قراءة في كتاب: يا أبا ذر.. قبسات من وصايا الرسول(ص) لأبي ذر الغفاري

 

 الكتاب: يا أبا ذر    

المؤلف: المرجع الديني السيد صادق الشيرازي

الناشر: مؤسسة الرسول الأكرم الثقافية

عدد الصفحات:  184-قطع متوسط 

عرض: عدنان عباس سلطان

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ: ابى ذر الغفاري من الشخصيات الاسلامية المرموقة والمؤثرة بدرجة كبيرة سواء في الجانب السياسي او الاجتماعي او الفقهي بحيث عد في فترة صدر الاسلام كداعية متفاعل الى الروح الاسلامية من الجانب التطبيقي ولم يرض ان تكون المبادئ التي جاء بها الاسلام مجرد عبادات وكان يدعو الى اشاعة المال العام وضرورة ان ينال كل فرد في المجتمع من خيرات الناتج المتحصل من اسباب الحياة وضرورة المحاسبة على الحاكم القائم بالامر ومسائلته عن عين المال وفيم وضعه كحقوق.

وكان يدعو ويحرض على العاملين في الاموال العامة من ولاة وقضاة ويثقف المجتمع السياسي وغير السياسي بان الوالي مجرد موظف يدير الامر بحسب خبرته مقابل اجر معلوم وليس مسلطا على الحقوق لينال منها ما يشاء وكان صوته مدويا قد ملأ الافاق كان يشبه الى حد ما صحيفة مفتوحة بوسع المجتمع يقرأها من يشاء ويسمعها من لا يشاء.

وظل دأبه هكذا الى ان نفي الى الربذة ومعه شيخوخته ووهن جسده لكنه ظل متوهج الذهن والبصيرة وهو يؤدي الرسالة الى ان واتاه الاجل سلام الله عليه.

واذا فان ابي ذر الغفاري ذلك الداعية الذي لم يهادن احدا طيلة حياته التي عاشها في الروح والمغزى الاسلامي الحقيقي، كان مؤهلا فكريا وعقائديا والتزاما بروح الرسالة الربانية لينال تلك الوصية المتوهجة بالروح الشفافة التي تحترم انسانية الانسان وتحكم العلاقة بين الربوبية وبين الطاعة البشرية في اطار ان الانسان ان يبلغ الكمال بكونه خليفة الله سبحانه وتعالى على الارض.

كان يدعو الى مشروع قانوني يحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم وفق الروح والمغزى للرسالة الاسلامية ويرى ان العلاقة الاقتصادية هي بضمان حق اي مواطن في الحرية والمشاركة في العمل والمشاركة في ناتج العمل حق طبيعي ومحترم، وحارب روح الاستحواذ والتسلط على رقاب واموال الناس دون سند او مسوغ، مما الب عليه الضغينة ومن ثم النفي الى مجاهل الصحراء البعيدة وحيدا طريدا من دنيا الجشع والاستلاب.

ثم انه لم يفتا عن النداء والدعوة حتى وهو في ديار النفي وكان من جملة التبليغ الذي مارسه الوصية التي اوصاه بها سيد الانام النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

وتمتاز هذه الوصية الطويلة بكونها زاخرة بالمضامين الاخلاقية الرفيعة البناءة.

وقد توزعت الوصية على طول الكتاب بصورة اجزاء تناولها المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، بالتحليل والشرح المسهب وهو بطريقته المتميزة البسيطة قد اعطى الامثال التوضيحية لمقصوديات العبارات مستندا الى لغتنا وحياتنا المعاصرة وما هو شائع ومعروف من امثلة قريبة الى ذهن المتلقي وعفويته السهلة والمطواعة اضافة الى جرس العبارة الشفافة وتاثيرها في النفس المحبة للمعرفة والتعلم.

وكانت الابواب كالتالي:

1ـ  ماهي سعادة الانسان؟

2ـ المبادرة الى تحقيق الاهداف

3ـ الحذر من الصرعة عند العثرات

4ـ قيمة العمر

5ـ الغاية من التعلم

6ـ اقتران العلم بالعمل

7ـ استحالة اداء الحقوق

8ـ كيف ينبغي ان نكون؟

والوصية جاءت مجزأة في ما يشكل وحدة موضوع ليجري البحث فيها وسوق الامثلة المناسبة للوصول الى الغاية التعليمية والتبليغية.

*** يا ابا ذر اياك والتسويف بأملك فانك بيومك ولست بما بعده، فان يكن غد لك فكن في الغد كما كنت في اليوم، وان لم يكن غد لك لم تندم على ما فرطت في اليوم.

يا أبا ذر كم من مستقبِل يوما لا يستكمله، ومنتظر غد لا يبلغه!!.

*** يا ابا ذر لو نظرت الى الاجل ومصيره لأبغضت الامل وغروره.

يا ابا ذر كن كأنك في الدنيا غريب او كعابر سبيل وعد نفسك من اصحاب القبور.

*** يا ابا ذر إياك ان تدركك الصرعة عند العثرة فلا تقال العثرة، ولا تمّكن من الرجعة بما تركت، ولا يعذرك من تقدم عليه بما اشتغلت به.

*** يا ابا ذر كن على عمرك اشح منك على درهمك ودينارك.

يا ابا ذر هل ينتظر احد إلا غني مطغيا او فقرا منسيا او مرض مفسدا او هرما مفندا او موتا مجهزا او الدجال فانه شر غائب ينتظر او الساعة.. فالساعة ادهى وأّمر.

*** يا ابا ذر ان شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة: عالم لا ينتفع بعلمه، ومن طلب علم ليصرف وجوه الناس اليه، او ابتغى العلم ليخدع الناس فيه، لم يجد ريح الجنة.

*** يا ابا ذر يطلع قوم من اهل الجنة على قوم من اهل النار، فيقولون ما ادخلكم النار؟ وقد دخلنا الجنة لفضل تاديبكم وتعليمكم؟.

فيقولون: إنا كنا نامر بالخير ولا نفعله!!.

*** إن حقوق الله جل ثناؤه اعظم من ان يقوم بها العباد وان نعم الله اكثر من ان يحصيها العباد، ولكن امسوا واصبحوا تائبين.

*** يا ابا ذر ان المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف ان تقع عليه، وان الكافر ليرى ذنبه كأنه ذباب يمر على انفه!!.

*** يا ابا ذر إن نفس المؤمن اشد ارتكاضا من الخطيئة من العصفور حين يقذف به في شركه.

وفي هذا القسم من هذه الوصية الشريفة لابد من ان نوضح المثال الاخير، في وصف الهلع الذي ينتاب المسلم المؤمن حيث يؤكد عليه الصلاة والسلام  بهذا المثال الجميل على ان المؤمن انما يستحضر كل الاخلاقيات والنواهي وينظر الى الحدود الاخلاقية والكرامة الانسانية وان قلبه يرتجف مثل قلب العصفور الرقيق وهو يقع في فخ الصياد.

ان كلمة ارتكاض اي تسارع دقات القلب كلمة غريبة ونادرة الاستعمال بين الكلمات الاخرى فهذه الكلمة لا وجود لها في نصوص الروايات إلا ما ندر، والارتكاض في الحقيقة هو اعلى درجات الاضطراب او اعلى درجات الخوف والرعب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24 أيلول/2007 -11/رمضان/1428