
شبكة النبأ: بعد الخراب الذي حل
بالعراق نتيجة الاخطاء المتراكمة في السياسة الامريكية التي تلت اسقاط
نظام الدكتاتور صدام اصبح البلد حقلا للتجارب فيما يتعلق بتحقيق
الاستقرار الامني والسياسي الذي يكاد يكون معدوما رغم مرور اكثر من
اربعة سنوات على بدء العملية السياسية في العراق.
والجديد في الامر هو ان القسم الأكبر من خبراء السياسة الخارجية
الامريكية ومنهم من كان مستشارا لتنفيذ ما جرى ويجري في العراق يعد
الاستراتيجية المتبعة حاليا هي اما فاشلة او قاصرة عن بلوغ الهدف. وهم
ينوهون الى ضرورة رؤية افق الانسحاب الامريكي من العراق.
وكشفت دراسة نشرتها مجلة فورين بوليسي ان اكثرية خبراء السياسة
الخارجية الاميركيين تعتبر ان استراتيجية ادارة بوش في رفع عديد القوات
الاميركية في العراق باءت بالفشل.
وبينت نتائج هذه الدراسة التي اجرتها المجلة بالتعاون مع سنتر فور
اميركان بروغرس ان 53% من الخبراء الذين استطلعت آراؤهم يرون ان رفع
عديد القوات ادى الى نتائج سلبية لجهة اهداف حماية الامن القومي
ومكافحة الارهاب. بينما اعتبر ثلث المستطلعين ان نتائج رفع العديد كانت
معدومة.
وفي شباط/فبراير بعد اسابيع من اعلان جورج بوش رفع عديد القوات
الاميركية في العراق فقط 31% من هؤلاء الخبراء اعتبروا ان لرفع العديد
نتائج سلبية.
ومنذ شباط/فبراير ارسل الى العراق 30 الف جندي اميركي اضافي ليرتفع
عدد الجنود الاميركيين المنتشرين في هذا البلد راهنا الى 162 الفا.
واعلنت المجلة في بيان ان هذه الدراسة شملت اكثر من مئة خبير بينهم
وزيران سابقان للخارجية ومستشار سابق للامن القومي ومسؤولون سابقون في
الجيش والاستخبارات.
وبالنسبة الى الخبراء الذين قدموا انفسهم على انهم محافظون اعتبر
36% منهم ان رفع عديد القوات لا وقع له بينما رأى 28% ان هذا الاجراء
ادى الى نتائج سلبية.
وفي صفوف الخبراء الذين قدموا انفسهم معتدلين اعلن 59% منهم ان
نتيجة رفع العديد كانت سلبية في حين رأى 31% ان النتيجة كانت معدومة.
وفي النهاية اعتبر 68% من الخبراء الليبراليين ان النتيجة كانت
سلبية مقابل 23% منهم اعتبروها معدومة.
وبما خص سحب الجنود من العراق اعتبر 68% من الخبراء انه يجب ان يحصل
في غضون الاشهر الـ18 المقبلة الا ان 79% من الخبراء من كافة
الانتماءات اعلنوا معارضتهم لإنسحاب فوري.
احتمال اقامة حكومة"غير ديمقراطية"
وأثارت الوقائع السياسية الكابوسية في العاصمة العراقية، بغداد،
المسؤولين الأمريكيين ودفعتهم للجم رؤيتهم للديمقراطية في العراق،
وبدلاً من ذلك، بدأ هؤلاء المسؤولين يتحدثون عن استعدادهم لإقامة
حكومة( فاعلة) تجلب الأمن للبلاد.
وكان إقامة حكومة ديمقراطية وسيادية في العراق أحد أهداف إدارة بوش
المعلنة للحرب، ولكن وللمرة الأولى يتحدث الجنرالات الأمريكيون على
الخطوط الأمامية في العراق علانية عن إقامة بدائل حكومية غير
ديمقراطية.
وفيما ما يزال اثنان من كبار القادة الأمريكيين في العراق يتحدثون
عن حماية المؤسسات الديمقراطية فيها، فإنهما يقولان إن طموحاتهما لم
تعد نبيلة وسامية كما كانت فيما مضى. بحسب الـCNN.
فقد قال الجنرال جون بدنارك، القائد العسكري في قوات الصاعقة
بمحافظة ديالى: المؤسسات الديمقراطية ليست بالضرورة المؤدية الوسيلة
التي يمكنها أن تقود البلاد للأمام على المستوى البعيد.
وتعكس تصريحات الجنرال الأمريكي هذه ما يجول في خاطر الدبلوماسيين
والمسؤولين الغربيين الذين يحاولون كسب ود وعقول شعوب الشرق الأوسط
والدول الأخرى غير الغربية، حيث لا تشكل الديمقراطية تقليداً فيها.
إن الإخفاق في العراق الناجم عن انتشار حالة عدم الاستقرار يشكل
وجعاً في خاصرة الولايات المتحدة.
وأدى توجه ملايين العراقيين إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في
البرلمان وإقرار الدستور العراقي الجديد إلى ظهور حالة من التفاؤل
لإنشاء نظام ديمقراطي.
غير أن المؤسسات العراقية، بدءاً من بنيتها التحتية وانتهاء
بالحكومة الوطنية، أصبحت تعتبر وعلى نطاق واسع غير فاعلة في السنة
الخامسة للحرب.
ورفض كل من السفير الأمريكي لدى العراق، ريان كروكر والجنرال ديفيد
بيتريوس، أعلى مسؤول في القوات الأمريكية في العراق إجراء مقابلات حول
هذه المسألة، لكنهما أصدرا بياناً لشبكة CNN كررا فيه أن إطار العمل
الديمقراطي الأساسي في البلاد يجري العمل فيه، وأن تطور المؤسسات
الديمقراطية يتم تشجيعه والترويج له.
وقالا أيضاً إنهما يساعدان القادة السياسيين في العراق على إيجاد
سبل لتقاسم السلطة وتحقيق تقدم في البرلمان.
ولكنهما أشارا إلى أنهما الآن منهمكان في وضع أهداف أقل طموحاً مما
كان عليه الأمر في البداية.
على أن القائد في قوات الصاعقة، الجنرال بنجامين ميكسون، رغم أنه
شارك المسؤولين البارزين في الحديث عن أهداف أقل طموحاً قال: يمكنني أن
أصف الأمر على أنه يجب ترك حكومة فاعلة يمكنها توفير الخدمات والأمن
لشعبها.
وأضاف ميكسون، الذي لم يكن مهتماً فيما إذا تم تحقيق الأهداف من دون
ديمقراطية، قائلاً: إنها تحتاج إلى أن تكون حكومة فاعلة يمكنها أن تكون
شريكة للولايات المتحدة وبقية دول العالم في الحرب على الإرهاب.
وأوضح ميكسون بالقول: حسناً، انظر إلى كل دول الشرق الأوسط، مشيراً
إلى أن الديمقراطية مجرد خيار، وأن العراقيين أحرار في أن يقبلوا بها
أو يرفضوها.
وأشار الجنرال الأمريكي إلى أن الجنود يقاتلون من أجل تحقيق الأمن،
وهو هدف وصفه ميكسون بأنه محور مهمته.
غير أن الأمن في العراق بعيد عن التحقيق، حيث تبدو الحكومة غير
فاعلة ومشلولة، ذلك أن 17 وزيراً من الحكومة المؤلفة من 37 وزيراً إما
أنهم يقاطعونها أو لا يحضرون اجتماعاتها، كما أن البرلمان تعرض لانتقاد
واسع بسبب العطلة الصيفية طوال شهر كامل، وعليه أن يقر عدداً من
القوانين مثل قانون عوائد النفط واجتثاث حزب البعث.
بوش يستشهد بصراعات سابقة للدعوة
للمثابرة
من جهته سعى الرئيس الامريكي جورج بوش الى تعزيز موقفه المطالب
بالمثابرة في العراق بوضع الحرب التي لا تحظى بتأييد في اطار تاريخي
جنبا الى جنب مع تجربة الولايات المتحدة في اليابان وكوريا الجنوبية
وفيتنام لكن منتقدين قالوا انه فشل في تحقيق هدفه. بحسب رويترز.
ومهد بوش الطريق في كلمة ألقاها أمام الاف المحاربين القدامى الذين
خدم الكثير منهم في اسيا الطريق لتقرير مهم يتوقع تقديمه بحلول منتصف
سبتمبر أيلول عن العراق يتوقع أن يتضمن تحقيق بعض التقدم على صعيد
الامن لكن تقدما ضئيلا على طريق المصالحة السياسية.
وقال بوش ان من مصلحة الولايات لمتحدة أن تواصل العمل على تحقيق
استقرار العراق وأشار الى النظام الديمقراطي الحديث في اليابان وكوريا
الجنوبية كمثالين محتملين. كما ضرب مثلا بسيطرة الخمير الحمر في
كمبوديا والعنف في فيتنام بعد انسحاب القوات الامريكية ليحذر من عواقب
الخروج من العراق.
وقال "بالرغم من الاخطاء التي ارتكبت وبالرغم من المشاكل التي
واجهناها فمساندة العراقيين في الوقت الذي يبنون فيه ديمقراطيتهم أمر
حيوي لابقاء الشعب الامريكي سالما من الارهابيين الذين يريدون أن
يهاجمونا."
وكانت المقارنة التي عقدها بوش مع فيتنام أسلوبا محفوفا بالمخاطر
تفادته ادارته في الماضي.
وشبه العديد من الديمقراطيين العراق بفيتنام ووصفوا الحرب بأنها
مستنقع تكلف ثمنا باهظا من الارواح والاموال الامريكية دون أن يحافظ
على مصالح الولايات المتحدة.
كما انتهز بوش فرصة حديثه أمام منظمة المحاربين القدامى في الحروب
الخارجية لتأكيد مساندته لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالرغم من
تصريحات أدلى بها في اليوم السابق وألقى فيها الضوء على خيبة الامل في
عدم قدرة الزعيم العراقي على تحقيق المصالحة بين الاطراف المتصارعة
هناك.
وقال بوش "رئيس الوزراء المالكي رجل صالح.. يضطلع بمهمة صعبة وأنا
أسانده. ولا يرجع الامر للساسة في واشنطن لتقرير ما اذا كان سيبقى في
منصبه. هذا يرجع الى الشعب العراقي."
وذكر بوش أن الحرب في العراق صراع ايديولوجي مثلها في ذلك مثل الحرب
العالمية الثانية والحرب الكورية وحرب فيتنام وسعى مجددا الى تصوير
الصراع بوصفه جزءا من الحرب على الارهاب الاوسع نطاقا التي تخوضها
الولايات المتحدة.
وقال، مؤيدي مبدأ الحلول العسكرية في اليابان والشيوعيون في كوريا
وفيتنام كانوا مدفوعين برؤية تخلو من الرحمة عن التنظيم السليم
للانسانية. |