الانسجام الاستراتيجي

عدنان آل ردام العبيدي

  أثبتت الحقائق عبر السنوات التي تلت سقوط النظام البعثي المقيت وتدشين العراق لمرحلة سياسية جديدة ان هذا البلد لا يمكن له ان يستقر ويتقدم ويتطور ما لم يودّع الى غير رجعة أنماط الحقب السياسية التي تتابعت منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى التاسع من نيسان عام 2003.

وبالرغم من كل المحاولات التشويهية التي رافقت العملية السياسية الجديدة لكن الثابت غير القابل للتغيير والتحريف هو ان النظام السياسي الذي اختاره العراقيون في هذه المرحلة يبقى يمثل الشرعية والدستورية العراقية فضلاً عن انه يمثل الإرادة العراقية الحقيقية التي انطلقت في اروع ملحمة وطنية ديمقراطية أسست لأول نظام دستوري استمد قوته وشرعيته من ملايين العراقيين بجميع مكوناتهم الاجتماعية والعقائدية والعرقية.

الحقائق التي شهدتها الأعوام الواقعة بين 2004 وحتى العام الذي نشرف على توديعه أعادت تأكيد إصرار الشعب العراقي وقواه السياسية المخلصة على التمسك القوي بالخيارات الوطنية القائمة على الشراكة والتعددية والتداول السلمي للسلطة وإشاعة روح الصراحة والثقة والشفافية بين جميع المكونات رغم حالات الاهتزاز الناجمة مرة عبر المحاولات الخارجية الهادفة الى نسف التجربة العراقية الحديثة. ومرة عبر انحسار مساحات الثقة بين هذه المكونات نتيجة السياسات والثقافات والممارسات الموروثة عن الحقب الماضية والتي كانت بجميعها تهدف الى دق إسفين التناحر بين أبناء هذا الشعب المجاهد.

الحقائق التي اشرنا اليها أثبتت بما لا يقبل الشك انه كلما ابتعد طرف او أكثر عن الخيار الوطني العراقي فانه سيكتشف لاحقاً حاجته الماسة للبقاء ضمن دائرة المشروع العراقي الوطني الذي يضمن للجميع حقوقهم وحفظ مصالحهم وتكريس انسجامهم بما يعود على العراقيين كشعب والعراق كوطن بالاستقرار والتقدم والتطور السريع باتجاه بناء الدولة الحديثة التي تحتكم في مسيرتها الى قواعد الدستور والعلاقات المتكافئة فيما بين مكوناتها ومن ثم فيما بينها وبين محيطها الإقليمي والدولي.

من هنا نقرأ انضمام السيد نائب رئيس الجمهورية الدكتور طارق الهاشمي الى اجتماعات التشكيلة الرباعية كخطوة اولى او متقدمة كي تكون هذه الرباعية خماسية وسداسية وحاضنة لكل المكونات العراقية، نظراً لما يمثله السيد الهاشمي من خطيّة اجتماعية وسياسية عبّر عنها فخامته بالانسجام الاستراتيجي اثناء المؤتمر الصحفي الذي عقد بعد انتهاء الاجتماع.

وتتكشف اهمية وحساسية هذه العملية الانسجامية الاستراتيجية بشكل لافت مع تصريحات السيدين رئيس الجمهورية الأستاذ جلال الطالباني ونائبه الاول الدكتور عادل عبد المهدي.

هذا الحراك السياسي الذي تشهده الساحة العراقية حالياً يبدو انه الأهم من بين كل التحركات السياسية السابقة باعتباره دخل حيز البناء الشامل بعد ان ودع مراحل التأسيس وهذا ما يؤكد عليه باستمرار سماحة السيد عمار الحكيم الذي شارك بجدارة فائقة بعملية قيادة هذا الحراك وفي ظرف كاد يكون هو الأخطر في تأريخ العراق والعراقيين.

* رئيس تحرير صحيفة الاستقامة

رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 9 أيلول/2007 -26/شعبان/1428