكة(الخطوات التي يتبعها)

3-  العمل على نشر ذلك عن قناعة.

 بعد هذه الكلمات واراء الشباب المتحدث انهالت مداخلات الاباء لتتبعها مداخلات بعض منها حاد من قبل جيل الشباب ،فالسيد ناجح الموسوي ابتدأ مداخلته بتقييم لطروخات الشباب المتحدثين معترضا على مقولة وردت من احدهم مؤداها: ان الشاب يجب ان لا يرد له طلب ولا يصد بحال!

 وكذا اعترض على مسألة عدم اهلية الاسلام بتوفير الارضية المناسبة للشاب في الاغتراب.وان اسلوب طرح المشكلة غير صحيح بهذه الصورة ولا ننسى ان الفضل كل الفضل يعود للوالد في ايجاد ولده وهذا ما لا يختلف عليه عاقلان.

الى هذه المداخلة جاءت اجوبة الشباب مقنعة بعدما تحققت بصور اقناعية مستعينة بامثلة حية تتماشى وحقيقة الدين وروح التربية.وان تحويل مسألة الجواب الى بقية الشباب الحضار في الندوة تكفل بحل اشكاليات النقاش خاصة وان جله تم باللغة الانكليزية من قبل الشباب.وهكذا توالت مداخلات الكبار والشباب تنشد ايجاد او على الاقل تشخيص بعض منجيات الازمة وتفكيك شرنقتها لصالح الاب والابن،فكان مداخلة الدكتور الحسني والمهندس الحسني والاستاذ الفارس واحمد راضي ثم مداخلة الحاج قاسم الحمداني والمهندس رياض الكفائي،والمهندس الباحث محمد حيدر،ثم السيد حسن الموسوي ثم تعليقة لرسام الكاريكاتور السيد يوسف وتعقيب للاستاذ شوقي العيسى وداخلات اخرى اصابت محور اللقاء .

اما الشباب فقد تداخلوا بنقاشات رائعة وواقعية عكست همومهم وعرضت شجونهم بعضها راح يتناغم وحضور الاباء لكنه عرض بطريقة ما يكنه قلب الشاب المتداخل،فالشباب الكوفي والربيعي والسيد سيف ورامي وغيرهم سنسعى لابرازها في متابعاتنا قريبا.

جدير ذكره ان بعض المداخلات من الكبار كانت حادة ورافضة لفكرة ان يطرح الابناء،ويستمع الاباء وان يكون الأب هو المتلقي وعليه ان يصغي ويناقش لا ان يملي ويقرر هذه المرة،وهي بالفعل سابقة غير معروفة في كثير من اوساطنا العربية والعراقية بالذات ولذلك اثارت بعض اراء الشباب حفيظة بعض المشاركين الكبار لكن الحصيلة النهائية ارتياح جمعي عام لاداء الندوة ومادتها مما شجع الرابطة على مدارسة فكرة انشاء منتدى شهري للشباب فقط تحت رعاية رابطة الكتاب والمثقفين العراقيين في ملبورن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25 أيلول/2007 -12/رمضان/1428