خطوات امريكية حائرة للتصدي لإيران

 شبكة النبأ: على الرغم من ارث 30 عاما تقريبا من الكراهية وعدم الثقة، فقد برهنت الازمات السابقة مثلما حصل عقب حرب افغانستان، على ان التعاون الاميركي - الايراني ممكن عندما تكون قضايا الاهتمام المتبادلة الاساسية على المحك.

ولكن تبقى الخطوات الامريكية حائرة بين المواجهة، والاحتواء، والحوار في التصدي للمد الايراني المتعاظم في المنطقة والبرنامج النووي الايراني المثير للجدل.

وأثارت المناقشات التي جرت في مؤتمر ( مكافحة ايران: المواجهة، الاحتواء أم الحوار؟) الذي عقدته مؤسسة راند عددا من القضايا الاساسية، بما فيها القيادة الداخلية والقوى الديناميكية الخاصة ببناء وتنظيم المجتمع داخل ايران، علاقة ايران مع فاعلين اقليميين آخرين، تعقيدات ايران المسلحة نوويا او ضربة عسكرية ضد ايران، والخيارات السياسية المختلفة المتوافرة للانكباب على قضايا اساسية مثل قدرات ايران النووية، عدم الاستقرار في العراق، والارهاب.

وقد احتج عدد من المشاركين في المؤتمر بالقول ان درجة ما من سياستي الاحتواء والحوار هي المقاربة السياسية الافضل تجاه ايران، وبأن مسألة استخدام القوة ليست وشيكة ولا مطلوبة. وكان هناك شعور عام بأن العقوبات الدولية والضغط الاقتصادي كانا يفعلان فعلهما بعزل ايران (حتى ولو كان البعض قد رغب بأن يعملا بشكل أسرع).

بالاضافة الى ذلك، اكد السفير نيكولاس بيرنز ان الولايات المتحدة مستعدة لان تكون صبورة للسماح للجهود الاقتصادية والدبلوماسية بالعمل، وصرح بانه ليس هناك من حدود زمنية نهائية وشيكة قد تجعل الحكومة الاميركية تواصل العمل على خطة قاسية وجدية في مقاربتها تجاه ايران.

وللمتابعة، هذه افكار اساسية عديدة اخرى طرحت في المناقشات:

التعاون الإيراني - الأميركي ممكن خاصة حول العراق

فيما يخص الوضع في العراق اليوم اعتقد عدد من المشاركين في النقاش أن مسألة استقراره صعبة ان لم تكن مستحيلة، من دون التعاون الايراني.

واعتقد بعض المشاركين أن بدايات التعاون الاميركي- الايراني حول العراق (حاليا ضمن اطار عمل متعدد الجوانب) يمكن أن تقود، بشكل محتمل، الى مفاوضات ثنائية اوسع في المستقبل، بما في ذلك التفاوض حول المسألة النووية. ومع ذلك فإن مستوى عدم الثقة يعتبر مرتفعا جدا، بحيث ان قلة فقط توقعوا حصول اختراقات دراماتيكية في ال 20 شهرا المقبلة.

قد تكون ايران مهتمة بالعمل مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للعثور على حل للقضية النووية.

واكد السفير محمد جواد ظريف الطموحات النووية لتعزيز جهود عدم الانتشار. واشار المشاركون في المناقشة الى ان مفاوضات ناجحة قد تتطلب ترسيخ نقطة نهاية مقبولة لدى كل الافرقاء. واقترح ظريف بذل جهود متجددة لكونسورتيوم دولي، الامر الذي يوفر شفافية اكبر حول برنامج ايران النووي كما يوفر مراقبة دولية متزايدة. واشار ظريف ايضا الى ان نموذج 'عدم الثقة والاختلاف' سوف يحكم طبيعة الحل حول ملف ايران النووي. وصرح السفير بيرنز بانه في حين ليس لايران الحق بان تصبح دولة مسلحة نوويا، فان الولايات المتحدة ستسمح لها 'بأبواب خروج' في المفاوضات. عملية العقوبات الدولية والضغط الاقتصادي الدولي يفعلان فعلهما.

على مدى الاشهر العديدة الماضية، تزايدت الرافعة الاميركية، في الوقت الذي تجد ايران نفسها معزولة اكثر بسبب ما دعاه احد المشاركين في المناقشات ب 'ائتلاف الممانعة'. فقد اعتقد عدد من المشاركين ان 'التشدد' من خلال اجراءات دبلوماسية واقتصادية - بما في ذلك تعزيز القيود حول التجارة الاوروبية مع ايران - يعطي نتائجه، يغير الحسابات الايرانية، وفي النهاية سلوكها، على الاقل في المدى القصير. اما على المدى الطويل، فقد شك قلة من المشاركين بان تستمر ايران - بظل اي نوع من انواع الحكومات - في السعي للحصول على قدرات اسلحة نووية.

الحرب الاستباقية ليست وشيكة

لم يجادل اي مشارك، حتى بين مجموعة من المشاركين ذوي وجهات النظر المختلفة للطيف السياسي، بان خيار استخدام القوة كان وشيكا او مرغوبا. واعترف كثيرون بالمخاطر المهمة وكلفة الضربة العسكرية وعجز هذا الخيار عن وقف برنامج ايران النووي بشكل فعال. وبسبب سياق حرب العراق، اشار البعض ايضا الى انه لم يكن هناك من مجال كبير لخيار القوة.

ومع ذلك، فقد حذر عدد من المشاركين في المناقشة بان التصعيد مع ايران لايزال امرا ممكنا من خلال الاهمال غير المقصود او سوء الحسابات. واشار البعض الى ان اسرائيل ترى ان امكان وجود ايران مسلحة نوويا هو بمنزلة تهديد وجودي لها. وعلى الرغم من وجود هواجس كهذه، فقد اعتقد معظم المشاركين ان عملية العقوبات تفعل فعلها ويجب اعطاؤها الوقت اللازم لذلك، حتى ولو كان البعض لايزال يفضل الإبقاء على خيار استخدام القوة موجودا على الطاولة. ولم يكن هناك من معنى للتعبير عن الحالة الطارئة، حتى ان البعض عرض بأن ساعة استخدام القوة كانت تتباطأ بالنسبة للإسرائيليين أيضا.

التركيز هو على سلوك النظام وليس تغييره

وباستثناء مشارك واحد كان قد احتج قائلا إن على الولايات المتحدة تعزيز مسألة تغيير النظام في إيران بزيادة الدعم للمجموعات المعارضة في الداخل. فقد ركز معظم المشاركين - بمن فيهم السفير بيرنز - على تغيير سلوك النظام. فالمتخصصون في الشؤون الإيرانية لم يعتقدوا بوجود فرص وإمكانات قوية لتغيير النظام أو الثورة في المدى القريب، وأشاروا إلى دروس النموذج الليبي - حيث بإمكان النظام الموجود تغيير سلوكه حول قضايا ذات أهمية بالنسبة للغرب (مثلا، القدرات النووية والإرهاب)، من دون تحول أساسي في طبيعة النظام. لكن البعض أشار أيضا الى أنه، في المدى الطويل، يمكن للدعم الأميركي للدمقرطة وحقوق الإنسان أن يخدم المصالح الأميركية.

وتوقع أن تكون إيران المسلحة نوويا أكثر خطرا وعدائية من إيران غير مسلحة نوويا تماما كما هي الحال في قضية باكستان، فإنه من المرجح أن تبرهن إيران المسلحة نوويا عن كونها أخطر وذات سلوك أكثر إصرارا (تحديدا في مجالات كالإرهاب)، مع زيادة مخاطر التصعيد بشكل بارز ومهم. ومع ذلك، فقد احتج بعض المحللين بالقول إن السلوك الإيراني كدولة نووية سيعتمد إلى حد كبير على طبيعة القيادة.

إذ من المرجح أن يمارس أفراد، كالقائد الأعلى آية الله علي خامنئي الحكمة والحذر وان لا يكونوا بالضرورة يعملون للتخريب للوصول إلى القتال، في حين ان من سيخلفون الخامنئي غير معروفي التوجه. وقد وافق معظم الخبراء على أن المحافظة على علاقة ردع مستقرة مع إيران ستثبت صعوبتها أكثر بكثير من التجربة الأميركية - السوقية.

تفضيل خياري الحوار والاحتواء في النهاية بدل المواجهة

وقال عدد من المحللين بوجوب حصول حوار أميركي مباشر وفوري مع إيران، إلا أن آخرين لم يعتبروا مسألتي حوار واحتواء إيران (من خلال تطور تحالف سني إقليمي بدعم ضمني من إسرائيل) بمنزلة خيارين سياسيين حصريين بشكل متبادل واقترحوا بأن تواصل الولايات المتحدة العمل على كليهما ترادفيا، أي الواحد خلف الآخر.

وتماما كما كانت الحال في العلاقات الأميركية السوفيتية خلال الحرب الباردة، فإنه بإمكان الولايات المتحدة التفاوض مع إيران، وفي الوقت نفسه تطوير هيكلية احتواء لكبح تنامي القوة والنفوذ الإيراني في المنطقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 12 آب/2007 -28/رجب/1428