الوزارة الالكترونية!!

نور الدين الموسوي

 خلال السنوات الخمس الأخيرة سعت الدول المتقدمة الى اختصار الوقت واعتمدت دقة الأداء بإقامتها لحكومات الكترونية، والحكومة الالكترونية في البلدان المتحضرة تعتمد التكنولوجيا الجديدة في نقل المعلومات بين مؤسساتها من خلال الانترنت والفاكس والهاتف الجوال بين دوائر الدولة، ومن خلال تسهيل أداء تلك الدوائر في خدمة مواطنيها.

قبل أيام سمعت بان السعي (جاد) في العراق لقيام حكومة الكترونية أسوة بالدول المتقدمة، واستبشرنا خيراً وحمدنا الله تعالى على هذه الخطوة التي ستجنب المواطن الكثير من المتاعب والنفقات ولا تجعله بحاجة الى الرشوة والوساطات، قلت في نفسي وانا في طريقي لانجاز معاملة في وزارة التعليم العالي قبل أيام، باني لا بد وان ينالني شيء من مزايا الحكومة الالكترونية، خصوصاً وان وزارة التعليم العالي تعد الرائدة في إدخال الحاسوب والانترنت في عملها اليومي قبل غيرها من وزارات الدولة العراقية.

وكانت صدمتي شديدة عندما تقدمت من مسؤولة التعيين لخريجي الماجستير والدكتوراه(نخبة المجتمع العلمي) اذ رأيت ما يشيب له الرأس، فمئات الملفات الخاصة بكل طالب تعيين مرمية بدون تنظيم على الأرض وتحت الكراسي وفوقها وتحتاج فرزها الى وقت طويل للعثور على معلوماتك!! وأول ما سمعته هناك وآخر ما سمعته هو جملة: عليك بالصبر!.

وعندها تذكرت ما كان معمولا به قبل قيام الحكومة الالكترونية وهو(تعال باجر)! و استغرقت معاملة تعيين ابنتي ثلاثة أسابيع لترسل الى الجامعة وتعود(طلب الحاجة) الى الوزارة، وما ان وصل طلب الحاجة حتى كشرت المسؤولة عن أنيابها وهزت رأسها قائلة: الطلب ناقص!! سألتها كيف؟ أجابت بان(طلب الحاجة) يجب ان يرفق بجدول هيكلية. وأعطتني رقم الكتاب الموجه الى الجامعة مجددا والذي تضمن مع طلب الحاجة مع الهيكلية، وبعد أسبوع وصل الكتاب الى الجامعة ومرت خمسة أيام على وصوله قبل ان ينتقل من(ميز) الى(ميز) بنفس الغرفة، وبعد وساطات وتهديدات بالشكوى الى المسؤول الأكبر وجهت الجامعة كتاباً الى الكلية المعنية تطلب فيه تضمين(طلب الحاجة) جدولاً بالهيكلية، وباليد أخذته الى الكلية، وبعد يوم أجابت على كتاب الجامعة، وباليد ذهبت به الى هناك، وبأسف شديد قالت مسؤولة هيئة الدراسات بأن الإجابة ناقصة! و طلبت ان اذهب مجددا الى الكلية لتاشير اسم المادة الدراسية التي ستدرسها ابنتي في القسم المنسبة اليه، و لما قلت لها بان ذلك غير معقول، وان تحديد القسم كافياً لان المادة الدراسية وتحديدها قد تم  تأشيرة ضمن الكتاب الموجه اليكم، ا!

 لا انها رفضت بعصبية واتهمتني بـ(الجهل) وبعد لغو وجدل لا معنى له أخذت كتابا الى الكلية والتي أجابت بما يرضي الجامعة، وفي الجامعة كتبوا الى المسؤول الاعلى يطلبون رأيه في توجيه كتاب الى الوزارة وبعد أسبوع جاءت الموافقة، وكتبوا الكتاب وصادف ان يكون المسؤول الاعلى مشغولا بمؤتمر، فانتظروا حتى عاد ليوقع، وما ان عاد حتى وجدوا خطأ في الكتاب، وأعيدت صياغته مرة أخرى وبعد التي واللتيا وجهوا كتابا الى الوزارة، ووصل اليها بعد أسبوع، واصطحبت صديقا من موظفي الوزارة لانجاز المعاملة في قسم التعيين لحاملي الماجستير والدكتوراه، ووعدني خيراً وأوصاني كذلك بالصبر!!

ومصادفة سألت الموظف في هيئة التدريسيين عن أسباب هذا الروتين العقيم فأجابني: احمد الله واشكره، معاملتي امتدت لثلاث سنوات؟.. ومصادفة سمعت إحدى المراجعات من حملة الماجستير تبكي في غرفة المسؤولة عن التعيين وتندب حظها العاثر عندما قالت لها المسؤولة: لقد تم تعيينك ولكنك لم تراجعي خلال شهر! فسألتها: لماذا لم تتصلوا بي وقد أخذتم رقم هاتفي النقال وهاتف المنزل الأرضي؟ فأجابتها المسؤولة: (احنا ما عدنا شغل؟!).

هكذا هي الحكومة الالكترونية ـ عفوا الوزارة الالكترونية ـ في بلادنا ومن (هالمال حمل إجمال).

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 21 أيلول/2007 -8/رمضان/1428