فقدان الأمل يستحوذ على لاجئي دارفور

اعداد/ صباح جاسم

شبكة النبأ: "تعلمنا باللغة العربية وكنا نتخيل أننا عرب ولكن عندما واجهتنا المشاكل لم يأت العالم العربي لنجدتنا"، هذا ما صرح به احد اللاجئين من دار فور وهو يعكس بألم بالغ حالة الاف المواطنين من اقرانه الذين يعانون ضروف حياة بالغة القساوة، مضافا اليها بطش الفصائل المسلحة المتناحرة، وكتائب الجنجويد سيئة الصيت التابعة للحكومة السودانية والمتهمة بجرائم قتل جماعية للمدنيين واغتصاب النساء وتخريب الممتلكات.

وتعكف مريم خميس آدم على رسم ذكريات طفولتها وهي تجلس على الارض مستخدمة أقلاما ضخمة.

وتقول، هذه زهور... وهذه ميليشيا الجنجويد وهي تقتل شقيقي الاكبر. هذا شقيقي الاخر.. فرّ من المنزل ونجا. توفي لاحقا بسبب المرض.

وشأن مريم شأن الكثير من الاطفال الذين ألحقوا بمركز العلاج النفسي في مخيم جبل للاجئين في شرق تشاد فقد تيتمت بسبب الفظائع التي ارتكبت في منطقة دارفور المجاورة بالسودان حيث لقي 200 ألف شخص حتفهم منذ عام 2003.

ويحكي أغلب اللاجئين أحداثا مروعة ارتكبتها الجنجويد من اغتصاب وقتل وهي ميليشيا لافراد من أصول عربية سلحتها الخرطوم للمساعدة في القضاء على المتمردين من غير ذوي الاصول العربية الذين يسعون للحصول على قدر أكبر من الحكم الذاتي لدارفور.

وربما يكون من السهل على الاطفال الصغار الابتسام ولكن اذا ألقينا نظرة سريعة على رسوماتهم فانها تظهر الاضطرابات التي تموج بداخلهم.

والى جانب الزهور العادية هناك صور متكررة من الحرب مثل طائرات تقصف قرى وأكواخ تشتعل بها النيران ورجال يحملون البنادق ويمتطون الجياد يطلقون النار على النساء.

وعندما يسأل أي طفل عن شعوره عند رسم هذه الاشكال فان الاجابة عادة ما تكون، شعرت بالغضب.

ومرّت الان أكثر من ثلاث سنوات منذ فرار 230 ألف لاجيء سوداني يعيشون على امتداد الحدود بين شرق السودان ودارفور من ديارهم ولن تنتهي الامهم قريبا فيما يبدو.

ولكن الكثير متفائلون من أن قوة جديدة مشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي والتي أصدر مجلس الامن الدولي موافقته بارسالها في الشهر الماضي ربما تكون في طريقها الى دارفور قبل نهاية العام.

وقال عثمان ايمان عثمان وهو زعيم للاجئين في مخيم اوري كاسوني على بعد نحو خمسة كيلومترات من الحدود، اذا دخلت قوات الامم المتحدة دارفور نود أن ننتقل في نفس اليوم وأن

ننصب خيامنا في دارفور. وأضاف، بلدنا عزيزة علينا جدا.. الحال هناك أفضل من هنا.

وفي حين أن اللاجئين متفقون على تأييد بعثة سلام تقوم بها الامم المتحدة فان جميعهم يصرون على رغبتهم في وجود قوات غربية فقط.

وقالت آمنة آدم خميس وهي لاجئة عمرها 70 عاما، لا نريد قوات افريقية.. نريد جنود الامم المتحدة فقط...لا يمكننا الوثوق في جنود الاتحاد الافريقي لانهم يشبهون جنود حكومة السودان. أنا متفائلة ولكن اذا كانوا أفارقة فأنا متشائمة.

وأضافت آمنة وهي تشير الى مراسل تلفزيوني غربي، نريد أشخاصا على نفس الشاكلة.. نفس اللون مثلكم.

ويعتقد أغلب اللاجئين فيما يبدو أن قوة الامم المتحدة ستتشكل من قوات غربية لا أن يكون هناك جنود افارقة تحت قيادة أجنبية.

وقال عز الدين خاطر وهو لاجيء شاب لرويترز، تعلمنا باللغة العربية وكنا نتخيل أننا عرب ولكن عندما واجهتنا المشاكل لم يأت العالم العربي لنجدتنا.

وأضاف، عندما جئنا الى هنا عام 2004 وجدنا أشخاصا بيض يوفرون الخيام والادوية والبطاطين. قالوا انهم عمال إغاثة انسانية.. لهذا نحن نصدقهم.. أنهم جاءوا ليصنعوا لنا السلام والامل بالحياة.

كما يتفق اللاجئون جميعا على رغبتهم في العودة الى ديارهم ولكنهم ما زالوا يشعرون بصدمة بالغة بسبب ما تعرضوا له.

وأجهشت توما وهي لاجئة شابة احتجزت رغما عنها في أحد معسكرات الجنجويد بالبكاء عندما روت قصتها التي جرت وقائعها قبل ثلاث سنوات.

وقالت كنت أحمل طفلي على ظهري وكنت أجري. ضربني أفراد الجنجويد وسقطت. أخذوا مني طفلي من على ظهري وقتلوه.

وتابعت، أخذوني الى معسكرهم. أمضيت ثلاثة أشهر هناك. كنت أطهو وأغسل لهم وأرعى حيواناتهم. كل ليلة كان يحضر 10 أو 11 رجلا لاغتصابي.. كنت أصرخ ولكن لم يكن أي أحد يأتي.

ومع انتقال العنف الدائر في دارفور ببطء عبر الحدود تبحث الامم المتحدة الان ارسال قوات الى تشاد أيضا.

وقال سيد ابراهيم مصطفى وهو السلطان السابق لمنطقة دار سيلا التي عانت من عنف عرقي مماثل لما يحدث في دارفور ان مثل هذه القوات لابد أن تصل بسرعة.

وقال، نطلب قوة دولية منذ فترة طويلة...الى متى سننتظر. هناك قدر كبير من البيروقراطية. نشك أن تأتي مثل هذه القوة بسرعة.. ولكننا نتمنى أن تأتي قريبا.. حتى يمكننا أن نفكر على الاقل في السلام.

من جهة اخرى أكد نائب المنسق المقيم للشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة بالسودان ديفيد قريسلي ان العائدين من النازحين واللاجئين الى جنوب السودان هم الفئة الأكثر تأثراً بالسيول والأمطار، مشيراً إلى صعوبة تقديم المساعدة في ظل انعدام الطرق للوصول اليهم، إلا انهم ينظرون في طرق بديلة يسعى لتوفيرها فريق لوجستي لهذا الغرض.

واستعرض في المؤتمر الصحفي بمقر بعثة الأمم المتحدة بالخرطوم أمس الوضع الإنساني في السودان موضحاً جهود وكالات الأمم المتحدة ومنظمة الهجرة والمنظمات الطوعية في برامج العودة الطوعية، الخدمات، الاغاثة ونزع الألغام بالتنسيق والاشتراك مع الحكومة السودانية، موضحاً دورهم في التدخل عند سوء الأوضاع. بحسب صحيفة السودان الدولية.

ومن جانبها قالت ممثلة الهلال الأحمر السوداني عفاف بخاري ان السيول والفيضانات أدت الى مقتل (72) شخصاً ودمرت حوالي (74) ألف منزل بصورة كلية وجزئية. ونفوق 11 ألف رأس من الحيوانات. ودعت الى توفير مواد الإغاثة والإيواء والمياه النقية والوحدات الصحية المتحركة.

وقالت بخاري ان (30%) من المبلغ المطلوب تم توفيرها من أصل 406 مليارات دولار، موجهة الدعوة الى المانحين المحليين للمساهمة وتقديم المساعدة.

ومن جهتها دعت ضباط المعلومات بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين أنيت رهل الى توخي الحذر في التعاطي مع قضية الرحل الشاديين الذين عبروا الحدود الى داخل دارفور، وقالت: (الأمر معقد للغاية)، مشيرة الى ان صبغ القضية بصبغة سياسية سيزيد من تعقيدها.

يذكر ان (30) ألفاً من الرحّل التشاديين وصلوا الى غرب دارفور على مدى الـ(3) أشهر الماضية، وأشير في المؤتمر الصحفي الى ان تقريراً مشتركاً بين مفوض اللاجئين ومفوضية الأمم المتحدة أكمل تقريراً مشتركاً لمعالجة أسباب حركة المجموعة ووضعها القانوني. وقد أوصت المفوضية بمنحهم وضعية لاجئين مبدئياً بالرغم من انهم لم يطلبوا المساعدة حتى الآن.

وأوضحت رهرل انهم لا يوصون باعادة لاجئ الى دياره طالما كان هناك خطر ماثل وانتهاك لحقوقه، مشيرة الى ان حماية الأشخاص المعرضين للاضطهاد مسؤولية الدولة، وقالت إن المجموعة التشادية منها من يعتبر نفسه لاجئاً، ومن يدعي انه سوداني لجأ الى تشاد إبان فترة الجفاف والتصحر التي ضربت المنطقة سابقاً ويطالب بالحصول على الجنسية السودانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 19 آب/2007 -5/شعبان/1428