
شبكة النبأ: يبدو ان الشعب العراقي
مصاب بلعنة اسمها الحروب بالوكالة، فمنذ اربعة عقود تقريبا وضع الحظ
البائس العراقيين في محرقة الحروب المتتالية التي لا ناقة لهم فيها ولا
جمل، حيث بدأت تلك المحرقة بحرب الشمال وهي الحرب الداخلية التي خاضها
نظام البعث لقمع الأكراد واخضاعهم، ومن ثم قرار الدكتاتور صدام في خوض
الحرب مع ايران بدفع امريكي ومساندة من دول الخليج التي لم تفعل شيئا
لمساعدة العراقيين سوى دعمها نظام صدام لإطالة الحرب وزيادة الأتون
التي كان يحترق بها العراقيين لاغيرهم، ومن ثم المغامرة الكبرى
للدكتاتور في احتلال الجارة الكويت وما ترتب على هذا الفعل من ويلات
عانى منها العراقيون اشد المعاناة وماتلاه من حصار دولي ظالم اهلك
الحرث والنسل.
واليوم تعود سيناريوهات الحرب من جديد لتضع الشعب العراقي على ابواب
محرقة جديدة محتملة بين ايران التي تصّعد من تحديها واستفزازها لأمريكا
الجريحة والتي بدورها تبحث عن مخرج من العراق يحفظ لها ماء الوجه...
فهل يستمر الايرانيين في تحديهم واستفزازهم وتصعيد نبرتهم العدائية
لأمريكا وترحيبهم بالمواجهة من خلال استمرار نفس النهج؟
وهل يستمر الأمريكيين في تصدر العالم للإلتفاف والسيطرة على طموحات
طهران الاقليمية والنووية من خلال الدبلوماسية حتى نفاذ الصبر لتصل
الأمور الى الانفجار ويتحول العراق الى ساحة حرب بين الأثنين؟
وهل يبقى شيعة العراق عديمي الفاعلية ومنشغلون بالخلافات على السلطة
دون ان يلعبوا دورا، بوصفهم الثقل الاكبر في العراق الجديد، لتهدئة
الغليان الذي سيؤدي الى الانفجار الكبير في اية لحظة؟
في صحيفة "صنداي تلجراف" كتب فيليب شيرويل مراسل الصحيفة في نيويورك
وتيم شيبمان مراسلها في واشنطن تقريرا بعنوان (بوش يضع أمريكا على طريق
الحرب مع ايران) وجاء في التقرير ان مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة
الدفاع وأجهزة الاستخبارات الأمريكية يعتقدون ان الرئيس الأمريكي جورج
بوش والمقربين منه يتخذون خطوات لوضع الولايات المتحدة على طريق الحرب
مع ايران.
ويعتقد المراقبون، حسب التقرير ان بوش يريد أن يضمن قبل انتهاء فترة
ولايته أن ايران لن تكون قادرة على انتاج سلاح نووي.
ويقول كاتبو التقرير ان كوندوليزا رايس التي كانت تضغط من أجل حل
دبلوماسي أصبحت من معسكر مؤيدي السيناريو العسكري.
وتقول الصحيفة ان السيناريو يتضمن غارات عبر الحدود مع العراق
لمهاجمة قاعدة "الفجر" التابعة للحرس الثوري الايراني، حيث يعتقد ان
القذائف التي تهاجم فيها القوات الأمريكية والبريطانية في العراق تصنع
هناك.
وحسب السيناريو الأمريكي يتوقع أن ترد ايران على هذه الهجمات ربما
بقطع امدادات نفط الخليج، مما سيعطي الولايات المتحدة مبررا لشن غارات
جوية.
وفي صحيفة الأوبزرفر مقال بعنوان "الوقت لم يعد يسمح بتجنب الحرب مع
ايران" جاء فيه ان "امتلاك ايران للسلاح النووي سيجعل منها تهديدا
للسلام والأمن العالمي، وسيؤدي الى تنشيط سباق التسلح في السعودية
وتركيا ومصر واسرائيل وباكستان".
ولذلك، تقول صحيفة الأوبزرفر في تعليقها، هناك اجماع في الولايات
المتحدة وأوروبا على ضرورة كبح جماح قوة ايران النووية، ولكن ليس هناك
اتفاق على كيفية الوصول الى ذلك.
خامنئي: سياسة امريكا في الشرق
الاوسط فشلت
من جهته قال الزعيم الاعلى الايراني اية الله علي خامنئي ان سياسات
الرئيس الامريكي جورج بوش في الشرق الاوسط فشلت وانه واخرين سيحاكمون
يوما بسبب، المآسي التي خلقوها في العراق. بحسب رويترز.
وقال خامنئي في خطبة الجمعة بجامعة طهران التي بثت تلفزيونيا على
الهواء، فشلت أمريكا في العراق ولبنان وفلسطين. فشلت السياسات
الامريكية في منطقة الشرق الاوسط.
وهونت ايران من شأن تقرير متابعة منتظر منذ فترة طويلة قدمه اكبر
مسؤولين امريكيين في العراق قائلة انه "لن ينقذ امريكا من مستنقع
العراق" ودعت واشنطن الى سحب قواتها.
وتدعو ايران منذ فترة طويلة لانسحاب القوات الامريكية من العراق
وأوضح بيان لوزارة الخارجية ان سحب القوات المقترح ليس كافيا في رأي
ايران.
وقال محمد علي حسيني المتحدث باسم وزارة الخارجية في البيان الذي
نقلته وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية، هذا التقرير لا يعكس
المطالب والاولويات الحقيقية لغالبية الشعب الامريكي... هذا التقرير لن
ينقذ امريكا من المستنقع العراقي.
وقال علي لاريجاني امين المجلس الاعلى للامن القومي في ايران في
مؤتمر صحفي في وقت لاحق، نحن نعتقد ان من مصلحة العراق وامريكا ان
ينسحبوا من العراق.
صراع على النفوذ
يقول الكاتب إيان بلاك بصحيفة الغارديان في مقال بعنوان(صراع النفوذ
يفاقم الخلاف بين واشنطن وطهران): يحذّر المحلّلون السياسيون في الشرق
الاوسط بان تركيز الولايات المتحدة المتزايد على مواجهة إيران من خلال
حرب (بالوكالة) في العراق، ينذر بإطلاق شرارة صراع مباشر في المنطقة
خلال الاشهر القليلة المقبلة.
فمن الملاحظ ان مستوى التوتر الامريكي الايراني تصاعد على نحو كبير
في الايام القليلة الماضية مع اشتداد حدة التصريحات العلنية لدى كلا
الجانبين، وقرار الولايات المتحدة بإنشاء قاعدة عسكرية في العراق تبعد
اقل من خمسة اميال عن الحدود الايرانية وذلك لوقوف تهريب الاسلحة
الايرانية لميليشيات الشيعة في العراق.
كما يثير تورط بضع مئات من الجنود البريطانيين في العمليات المضادة
للتهريب يثير خطر دخولهم في اشتباكات مسلحة عبر الحدود.
وإذا ما تأكدت صحة مزاعم الضباط الامريكيين بان صاروخاً متقدماً،
إيراني الصنع، قد استهدف قاعدة امريكية بعد اطلاقه من منطقة شيعية،
سيشكل هذا التطور عندئذ تصعيدا جديدا خطيرا في الحرب التي تدور
بالوكالة والتي اشار اليها الاسبوع الماضي القائد الامريكي في العراق
الجنرال ديفيد بيتريوس.
حول هذا، يقول باتريك كرونن، مدير المعهد الدولي للدراسات
الاستراتيجية في لندن: يمكن لحرب »الوكالة« هذه، التي تدور الآن في
العراق ان تعبر الحدود، وهذا ما يفرض على التنبية بأن هذه الفترة اصبحت
خطيرة جدا.
ويضيف الكاتب، الزعماء الايرانيون اظهروا من ناحيتهم حتى الآن كل ما
يشير الى استعدادهم للمواجهة، فقد اعلن المرشد الاعلى آية الله على
خامنئي قبل ايام قليلة ان السياسات الامريكية فشلت في الشرق الاوسط
وحذر قائلا: أنا على يقين بان بوش ومسؤولين امريكيين كبار سيمثلون في
يوم ما امام محكمة دولية لمساءلتهم عن المآسي التي خلقوها في العراق.
وفي مثل هذه الظروف، كان لابد للضربة الجوية الاسرائيلية التي
استهدفت في الاسبوع الماضي موقعاً غامضاً في المنطقة الشمالية من
سورية، ان تثير الكثير من التكهنات حول دوافعها، فقد تمسكت اسرائيل
بالصمت في البداية حول طبيعة ذلك الهجوم. وقدمت سورية ايضا شكوى لمجلس
الامن، ولم تدل الا بتفاصيل قليلة حول الحادث.
وهذا ما دعا البعض للقول ان الهدف كان اسلحة ايرانية كانت في طريقها
الى حزب الله في لبنان او ان تلك الغارة كانت مجرد تدريب قبل القيام
بهجوم اسرائيلي ـ امريكي على سورية وإيران.
بل وبرز تكهن يشير الى ان الاسرائيليين ضربوا في تلك العملية منشأة
نووية سورية مولتها إيران، وقدمت اجهزتها كوريا الشمالية.
من الواضح، على اي حال، ان الوضع ينطوي الآن على خطر كبير لان
الصراع على النفوذ في المنطقة يفاقم حدة المواجهة مع طهران حول
طموحاتها النووية.
فقد دعت الولايات المتحدة القوى الرئيسية في العالم لاجتماع في
واشنطن يوم الجمعة المقبل لمناقشة تحدي إيران لقرارات الامم المتحدة،
ولدعوتها لتعليق عملية تخصيب اليورانيوم.
وتأتي هذه الدعوة وسط دلائل تشير الى ان ادارة بوش فقدت الصبر ولم
تعد تؤمن بأن تؤدي الجهود الدبلوماسية الى كبح برنامج ايران النووي.
والواقع ان الصقور، الذين يقودهم نائب الرئيس ديك تشيني، يضغطون
بقوة الآن للقيام بعمل عسكري ويؤيدهم في ذلك اسرائيل.
يقول كرونن: من الواضح ان واشنطن تراجع الآن بجدية خطط قصف مواقع
ايران، ليست النووية فقط بل والنفطية ايضا، كما ستستهدف حتى المراكز
القيادية والمواقع العسكرية. وهناك مناقشات جادة في واشنطن الان حول
ضرورة انتهاز الفرصة لانه لم يتبق الآن سوى ستة اشهر للقيام بعمل ما ضد
ايران قبل ان تحول هذه القضية الى مسألة سياسية محضة. |