مساعدات امريكا العسكرية لإسرائيل.. تأييد منطق القوة الغاشمة

شبكة النبأ: منذ قيام إسرائيل في عام 1948 وواشنطن تقدم الدعم لها، فمع بداية قيامها وافق الرئيس الامريكي آنذاك، ترومان، على قرض قيمته 135 مليون دولار، لاستيعاب المستوطنين اليهود الجدد، تقدمت به حكومة بن جوريون في ذلك الوقت. ولا يقتصر الدعم الامريكي لتل أبيب على النواحي الاقتصادية او السياسية او الدبلوماسية والاستخباراتية، وإنما يتعداها الى النواحي العسكرية.

وحسب دراسة للأستاذين الجامعيين المشهور لهما بالكفاءة والاحترام، جون ميرشايمرJohn Mearsheimer وستيفن وولت  Stephen Walt ، والمعنونة بـ (اللوبي الإسرائيلي)، والتي أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط الأمريكية والموالية لإسرائيل، وبلغ حد تشبيها بـ (برتوكولات حكماء صهيون)، واتهامهما بمعاداة السامية، حيث كانت إسرائيل أكبر منتفع بالمساعدات الاقتصادية والعسكرية السنوية الأمريكية. منذ عام 1979 وهي أكبر منتفع ـ إجمالا ـ منذ الحرب العالمية الأولى، فقد حصلت على أكثر من 140 بليون دولار حتى عام 2004.

لماذا إسرائيل؟

أشار جون ميرشايمر وستيفن وولت في دراستهما والتي نشرت على موقع تقرير واشنطن، إلى العديد من الأسباب التي تبرر المساعدات الأمريكية لإسرائيل دون غيرها من الدول، ومن تلك الأسباب ما يلي:

- اعتقاد العديد في الولايات المتحدة والفريق المؤيد لإسرائيل بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وبالتالي فمساعدتها وتقديم الدعم لها يعنى الحفاظ على واحة الديمقراطية هذه، في منطقة تفتقد إلى المؤسسات والقيم الديمقراطية.

- أن إسرائيل تعتبر الحارس الأمين للمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، التي تحتل مكانة مهمة في السياسة الخارجية الأمريكية؛ لمكانتها الاستراتيجية وامتلاكها أكبر احتياطي من السلعة الاستراتيجية ـ النفط ـ التي يعتمد عليها التقدم الصناعي الغربي.

- الحيلولة دون قيام دولة إقليمية قوية تظهر نوعا من الاستقلالية عن الولايات المتحدة على غرار محاولة الرئيس المصري جمال عبد الناصر بناء دولة تتزعم العالم العربي وتأميم قناة السويس والتي انتهت باحتلال ضفتي القناة، وإعاقة المشروع الوحدوي المصري، وكذلك الحالة العراقية الساعية إلى امتلاك تكنولوجيا نووية، فقد قامت إسرائيل بتدمير المفاعل النووي العراقي أوزيراك عام 1981 للهدف ذاته.

- مشاركة إسرائيل واشنطن في التعرض للعديد من الأخطار والتهديدات المشتركة، ولاسيما رغبة طهران في امتلاك برنامج نووي عسكري وتنامي نفوذ الحركات الإسلامية الراديكالية والمنظمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط.

- لعب إسرائيل دور القائم بأعمال الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، في حماية الأنظمة الموالية للولايات المتحدة، كما حدث في عام 1971 حين طلب "هنري كيسنجر" مستشار الأمن القومي الأمريكية في ذلك الوقت، من إسرائيل التدخل لحماية النظام الأردني الذي تعرض للخطر بعد دخول الآليات السورية للأراضي الأردنية إبان المعارك بين النظام الأردني والمنظمات الفلسطينية.

- وهناك سبب أخر تعتبره الإدارة الأمريكية مهما لدعم إسرائيل، يتمثل في إعادة تصدير السلاح الأمريكي عبرها إلى دول تحظر القوانين الأمريكية على الإدارة الأمريكية التعامل معها.

- قيام إسرائيل بتجربة الأسلحة الأمريكية ميدانيا ودراسة مدى تأثيرها على أرض الواقع.

المساعدات العسكرية

تتلقي إسرائيل حوالي ثلاثة مليار دولار سنويا مساعدة مباشرة كل عام، يخصص 1.8 مليار دولار منها كمساعدات عسكرية، والباقي والذي يمثل 1.2 مليار دولار كمساعدات اقتصادية. ولكن قبل عشر سنوات توصل رئيس الوزراء في حينه "بنيامين نيتنياهو" إلى تسوية مع الكونجرس الأمريكي، يتم بموجبها تقليص المساعدات المدنية بالتدريج إلى أن تنتهي تماما في عام 2008، وبالتوازي تزداد المساعدات العسكرية بالتدريج، بحيث تبلغ في عام 2008 ما مقداره 2.4 مليار دولار. وتمثل المساعدات العسكرية الأمريكية لإٌسرائيل حوالي 20% من إجمالي ميزانية الدفاع الإسرائيلية.

وفي الوقت الذي تحصل فيه الدول المتلقية للمساعدات الأمريكية تلك المساعدات على أربعة أقساط كل أربعة أشهر، تتسلم تل أبيب مخصصاتها المالية بالكامل في بداية كل سنة مالية وبهذا يمكن أن تحصل على فائدة عليها. ومعظم الدول المتلقية للمعونة المخصصة لأغراض عسكرية يطلب منها أن تنفقها بالكامل في الولايات المتحدة، ولكن إسرائيل يسمح لها باستخدام حوالي 25% من المخصص لها لدعم صناعاتها الدفاعية، وهي الدولة الوحيدة التي لا تحاسب على كيفية إنفاق المعونة.

وتتضمن المساعدات الأمريكية لإسرائيل حسب مشروع قرار المساعدات الأمريكية الذي وافقت علية لجنة الاعتمادات بمجالس الشيوخ الأمريكي في يونيو 2007، 2.4 مليار دولار مساعدات عسكرية يخصص معظمها لشراء أسلحة من شركات أمريكية، فيما يرصد ربعها لتمويل شراء تجهيزات عسكرية من شركات أمريكية و40 مليون دولار لمساعدة تل أبيب لاستيعاب المهاجرين من الاتحاد السوفيتي السابق.

ورأت منظمة إيباك "AIPAC" التي تعد أقوي جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، والتي تضم ممثلي المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، والأفراد المؤثرين في مجال عملهم، والتي تأسست في عام 1951، على لسان رئيسها "هوارد فريدمان " "Howard Friedman" أن تلك المساعدات تعزز التحالف بين الدولتين، فضلا عن تعزيزها القدرات الإسرائيلية لمواجهة التحديات الأمنية، التي تواجهها تل أبيب، والتي يأتي في مقدمتها صواريخ المنظمات الفلسطينية ـ التي تري فيها واشنطن وتل أبيب والعديد من الدول الأوروبية أنها منظمات إرهابية، وتنامي العنف بالأراضي الفلسطينية، بعد وصول حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى السلطة إثر فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية 2006، والحركات الإسلامية الراديكالية، والقوي الساعية إلى امتلاك أسلحة دمار شامل، وقد رأت المنظمة أيضا إن موافقة الكونجرس على تلك المساعدات يعد مؤشرا على رغبة واشنطن في دعم تل أبيب. والجدول التالي يوضح حجم المساعدات العسكرية الأمريكية الممنوحة لإسرائيل.

وعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر أعلنت واشنطن زيادة المساعدات العسكرية لإسرائيل، الشريك الاستراتيجي في حربها علي الإرهاب، فخلال إدارة بوش حصلت تل أبيب على مساعدات لم تحصل عليها سابقا من أية إدارة، فقد حصلت في الفترة من ما بين عامي 2001 إلى 2005 على 1.5 مليار دولار كمساعدات نقدية، و6.3 مليار دولار ثمن شراء أسلحة من الولايات المتحدة، بما فيها 4.5 مليار دولار ثمن 102 طائرة ( اف-16) من شركة لوكهيد مارتن.

والجدول التالي يبين المبالغ التي حصلت عليها إسرائيل لشراء أسلحة بين عامي 2001 و2005، حسب الدراسة السابق الإشارة إليها.

السنة

المبلغ (ألف دولار) 

2001

 770,045,000 

2002

 630, 853,000

 

2003

 862,407,000 

2004

 1,297,072,000 

2005

 2,762,805,000 

الإجمالي

 6,323,182,000 

وقبل زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس  ووزير الدفاع روبرت جيتس أعلنت الإدارة الأمريكية رغبتها في منح مكافأة لإسرائيل، بزيادة المساعدات العسكرية على مدي السنوات العشر القادمة لتصل إلى 30 مليار دولار، وهذه الزيادة التي تبلغ 25% من المساعدات الحالية؛ كهدف تعويض تل أبيب عن خسائرها في حربها ضد حزب الله اللبناني والتي استمرت لحوالى 34 يوما، والحفاظ على التفوق الإسرائيلي في الأسلحة المتقدمة عن جيرانها العرب. فمنذ نشأة إسرائيل والرؤساء الأمريكيين، بصرف النظر عن خلفيتهم وأحزابهم، يحرصون على أن يكون أمن دولة إسرائيل وبقاؤها وتفوقها على دول الجوار العرب احدي الأسس الرئيسية للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وفي المقابل فإن قادة إسرائيل كانت لديهم نفس الحرص على تحقيق التقارب مع الولايات المتحدة.

هذا وترى مصادر أخرى أن تلك الزيادة تهدف من خلالها واشنطن لإقصاء تل أبيب عن رفضها لتزويد الدول العربية، ولاسيما المملكة العربية السعودية بأسلحة متقدمة، حيث لعبت إسرائيل وجماعات الضغط هناك دورا في تعطيل الصفقة، والتي تهدف من ورائها واشنطن تعزيز الدول الخليجية في مواجهه تنامي النفوذ الإيراني، ولكن إسرائيل قبلت بالصفقة للهدف الأمريكي ذاته، وللتأكيد الأمريكي لتل أبيب أن تلك الصفقة لن تؤثر على موازين القوي التي هي في صالح إسرائيل.

معارضة لمبيعات السلاح لإسرائيل

وفي الوقت الذي تسعى فيه جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل لزيادة المساعدات العسكرية الأمريكية لها يتصاعد في الاتجاه الأخر أصوات أكاديمية وحقوقية (وإن كانت أصوات ضعيفة) تدعو إلى وقف هذه المساعدات لتل أبيب للعديد من الأسباب منها:

- احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية بشكل غير قانوني، وأن إسرائيل تستخدم حجة الدفاع عن النفس في التوسع في احتلال المزيد من الأراضي بصورة غير قانونية، حيث دعي قرار صادر عن مجلس الأمن رقم (242) بانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي التي تحتلها.

- انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، وذلك حسب تقارير وزارة الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان لأعوام ( 2003، 2004 و2005)، والتي تتحدث عن الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية والمنظمات الدولية على غرار منظمة الصليب الأحمر الدولية ومنظمة العفو الدولية وأخري إسرائيل مثل منظمة "بتسليم".

- انتهاك القوانين الأمريكية، حيث ينص قانون المساعدات الأجنبية الأمريكية وقانون مراقبة تصدير الأسلحة الأمريكية بمنع تصدير الأسلحة إلى الدول التي تنتهك حقوق الإنسان المعترف بها دوليا، وتدعيم واشنطن تل أبيب في وقت تنتهك فيه الأخيرة لحقوق الإنسان؛ تضعف مصداقية واشنطن ونزاهتها في عملية السلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، واستمرار دعمها لتسلح إسرائيل بدون قيود وسماحها باستخدام الأسلحة ضد المدنيين يعد انتهاكا للقوانين الأمريكية.

- تهديد الأمن الأمريكي، فاستمرار الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل التي تستخدم في انتهاكات حقوق الإنسان يثير استياء العديد من الجماعات والشعوب، والتي تكون في نهاية الأمر حافزا للقيام بعمليات إرهابية ضد واشنطن.

- تهديد الاستقرار العالمي، عن طريق تأجيج عدم الاستقرار في مناطق النزاع والتوتر، ففي عام 2001 باعت تل أبيب نيودلهي أسلحة بمبلغ 2 مليون دولار قاذفات إسرائيلية طورت بأموال دافعي الضرائب الأمريكيين، والتي أثارت توترات بين الجارتين النوويتين وإسهامها في سباق تسلح ينذر بحرب في أقرب وقت.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 27 آب/2007 -13/شعبان/1428