نـدرة كـُتـّاب السـيناريو... !

الـدوافـع والمـوانـع لتـطـويـر أداء القـنوات الفـضـائية الـديـنـيـة

مـنْ المـسـؤول عـن هـذا التـطـويـر؟

المهندس فؤاد الصادق

 اليوم هـو الـرابع من أيلول عام 2007؟

أي انـه مضى على الإعـتـداء الأثـم الأول على مـرقــد الإمامين العســـكريين عليهما الـسـلام بـسـامراء أكثر من عـام ونـصـف، و مـضى على الإعـتـداء الثاني أكثر مـن شهرين ونصف، ولحد هذه الساعة لم تتمكن قنواتنا الفضائية الدينية أن تبث عـن الإعتداء أي فيلم وثائقي أو تســجيلي أو ريبورتاج أوعمل تلفزيوني يعبر بمهنية وحرفية وبلغة الكاميرا، وبالحـس التلفزيوني لا الحـس الإذاعـي.

مـا هـو السـبب يا تـرى؟ هل هـو النسـيان أم التناسي بمقاومة التذكر للتملص من الألم، لأن النسـيان مقبرة الألم؟ ! لقد نسينا أو تنساينا البقيع الغرقد فـكان مـا كـان، مما زاد َ رقعة الألـم وحدته، و حتى الإعتداء الأخـيرعلى مـرقـــد الإمامين العسكريين عليهما الـسـلام بسـامراء.

لاشك أن دوافع القنوات لبث مادة كهذه قوية، وفي غاية القـوة، وان النسـيان وكما هو التناسي لا يمكـن الأخـذ به كسبب لتحليل المشكلة المذكــورة للقنوات وتشخيص النقـص اوالفـراغ... إذن:

أيـن هـو الـتـقـصير؟... أيـن هـو الـقـصـور؟... أيـن هـو الخلل تحديداً؟

ومـنْ سـيحاسـب مـنْ؟

التطـور يفتح أفاق جديدة للعمل والتقدم، ولقـوى الخـير والـشـر، وعلى حـد سواء غالباً، كما يضع التطورُ في الوقت نفسه الإنسانَ أمام تحديات وتجارب ومسؤوليات جديدة أكبر مقارنة مع الحقبة السابقة لذلك التطور.

فمثلاً الإنفـتاح بموازاة تطـور تكـنولوجيا الإتصال، وإمكانية البث التلفزيوني عبر القـنوات الفضائية مـن الخارج، وبتكلفة منخفضة نســـبياً أدى إلى زيادة في هامش المساحة المتاحة لحرية الرأي والتعبير، فـفتحَ التطورُ المذكور أفاقاً  جديدة لإيصال رسالة الإسلام الحضارية التي جسدها الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله) وأهل بيته الطاهرين (عليهم الســـلام) عـبر إطلاق القنوات الفضائية التي رفعت عدد المخاطبين بواســــطة الجمع بين الصوت والصورة من المئات والألوف الى الملايين دفعة واحدة لكن نفــس هذا التطـور وضعنا أمام تحديات وتجارب إنتاجية وفنية وتقنية وإدارية ومالية كبيرة طبـعاً مقابل مكاسب مفصلية هامة أكـبر تتلخـص في الجمهـور الكـبير الذي تمكنت أن تجـتـذبه القنوات الفضائيـة الدينيـة المـذكـورة وتـؤثـر فيه، ومـن مخـتـلف الإتـجاهـات والأعمار والدول طبقاً للتغذية الراجعـة والدعم والتشـــــــجيع والتواصل المتنامي بين الجمهور والقنوات.

مـاذا يعـني كـل هـذا الـنجـاح؟

ان الخطاب الديني المستقل الأصيل مطلوب، وأن رسـالة الإسـلام الحضارية التي جســدها الرســــول الأكرم (صلى الله عليه واله) وأهل بيته الطاهريـن (عليهم الســـلام) ذات جذابية ذاتية فريدة عالية تبعث الحياة في القلوب كـما في قول الإمام محمد بن علي الباقـر عليهما الســـلام للفضيل بن يسار:

(يا فضيل إن حديثنا يحيى القلوب) (1)

وكما عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام:

(ان الناس لو علموا محاسـن كلامنا لا تبعونا) (2)

والمكاســــب الأخرويــة  في دار الخلود أكبر وأعظم كما عن الإمام محمد بن علي الباقر عليهما الســـلام:

(مـنْ علـَّمَ باب هـدى فله مثل أجر مـنْ عـَمِـلَ بـه، ولا ينقص أولئك من أجورهم شيئا) (3)

وعن الإمام جعـفـر بن محمد الصادق عليهما  السلام:

(مـنْ علـَّمَ خـيراً فله بـمثـل أجـر مـنْ عـَمِـلَ بـه، قـلت - أي أبـو بـصير -: فإن علـَّمَـه غيره يجـري ذلك له؟  قال: إن علـَّمَـه الناسَ كلهم جــرى له، قلت: فإن مات؟ قال: وإنْ مات) (4)

فـطـوبـى للمحـفــزيـن والمؤسـسـين والعـاملين والمسـاهمين والمشـاركـين و المشـاهدين والمنتقدين لأنهم يتســــببون في إحكام وإتقان هذا الجهد المبارك وتطويره.

لقد نـجحـتم ولله الحـمـد وبتوفيق منه ســــــبحانه وتعالى في إقتحام هذا المجال الجديد وتنامت وتعـددت القنوات الفـضائية، ويجب أن تســتمر المســـيرة في التكـثير مع التنوع وبموازاة تقاســم الأدوار لأن العرض أقل من الطلب بكثير ولتعـدد وتنوع مـشــارب وأذواق ولغات وأمـكـنـة وثقافات المـخاطبين، ولأن لكـل مجـموعـــة مــن المخاطبين معايـيره وأدواته وخلفياته في إنتقاء وإختيار قناته المفضلة.

طبعاً كل تلك المكاســب والنجاحات تحقـقت مع شحة الإمكانات، وفي الوقـت الذي مازالت القنوات المذكـورة في بـدايـة طريـق الإســتفادة الـكاملة مـن هذه الوسـيلة السـمعية البصرية التي تـجـمع بين الصوت والصـورة معاً للتأثير في المـُخـَاطب، وتعـتمد على الصورة أكثر، وبصورة أســـاســية للتأثير، وذلك لإسـتخدامها التلفـزيون كمذياع مع بعض التطوير والملطفات حيث الـكثير من البرامج تتلخص في المقابلات والمحاضرات التي يجلـس المحـاضرُ او المذيع على كرسي ويتم تصويره وهو يتحدث بشـكل منفــرد، إذ لا يـُسـتخدم أي فن من فنون الحركة أو التأثير أو الحيوية والجاذبية.

أن المكاسب الكبيرة والإنجازات الهامة التي حققتها الفضائيات المذكورة يجب أن لا تخفي قيمة التحديات المطلوب مواجهتها لضمان الإســتمرارية وبموازاة التطوير المستدام لـرفـد الجمهـور ببرامج وأعـمال تلفزيونية تــستخدم الصورة بصـورة رئيسـية، و اكثر من الصـوت في إيصال الرســالة والمعلومـة الــى المخاطب، فمُـخـَاطب التلفزيون هو المشاهد، وليس المستمع كما في المذياع والمشاهد يريد أن يشـاهد أكثر مما يســـتمع علماً أن العين تغلب الأذن َ، وأن الصـور اكـثر تأثيراً من الكلمات، وأكـثر قابلية للحفظ فالتذكـر، لأن الدمــاغ أساسـاً يحتفظ بالمعلومات بشكل صور، بل الصـور أوسع تأثيراً مـن الكلمات لأنه حتى الأميّ يدرك الصورة، ويتأثر بها، و لذلك يـُقال:

 أن الإدراك البصري يتطلب عمليات معرفية أقل من القراءة والإستماع.

وفي تصوري أن الجـزء الـكـبير مـن ســـطوة التلفـزيـون وتأثيره على الناس لا يعود الى إقتحامه لكل البيوت بل يرجع الى سطوة الصورة وتأثيرها الذاتي على الناس الذين باتو يعيشون عصر الصورة، وللوقوف على قيمة الصورة والأفلام والتلفاز للمثال نذكـر:

- يقول الناقد الأدبي الفرنـسي "رولان بارت": " أن الصورة لم تعد تسـاوي ألف كلمة " كـما أشــــــار إليها (القول الصيني المأثور) – بل صارت بمليون كلمة، و ربما بأكثر..

- دراسة أجراها عالم التربية الأمريكي المعروف (جيروم بروز)  فيما يتعلـق بالتفكير والتربية في صميم الاستكشاف والإبداع أثبتت: (إن الناس يتذكرون 10% فقط مما يسمعون و30% فقط لما يقرؤنه في حين يصل ما  يتذكرونه من بين ما يرونه أو يقومون به إلى 80% فقط) (5)

- وتقول الكاتبة الأميركية سوزان سونتاغ:

« إن صورة مثل تلك التي نشرت في العام  1972، على الصفحات الأولى للصحـف في الكـثير من بلدان العالم – وهي صـورة طفلة فييتنامية جنوبية، عارية، تركض بعد أن طاولها رذاذ قنابل النابالم خلال غارة أميركية، على الطريق في اتجاه آلة التصوير ويداها مفتوحتان وهي تصرخ من الألم – هذه الصورة تمكـنت على الأرجـح من أن تغذي عداء العالم كله ازاء الحـرب في فيتنام، أكثر مما كان يمكن أن تفعل مئات الســـاعات من الأخبار التلفزيونية المصورة لفظاعة العمليات العسكرية الاستعراضية » (6).

- يقول الإمام الشيرازي الراحل (ر):

مع انتشار التلفاز أرفقت بالصوت الصورة، فدخلت الصورة كوسيلة في الحرب النفسية والدعاية، ففي مجال الحرب النفسية كانت مناظر تكدس الجثث في حرب فيتنام والتي كانت تعرض في الصحف والشاشات الأمريكية خير وسيلة لإيجاد رأي عام ضدّ التدخّل الأمريكي في فيتنام.

وتساهم الصورة مساهمة كبيرة في الترويج للرأي العام، فهي خير معبّر عمّا يريد صنّاع الرأي العام، واليوم أصبحت الأفلام السينمائية هي الوسيلة المثلى للترويج والدعاية وتكوين الرأي العام، ولأهمّية الأفلام وأثرها الحاسم قام بعض الإيرانيين في أيّام رضا بهلوي بصنع فيلم عن ملوك إيران السابقين الذين نشروا في طول البلاد وعرضها اللوعة والأسى. وقد أثّر هذا الفيلم تأثيراً كبيراً في الجماهير الإيرانية، والأفلام التي من هذا القبيل قد تؤثّر بصورة سريعة أو قد لا تؤثّر بتلك السرعة. وعمل الصور كعمل النبتة، فبعض النباتات تثمر بعد ثلاثة أشهر، وبعضها يثمر بعد ستة أشهر، وبعضها يثمر بعد سنة أو أكثر (7).

- لعل ما ذكره الكاتب الكاتب الأمريكي جون هوارد لوسون في كتابه: (الفيلم في معركة الأفكار) تأكيد لذلك حيث يقول:

(أنه جرى الاتفاق على وجوب الحكم على الفيلم بوصفه أداة للسياسة الخارجية وان الأفلام التي ترسل الى البلاد الأخرى لابد أن تخدم احتياجات الدعاية الحكومية وهو اتفاق ظل ساري حتى في عصر تفوق فيه التلفزيون على السينما في كم الإنتاج)، فكثير من الناس يتصرفون بتأثير التلفزيون والسينما، وكان الدكتور زكي الجابر قد أكد أيضا ذلك في سنة 1968 حين قال:

(التلفزيون يتحمل مسؤولية تحسين الذوق والارتفاع به) بمعنى ان التلفزيون أصبح هو الذي يحدد الذوق للمتلقين، فكثير من التصرفات البشرية نرى الآن تأثرها متصاعد ومتزايد بفعل الإخراج السينمائي والتلفزيوني.

وقد أكد هذا الدكتور سعد لبيب عندما قال: (التلفزيون ظاهرة اقتحمت علينا حياتنا المعاصرة اقتحاماً عميقاً قاســـــياً، وكأنه القدر الذي لا مفر منه. فـقد أصبح التلفزيون شــــــريكاً – بالقوة – في حياتنا العائلية، بل في كل جوانب حياتنا الفردية والاجتماعية، يتدخل في كل شـــــيء ويترك بصماته الواضحة على قيمنا وسلوكنا وعاداتنا واتجاهاتنا وأفكارنا...) (8)

وأخـتم الـكـلام  َفي دور الصورة و تأثير الرؤية والنظـر إيـجـابـاً وســلباً على الإنسان وسـلوكه وتحليله بالرواية الشريفة عن الإمام علي بن الحسين السجاد عليهما السلام:

(... ألا إن لله عباداً كمنْ رأى أهلَ الجنة في الجنة مخلدين، وكمنْ رأى أهلَ النار في النار معذبين، شرورهم مأمونة، وقلوبهم محزونة، أنفسهم عفيفة، وحـوائجـهم خفيفة، صبروا أياماً قليلة، فصاروا بعـقبى راحة طويلة، أمـــا الليل فصافون أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم وهم يجأرون إلى ربهـم، يسعون في فكاك رقابهم، وأما النهار فحلماء، علماء، بررة، أتقياء، كأنهم القداح قد براهم الخوف من العبادة، ينظر إليهم الناظر فيقول: مرضى - وما بالقوم من مرض - أم خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم، من ذكــر النار وما فيها) (9)

فتأملْ وتدبرْ في فقرة: (كمنْ رأى...) المكررة في صدر الرواية المباركــة مرتين للوقوف على الجانب الإيجابي للرؤية، وأيضاً في فقرة: (ينظرُ إليهم الناظرُ...) في أخر الرواية الشريفة للوقوف على الجانب السلبي للنظر.

طبعاً النصوص المقدســة تميز وبدقة بين كل من الرؤية والنظر والمشــــاهدة والإبصـار بالعين والبصيرة، وكمـا في الروايـة المتقدمـة أيضـاً بين الرؤيـــة والنظر.

هذا ومما تجدر الإشارة اليه أن الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد ولا سـيما في أيات القصص والتي تـكاد تغطي أكثر مـن ربـع أيات القرأن الكريم يهـتم إهتمامـاً كبيراً وملموســاً في توصيف وتصوير المــشـهد الـذي يتناوله لـكـنه تصوير إلهي بإستخدام الكلمات لتجسيد وتقريب ومعايشة ذلك المشهد وأحداثه، وكما هو في أيات الجنة والنار، وهكذا في الكـثيرمن الروايات الشــــــريفة المـشــــتركة موضوعاً مـع ما تـقـدمَ، وذلك يـمكـن أن يكـون مـؤشــراً على أهـمية تصوير المـشــهد، وصورته، كما أن تكرار تصوير موضوع واحـد في أكـثر من أية قرأنية وبأكثر من اسـلوب يهدينا الى القيمة التراكمية لتكرار تـصوير المشــهد عموماً، ولتكــرار ذلك مع التنويع خصوصاً، وهـذا مـما اكـتشفه عـلماء الإعـلام المرئي في دراســاتهـم الحـديـثة بـخـصوص القـيمة التأثيرية الـكـبيرة لتراكـم الصورة على المشاهـد. 

وهـنـا سـؤال يـطـرح نـفـسـه:

ألـيس فـيما تـقـدمَ عـن تأثير الصـورة، و دور التلفاز مـبالـغـة، وتـضخيم، وتعميم، وإســتهانـة بالـكـلـمـة وتأثيرهـا؟

ربما في بعض العبارات المنقولة نســبة قليلة من المبالغة لكنها لم تقصد تعميم ذلك التأثرعلى جميع المشـاهدين، وبنســــبة واحدة، فدرجة الوعـي والمناعة والحصانة مختلفة، وعدد ساعات المشاهدة متباينة، والهدف كان بيان الواقـع بغض النظر عـن تقييم وصحة وســقم ذلك الواقع وطرق معالجته فذلك بحــث مســـتقل مفصل اخر يحتاج الى الدراســة فالإصلاح، هذا وقد كتب الكثيرون حول ذلك ومنهم جاك إلول أســتاذ القانون وعلم الاجتماع وتاريخ المؤسـسـات في جـامعـة بوردو بفرنــسا الذي ألـّفَ أكـثر مـن ثلاثين كتاباً وله المـئات مـن المقالات كتبَ بعنوان: "إذلال الكلمة" في تطور "الصور باختلاف أشـــكالها وتعدد أنواعها وطرق استخداماتها... وتراجع قيمة الكلمة ".

لكن في كل الأحوال ما يمكن إصلاحه هو الحد من سـطوة الصورة وتفردهـا أما ثأثير الصورة، وميزات ذلك التأثير فلا يمكن إلغائه أو إنكاره كما لايمكن ذلك فيما يخص الكلمة في مكانها وموضعها، فلكل منهما تأثيره ومكانه وأدواته، والتلفزيون هو مكان للصورة بالأصالة وللكلمة بالعرض.

لننتقل الى تأثير الأفلام في المـُشـاهـِد، والتي فـيها تـتعـاون القــصــــة مـــع الصـور المـتـحـركــة الحية، والمؤثرات المختلفة:

عندهـا يتضاعـف التأثير ولا سـيما إذا كانت القصة ذات حبكة محكمة، وغير مفـكـكـة، أي أن ســرد وترتيب حــوادث القــصة تقوم على حوادث مترابطة متلاحـمـة تتشابك حتى تبلغ الذروة ثم تأخذ طريقها نحـو الحـل، لأن للقـصـة دور كبير ومتميز في التأثير والتوجيه والتربية، ولذلك نــرى إن المســــاحـة التي شــغلتها القصة من القرأن الكريم مسـاحة واسـعة تكاد تتجاوز ربع كتاب الله المجيد تقريباً.

وفي تأثير القـصة لوحدها يقول الفيلســوف اليوناني أفلاطـــون في كتابـــــه: " الجمهورية ":

" أولئك الذين يروون القصص، يحكمون المجتمع أيضا " مؤكدا على سـطوة القصص وحتى الروايات الخيالية في تكوين فكر المجتمع ومعتقداته.

فكيف إذا كانت هذه القصص والروايات مصورة ومتحركة على شـــاشــات ضخمة أو صغيرة يلعب أدوارها أشخاص حقيقيون؟

انـهـا تصبح شبه حقيقية بـحســب جـواب إيمان شـمص شـقير تحت عنوان: كيف يرســم الإعلامُ صورة نمطية لشعب بأكمله؟ (10)

من هذه الثنائية (القصة والصورة) البالغة التأثير كانت ســطوة الــســـينما، وتأثيرها الذي انتقل الى التلفزيون لأنه في متناول الجـميع، وبكـلفة متدنية.

إذا كان الأمر كذلك والتأثير الكبير للأفلام ملموس ومـعـترف:

مـا هي الموانع في إنتاج الأفلام الدينية المختلفة؟

هل لأننا لا نمتلك النصوص والخامات الكافية؟

هل لأننا لا نمتلك قصص وأعمال روائية؟

عندنا الكثير من القصص في القرأن الكريم وكذلك في أحايث الرسـول الأكرم صلى الله عليه واله وروايات أهل بيته عليهم السـلام لكننا لم نسـتفد من الكثير منها، وفي هذا الصدد قال المستشرق الإيطالي البرتو مورافيا:

 " إن عند المسلمين من قصص القرآن ما لم يستفيدوا منها حتى الآن ".

بحسب نقل الدكتور العريمي (11).

ويؤكـد المخـرج مصطفى العـقاد بهـذا الصـدد فيقـول حـول الدرامـا العربيـة والكتـّاب العرب للسـيناريو:

"عندنا كـتـّاب، وعندنا أدب كبير و كثير، لكننا نفـتـقـد الى كاتـب يأخذ هـذه القصة ويضعها في سيناريو، هم لا يعرفون تقنية السيناريو الذي هو تقطيـع درامي صالح للسينما أو للتلفزيون، عندما يكتب المشهد يجب ان يكون عنده خلفية تقنية في المونتاج والإخراج والتصوير أي حركة الكاميرا "(12).

إذن المشـكلة في ندرة كاتب السـيناريو (السـينارسـت) بالنســبة للتأخر في إنتاج الأفلام، وفي ندرة الـكاتب التلفزيوني بالنســـــبة للتأخـر في الأعـمال والبرامج التلفزيونية، وفي ندرة الدراماتورجي في إنتاج المســــــــرحيات.

وسنتناول تعريف، ودور كلّ من المفاهـيم المتقدمـة في القسـم الثاني من هذه السلسلة من البحوث.

وهذا يملي علينا التفكـير الجاد والعملي والســــريع، والتخطيط العملي المرن المنفتح لمأسـسـة خـلق تيار ذاتي الدفع يرتبط بإمكانات الأمة لإعـداد جيل من كـُتـّاب النـص التلفزيوني الى جـانـب إعـداد جيل مـن كـُتـّاب الـســـــيناريـو، وجيل من الدراماتورجيين.

فـمـاذا تـقـتـرح أنت عزيزي القارئ على مـركـز الـهـدى للثقافـة والإعـلام أن يعمل لمعالجة هـذا الـفراغ؟

و بمـاذا يمكنك أن تـسـاهم أنت عزيزي القارئ؟

نـحـن عـلى إنـتـظار مـقـتـرحـاتـك؟

فاليوم هـو الثالث من أيلول 2007؟

أي انـه مضى على الإعـتـداء الأثـم الأول على مـرقــد الإمامين العســـكريين عليهما الـسـلام أكثر من عـام ونـصـف، و مـضى على الإعـتـداء الأثم الثاني

أكــثـر من شــهرين ونصف، ولحـد هذه الـسـاعة لم تبث عن الإعتداء قنواتنا الفـضائيــة أي فيلم وثائـقي أو تسـجـيلي أو ريبورتاج أوعمل تلـفزيوني يعـبـر بمهنية وحرفية وبلغة الكاميرا، وبالـحـس التلفزيوني لا الـحـس الإذاعي.

مـا هـو الســبـب يا تـرى؟

إتصالاتنا ومناقـشـاتنا الميدانية مـع العـديـد مـن الشــركات الإنتاجية المعـنية كشـفـت بما لا يقبل الشـــك بأن الحلقة المفقودة الكبرى ترجـع الى الندرة في:

- كـُتـّاب النـص التلفزيوني.

- كـُتـّاب الـســـــيناريـو.

- الدراماتورجيين.

وهذا ما قصدناه في بداية حديثنا بان:

التطـور يفتح أفاق جديدة للعمل والتقدم، ولقـوى الخـير والـشـر، وعلى حـد سواء غالباً، كما يضع التطورُ في الوقت نفسه الإنسانَ أمام تحديات وتجارب ومسؤوليات جديدة أكبر مقارنة مع الحقبة السابقة لذلك التطور.

وهذه هي مسؤولياتنا الجديدة الأكبر... وهذه هي سـُنـة الحياة... يجب أن نتحرك جميعا ويداً بيد لملئ الفراغ الكبير في مـجال إنــتـاج البـرامـج التلفزيونية والأفـلام والمســرحيات الدينية الملتزمة كي لا تبقى نتائـج محاولاتنا لإيصال رسـالة الإسـلام الحـــضارية التي جســدها الرســــول الأكرم (صلى الله عليه واله) وأهل بيته الطاهريـن (عليهم الســـلام) محدودة بالرغم من الجذابية الــذاتية الكبيرة والعالية لهذه الحـضارة فكما تقدمَ عــن الإمام علي بن موسى الرضـا عليهما السلام:

(ان الناس لو علموا مـحاســن كلامنا لأ تبعـونا)

و: (لـو) من أدوات الشرط غير الجازمة، وهي حرف إمتناع لإمتناع، ومعنى هذا أنه امتنعَ الجواب ُ لإمتناع الشرط، فالله سبحانه الذي هو سبب منْ لا سبب، و سبب كل ذي سبب، و سبب الأسباب من غير سبب أبى أن تجري الأمور إلا بأسبابها، وهو القائل في محكم كتابه:

(كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا) (13) 

مركز الهدى للثقافة والإعلام – المهندس فؤاد الصادق

............................................................

المصادر:

(1):  وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 18 - ص 67

(2): وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 18 - ص 65 - 66

(3): تحف العقول: 297

(4): البحار: 2 / 18 / 44

(5): كتاب (عصر الصورة السلبيات والإيجابيات) - شاكر عبد الحميد - إصدارات سلسلة  عالم المعرفة – العدد 311-  يناير 2005

(6): الحياة - 28/10/05

(7): فقه الرأي العام – الصفحات: 100 - 123

(8): الإخراج والسيناريو - للدكتور عبد الباسط سلمان - www.ao-academy.org.

(9): الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 - ص 131 - 132

(10): www.elsohof.com

(11):    www.islamtoday.net

(12): الإخراج والسـيناريو – د.عبد الباسط سلمان.

 (13): سورة الإسراء – الأية (20)

* معهد الإمام الشيرازي الدولي للدراسات- واشنطن

www.siironline.org

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18 أيلول/2007 -5/رمضان/1428