بكلوريوس بالخبز اليابس

اسعد كاظم

في صباح ذلك اليوم لفت انتباهي صراخ رجل بدين يناهز عمره الستين جاحظ العينين وشفاه تنثر رذيذا من شدة الغضب يرتدي ثوبا يكاد ان يمزق بسبب البقع مختلفة الشكل والحجم مرسومة باللون الابيض يخفي شعره الاعقج بشطفة اختلط لونها الابيض بالرصاصي. بح صوته على شاب كان واقفاً امامه بكل احترام مغمس بالذل.

صراخ الرجل البدين كان عبارة عن جملة واحدة كررها لمرات عديدة وهي : انا بكلوريوس بالخبز اليابس.

دفعني الفضول للتعرف عما يحدث انتظرت حتى ابتعد الشاب متدارياً خلف جدار قريب ما ان اصبحت بجانبه ووضعت يدي على كتفة  حتى كانت دموعه تسيل على خديه.

قلت له من هذا الرجل وماذا يعني ببكلوريوس الخبز اليابس اخبرني ان هذا الرجل عمه ويستهزأ بشهادة بكلوريوس باللغة الروسية التي حصلت عليها قبل عامين.

وبسبب عدم حصولي على وظيفة حكومية اضطررت الى العمل مع عمي في بيع وشراء العتيق والخبز اليابس.

وما ان يقع مني شئ بالخطأ حتى يسمعني هذا الموشح الذي جعلني العن اليوم الذي اكملت به دراستي ولم اتعلم مصلحة او مهنة تحميني من الذل امام رجل جاهل لايعرف سوى كيفية جني المال وباي طريقة..

هذا الشاب ماهو الا فرد من الاف اذا لم تقل الملايين من اصحاب الشهادات المختلفة وبالتخصصات المتنوعة  بعضهم يقف على تقاطعات الشوارع لبيع السكائر وبيع الكلنكس وفي هذا السوق اوذاك يبيع احد اصحاب الشهادات الشاي وما اكثرهم من عمال البناء وغيرها من الاعمال الاخرى التي تبعد كل البعد عن اختصاصاتهم وشهاداتهم.

معاناة الطالب كثيرة ومن اهمها الوضع الامني الذي تعيشه البلاد فقد تعرض الطلبة في الجامعات والكليات والمعاهد الى عمليات ارهابية مختلفة بواسطة السيارات المفخخة واغتيالات منظمة تهدف الى دفع الطلبة الى ترك الدراسة.

الان انهم ابو الا اكمال دراستهم وحصولهم على افضل النتائج، ولكن وبعد حفل التخرج اين تصبح الشهادة. نعم تزين جدران المنزل وعندما ننظر لها نستعيد ذكريات ايام الدراسة وهذا ماذكره الكثير من الخريجين.

التسائل المطروح من المسوؤل عن تعيين الخريجين هل وزارة التعليم العالي ام الحكومة بما فيها من وزارات المختلفة وهل هناك الية لتوزيعهم على الوزارات حسب التخصص.

التعيين موجود وقد شاهدنا الكثير من الوزارات دعت الخريجين من اختصاصات معينة لتقديم طلباتهم ولكن كانت هناك شروط غريبة منها جلب تاييد من بعض الاحزاب السياسية وبالطبع لكل وزارة حزب معين.

 والخريج الذي لم يؤيد من حزب لايحزن فهناك طريق اخر ( الرشوة) عفواً (الاكرامية) وبالدولار وقد تصل الى ست او سبع مئة دولار امريكي.

وللمحسوبية والمنسوبية افضلية القبول في اي وزارة يرغب بها، والذي لايملك احد تلك المقومات عليه ان يلتحق الى جامعة ذلك الرجل البدين ليحصل على بكلوريوس بالخبز اليابس تضمن له العمل وبدون تاييد او دفع اكراميات.

* كاتب من العراق

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 9 أيلول/2007 -26/شعبان/1428