ثقافات مدمرة

عدنان آل ردام العبيدي

 اخطر الموروثات التي جاءتنا من الحقب السابقة وتحديداً من حقبة صدام، هي ثقافة المدينة الحاكمة والحزب الحاكم والاسرة الحاكمة ضمن منهجية كانت تعتمد في اتجاهاتها وركائزها المنطقة الحاكمة والمذهب الحاكم.

هذه الثقافة بكل المقاييس تعبّر عن توجهات تدميرية للمنظومات الاجتماعية والتكنوقراطية وللثقافات والاتجاهات الاثنية والعرقية والفكرية والسياسية باعتبار ان النسيج العراقي ينتمي الى هذه العناوين الشرائحية حيث الكرد والتركمان والايزيديين والكلدواشوريين في المناطق الشمالية من الجغرافية العراقية وحيث التلوينات المذهبية والعشائرية والفكرية والعقائدية في وسط وجنوب العراق، لذا فان الانظمة المتعاقبة على حكم العراق ورغم الثمانين عاماً التي احتكرت بها السلطة الا انها انتهت وهي في اوج قوتها المتمثلة بنظام صدام باعتبار ان القوة ومهما اتسعت مساحاتها وتلونت ممارساتها فانها بالتالي لابد ان تخضع لحسابات الواقع والمنطق والارادة الحرة للشعوب التي لن تقبل الى ما لا نهاية ان تكون عرضة للاقصاء والالغاء والتهميش.

اذا استطاعت شريحة معينة من شرائحنا الاجتماعية ان تتفرد بادارة السلطة لعقد او عشرة عقود فان ذلك لا يعني بأي حال من الاحوال فرض الامر الواقع على غيرها او ان تلك الشريحة صارت تمتلك قساماً شرعياً لوراثة السلطة والادارة والقرار، بل ان السلطة والادارة عادة فيما اذا ارادت ان تبقى الى ما لا نهاية معافاة سليمة فانها يجب ان تنتظم وفق قيم شرعية حضارية دستورية تبتعد من خلالها عن ثقافات الوصاية والاحادية الحزبية المناطقية او المذهبية.

 واذا ارادت اية شريحة من شرائحنا المتعددة ان تبحث في السبل الكفيلة لضمان حقوقها السياسية والثقافية والفكرية والعقائدية عليها اولاً ان تسلم بحتمية انها تعيش في بيئة تعددية بشرياً وثقافياً وعرقياً ومذهبياً وسياسياً ولا سبيل امامها الا التسليم بهذه الحقيقة والبحث في السبل التي تهيأ لها الانتقال او توديع الثقافات الاملائية الاحتكارية الموروثة كي تكون مستعدة تماماً للدخول في العهد العراقي الجديد وتصويب اتجاهاته بروح مخلصة وحس وطني عالٍ انسجاماً منها مع توجهات القوى الاخرى الرامية لإعادة رسم الخارطة السياسية العراقية وفق الحقائق والثوابت الوطنية النزيهة والمعاصرة.

باختصار شديد لا يمكن لوحدتنا الوطنية ان تتعزز ولبلدنا ان يتطور ولشعبنا ان ينهض ما لم يودع البعض سراب الماضي والتوجه بصدق الى معطيات الحاضر وحقائق المستقبل، فبغير هذا التوجه سوف نخسر جميعاً مزيداً من الجهد والاكثر من الوقت والتضحيات.

* رئيس تحرير صحيفة الاستقامة

رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 3 أيلول/2007 -20/شعبان/1428