ماذا نسمي ما حصل في تركيا..

مشروع ديني أم استحقاق دستوري؟

عدنان آل ردام العبيدي

يبدو أن البعض بلغ به الوهم درجة اوصلته الى أعلى سلم الاستخفاف بثقافات الناس وادراكهم ودوائر معارفهم حسبهم أن ما يقولوه او يدّعوه هو الحقيقة بعينها غير مكترثين بنتائج افتراءاتهم ومحاولات تحريفهم للحقائق.

ولقد وجد البعض بهذا المفصل الزمني ضالته التائهة من خلال الاعتقاد بأن كل شيء سيطاح به بعد الخامس عشر من ايلول القادم اثر التقرير الذي سيقدمه فريق العمل الامريكي المكون من قائد العمليات في الجيش الامريكي الجنرال ديفيد بترايوس والسفير رايان كروكر.

لا أحد باستطاعته ان يشكك بتأثيرات التقرير سلباً أو ايجاباً على القرار السياسي الامريكي في العراق، لان التقرير المنتظر هو استحقاق امريكي سياسي دوري شأنه شأن كل التقارير الامريكية التي يستمع اليها الكونغرس الامريكي ازاء أي حدث محلي او دولي ترتبط نتائجه بقرار ادارة البيت الابيض، وفي هذا المجال هناك تقارير عديدة على شاكلة هذا التقرير منها ما يخص الضرائب ومنها ما يلاحق الفساد ومنها ما يصطلح عليه بخطاب المنتصف والبعض الاخر يرتبط بشكل مباشر بأحداث اقليمية ودولية وعسكرية وعلمية واقتصادية تمليها التقاليد الديمقراطية المعتمدة لدى الشعب الامريكي.

 اللاصحيح في هذا الموضوع هو ان تذهب بعض الرموز والقوى السياسية العراقية الى التسليم مرة بسلبية التقرير واخرى في اعتبارهم للمتغيرات الخارجية وكأنها هي المفتاح السحري لمعالجة الازمة العراقية، في حين أن تلك المتغيرات إن حصلت فإنها معنية بالدرجة الاساس بالمصالح الامريكية قبل كل شيء لا بمصالح الكتل والاحزاب والشخصيات العراقية على وجه التحديد.

 وكم هو رائع وجميل فيما اذا أرادت تلك الكتل وقياداتها ان تنظر للازمة العراقية بمنظار وطني ديمقراطي واقعي سواء من داخل قبة البرلمان او عبر حراك سياسي لجميع قادة الكتل وكل الفاعلين بالمشهد العراقي بهدف ايجاد السبل الكفيلة للخروج من الارباكات التي تمر بها العملية السياسية عبر المشاركة الفاعلة والصميمية والمعبرة عن الارادة الوطنية في بناء التجربة الجديدة ودولتها الحديثة.

 نحن نستغرب عندما يردد البعض هذه الايام مصطلحات كفشل المشروع الديني وكأن الدولة العراقية الحديثة ليست فيها رئيساً كردياً وسلطة تشريعية تديرها كتلة جبهة التوافق العراقي واخرى تنفيذية يرأسها سياسي ينتمي للكتلة الاكبر التي تمتلك من المقاعد البرلمانية ما مجموعه مائة وثلاثين مقعداً برلمانياً، وازاء حقائق كهذه،  كيف تسمى التجربة العراقية الحالية بالتجربة او المشروع الديني وفيها كل هذه التلوينات السياسية والاجتماعية فضلاً عن الوزارات الخمس الممنوحة للقائمة العراقية والست التابعة لجبهة التوافق والثمان التي يديرها التحالف الكردستاني والبقية التي تشاركهم فيها الكتلة الاكبر.

واذا كان هذا الذي يحصل في العراق يسميه البعض بالمشروع الديني.. فماذا سيقال عن الاستحقاقات التي شهدتها تركيا قبل شهر او أقل عندما فاز حزب العدالة والتنمية بمقعدي رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية وفي دولة لا مكان فيها لغير العلمانية والرقابة العسكرتارية كما يعرف بذلك الجميع؟؟.

* رئيس تحرير صحيفة الاستقامة

رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17 أيلول/2007 -4/رمضان/1428